دعا المشاركون في ملتقى هواجس أمن الغذاء والماء لدول مجلس التعاون الخليجي الذي استضافته البحرين الخميس، إلى مشاركة البرلمانات الخليجية في تحديث استراتيجيات وخطط الإدارة الوطنية للمياه، مؤكدين أن البحرين تضع الأمن الغذائي والمائي ضمن أجندة التنمية الوطنية.
وناقش الملتقى 13 ورقة بحثية موزعة على جلستين، حيث أدار الجلسة الأولى عضو مجلس النواب عبدالرحمن بومجيد، فيما أدار الجلسة الثانية عضو مجلس الشورى د.محمد علي حسن.
وأكدت ورقة بعنوان "الأمن الغذائي في مملكة البحرين: الحقيقة والتوقعات"، طرحها د.طارق عبدالكريم العلوان من إدارة الأحياء، في كلية العلوم، جامعة البحرين، أن مملكة البحرين وضعت الأمن الغذائي على قمة أجندة التنمية الوطنية، وكانت أحد تلك الجهود الأولية التي بذلتها الحكومة وشركات القطاع الخاص هي زيادة الاستثمارات في الأراضي الزراعية في بلدان مثل الهند وباكستان والفلبين وتايلند وتركيا والسودان لتلبية الطلب المحلي المتزايد.
ومع ذلك، على المدى الطويل قد تسبب هذه السياسات إشكالية، حيث إن هذه البلدان هي دول مستوردة للأغذية من الأساس، مع نمو سكاني يتزايد بسرعة. وعلى هذا النحو، اتخذت حكومة مملكة البحرين في السنوات الأخيرة عدداً من المبادرات المحلية للسعي المتواصل في سياستها المتعلقة بالأمن الغذائي، أهمها المبادرة الوطنية للتنمية الزراعية، والتي انطلقت في عام 2010، حددت عدة أهداف رئيسة تتعلق بالأمن الغذائي، بما في ذلك استراتيجية لتعزيز الإنتاجية الزراعية والاستدامة من خلال توفير الدعم التقني والتدريب لمنظمي المشاريع في هذه الصناعة.
وشمل ذلك تعزيز التعاون مع القطاع الخاص وأصحاب المصلحة الآخرين بمجموعة متنوعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز البحوث الزراعية والتنمية مثل تطوير جائزة الملك حمد للتنمية الزراعية لمعالجة التحديات الزراعية التي تواجهها المملكة، متوقعاً أن تحافظ البحرين على حالة الأمن الغذائي على المدى القصير.
وتحت عنوان: "الأمن المائي والغذائي في المملكة العربية السعودية التحديات المواجهة" اعتبر د.سعود بن ليلي رجاء الرويلي، من مجلس الشورى السعودي أن الأمن المائي والغذائي من أكبر التحديات التي تواجه دول الخليج فهو مرتبط بشكلٍ وثيقٍ بأمنها الوطني واستقرارها.
لذا تأخذ هاتان القضيتان بُعداً مهماً لدول الخليج في ظل بعض الظروف السياسية والاقتصادية، وما تعانيه هذه الدول من ندرة الموارد المائية والأراضي الصالحة للزراعة، وتزايد عدد السكان، مؤكداً أن هذا يحتم علينا كأعضاء في المجالس التشريعية، بذل المزيد من التعاون والجهد للتخطيط الأمثل للأمن المائي والغذائي بشكلٍ عملي ومدروس بعيداً عن الارتجال.
وطالبت ورقة أعدها راشد المعضادي من مجلس الشورى القطري، من المجالس التشريعية في دول مجلس التعاون ضرورة مساعدة الحكومات في مواجهة أزمة الغذاء والماء من خلال ابتكار حلول واقتراح تشريعات تساهم في المواجهة المستقبلية لهذه الأزمة.
وجاء في ورقة بعنوان: "الأمن الغذائي في ظل الضغط على المياه في دول مجلس التعاون الخليجي: لا حلول سهلة، بل خيارات ذكية"، قدمها محمد أحمد -مسؤول السياسات الزراعية- في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، أن محدودية قاعدة الموارد الطبيعية، والنمو السكاني المصحوب بالتمدن، والآثار السلبية الناجمة عن التغير المناخي تسببت في جعل دول مجاس التعاون الخليجي والمنطقة العربية بصفة عامة مستورداً رئيساً للغذاء في العالم، مشيراً إلى أن هذا الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية يعرض هذه الدول إلى تقلبات الأسعار الدولية ومخاطر عدم توافر هذه المواد.
وللحد من هذه المخاطر، اقترحت الورقة استخدام التقنيات الزراعية الموفرة للمياه مثل تقنيات الري الحديثة، والمحاصيل عالية المردود، والابتكارات الخاصة بإدارة خصوبة التربة. وحتى مع وجود مثل هذا التقدم في تقنيات الإنتاج، فمن غير المرجح أن تحقق دول مجلس التعاون الخليجي الأمن الغذائي من خلال الاكتفاء الذاتي، معتبرة أن التجارة والاستثمارات في الخارج ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي في المنطقة.
واقترحت ورقة عمل حول موضوع "الأمن المائي في دول مجلس التعاون الخليجي"، قدمتها ناعمة الشرهان من المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أن تشارك المجالس التشريعية الخليجية في تحديث استراتيجيات وخطط الإدارة الوطنية للمياه ، وتبني منهج متكامل لتنمية الموارد المائية.
وطالبت ورقة كويتية قدمها النائب حمد العازمي من مجلس الأمة الكويتي بانتهاج وتفعيل الفكر المائي الجديد للبنك الدولي في إدارة المياه والتي تعتمد على جانب الطلب كبديل للفكر السائد لإدارة جانب العرض، ويعتمد هذا النهج على عدة مبادئ من أهمها: استخدام تقنيات الري الحديثة، واستعمال المياه المالحة في الري، وتطوير سلالات زراعية أقل استهلاكاً للمياه، وتعديل التركيب المحصولي، وترشيد استعمال المياه.. إلخ.
وتحدث د.محمد الراشد، المدير التنفيذي لمركز أبحاث المياه، في معهد الكويت للأبحاث العلمية، مقترحاً في ورقته عدة سبل لتحقيق الأمن المائي، منها التوسع الكبير في استخدام مياه الصرف المعالجة في الزراعة، وتشجيع استخدام مرشدات المياه داخل وخارج المنازل ، وإعادة تقييم أنظمة شرائح تسعيرة المياه، وتنظيم القطاع الزراعي وإدارته بطريقة أكثر فعالية.
ووضعت ورقة مقدمة من المنظمة العربية للتنمية الزراعية تحت عنوان: "الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي: الواقع وآفاق التطوير" عدة توصيات لتحقيق الأمن الغذائي منها على سبيل المثال لا الحصر: تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي، إنشاء نظام خليجي إقليمي للإنذار المبكر بشأن الأغذية والأعلاف لتبادل المعلومات والبيانات، توفير التمويل والتأمين الزراعي لصغار المستثمرين والمنتجين الزراعيين، تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في الصناعات الغذائية والتحويلية، إحكام الرقابة الحكومية على الأسواق لضمان سلامة وأمان الغذاء، دعم الجهود الجارية لتطوير قطاع الثروة السمكية في دول مجلس النواب.