ألزمت المحكمة الكبرى الإدارية بلدية محافظة المحرق بالتصريح لمواطنة بحرينية بالسكن في الفيلا الخاصة بها الكائنة بالساية وبتوصيل التيار الكهربائي وكافة الخدمات العامة.

وكان المحامي محمود ربيع تقدم بلائحة دعوى قال فيها إن موكلته تمتـلك عقاراً بالساية بالمحرق وهو بيت مصنف "سكن خاص" وفقاً لتصنيف بلدية محافظة المحرق كما هو وارد في إجازة البناء، وقامت بتشـيـيـد البناء الخاص بها وفقاً لإجازات البناء الصادرة لها ملتـزمةً بتـنفيـذ كافة الشروط والالتـزامات المنصوص عليها في تـلك الإجازات، وأصدر المكتب الهندسي المشرف على البناء "شهادة إتمام بناء" تفيد تـنفيـذ العمل وفقاً للرسوم الهندسية وإجازات البناء، وأن المنزل مطابق للاشتراطات التعميرية في المملكة، دون أي مخالفة.

وقال إن موكلته تقدمت للقسم المعني في بلدية المحرق بطلب لتوصيل التيار الكهربائي لتـتمكن من الاستفادة من المبنى الخاص بها والمعد للسكن خاصة أن لها أسرة وأبناء، إلا أنها أُبلغت من أحد موظفي البلدية بوجود تعليمات بعدم استلام طلب المدعية، وبعد عـدة محاولات للاستعلام عن السبب وراء رفض استلام طلب المدعية لتوصيل التيار الكهربائي لمنزلها، والذي أصبح جاهزاً للسكن ولا ينقصه سوى التيار الكهربائي، لم تتلقِ موكلته أي رد رسمي من البلدية المختصة يـفيـد بوجود سبب لرفض استلام طلبها وبالتالي توصيل التيار الكهرباء والماء لها لكي تتنفع بمسكنها.

وأضاف في لائحة دعواه أن المادة 19 من قانون تنظيم المباني رقم 13 لسنة 1977 تنص على "عند اكتمال البناء يكون للمرخـص له أو من ينوب عنه التـقــدّم بطلب إلى البلدية للحصول على تصريـح بالسكنى أو بالاستغلال وعلى البلدية أن تمنح هذا التصريـح بعد التـثـبـت من مطابقة البناء للترخيص واستـيـفائه كافة الشروط المنصوص عليها في القوانيـن واللوائـح المعمول بها، وذلك خلال أسبوعين من تاريـخ تـقديـم الطلب، وعند الرفض على البلديـة إخطار المرخــص له بكتاب مسـجــــل خلال المـدَّة المـذكورة، ويكون للمرخــص له إذا لم يتـلق رداً بعد مضي الأسبوعين المشار إليهما الحق في اسـتـعمال البناء أو استغلاله بالسكن. ولا توصل الخدمات العامة للبناء كالكهرباء والماء والمجاري إلا بعد استيفاء ما نــص عليه في هذه المادة أو انقضاء المواعيد المنصوص عليها فيها"

وأنه لما كانت المدعية قد شيدت البناء الخاص بها "بيت سكني" وفقاً للترخيص الصادر من البلدية وقد التزمت بكافة الشروط والإلتزامات المنصوص عليها في إجازات البناء الصادرة لها وحصلت على شهادة إتمام بناء مع المكتب الهندسي المشرف والمرخص له بذلك، وعليه فلا توجد ثمة مخالفة للقانون تقيمُ حق البلدية في رفض استلام طلبها، كما أن رفض الجهة الإدارية استلام الطلب هو عمل مخالف للقانون، ويصادر على حق المدعية للتقديم بطلب الكهرباء أو أي طلب آخر، وكان بالأحرى على جهة الإدارة أن يتم استلام الطلب والتعليق عليه، إلا أن ما قامت به الجهة الإدارية يفيد تعنتاً شخصياً لا علاقة له بالإجراءات المنظمة ووفقاً للقوانين المعمول بها، واللوائح الداخلية التي تنظم إجراءات المدعى عليها الأولى في التعامل مع المراجعين والمواطنين ولما كان حق توصيل التيار الكهربائي لمنزل المدعية هو حق مكفول في القانون والدستور، وأن حرمانها المستمر من توصيل التيار الكهربائي لها يحرمها من الانتفاع بملكها دون سند صحيح من القانون.

وأضاف أن سلطة الجهة الإدارية ليست تحكمية أو مطلقة وإنما هي سلطة مقيدة في نطاق قواعد ومبادئ الدستور ومبادئ الشريعة ومبادئ المشروعية سواء كانت مشروعية شكلية أو مشروعية موضوعية، ومن أهم تلك المبادئ عدم استعمال السلطة أو الانحراف بها وابتغاء الصالح العام، وقيام القرار على سببه الذي هو ركن من أركان القرار الإداري وتخضع الإدارة في ذلك لرقابة المشروعية التي يمارسها القضاء الإداري، فإذا تكشف للمحكمة إساءة استعمال السلطة، وابتغاء غير الصالح العام كأن تستهدف الإدارة تحقيق المصالح الشخصية أو اعتبارات أخرى قوامها الهوى والمحسوبية، أو كان قرارها مفتقراً لركن السبب الذي هو عماد القرار الإداري وأحد أركانه الجوهرية وأن القرار مخالف للقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.

وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها أنه من المقرر وفقاً لنص المادة (19) من المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1977 بإصدار قانون تنظيم المباني عند اكتمال البناء يكون للمرخص له أو من ينوب عنه التقدم بطلب إلى البلدية للحصول على تصريح بالسكنى أو بالاستغلال وعلى البلدية أن تمنح هذا التصريح بعد التثبت من مطابقة البناء للترخيص واستيفائه كافة الشروط المنصوص عليها من القوانين واللوائح المعمول بها وذلك في خلال أسبوعين من تاريخ تقديم الطلب وعند الرفض على البلدية إخطار المرخص له بكتاب مسجل خلال المدة المذكورة ويكون للمرخص له إذا لم يتلق رداً بعد مضي الأسبوعين المشار إليهما الحق في استعمال البناء أو استغلاله بالسكن ولا توصل الخدمات العامة للبناء كالكهرباء والماء والمجاري إلا بعد استيفاء ما نص عليه في هذه المادة أو انقضاء المواعيد المنصوص عليها فيها.

وكما من المستقر عليه أن القرار الإداري السلبي يتحقق عندما ترفض الجهة الإدارية أو تمتنع عن اتخاذ إجراء كان من الواجب عليها اتخاذه بحكم القانون. ومناط قيام القرار السلبي الجائز الطعن عليه أن تكون هناك قاعدة قانونية عامة تقرر حقاً أو مركزاً قانونياً لاكتساب هذا الحق، بحيث يكون تدخل الإدارة لتقريره أمراً واجباً عليها متى طلب منها ذلك، و يتمثل ذلك المسلك السلبي إما برفض جهة الإدارة صراحةً أو ضمناً بالامتناع عن اتخاذ الإجراء الملزمة بإصداره ويتفرغ عن ذلك أنه إذا لم يكن ثمة إلزام على الجهة الإدارية بأن تتخذ موقفاً إيجابياً ولم تقم باتخاذه، فإن رفضها أو سكوتها لا يشكل حينئذ الامتناع المقصود، وبالتالي لا يوجد في هذه الحالة أي قرار إداري سلبي مما يجوز الطعن عليه والثابت من تقرير الخبير المودع ملف الدعوى بأن الفيلا السكنية محل التداعي المقامة على أرض الواقع تتفق مع الرسم الهندسي المعتمد وما هو مرخص له من إدارة المدعى عليها بحسب إجازة البناء الصادرة، وبما يتوافق مع الاشتراطات والأحكام التنظيمية للبناء لمناطق السكن الخاصة (أ) لكون الفيلا بعنوان وعداد كهربائي واحد، حيث إنه بمعاينتها يتضح بأنها عبارة عن فيلا سكنية عائلية متعددة الأدوار واقعة بالدور الأرضي والميزانين - هو ما تم تسميته بالدور العلوي كما هو ثابت بالخرائط الإنشائية المعتمدة بصورة رسمية من قبل المدعى عليها - ونصف الدور الأول بالإضافة إلى ثلاثة أجنحة أحدها بالدور الأول واثنان بالدور الثاني وأن هناك مدخلاً لكل جناح بحسب الدور الواقع به والمدخل الخاص بالفيلا يقع في الدور الأرضي مع الإشارة إلى أنه يمكن الوصول إلى الأدوار المكونة للفيلا عبر المدخل الرئيسي وأن الفيلا وتبعياتها من الأجنحة لا تحمل سوى عنوان واحد ومرتبطة بعداد كهربائي واحد. كما ثبت أيضاً من تقرير الخبير والذي تضمن إفادة مديرة إدارة الخدمات الفنية سابق ببلدية المنطقة الشمالية رئيسة لجنة التحقيق المشكلة بالقرار الوزاري رقم 61 لسنة 2014 للتحقق في شكوى المقدمة بخصوص مخالفة الفيلا محل الدعوى أن البناء وفقاً لمعاينتها يتفق مع ما تم اعتماده من الخرائط المعمارية المعتمدة من قبل البلدية المختصة وأن الخرائط المعتمدة تتفق مع الاشتراطات التنظيمية للمنطقة.

ولما كانت المحكمة تطمئن لتقرير الخبير وتأخذ به كدليل في الدعوى محمولاً على أسبابه لسلامة الأسس التي بني عليها وكفاية أبحاثه وتخلص من خلاله إلى أن قرار المدعى عليها برفض طلب المدعية بمنحها شهادة إتمام بناء لمخالفة البناء للقرار رقم 28 لسنة 2009 بشأن الاشتراطات التنظيمية للتعمير بمختلف مناطق المملكة لكون الفيلا محل الدعوى بمعاينتها اتضح أنها عبارة عن شقق سكنية منفصلة عن بعضها البعض حيث يمكن لشاغلي العقار الدخول والخروج منه دون الحاجة إلى المرور عبر الوحدة السكنية الأخرى في نفس الطابق وبنفس المبنى غير قائم على سبب صحيح من الواقع على نحو ما سلف بيانه، الأمر الذي يتعين معه إجابة المدعية إلى طلبها وإلغاء القرار السلبي للمدعى عليها فيما تضمنه من رفض منحها شهادة إتمام أعمال بناء وتصريح بالسكنى.

وترأس الجلسة، القاضي جمعة الموسى، وعضوية القاضيين د. محمد توفيق عبدالمجيد ومحمد كمال الدسوقي، وأمانة سر نبيل مهدي.

***

محمد