وسط الأضواء التي تُسلَّط على الفعاليات الكبرى والبطولات الدولية التي تحتضنها مملكة البحرين، يقف هناك بطل آخر لا يظهر كثيراً في الصور، لكنه حاضر في كل تفاصيل النجاح. إنه المتطوع البحريني، الإنسان الذي يعمل بصمت، ويقدّم من وقته وجهده وحماسه ليظهر وطنه بأجمل صورة.
قصص المتطوعين في البحرين لا تقتصر على البطولات الرياضية، بل تمتد إلى كل فعالية تُقام على أرض المملكة؛ من الملتقيات الثقافية، إلى المنتديات الاقتصادية، إلى الاحتفالات الوطنية. في كل مناسبة نرى نفس الروح: شباب وفتيات يقفون لساعات طويلة، يستقبلون الضيوف، ينسّقون الحشود، يسهمون في التنظيم، ويقدّمون خدماتهم بابتسامة صادقة تعكس طيبة البحرينيين.
ولعل أجمل ما يميز المتطوع البحريني أنه يشبه في روحه العسكري البحريني؛ فكلاهما يلبّي نداء الوطن دون تردد. فعندما تعلن البحرين عن فعالية أو بطولة، تجد المتطوعين -تماماً مثل العسكريين- يقفون في الصفوف الأولى، جاهزين للعمل من غير تفكير، مؤمنين بأن نجاح البحرين هو نجاح لكل مواطن بحريني. إنها روح الانتماء ذاتها، والالتزام ذاته، والإيمان بأن خدمة الوطن شرف لا يُقاس. لقد غيّر المتطوع البحريني صورة المملكة عالمياً، ليس فقط من خلال التنظيم الراقي، بل عبر الأخلاق العالية، والاحترافية، والابتسامة التي يلاحظها كل ضيف وطأت قدماه البحرين. وخلال تغطيتي لعدد من الفعاليات، سمعت بنفسي كلمات إعجاب من وفود أجنبية لم تتوقع هذا المستوى من الشغف والمسؤولية من شباب في مقتبل العمر.
ثقافة التطوع اليوم أصبحت جزءاً أصيلاً من هوية البحرين الحديثة، ومدرسة يتعلم فيها الشباب قيم العطاء والانضباط والعمل الجماعي، وهي القيم نفسها التي رسخت مكانة البحرين كدولة قادرة على استضافة العالم بكل ثقة واقتدار.
وكإعلامي بحريني شهد هذه الجهود عن قرب، أؤمن أن المتطوع هو الوجه الحقيقي للبحرين.. البطل الذي يعمل بهدوء، ويترك أثراً لا يُنسى في كل حدث.