نوه الشيخ خالد محمد بأن رمضان شهر الفضائل والخيرات، فيه تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، ولذلك كان السلف الصالح يدركون هذه النعمة ويقدرون لها قدرها، فكانوا يسألون الله قبل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فإذا أدركوه بكوا من الفرح واجتهدوا في الطاعات وتنافسوا في الخيرات وسارعوا إلى المغفرة والجنات، فإذا ولى ودَّعوه بقلوب حزينة وأعين دامعة وسألوا الله ستة أشهر أخرى أن يتقبل منهم رمضان فالسنة عندهم كانت كلها رمضان، وكان من دعائهم "اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلاً".
ويقول الشيخ إن النبي صل الله عليه وسلم كان يحرص على أن يستعد ويهيئ أصحابه معه لهذا الشهر الكريم حتى يتسنى لهم الاستفادة من كل لحظة فيه. وذلك من خلال تهيئة النفوس لاستقبال رمضان قبل قدومه بوقت كاف، بتذكير الصحابة بفضائل الشهر الكريم، وما يحويه من خيرات، وما ينتظرهم فيه من بركات إذا هم أحسنوا استغلاله واقبلوا على الله فيه بقلوب صافية نقية، وكان يقوم بذلك قبل رمضان بوقت كاف من خلال الأقوال والتوجيهات التي ما أن استمع إليها مؤمن إلا وازداد شوقه لهذا الضيف الكريم، واستعد لاستقباله أشد الاستعداد.
فعن أبي هريرة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – قال: " أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم. وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشفَّعان".
ويضيف الشيخ أن النبي صل الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام في شهر شعبان، تدريباً للنفس وتعويداً لها لشهر رمضان، حتى إذا ما جاء رمضان سهل على المسلم الطاعة فيه، فقد سأل الصحابة رضي الله عنهم النبي صل الله عليه وسلم عن سر إكثاره من الصيام في شعبان، فعن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ! قَالَ :"ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النّاسُ عَنْهُ بَـيْنَ رَجَبَ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ".
ويبين الشيخ خالد محمد أن حال الناس عند قدوم شهر رمضان ينقسم الى قسمين: الأول يفرح بقدوم الشهر الكريم لعلمه بأنه شهر خير وبركة فيستغله أتم استغلال بشغل أوقاته بالعبادات والطاعات وفعل الخير طلبا لرضا الله عز وجل وطمعاً في القبول والمغفرة. أما القسم الآخر فمضيعون لفضائل الشهر الكريم ولا يفرحون لقدومه وحالهم في كدر وضيق من الصيام والعبادة، ومنشغلين عنه بالطعام والشراب ومتابعة المسلسلات والمسابقات الرمضانية وغيرها. وينصح الشيخ هؤلاء والمسلمين بشكل عام بالتنافس بالخير والطاعة في هذا الشهر المبارك إقتاداً بمنهج النبي صل الله عليه وسلم، وأن يعلموا أن هذا الشهر شهر تسامح مع الآخرين فيجب الابتعاد فيه عن البغضاء وقطع الأرحام.