"النقش في الطين فنٌ يبهر الأبصار، ويثيرُ الحس الإبداعي، وعلى الرغم من صعوبة ودقة العمل فيه، إلا أنه ممتع في الوقت ذاته"، بهذه العبارات وصفت طالبة الحقوق في جامعة البحرين رباب مهدي فن النقش على الطين في إحدى الورش التشكيلية التي يقيمها نادي الفنون الجميلة للطلبة على مدار العام الجامعي."طين"، عنوان الورشة التي قدمها رئيس نادي الفنون الجميلة الطالب علي مبارك، وحضرها طلبة من مختلف التخصصات، من بينهم الطالبة رباب التي تعلمت كيفية التعامل مع الطين خامة أولية لإنتاج لوحة فنية جميلة، وتدربت على كيفية الحفر في الطين، والتقنيات المختلفة المستخدمة في إنتاج القطع الفنية، ومراحل إنتاج العمل الفني.وتقول رباب إنها تعلمت خلال ورشة "طين"، خطوات العمل، وشرحت ذلك بقولها: "يتم في البداية عمل الشكل الخزفي من الطين، حيث يُحضر الطين، وينقى من الشوائب العالقة فيه، والأملاح، ثم تشكيل العمل الخزفي بوساطة الحفر فيه، ويترك مدة في الهواء ليجف تماماً، وبعد ذلك يدخل في فرن حراري تبلغ درجة الحرارة في داخله ما بين 800 إلى 1250 درجة مئوية.وتضيف "في المرحلة التالية تضاف ألوان "الجليز" إلى القطعة الفنية، وتعاد إلى الفرن مرة أخرى بمستوى درجة الحرارة السابقة تقريبا، وبعد ذلك تتم عملية تبريد الفرن تدريجياً.وتسمي رباب حرق القطعة الفنية في المرة الأولى عملا فخارياً، وتسمي بعد القطعة وتلوينها وحرقها في المرة الثانية عملاً خزفياً.يشرح رئيس نادي الفنون الجميلة في عمادة شؤون الطلبة الطالب علي مبارك كيفية استخراج الطين بالقول: "يُجلب الطينَ الخاص بهذا الفن من منطقة الحنينية، ثم يتم وضعه في أحواض مخصصة لهذا الغرض، ويصب الماء عليه، ويبدأ العمال في العجن بأرجلهم وهي الطريقة التقليدية، وتستغرق عملية العجن هذه ساعات، وبعد ذلك يترك العجين ليالي عدة حتى يصير الطين مرناً، ويسهل النقش عليه".ويرى مبارك أهمية الدورات التي يقدمها نادي الفنون بقوله: "إن هذه الدورات تعد من النشاطات المهمة للغاية للطلبة، لأنها تتيح الفرصة للطلبة الراغبين في اكتساب المهارات الفنية، وتسهم بشكلٍ كبير في تنمية، وصقل مهارات الطلبة الموهوبين".ويعمل النادي على تحفيز الطلبة وتشجيعهم على الإبداع، عبر إقامة معارض تعرض فيها إنجازات الطلبة الفنية، بالإضافة إلى نشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، وإبراز أعمالهم في الساحة الفنية.وارتبط الطين بالبحرين وأهلها منذ القدم، حيث حضارة دلمون تعد شاهداً على عراقة وأصالة هذا الفن، إذ تعد صناعة الأختام الدلمونية الدائرية التي كانت تستعمل لإثبات الملكية وصناعة التماثيل والأواني الخزفية والنحاسية، التي اشتهرت في دلمون إحدى بصمات التاريخ التي لا تزال ماثلة أمامنا، وأتقن الدلمونيون فنون الرسم على جدران المعابد والمقابر وكذلك نقش الصور على القطع الفخارية.وتزدهر صناعة الفخار في قُرى البحرين قبل ظهور النفط من القرن الماضي، حيث وجد الكثير منها في حفريات المواقع الأثرية المختلفة، وذلك لتوافر المواد الصالحة لهذه الصناعة آنذاك، واحتياج السكان إلى الأدوات الفخارية في طهي الطعام وحفظ الماء.وتجاوزت صناعة الفخار استخداماتها التقليدية إلى مجالات إبداعية اليوم من المنتجات الجمالية مثل: وحدات الإضاءة، والجداريات، والتحف الفنية، والأثاث، بالإضافة إلى المنحوتات الفنية المختلفة، إلى جانب إدخال مواد أخرى في التصنيع مثل الطين المستورد والألوان المزججة التي تعتمد على الحرق في تثبيتها على الطين إلى جانب الأفران الحديثة لعملية الحرق.