يحيي العالم في أواخر شهر فبراير سنويا اليوم العالمي للأمراض النادرة، وذلك لرفع مستوى الوعي بالأمراض النادرة وتحسين فرص العلاج لها، وتعمل مراكز البحوث الطبية والخبراء والمنظمات الاجتماعية المحلية والدولية في هذا اليوم، على توضيح المشاكل المتعلقة بهذه الأمراض وأهمية تقديم المساعدات اللازمة للمصابين بها.
وتشارك وزارة الصحة بمملكة البحرين هذا العام بالاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة من خلال تنظيم قسم الاطفال برنامج توعوي وترفيهي للمرضى المصابين بالأمراض الاستقلابية الوراثية بالتعاون مع شركات خاصة تساهم في احياء هذه الفعاليات من اجل تحقيق الشراكة المجتمعية.
وقد انشئ هذا اليوم لأول مره في عام 2008م عن طريق المنظمة الأوروبية للأمراض النادرة "EURORDID”، وذلك رغبة منها في ايصال العلاج لكل فرد مصاب بهذه النوع من الامراض ودعم عوائلهم واشراك الشبكات الاجتماعية في تقديم الدعم لهذه الفئه، وفي عام 2009م اتجهت هذه الأنظمة إلى المنظمة العالمية NORD وهي "المنظمة الوطنية للاضطرابات النادرة".
وشاركت مملكة البحرين في الاحتفال بهذا اليوم في عام 2012م كأول دوله عربيه تشارك في هذا اليوم، وذلك من خلال ندوه علميه مشتركه ما بين وزارة الصحة وجامعة الخليج العربي، حيث كان الهدف من اقامة هذه الندوة العلمية هو زياده الوعي للعاملين بالقطاع الصحي بهذه النوعية من الامراض. وقد تلت تلك السنة مجموعة مختلفة من الفعاليات على مدى السنوات اللاحقة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة .
ويعرف المرض النادر بمقدار نسبة اصابته في البلد، ففي الولايات المتحدة يعرف على أنه المرض الذي نسبة الإصابة به واحد مريض لكل 200000 شخص حي أما في أوروبا فالمرض النادر يعرف على انه المرض الذي لا تزيد نسبته في المجتمع على 5 لكل 10000 فرد، وتتألف قائمة الامراض النادرة من حوالي 7000 مرض نادر و تؤثر على أكثر من 300مليون شخص في جميع أنحاء العالم. يكون الأطفال ما يقارب من 50 % من الناس الذين يعانون من الأمراض النادرة . و الأمراض النادرة هي المسؤولة عن35 %من الوفيات في السنة الأولى من العمر. و80٪ من الأمراض النادرة هي وراثية في الأصل، ويمكن أن تظهر أعراضها في أي سن من حياة الانسان بالرغم من كون الخلل الجيني موجود منذ الولادة.
ومن أمثله بعض فئات الامراض النادرة الوراثية، كشف المختصون عن ثلاث انواع من الامراض الوراثية النادرة وذلك نظرا لتزايد عددها في مجتمعنا كمجموعه وليس كمرض مفرد، اضافة الى كثرة الابحاث في هذه الامراض والتي ساهمت كثيرا في تشخيص وعلاج هذه الامراض
الفئه الاولى وهي التشوهات الخلقية وهي عبارة عن تخلق غير طبيعي في احد أعضاء الجسم أو الأنسجة في مرحلة تخلق الجنين و تحدث أكثر هذه العيوب أثناء الشهور الثلاثة الأولى من الحمل. العيب الخلقي قد يشمل على عيب في شكل جسم الطفل، أو عيب في وظائف الجسم، أو كلاهما.
والفئه الثانية هي امراض الوراثة الكيمائية (امراض الاستقلاب)، وتعرف الأمراض الاستقلابية أو أمراض التمثيل الغذائي جزء من الأمراض الوراثية التي تنتقل عن ما يعرف بالجين المتنحي أي أن الأب و الام يحملان الصفات الوراثية للمرض وينقلانه إلى أطفالهما بنسبة 25% في كل حمل (نسبة مولود مصاب مقابل ثلاثة غير مصابين)، وتقدر الأمراض الاستقلابية المعروفة بأكثر من 400مرض استقلابي. وطبيعة الأمراض الاستقلابية هو نقص إنزيمات معينة منذ الولادة، وهذه الإنزيمات مهمة لتحويل مادة الى مادة أخرى في أجزاء الجسم المختلفة.
واما الفئه الثالثة الامراض العصبية الوراثية، وهي تشتمل على اعراض الامراض العصبية النادرة التي تصيب الاطفال، وتكون متشابهة بحيث انها تظهر على شكل تأخر في النمو الحركي او المعرفي او تظهر بشكل حدوث تشنجات كثيره ، ولكن اسباب هذه الأمراض مختلفة وامثله على ذلك كثيره مثل الامراض الاستقلابية والاستقلابية العصبية التي بعضها يستجيب للعلاج. وايضا من الأمثلة على الأمراض العصبية النادرة الموجودة في البحرين تلك التي تصيب الجهاز العصبي المركزي مثل أمراض الدماغ التنكسية مثل مرض حثل المادة البيضاء التي تظهر على المريض بتراجع في النمو الحركي ويتبعه التأخر الذهني وعادة ما يكون تشخيص هذه الحالات بأشعة الرنين المغناطيسي والفحص المخبري وكلما كان التشخيص مبكرا كان بالإمكان علاج هذه الحالات بزراعة النخاع. وبما ان منشأ الخلايا العصبية في بدأ تكوين الجنين من خلايا الاكتودرم التي تتطور وتتميز لاحقا بالجهاز العصبي والجلد والعين، فان اي خلل يصيب هذه الخلايا في الشهرين الاولين للحمل يؤدي الى اصابة هذه الأجهزة وامثله على هذه الامراض المتلازمات العصبية الجلدية مثل التصلب الدرني والورم العصبي الليفي وعادة ما تشخص هذه الأمراض عن طريق ظهور بقع ناقصة أو زائدة الصباغ في الجلد، يصاحبها إما تشنجات أو أورام صغيرة في الجلد والعين، وهناك أيضا متلازمات مختلفة تصيب الجهاز العصبي ويصاحبه تغيرات مميزه في الوجه وصعوبات في التعلم والتركيز مثل متلازمة الرت ومتلازمة انجلمان وعادة يكون تشخيص هذه الحالات بفحص الكروموسومات والجينات التي تكون سبب في حصول هذه المتلازمات. وأما الأمراض النادرة التي تصيب الجهاز العصبي الطرفي ويؤدي إلى الاضطرابات العصبية العضلية مثل ضمور العضلات الدوشين واعتلال العضلي الخلقي وضمور العضلات الشوكي والاعتلال العصبي، عادة ما تظهر هذه الحالات على هيئة تأخر في النمو الحركي وليونة في الجسم، وأما النمو اللغوي والذهني يكون طبيعيا في هذه الحالات فهؤلاء المصابين يحتاجون إلى دعم نفسي كبير من الوالدين والمجتمع لتوفير سبل الراحة لهم.
وحول الخدمات التي تقدم في مملكة البحرين لهذه الفئات من الامراض النادرة تتضمن المعاينة الإكلينيكية من خلال اطباء استشاريين متخصصين في هذه الفئات ، وتتم معاينة ومتابعة هؤلاء المرضى عن طريق الاستشاريين في عيادات تخصصيه وتقديم العلاج والمشورة ايضا للمرضى المنومين كلا في تخصصه، وتم استحداث في عام 2006 عياده مشتركه تضم هذه التخصصات الثلاث حيث ساهمت هذه العيادة في تشخيص بعض الحالات الصعبة اضافة الى تقديم المشورة إلى المرضى بشكل مشترك من قبل المتخصصين والتي ساهمت في توفير الوقت والجهد وتقديم العناية لذى المرضى واهاليهم.
وتوجد الفحوصات المخبرية التي توفرها وزارة الصحة لهذه الامراض، ويوجد مختبر للأمراض الوراثية في وزارة الصحة يقدم خدمات للمرضى تتعلق بدراسة الكروموسومات الوراثية الخلوية، ودراسة الصبغيات Study FISH لبعض الكروموسومات. بالإضافة إلى الفحوصات المخبرية الجزيئية لأمراض الدم الوراثية كالثلاسيميا ومرض فقر الدم المنجلي ومرض نقص G6PD و غيرها.
كما يوفر مجمع السلمانية الطبي باقي الخدمات التشخيصية لهذه الامراض وذلك بالتعاون والتنسيق مع المختبرات في خارج البحرين كمختبر مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض وبعض مختبرات المانيا وفرنسا اضافة الى التعاون مع مركز الأميرة الجوهرة للأمراض الوراثية بجامعة الخليج العربي.
كما يتم توفير خدمات الفحص لما قبل الولادة للعائلات التي تعاني من أمراض وراثية محددة و ذلك عن طريق التشخيص بالموجات فوق الصوتية، وأخذ عينات الزغابي المشيمي وعينات السائل الامنيوني واجراء الفحوصات الكيميائية الحيوية والبيولوجيا الجزيئية والكروموسومات بالتعاون مع مختبرات عالميه متخصصه في هذه المجالات.
وحول الخدمات العلاجية توفر وزارة الصحة جميع الأدوية المتوفرة عالميا لعلاج هذه الامراض مثل علاج الانزيمات لبعض الامراض الاستقلابية بالرغم من الاسعار الباهظة لهذه الأدوية، هذا اضافة الى العلاج الغذائي، وخدمات تأهيلية مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي وعلاج النطق.