سماح علام:عندما تسلط الأضواء على النجاحات.. لا مداد يليق بوصفها.. و"مروان عبيد" يجسد واحدة من قصص نجاح كثيرة تستحق لأن تفرد لها المساحات لنعلم أن البحرين ولادة لنماذج مضيئة حق لها أخذ الحيّز الذي تستحق.مروان إبراهيم عبيد، شاب في الصف الثاني الثانوي بمدرسة مدينة عيسى الثانوية للبنين، فاز في فئة الطالب المتميز لجائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي، وكان واحدا من 137 فائزا، وسيحلق بإنجازه بتاريخ 25 ابريل إلى دبي حيث يقام الحفل في مركز دبي التجاري العالمي.إنجاز مروان لم يتحقق من فراغ، بل كان حصيلة تكوين ساهم كل من الوالدين والمدرسة والوزارة في تحقيقه، ولهذا الانجاز محطات كان لابد من تسليط الضوء عليها.يقول مروان عبيد: "عملت مع والدتي ببرامج تختص بتنمية الذات في البداية، وكانت اهتماماتي تنصب في هذا المجال، من أجل أن أكون البصمة في المجتمع ولو كانت صغيرة.. شاركت في العديد من الورش والفعاليات الأهلية في المجال التطوعي، ولم يتعارض ذلك مع مسيرتي التعليمية فالترتيب والجدولة الصحيحة تضمن تحقيق التوازن بين الدراسة والتطوع، فالعمل على تعزيز المهارات الحياتية تؤثر مباشرة على التحصيل العلمي، فهي أمور تكمل بعضها البعض".ويضيف مروان: "عملت في المجال التطوعي وتحديدا في الأعمال الخيرية، فلم أكن أخطط في البداية للمشاركة في هذه الجائزة، بل كنت أعمل من أجل المشاركة وافادة المجتمع، ولكن نظرا لهذا العمل كنت الشخص المناسب لأن أترشح إلى هذه الجائزة التي عملت على تجهيز الملف لها قبل 3 سنوات".استمارة تفصيليةوعن تفاصيل استمارة المشاركة يقول: "كانت تفصيلية جدا، إذ ثمة قسم يتعلق بالموهبة وقسم بالثقة بالنفس وقسم بالمسابقات بالإضافة إلى المشاركات من أبرزها البيئية والرياضية والثقافية، والأهم من كل ذلك هو قسم يتعلق بالقضية ، ومن شروط القضية أن تكون ذات أهمية، مقرونة بطريقة حل مناسبة وتوضيح لجانب ابتكاري في مجال الاعداد لحلها ومعالجتها".ويقول مروان: "عرفت عن جائزة حمدان في المسابقة الوطنية الثانية لتعزيز حقوق الطفل في الوسط المدرسي عام 2015، حيث فزت في المركز الأول عن قسم العروض التقديمية، وكانت فكرتها مشابه لجائزة حمدان ولكن بشكل مصغر، حيث قرأنا قانون الطفل واخذنا بعض المواد منه، وطبقتها في المدرسة على هيئة مشروع، وعليه عملت على تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة لكسر الحواجز بينهم وبين المدرسة والمجتمع.. بعد نجاحي في هذه المسابقة رشحتني وزارة التربية والتعليم للمشاركة في جائزة حمدان، وهنا كان علي مهمة إعداد الملف، وإرفاق ما يثبت كل مشاركة وعمل بالمستندات والدلائل"وعن قضيته التي تبناها مروان يقول: "تبنيت قضية (التشتت الفكري لدى الشباب عند طلبة المرحلة الثانوية)، عملت على استبيان قبلي يقيس احتياجات الشباب، ثم انجزت المشروع وأعدت القياس مره أخرى، وهنا ظهرت مؤشرات قياس المشروع، فالنتائج اختلفت كثيرا، وظهرت الفروقات بين الإجابات قبل المشروع وبعده".من 128 إلى 720 طالباويزيد عبيد قائلا: "واجهتني مشكلة مع الطلاب الجدد، كما واجهتني مشكلة كيفية جذب الطلاب إلى مشروعي، وعليه كان لابد من تقديم ما أريده في قالب مناسب وجذاب لهم، فاعتمدت على التدريبات العملية والألعاب لتوضيح مفاهيم بناء الشخصية وكيفية تحديد الأهداف وغيرها، كما عملنا على واجبات منزلية أيضا، وكل ذلك تم في حصص الإثراء في المدرسة، حيث تعاونت معي إدارة المدرسة كثيرا، ووفرت لي كل ما يلزم لإنجاح المشروع.. بدأنا البرنامج بـ 128 طالبا، ولقينا نتائج إيجابية، ثم أردت تعميم هذا العطاء، وزيادة مساحته، فعملت على تعميم أهداف المشروع على المدرسة ككل ووصل العدد إلى 720 طالبا، طبقت برنامج qr+.. وهو عبارة عن موقع الكتروني دشنته للطلاب، وعملت حملة في المدرسة له، فأصبح الطلاب كلهم مستهدفين".ويضيف "كان محتوى الموقع متغيرا ومتجددا، وتحققت الاستفادة منه، فمثلا عرضنا فيه ست خطوات لتحديد الأهداف، وست خطوات للشخصية الفاعلة، وست خطوات للخطابة ومهارات التحدث ، وست خطوات للنجاح.. وغيرها من العناوين التي تعزز المهارات الشخصية عند الطلاب وكان للمدرسة دور كبير في تسهيل وتنظيم عملية تطبيق المشروع.ويقول مروان: " احتضنت المدرسة مشروعي، فالمدير ساعدني كثيرا، وجميع المدرسين كانوا ينظرون للمشروع بعين الرضا والفخر، لقد كانت السنة والنصف الماضية سنة انجاز جميل لقى صدى واسعا في مدرستنا".وعن تلقيه خبر الفوز يقول مروان: "تلقيت خبر الفوز وانا في المدرسة، إذ وصلني مسج من العلاقات العامة مكونة من ثلاث كلمات، "مبروك جائزة حمدان"، سجدت حينها شكرا لله ثم شاركت هذه الفرحة ادارة المدرسة، وما هذا الفوز سوى توفيق من الله عز وجل، فمن يعمل لوجهه الكريم يلقى التوفيق والنجاح، كما إن هذا النجاح لم يكن ليتحقق دون وجود جهود مخصلة من الوالدين الذين دعموني دائما، واهلي ايضا، ووزارة التربية والتعليم وعلى رأسها وزير التربية والتعليم د ماجد بن علي النعيمي ، وطاقم الوزارة المكون من د جاسم الحربان، ونادية سيادي و رائد التميمي ، وأيضا طارق رفعت مدير المدرسة، ومؤسسة المبرة الخليفية وعلى رأسهم سمو الشيخة زين بنت خالد آل خليفة، وايضا جمعية البحرين للتدريب والتنمية البشرية، وعلى رأسهم الرئيس الفخري د ابراهيم الدوسري، ورئيس الجمعية المهندس محمد محمود الشيخ، فكل هؤلاء ساهموا بشكل مباشر في صقلي، لكي أصل لما وصلت إليه اليوم، وهذا النجاح ليس سوى بداية جديدة لفصل مغاير من العطاء".لا يمكن الاكتفاء بكلمات مروان فقط، بل كان لابد من الوقوف مع والدة مروان لتوضيح جانب آخر في هذا الانجاز، تقول أم مروان: "تم ترشيح ابني من قبل المدرسة، فالمدارس تقوم بترشيح من تراه مناسبا، ومن تتوفر فيه معايير التميز، تقدم الترشيح في إدارة الخدمات الطلابية، وكان من ضمن المعايير الثقة بالنفس، والقدرة على تبني قضية والعمل على معالجتها بشكل كيفي، بما يخدم الطلاب كمجتمع مدرسة".قضية وعملوتواصل أم مروان: " كانت قضية ابني هي (التشتت الفكري لدي الشباب عند طلبة المرحلة الثانوية)، حيث كانت الفكرة المختارة فكرة واقعية يمكن العمل عليها بشكل واضح ومدروس، وعليه أخذ مروان عينة من الطلاب وطبق عليهم استبيانا ليكشف واقع المشكلة، ومن ثم وضع برنامجا من المحاضرات التثقيفية والورش التوعوية لتحقيق معالجة مناسبة للقضية بشكل عملي على أرض الواقع".وتضيف أم مروان: "ووجد الدعم والمساندة من المدرسة عند تطبيق الاستبيان، فالاسئلة التي وضعت كانت بموافقة المدير، وفعلا تم توزيع الاستبيان على الطلاب في حصص الارشاد، حيث كانت هي المدخل المناسب، حيث تم استثمار هذه الحصص بشكل فعال وجذاب للطلاب، فالمدرسة قامت بترتيب الحصص له حسب الفصول، وهو بدوره أعد المادة المقدمة بناء على نتائج الاستبيان وبدأ تطبيق سلسلة من الورش والدورات التي أدخل عليها الألعاب التوعوية لتحقيق عنصر الجذب".وتردف أم مروان قائلة: " كانت مبادرة ذاتية من مروان، ابتداء من الفكرة وصولا إلى خطة التنفيذ، وطبعا هنا نجني ثمرة دعم الوالدين لأبنائهم في تنمية المهارات وصقل الشخصية، فقد عملت طوال سنوات على اعطائه الثقة لكي يتعلم وينجز ويبادر، وكانت النتيجة على سبيل المثال أن بعض الطلبة قاموا بالمشاركة في الطابور الصباحي لأول مره بعد تلقيهم بعض المهارات والتدرب عليها.مشاركات أهلية مختلفةشارك مروان في العديد من البرامج الأهلية التي كانت حصيلتها بناء شخصيته المميزة، وعنها تقول أم مروان: "شارك على سبيل المثال في برنامج إثراء الشباب التابع للمبرة الخليفية والذي يستمر لمدة شهرين في السنة، انتظم مروان معهم منذ أن كان في الصف الثاني الاعدادي، ولمدة 4 سنوات متواصلة، وشارك في ورش كثيرة منها فن الالقاء، وورشة العمل الجماعي، وورشة تخلص من ضغوطك وحقق أهدافك، ودورة تحليل الشخصيات، وأخرى في الايجابية كأسلوب حياة، إضافة إلى ورشة في فن ومهارة التحدث بطلاقة".وأردفت: كانت إنجازاته كثيرة..منها تحقيقه للمركز الأول في المسابقة الوطنية الثانية لتعزيز قانون حقوق الطفل في الوسط المدرسي (العروض التقديمية)، وحصول على دبلوم البرمجة اللغوية العصبية "nlp"، وشهادة في القيادة المعتمدة من جمعية البحرين للتدريب والتنمية البشرية بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وأيضا تمثيل المملكة في المؤتمر الخليجي الاول لتنمية المهارات القيادية الشابة التي نظمه مكتب التربية العربي التابع لدول مجلس التعاون الخليجي".وعن حرصها كولية أمر على إدراج ابنها في برامج تنمي مهاراته المختلفة تقول أم مروان: "أحب أن انمي الجوانب الايجابية في حياة ابنائي، فقد كنت أحرص على مشاركة مروان إلى مركز الموهوبين، وقد واجهت وقتها بعض المحاولات لتعجيزه من قبل شخص هناك كان يعمل على تحطيم طموحه بدلا من تشجيعه"، وتضيف: "مروان أيضا عضو في برنامج القيادات الشابة، وقد ساهم البرنامج في تقوية الشخصية القيادية لديه وانتظم فيه لمدة 3 شهور، بعد أن قابلته لجنة مكونة من عدة أشخاص وليس شخص واحد.. وقد تمت الموافقة على مشاركته باجماع أعضاء اللجنة بخلاف ذاك الشخص الذي لم يُؤْمِن به قط".. مثل هذه البرامج ساهمت في وصول مروان إلى تمثيل البحرين في مؤتمر القيادات الشابة الذي عقد في الرياض، وفوزه في مسابقة حقوق الطفل التي نظمها معهد التنمية السياسية وفاز بمشروعه الذي عمل على دعم ذوي الاحتياجات الخاصة.. فقد بدأ بدراسة مشكلتهم ووصل بعدها إلى اقتراح حلول لها.إذا محطات كثيرة شارك بها مروان اوصلته لأن يحصد هذا الإنجاز المشرف.. كل هذه المبادرات جعلت حصيلته ملفا قويا قادرا على المنافسة في مسابقة حمدان هذا العام.الفرحة والسجود لله شكراوعن فرحة الفوز تقول أم مروان: "تلقينا الخبر، بفرحة كنتيحة لجهد سنوات، فيوم تسليم الملف قلت في نفسي : "استودعت الله تعب ابني"، وفي ليلة الاعلان قلت لابني أن يسجد شكر لله، فإن أعطاك النعمة فخير وإن لم يعطك فهو خير أيضا لأن ثمة نجاح آخر ينتظرك في المستقبل.. بعدها جاءنا الخبر المفرح بفوز مروان.. وسجدنا جميعا شكرا لله تعالى.. فلقد كان النجاح نتيجة تقييم على مرحلتين الاول من إدارة الخدمات الطلابية والثانية من أعضاء لجنة جائزة حمدان التي اطلعت خلال زيارتها للبحرين على بملفه، وسألت عن المستجدات.. اذا لا يقف التقييم على ما قدم في الملف بل يسأل عن الجديد المضاف، وكان جديد مروان مشاركته في انموذج الأمم المتحدة التي نظمته مدرسة بيان البحرين، وأيضا حصوله على شهادة مؤتمر تدريبي أقيم في البحرين أيضا".وتختم أم مروان حديثها برسالة توجهها إلى كل أم و أب، بوجوب البحث عن مفاتيح الابداع عند الابناء، والعمل على تنمية قدراتهم ببرامج متصلة بالمجتمع مباشرة، فالمعرفة بناء والخبرة تأتي بتراكم التجارب.