وليد صبري

قال محافظ محافظة المحرق سلمان بن عيسى بن هندي المناعي إن المحرق تشهد مرحلة انتقالية شاملة بمشاريع بنية تحتية وخدمية ضخمة، مؤكداً أن الأمر الملكي السامي الصادر عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، شكّل حجر الأساس في الرؤية العمرانية الشاملة لتطوير مدينة المحرق.

وشدد بن هندي، في حوار مع "الوطن"، على أن ما تحظى به المدينة من اهتمام ملكي سامٍ يعكس مكانتها التاريخية والوطنية، قبل أن يشير إلى أن وصف المحرق من قبل جلالة الملك المعظم بـ«المدرسة الوطنية» و«أم المدن»، وهو وصف يجسّد عمقها الحضاري ودورها الأصيل كجزء لا يتجزأ من هوية الوطن وتاريخه.

وأضاف المحافظ بن هندي أن توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أثمرت عن شراكة حكومية متكاملة أسهمت في تنفيذ الأمر الملكي السامي خلال فترة زمنية قياسية، وبأعلى مستويات التنسيق بين مختلف الجهات، بما يضمن تطوير المحرق دون أن تفقد ملامحها أو تتخلى عن هويتها التاريخية والثقافية، من خلال سياسات واضحة توجه أعمال الترميم والتطوير والبناء، وتضبط إيقاع التنمية عبر دليل اشتراطات التعمير، وتضع الأسرة البحرينية في صميم الأولويات السكنية، وتحمي المباني التراثية وتستدام مسار اللؤلؤ كذاكرة وطنية حية، إلى جانب تعزيز الرقعة الخضراء، والارتقاء المتكامل بالبنية التحتية، والتقدم الملحوظ في تطوير شارعي الشيخ عبدالله والشيخ عيسى، ليغدو مشروع تطوير المحرق نموذجاً متقدماً للتنسيق الحكومي المتكامل والتنمية المتوازنة.

وأكد أن المحرق أمّ المدن البحرينية ومنبع المدرسة الوطنية الأولى، وأن المرحلة المقبلة ستركز على تنمية واستثمار سواحل المحرق ضمن رؤية سياحية مستدامة، وإعادة إحياء مهن الغوص المرتبطة بتاريخها البحري، لترسخ مكانتها كوجهة سياحية راسخة ومقصد دائم لأبناء الخليج، مع تقدير وعي أهالي المحرق ودورهم المحوري في صون الهوية المجتمعية، وتطلعهم الدائم لتشريف حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم المدينة بزيارتها. وأشار المحافظ بن هندي إلى أن ليالي المحرق تمثل تظاهرة ثقافية يتجلى فيها جمال المكان وروح النهر، وأن إحياء مهنة الغوص وصيد اللؤلؤ يشكل إرثاً وطنياً وسياحياً متجدداً، مؤكداً في ختام حديثه أن المحرق ستبقى حاضنة للقيم الوطنية والإنسانية الجامعة لأهل البحرين.

وإلى نص الحوار:

الأمر الملكي السامي يشكّل مرتكزاً رئيسياً في مسار التطوير العمراني الذي تشهده مدينة المحرق.. كيف تنظرون إلى أهمية هذا التوجيه؟

- إن المحرق التي تشرفت بإطلاق سيدي حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه عليها بالمدرسة الوطنية وأم المدن تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هوية الوطن وتاريخه العريق، فإن التوجيه الملكي السامي يأتي امتداداً لهذه المكانة التاريخية، والأصالة والريادة في مختلف المجالات، ومن هنا فإن الأمر الملكي السامي يمثل حجر الأساس في الرؤية العمرانية لتطوير مدينة المحرق، إذ جاء ليؤكد أن الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية ليس خياراً ثانوياً، بل مساراً أصيلاً لا ينفصل عن مفاهيم التنمية الحديثة، هذا التوجيه أعاد صياغة العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، وجعل من التراث عنصراً فاعلاً في التخطيط الحضري، بحيث تتطور المدينة دون أن تفقد ملامحها أو تتخلى عن هويتها التي تميزها عن غيرها من المدن، وهو الأمر الذي لاقى استجابة سريعة من قبل سيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله عبر شراكة حكومية من مختلف وزارات الدولة ومؤسساتها لتنفيذ الأمر الملكي السامي في فترة زمنية قياسية ووفق أعلى المستويات.

ما أبرز ما تشهده مدينة المحرق حالياً في إطار خطة التطوير؟

- المحرق في حراك مستمر، وعمل دؤوب يقود صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عبر حزمة من المشاريع الضخمة تتعلق بالبنية التحتية والمشاريع الإسكانية والخدمية وغيرها، فالمحرق تشهد اليوم مرحلة انتقالية مهمة، تتسم بالعمل الميداني الذي يراعي خصوصية الأحياء القائمة، ويوازن بين متطلبات التطوير والحفاظ على الاستقرار المجتمعي، هذه المرحلة تعكس رؤية شاملة تهدف إلى إحداث تحول نوعي في المشهد العمراني والخدماتي، من خلال تنفيذ مشاريع متكاملة تتقاطع فيها الجوانب العمرانية، والخدمية، والبيئية، والصحية والأمنية، ضمن تصور طويل المدى لمستقبل المدينة، الأمر الذي استقبله الأهالي بفرحة غامرة مستبشرين بإعادة إحياء المدينة القديمة وفرجانها وأسواقها وبيوتات روادها في الفن والأدب والثقافة والرياضة، وبما تشهده البنية التحتية من خدمات متعلقة بالجسور والطرق وغيرها.

كيف يتم تفعيل خطة المحافظة على الهوية التاريخية والثقافية للمحرق؟

- هوية المحرق هي أمانة تتوارثها الأجيال، والتعامل مع الهوية التاريخية والثقافية للمحرق يكون باعتبارها قيمة راسخة، ويتم تفعيلها عبر سياسات واضحة توجه أعمال الترميم، والتطوير، والبناء الجديد، بما يحفظ روح المكان ويمنع تشويه نسيجه العمراني. كما يتم العمل على تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية هذه الهوية، لتكون مسؤولية مشتركة بين الجهات الرسمية والأهالي، وهو الأمر الذي تحرص عليه وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عبر الدليل الاسترشادي الذي يحفظ هوية المكان ويراعي الإرث العمراني والبشري.

من أهداف المشروع تدشين دليل اشتراطات التعمير.. ما أهمية هذا الدليل؟

- في هذا السياق أتقدم بجزيل الشكر إلى وزارة الأشغال ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني ووزارة شؤون البلديات الزراعة وكافة الوزارات التي تعمل في خطة التطوير، حيث يأتي دليل اشتراطات التعمير ليشكل إطاراً تنظيمياً موحداً يضبط إيقاع التطوير العمراني في المدينة، ويضمن انسجام المشاريع الجديدة مع الطابع المعماري والتاريخي للمحرق، هذا الدليل الذي يهدف إلى توجيه التنمية بما يحقق التوازن بين الحداثة والأصالة، ويمنع العشوائية في البناء، ويحافظ على هوية المدينة البصرية، وفي هذا الشأن فإن المحافظة على إطلاع دائم بسير المشروع وعلى الرسومات الهندسية الخاصة وعلى سير العمل وتتابع بصورة مستمرة كافة المراحل.

كيف يراعي مشروع التطوير توفير وحدات سكنية تلبي تطلعات الأسرة البحرينية؟

- يضع المشروع الأسرة البحرينية في صميم أولوياته، من خلال تبني حلول سكنية تراعي الخصوصية الاجتماعية، وجودة المعيشة، والانسجام مع النسيج العمراني القائم، وهي نتاج المشاريع العمرانية والإسكانية السابقة، فهي ولدت خبرات في كيفية إنشاء المدن وفق الهوية التاريخية، ويتم النظر إلى السكن ليس كمجرد مبانٍ، بل كبيئة متكاملة تعزز الترابط الأسري، وتدعم الاستقرار الاجتماعي، وتحافظ على الطابع الإنساني للأحياء، مع الأخذ بالاعتبار الطابع التراثي لتلك الوحدات الواقعة ضمن مشروع التطوير، حيث يوازن المشروع عبر وحداته السكنية الطابع التراثي مع ضمان تلبية تطلعات الأسر البحرينية.

ما الآليات المتبعة للحفاظ على المباني ذات القيمة التراثية واستكمال مسار اللؤلؤ؟

- في الواقع أشيد في هذا السياق بالدور العظيم لهيئة البحرين للثقافة والآثار ودورها في صون ذلك الإرث العظيم بالمحرق وحفاظها على المباني ذات القيمة التراثية من خلال منهجية تعتمد على الترميم المدروس وإعادة التوظيف، بالإضافة إلى الثقافة العامة التي تولدت لدى الأهالي بالحفاظ على تراثهم ومبانيهم وبيوتاتهم العريقة، وهذا ما نعتبره شراكة حقيقية بين المجتمع ومؤسسات الدولة بما يضمن استدامتها وحمايتها من الإهمال أو الاندثار، كما يتم التعامل مع مسار اللؤلؤ بوصفه ذاكرة وطنية حية، تُستكمل عناصره وتُربط بمحيطها العمراني، ليبقى شاهداً على الدور التاريخي للمحرق في تاريخ البحرين الاقتصادي والثقافي.

ماذا عن زيادة الرقعة الخضراء وتنويع التشجير في المدينة؟

- تولي الحكومة الموقرة أهمية كبيرة للرقعة والمساحات الخضراء فهي أحد المرتكزات الأساسية في تحسين جودة الحياة داخل المدن، وفي المحرق تعمل بلدية المحرق ومجلسها البلدي والجهات ذات العلاقة على دمج الرقعة الخضراء ضمن التخطيط الحضري، سواء في الساحات العامة أو الشوارع أو الأحياء السكنية، هذا التوجه يعكس اهتمامًا بالبعد البيئي والجمالي، ويسهم في خلق بيئة حضرية أكثر توازناً وراحة للسكان، وهذا ما اعتمدته وزارة الإسكان في إعادة بنائها للبيوت والمناطق القديمة، فترى من خلال الرسومات والخرائط المعتمدة وجود المساحات الخضراء وسط الأحياء السكنية.

الارتقاء بالبنية التحتية والمرافق العامة أحد أهداف المشروع.. كيف يتم ذلك؟

- يتم تطوير البنية التحتية وفق رؤية شاملة وضعها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ووجه الوزارات ذات العلاقة بوضع كفاءة الخدمات وجودتها في مقدمة الأولويات، مع الحرص على أن تتكامل هذه الأعمال مع الطابع التاريخي للمدينة، ويشمل ذلك تحديث المرافق العامة بما يلبي احتياجات السكان، ويعزز من استدامة المدينة وقدرتها على مواكبة التطور الحضري.

كيف تسير أعمال تطوير شارعي الشيخ عبدالله والشيخ عيسى؟

- تشهد أعمال التطوير في هذين الشارعين تقدماً واضحاً، ويتم تنفيذها ضمن تصور عمراني يهدف إلى تحسين المشهد العام والواجهات، إلى جانب الارتقاء بالخدمات، وبما ينسجم مع القيمة التاريخية للموقع ويتكامل مع مشروع قصر عيسى الكبير، ليشكل ذلك إضافة نوعية لهوية المنطقة.

مشروع تطوير مدينة المحرق يوصف بأنه نموذج للتنسيق الحكومي المتكامل.. ما تعليقكم؟

- إن مشروع تطوير المحرق يعكس نموذجاً متقدماً للعمل الحكومي المشترك، حيث تتكامل أدوار مختلف الجهات ضمن رؤية موحدة، تقوم على التنسيق والتخطيط المشترك والاجتماعات الدائمة، هذا النهج يؤكد أن المشاريع التنموية الكبرى لا يمكن أن تنجح إلا من خلال التعاون المؤسسي، والشراكة الفاعلة، والعمل بروح الفريق الواحد، وهذا جزء لا يتجزأ من فريق البحرين الذي يبني المستقبل مرتكزاً على حاضر متطور بكوادر وطنية شابة تحمل في قلبها الحب والولاء للوطن وقيادته الحكيمة.

ما هي رؤيتكم لأهمية استغلال المحرق لروافدها ومقوماتها السياحية، خاصة في ظل العمل على تنويع مصادر الدخل؟

- رؤية المحافظة تنطلق من إيمانها الراسخ بامتلاكها مقومات سياحية استثنائية، من شأنها أن تشكّل رافداً حيوياً من روافد التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل، وذلك بما تحمله من عمق تاريخي وثقافي وإنساني يجعلها وجهة سياحية فريدة على المستويين المحلي والإقليمي.

فالمحرق ليست فقط العاصمة الأولى، بل أمّ المدن البحرينية، والمدرسة الوطنية التي تخرّجت منها أجيال حملت الولاء الأول للقيادة، وكانت على الدوام في مقدمة الصفوف في خدمة الوطن، وهي سجل حيّ وشاهد على ذاكرة الوطن، لما تحتضنه من مواقع تراثية مُدرجة على قائمة التراث العالمي، ومعالم تاريخية، وأسواق شعبية، ومبانٍ ذات طابع معماري أصيل، إضافة إلى إرثها البحري والثقافي والفني، ولا بد من استثمار هذه المقومات السياحية بحيث تُسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي، الأمر الذي سيخلق فرص عمل نوعية، ويدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويعزز من الحراك التجاري والخدمي.

ومن هذا المنطلق، فإننا ندرك أهمية سواحل المحرق، باعتبارها أحد أهم الأصول الطبيعية التي تمتلكها المحافظة، ورافداً واعداً للسياحة البحرية والترفيهية. فسواحل المحرق بما تتمتع به من امتداد جغرافي وتنوع بيئي تشكّل فرصة حقيقية لتطوير مشاريع سياحية مستدامة، تشمل الواجهات البحرية، والمرافئ السياحية، والشطآن، والأنشطة الترفيهية والثقافية المرتبطة بالبحر، بما يعكس الهوية البحرية الأصيلة للمحرق ويعيد إحياء علاقتها التاريخية بالبحر.

كما أن تطوير السواحل يسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، ويعزز من جاذبية المحافظة للزوار، ويدعم الاستثمار في قطاعات الضيافة والمطاعم والخدمات البحرية، فضلاً عن كونه مساحة مفتوحة لإقامة الفعاليات والمهرجانات السياحية التي تنشط الحركة الاقتصادية على مدار العام، وذلك في إطار رؤية واضحة لاستغلال سواحل المحرق سياحياً بما يحقق التنمية المستدامة ويحفظ هوية المكان.

وفي ظل التوجه الوطني لتنويع مصادر الدخل، نأمل بتبني رؤى متكاملة تجمع بين استثمار التراث العمراني وتفعيل الواجهة البحرية، وتطوير تجربة الزائر، بما يعزز مكانة المحرق كوجهة سياحية متكاملة ومستدامة، تسهم بفاعلية في دعم الاقتصاد الوطني وترسيخ مكانة المملكة على الخارطة السياحية، وعاشت المحرق على الدوام مقصداً لأبناء الخليج، بما تحمله من تاريخ، وكرم ضيافة، وتنوّع ثقافي يعكس عمقها الإنساني.

ما هي معايير حصول محافظة المحرق على شهادة المدن الصحية؟

- إن حصول محافظة المحرق على شهادة المحافظة الصحية لم يأتِ من فراغ، بل بناءً على معايير واشتراطات متعلقة بمفهوم الصحة الشاملة، وهي جوانب تتجاوز الجانب الصحي التقليدي، بحيث تتسع لتشمل البيئة، وغيرها العديد من الجوانب التي يأتي من ضمنها البنية التحتية والشراكات المؤسسية.

ومن أبرز هذه المعايير، دعم أنماط الحياة الصحية، عبر توفير البيئة الآمنة والمشجعة على النشاط الرياضي والصحي وكذلك النفسي، وهناك أيضاً الاستدامة البيئية، عبر مقاييس ومؤشرات جودة الهواء والتلوث، والمساحات الخضراء، وجودة الخدمات البلدية في الأحياء والمرافق العامة، بما يحقق بيئة حضرية صحية وآمنة، وهناك جانب الخدمات، التي يأتي من ضمنها توفر المرافق الصحية والتعليمية والرياضية والخدمية المتاحة للجميع، والبنية التحتية الداعمة لكبار السن وذوي الإعاقة، ولم نغفل الشراكة المجتمعية والمؤسسية، حيث إن التنسيق دائم ومستمر بين المحافظة والجهات الحكومية ذات العلاقة، خاصة عبر المجلس التنسيقي، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، بما يعزز العمل التكاملي لتحقيق أهداف المدينة الصحية، كما تعمل المحافظة على إشراك الأهالي في كافة مبادراتها، وخاصة المتعلقة بنشر الوعي، ودعم وتشجيع العمل التطوعي، وهو الأمر الذي يعمل على تعزيز الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه الصحة العامة.

وبناءً على هذه المعايير، فإن استحقاق محافظة المحرق لشهادة المدن الصحية يبرز ما تتميز به من بيئة حضرية صحية ومستدامة، ويعكس جهود الدولة في الارتقاء بصحة الإنسان وتوفير جودة الحياة، بما يتماشى مع رؤية مملكة البحرين للتنمية المستدامة.

كيف تنظر المحافظة إلى أهمية الفرجان واستمرار سكن عوائلها بها؟

- إنفاذاً للأمر الملكي السامي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، بالمحافظة على الهوية التاريخية والثقافية لمباني ومدن البحرين، وإحياء قصر عيسى الكبير وتطوير المحرق بما يحفظ هويتها التاريخية والثقافية، وانطلاقاً من هذه التوجيهات الغالية على قلوب أهل المحرق بكافة مدنها وقراها، فإن المحافظة تنظر إلى الفرجان بوصفها أساس المجتمع والهوية الاجتماعية والثقافية، وتترسخ من خلالها قيم الوعي المجتمعي، وتُرسّخ التلاحم الاجتماعي، والتكافل، وهو ما تحرص المحافظة عليه وتحرص على استمراره، وهذا أساس تمسك المحافظة ببقاء سكن العوائل في فرجانها، ونرفع في هذا المقام شكر وتقدير أهالي محافظة المحرق بكافة مدنها وقراها إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على توجيهات سموه بسرعة تطوير البنية التحتية، والارتقاء بالخدمات، مع الحفاظ على الطابع العمراني الأصيل، بما يوازن بين التطوير وصون الخصوصية التاريخية والاجتماعية، كما تتقدم المحافظة بخالص الشكر والتقدير إلى أهالي المحرق على وعيهم وتمسكهم بتوجهاتهم الأصيلة، وحرصهم الدائم على الحفاظ على هوية مدينتهم وقيمها الاجتماعية والثقافية، ويعبّر أهالي المحرق عن تطلعهم الدائم لتشريف حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم بزيارة مدينتهم، لما تمثله هذه الزيارة من مكانة خاصة في نفوسهم واعتزاز عميق بتاريخ المحرق وأهلها.

إن المحافظة تؤمن بأن الفرجان حيّة بأهلها، ومن ضمن الشواهد مهرجان ليالي المحرق الذي تنظمه هيئة البحرين للثقافة والآثار، وهو ما يميز تلك الليالي عن بقية المهرجانات في كافة دول العالم، فاستقبال أهالي المحرق للزوار من كافة دول العالم كان ركيزة أساسية في الحفاظ على هوية المدينة، وتعزيز استقرارها الاجتماعي، وتبقى ليالي المحرق جميلة بروحها وأهلها، ويزداد جمالها بنهرها الذي شكّل عنصراً حياً في ذاكرة المكان ومشهدها الثقافي.

المحرق اشتهرت بالعديد من المهن، هل هناك توجه لدى المحافظة ببقاء تلك المهن والحفاظ عليها من الاندثار؟

- مهن أهالي المحرق التقليدية تعتبر جزءاً أصيلاً من هويتها الاجتماعية والثقافية وكذلك الاقتصادية، وخاصة المهن المرتبطة بالبحر، والحِرف اليدوية، والتجارة، والصناعات التقليدية، وهي مهن تُجسّد ذاكرة المكان وروح الإنسان المحرقي، وتعمل المحافظة على الحفاظ على هذه المهن من الاندثار عبر تشجيع الأسر على إحياء مهن أجدادهم وتوريثها للأجيال القادمة، عبر التعاون مع الجهات ذات العلاقة، ولن يتحقق ذلك دون الحصول على الدعم للحِرفيين، وربط هذه المهن بالأنشطة السياحية والثقافية.

ومهنة صيد اللؤلؤ إحدى أبرز المهن التي ارتبط اسم المحرق والبحرين بها، وأسهمت هذه المهنة في استحضار التاريخ الاقتصادي والاجتماعي، وجعلت من البحرين مركزاً عالمياً لتجارة اللؤلؤ الطبيعي، حيث تسعى المحافظة إلى إعادة إحيائها كتاريخ ثقافي وحاضر سياحي، ويمثّل الغوص بحثاً عن اللؤلؤ إحدى ركائز الهوية البحرية للمحرق، وتسعى المحافظة إلى إعادة هذه المهنة التاريخية بوصفها إرثاً وطنياً ومورداً ثقافياً وسياحياً.

إن إحياء صيد اللؤلؤ يمثّل فرصة لتعزيز السياحة الثقافية والتراثية والبحرية، ويربط الماضي بالحاضر، ويحوّل التراث إلى موارد مستدامة تساهم في تنويع مصادر الدخل، وتحافظ في الوقت ذاته على أصالة المحرق وهويتها البحرية، ومن هنا، فإن المحافظة تنظر إلى الحفاظ على المهن التقليدية، وفي مقدمتها صيد اللؤلؤ، كجزء لا يتجزأ من رؤيتها للحفاظ على هوية المدينة وتعزيز مكانتها الثقافية والاقتصادية.

رواد المحرق في كافة المجالات، كيف تنظرون إليهم، وما هو دور المحافظة في دعم المبدعين؟

- نعتبرهم في محافظة المحرق ثروة وطنية وقامات قدّمت العطاء والجهد وساهمت في صناعة تاريخ المدينة، ونماذج مشرّفة للعمل والإنجاز، تركت بصمات واضحة في المجالات الثقافية، والرياضية، والفنية، والإعلامية، والاجتماعية، والاقتصادية، وغيرها من ميادين العطاء.

وانطلاقاً من هذا الإيمان، تحرص المحافظة على أن يكون دعم المبدعين والرواد جزءاً أصيلاً من رسالتها المجتمعية، لذلك تولي المحافظة اهتماماً خاصاً بتكريم رواد المحرق سنوياً، وتحرص على أن يتم هذا التكريم وهم على قيد الحياة، إيماناً بأهمية الاحتفاء بالعطاء في وقته، وتقدير الجهود أمام أصحابها، ليكونوا قدوة حية لأبناء المحرق، ومصدر فخر وإلهام لأبنائهم وأحفادهم، وليظل عطاؤهم شاهداً حياً على قيمة العمل والاجتهاد.

كما تسعى المحافظة، من خلال هذه المبادرات، إلى توثيق تجارب الرواد ونقل قصص نجاحهم، وربط الأجيال بتاريخ مدينتهم ورموزها، بما يعزز الانتماء، ويحافظ على الذاكرة المجتمعية، ويؤكد أن الإبداع والتميز محل تقدير واعتزاز دائم في محافظة المحرق، وتظل المحرق حاضنةً لكل المعاني العظيمة التي يجتمع عليها أهل البحرين، من ولاء وانتماء وتعايش وأصالة، وركناً راسخاً في مسيرة الوطن وتاريخه.