قال رئيس اللجنة المالية والقانونية في مجلس المحرق البلدي غازي المرباطي إن توصية اللجنة الوزارية للإعمار والبنية التحتية بتعديل نص أحكام المادة "20" من المرسوم بقانون رقم "35" لسنة 2001 بإصدار قانون البلديات بإضافة فقرة تمنح الوزير المختص بشؤون البلديات "حق إحالة ما يراه من مشروعات قرارات أو مقترحات إلى المجلس البلدي" يعتبر ترقيعاً تشريعياً في حال نفاذه.

وأوضح أنه في 23 يونيو 2014 وافق مجلس الشورى على الاقتراح بقانون سالف البيان والمقدم من لجنة الخدمات بمجلس الشورى بهدف فرض مزيد من القيود على المجالس من قبل الوزير المختص. حيث أكدت اللجنة أن مقترح تعديل المادة "20" جاء استجابة لما تم طرحه في اجتماعها مع وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني، إلى ذلك طالعتنا إحدى الصحف المحلية بتاريخ 27 ديسمبر 2016 أن الحكومة أحالت إلى مجلس النواب مشروعاً بقانون جديد يتضمن إجراء تعديلات على قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم "35" لسنة 2001 تحديداً المادة "20" بحيث تلزم المجالس البلدية بالرد على المشروعات أو المقترحات التي يرفعها وزير شؤون البلديات لتلك المجالس خلال ثلاثين يوماً بالإضافة إلى منح الوزير المختص بشؤون البلديات الحق في إحالة ما يراه من مشروعات قرارات أو مقترحات إلى المجلس البلدي المعني لإبداء الرأي فيها وألزمت المجالس البلدية بالرد على ذلك وإبداء مرئياتها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إحالتها إليه وإلا اعتبر ذلك بمثابة قبول ضمني لهذه المشروعات أو المقترحات أما في حال رفض المجلس لها فيكون للوزير المختص بشؤون البلديات رفع الأمر إلى مجلس الوزراء لاتخاذ ما يلزم حيال ذلك.

إن هذا الاقتراح ما هو إلا مزيد من القيود تفرضها السلطة المركزية بهدف فرض مزيد من الوصاية الإدارية على المجالس البلدية إضافة إلى تعارضه وأحكام نص المادة "50" من الدستور التي تؤكد على مبدأ الاستقلال ونخص هنا عندما ساوى المشروع بقانون سلطة الوزير في إبداء الاقتراحات والمشروعات بسلطة المجالس مما يؤدي إلى انتزاع صفة الاستقلال والمبني على قاعدة اللامركزية في توزيع الاختصاص، حيث إن حدود سلطة الوزير المختص لا تعدو كونها رقابة وتنسيق لا تدخل وهيمنة وذلك وفقاً لأحكام القاعدة الدستورية، حيث تعتبر عملية الرقابة لاحقة على أعمال المجالس البلدية والتي نظمها قانون البلديات في المادة "20" ونصت على أن: "يرفع كل مجلس بلدي قرراته وتوصياته إلى الوزير المختص بشؤون البلديات وفي حالة إذا ما رأى الوزير أن هذه القرارات أو التوصيات أو بعضها يخرج عن اختصاص المجالس البلدية أو يتضمن مخالفة للقانون أو خروجاً على السياسة العامة للدولة، كان له الاعتراض عليها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ رفع القرار أو التوصية إليه، وإعادتها إلى المجلس البلدي مشفوعة بأسباب الاعتراض لإعادة النظر فيها، فإذا أصر المجلس البلدي على قراره أو توصيته أو ضمنها مخالفة جديدة عرض الأمر على مجلس الوزراء لاتخاذ ما يراه بشأنها".

ونظراً لما تقدم فإن الاقتراح بقانون وضمن سلطة المشروع التقديرية في تنظيم الحقوق قد تجاوز حدود تلك السلطة بمنح الوزير المختص بشؤون البلديات حق إحالة ما يراه هو مشروعات قرارات أو مقترحات للمجالس البلدية ذلك مؤدٍ إلى انتزاع حق المجالس في الانفراد باختصاصاتها الأصيلة كالاقتراح والقرار والتوصية بشأن المشروعات التي تدخل حكماً في صميم أعمالها بحسب مقتضيات أحكام المرسوم بقانون رقم "35" لسنة 2001 تحديداً المادة "20" مع عدم إغفال المسؤولية السياسية المناط بها الوزير المختص بشؤون البلديات أمام السلطة التشريعية بالإضافة أن الاقتراح بقانون يتعارض وأحكام المادة "19" في اختصاصات المجالس البلدية الفقرة "س" حيث نصت على: "النظر في الاقتراحات التي تقدم من الوزرات وغيرها من الجهات، أو من أعضاء المجالس وإصدار القرارات أو التوصيات في شأنها".

حيث تؤكد الفقرة سالفة البيان بما لا يدع مجالاً للشك أن النظر في الاقتراحات التي تقدمها الوزارات هي من اختصاصات المجالس البلدية والاستثناء بمنح وزير شؤون البلديات حق إحالة المشروعات والقرارات أو المقتراحات وربطها بمدد زمنية لا تعدو سوى الدفع نحو تجريد المجالس البلدية من صلاحياتها وترقيع تشريعي يهدف فرض هيمنة الوزارة على الهيئات البلدية ومزاحمتها في قراراتها واقتراحاتها، وإلا ما هو مبرر تعديل المادة "20"؟ أليست وزارة البلديات هي إحدى تلك الوزارات التي ينظر المجلس البلدي في اقتراحاتها؟ ألم تؤكد القاعدة الدستورية المنصوصة في أحكام المادة "50" أن حدود الدولة في ظل التوجيه والرقابة لا تعدو أن تكون في جوهرها حق تنسيق وتوجيه فقط والتي نظمها قانون البلديات وفقاً للمادة "20" حيث أجاز للوزير الاعتراض على قرارات وتوصيات المجالس؟ مع الأخذ بعين الاعتبار الضوابط والشروط التي اتخذها المشرع عند ممارسة الوزير المختص "وزير البلديات" هذا الحق وذلك للحيلولة دون الانحراف به أو إساءة استعماله.

لقد حدد المرسوم بقانون رقم "35" لسنة2001 إطاراً زمنياً تحفظ به السلطة التنفيذية حقها في رقابة عمل المجالس البلدية والتي تصدر كتوصيات وقرارت وفقاً لنص المادة "20" سالفة البيان.

إن الحكمة التي أرادها المشرع في جعل توصيات وقرارات المجالس البلدية تخضع لرقابة الوزير المختص في مدة أقصاها خمسة عشر يوماً تكمن في أن التوصيات والقرارات ماهيتها مشاريع خدماتية للمواطنين وفي غالبها تتناغم مع اختصاصات المجالس ومستوفية الدراسات المطلوبة لتنفيذ هذا المشروع الخدمي ولا يجوز أن تعطل أكثر من المدة التي حددها المشرع والسالف بيانه.

إن تلك المدة الزمنية هي حالة رقابية أولى على أعمال المجالس البلدية وعلى أثر تلك المدة يصحح المجلس البلدي قراره أو توصيته وفقاً لمبررات اعتراض الوزير وتكون التوصية بذلك نافذة كون الوزير المختص قد مارس حقه في الرقابة وجاءت كما يراها الوزير متسقة مع القانون ومتوافقة مع السياسة العامة للدولة فلا مكان هنا لمعيار المدة الزمنية التي ضمنتها ديباجة المشروع بقانون وهي ثلاثين يوماً.

أما في حال إصرار المجلس البلدي على قراره أو توصيته رغم اعتراض الوزير فإن للمجلس إصدار توصية بالإصرار على التوصية المعترض عليها من الوزير ويتم ذلك مباشرة في الجلسة التالية أي بعد مدة أقصاها أسبوعين بحسب نص المادة "24" من قانون البلديات الفقرة "ب": "يعقد المجلس البلدي اجتماعاً عادياً مرتين كل شهر على الأقل بدعوة من رئيسه..." وعلى ضوء أحكام المادة المذكورة قد حدد المشرع المدة الزمنية التي يمارسها الوزير المختص كآلية إجرائية رقابية على المجالس حيث جاءت كحال متقدمة على ديباجة المشروع بقانون والمقدم من الحكومة بواقع أسبوعين للتوصية المستوفية شروط صحتها.

بالإضافة إلى أن الفقرة الأخيرة من المادة "20" سالفة البيان قد حسمت الموقف كرقابة نهائية على أعمال المجالس البلدية لصالح السلطة التنفيذية فلا مناص للمجالس البلدية وفق هذا القانون الخضوع لسلطة الرقابة باعتبار أنه حتى لو أصرت المجالس البلدية على توصياتها التي اعترض عليها الرقيب الأول وهو الوزير المختص فلن تفلت التوصيات والقرارات من الرقابة النهائية والممثلة في مجلس الوزراء الموقر والذي هو على كل حال يراعي مقتضيات بقاء المجالس ضمن القانون والسياسة العامة للدولة.

لقد حددت المادة "19" من قانون البلديات في اختصاصات المجالس أنها اختصاصات أصيلة واختصاصات وجوبية وأخرى استشارية جائزة إلا أنه في كل الحالات لا تدخل حيز التنفيذ قبل أن تستوفي شروط تنفيذها كمشاريع وذلك للحيولة دون تعطيلها أو تعثرها وهذا ما تقوم به المجالس في غالبها حيث إن من مصلحة المجالس إنجاح قراراتها وتوصياتها خاصة أنها تقدم خدمات للموطنين الأمر الذي سيعزز مكانتها أمام الجمهور، إذ إن عامل الوقت يهم المجالس كالتزام أدبي واجتماعي وقانوني أمام المواطنين في إنجاز المشاريع.

وختم المرباطي مطالباً المعنيين برفض تلك التعديلات والتي ستفرض مزيداً من القيود على أعمال المجالس، بالإضافة إلى أنها ستمس الاستقلال المالي والإداري، وعليه نأمل إعادة النظر في عيوب القانون وتصحيحها نحو مزيد من توسعة صلاحيات المجالس البلدية بهدف الارتقاء بالعمل البلدي وتلبية طموحات المواطنين وليس الاتجاه إلى الوراء!