كثير منا قضى طفولته بين "دواعيس" البحرين في بداية رمضان من كل سنة. قضاها وهو يشعل الجراخيات ويرى كيف لشرارها أن يسطع في أنحاء المكان، كبرنا وكبرت معنا هذه العادة، عادة الجراخيات في رمضان والقرقاعون وجميع المناسبات السعيدة. إلا أن الإصابات التي خلفتها من جراء اللعب بها بطريقة خاطئة جعلت أصحاب القرار يسنون القوانين التي تمنعها في البحرين وتم فرض عقوبات السجن لمدة تصل إلى عشر سنين لمحاولة بيعها أو إدخالها البحرين بأي طريقة متاحة! فقلّ وجودها في دواعيس البحرين وزاد الطلب عليها من قبل الكبار قبل الصغار، حاول الكثير إدخالها للوطن بتهريبها لكنّ كثيراً من المحاولات باءت بالفشل، واليوم يواجه المهربون عقوبة السجن لمحاولة إدخالها لأراضي البحرين. محمد استطاع بذكائه إدخال الجراخيات للبحرين وبيعها بالجملة والمفرد؛ يقول: أنا أمارس مهنة بيع الجراخيات في رمضان لأن الناس تعشق إشعالها في هذا الوقت من السنة واستطعت أن أنفذ من العقوبة على مدار 3 سنين متواصلة؛ فقد اعتمدت على توصيل الطلبات التي تصلني من خارج منطقة سكني ولا أقبل الطلبات التي تأتي من الداخل خوفاً من أن تتم الوشاية بي، مضيفاً: كانت البداية عند زيارتي للخبر في السعودية، استطعت إدخال كمية قليلة من المفرقعات تحت الإطار الاحتياطي في السيارة واستطعت أن أنجح في إدخالها؛ راودتني فكرة بيعها عندما رأيت إقبال الباعة على الشراء مني بسعر الجملة فأنا أبيعها بمثل سعرها الأصلي لأني أعشق هذه الهواية وهدفي من وراء بيعها ليس مادياً وإنما لحبي لها منذ أن كنت صغيراً.
وفي سؤاله عن أهم العوائق التي واجهها محمد قال مجيباً: إن هذا الفعل ممنوع فكل ممنوع مرغوب ولكن لتحقيق هذه الرغبة توجد الكثير من المصاعب أولها نقطة الجمارك على حدود البلاد فلكثرة سماعي لقصص الناس الذين تم القبض عليهم لحيازتهم الجراخيات بفضل الجمارك ينتابني التوتر لحين الانتهاء من إجراءات دخول حدود البحرين بسلام؛ ثم أردف قائلاً إن مهمة البقاء تحت الستار هي الجزء الأصعب من بعد الدخول للوطن فبائع الجراخيات من الخطورة أن يذاع صيته في البلد كبائع لهذه المواد الممنوعه فالحفاظ على الغطاء وحمايته من الكشف أمر صعب خصوصاً أن الزبائن قد يكونون أطفالاً أو من عمر المراهقة فيسهل انتشار أمر الجراخيات لهذا اخترت رمضان ليكون الوقت الأنسب لبيع الجراخيات لكونه موسماً لها وبعدما زاد الطلب عليها؛ زادت الكمية وبذلك زاد الخوف، فالإطار الاحتياطي لا يكفي لهذا الكم الهائل فقد استطعت أن أوفر أماكن أخرى لتخبئتها في السيارة من عيون المفتشين. وفي سؤاله عن كيفية تعامله مع الزبائن من فئة الصغار أجاب أنه لا يوافق على بيع الجراخيات للصغار دون موافقة ذويهم؛ وقد تصل به أن يخبر الطفل بنفاذ الكمية تجنباً لبيعها له؛ قال محمد إنه يهتم بسلامة الزبائن لذلك لا يوافق على بيع هذه المواد دون موافقة ذويهم أو أصحاب الشأن. أوضح محمد بعدما بانت عليه علامات الحزن أن الجراخيات في طريقها لتكون مجرد ذكريات طواها النسيان في ذاكرة الأجيال الماضية فالأجيال الحالية لا تهتم لهذه الأشياء كما اهتم بها السابقون فقد يجهل الكثير من هذا الجيل أسماء الجراخيات التي تنوعت من النحلة والبتري والسلندر إلى السمبوسة التي تشبه في شكلها السمبوسة الحقيقة ولكنها في واقع الأمر جراخية! قال إبراهيم أحد زبائن محمد إنه من هواة شراء الجراخيات في رمضان ووجد قانون منع تداولها قتلاً لذكريات كثيرة وأن الأجيال القادمة لن تعرف معنى مصطلح الجراخيات ولكنه أعرب عن أسفه بخصوص فكرة منعها لأن ظهور هذا القانون جاء بعد سوء استخدام الجراخيات، فقد دل ذلك على جهل الجيل الحالي للمعنى الحقيقي من وراء اللعب بالجراخيات في دواعيس البحرين. أضاف محمد بائع الجراخيات أن بضاعته تتكون من أنواع كثيرة من الجراخيات مثل طلقة الألوان - أبو شخطة - البتري - الفراشة - فحمة - السلندر - غورلا - الكبسولة - النافورة والسمبوسة؛ تعددت أسعار الجملة والمفرد فسعر الجملة يبدأ من دينارين ونصف ويرتفع حتى عشرين دينار للسلع الأكبر حجماً كطلقة الألوان.