استنكرت رئيس منظمة "خطوة لحقوق الإنسان" وعضو الاتحاد العربي لحقوق الإنسان مريم بن طوق، البيان الذي أصدرته "منظمة سام للحقوق والحريات" ونشرته على قناة الجزيرة على لسان رئيسها توفيق الحميدي، زاعمة فيه وجود سجون غير قانونية في اليمن تديرها أطراف الصراع، لاسيما في مدينة عدن وحضرموت اللتين تخضعان لإشراف الحكومة الشرعية باليمن، معتبرة أن الإمارات مسؤولة عن عدد من هذه السجون السرية.واستغربت بن طوق هذا البيان الذي يأتي في أجواء سياسية متأزمة بالمنطقة العربية ولا يخدم أهداف السلام والأمن الذي ينطلق منها العمل الحقوقي، لاسيما في اليمن الذي يعاني العديد من صور الانتهاكات والمعاناة الإنسانية التي يمر بها الشعب اليمني منذ انقلاب الحوثيين ومليشيا علي صالح المدعومين من إيران على الشرعية، وما جره على اليمن من معاناة انسانية للمدنيين في الداخل أو في دول النزوح، لاسيما في ظل الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب التي يقوم بها الحوثيين باليمن، والتي تنوعت اشكالها وصورها في صور المعاناة والحرمان من جميع الحقوق الأساسية، وفي الممارسات غير الإنسانية التي يتعرض لها المدنيون لاسيما الأطفال والنساء، وهي جرائم وانتهاكات وثقتها جميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أجهزة وهيئات الأمم المتحدة المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان.وفيما يتعلق ببيان منظمة "سام"، أشارت مريم بن طوق إلى أنها والاتحاد العربي لحقوق الإنسان تفاجؤوا ببيان المنظمة غير المبرر، لاسيما أنه صدر من رئيسها المحامي توفيق الحميدي من خلال قناة تلفزيونية وليس عبر موقع المنظمة أو حساباتها المعنية بالتواصل الاجتماعي والإعلامي، عدا عن أن التقرير المزعوم بخصوص السجون غير القانونية ليس له واقعاً في أدبيات المنظمة أو عملها، ولم تقم المنظمة بنشره أو الإشارة إليه في أي من وسائل إعلامها أو حساباتها أو بأي وسيلة إعلامية أخرى، عدا عن أن التقرير وبموجب ما ذكره رئيسها في لقائه الذي أطلق فيه تقريره، بأنه لم يكتمل حتى الآن وأنها ستقوم بإصدار تقرير مفصل بعد الانتهاء من استكماله، وهي قضية لا يجب أن نسمح بمرورها لخروجها عن القيم والمبادئ التي تقوم عليها التقارير الحقوقية المعتمدة، والتي تستمد شرعيتها من النظم والمبادئ التي أقرتها أجهزة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، واعتمدتها كمبادئ رئيسة في عمليات الرصد والتوثيق المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والتقارير التي يتم إصدارها بناءً على تلك العمليات، وهي مبادئ رئيسية تستوجب التحري والدقة من ناحية، ومن اخرى الابتعاد عن اية أجندات أو غايات بعيدة عن القيم السامية لحقوق الانسان، وبما يشتمل على مراجعات متعددة المراحل للتأكد من سلامة ومصداقية التقارير الحقوقية التي تقوم بإصدارها المنظمات المعنية بحقوق الانسان.وفي هذا الصدد لفتت بن طوق إلى أن تقرير منظمة "سام" ليست له أية مصداقية، ولا يمكن اعتباره تقريراً حقوقياً معنياً بحماية وتعزيز حقوق الإنسان، أو برصد حالة وأوضاع حقوق الإنسان باليمن، لافتقاره إلى المقومات الأساسية التي يجب الاعتماد عليها في مثل تلك التقارير، ولافتقاره إلى أبسط المبادئ التي يجب أن يستند إليها في توثيقه لانتهاكات حقوق الإنسان أو توصيفه لحالة حقوق الإنسان باليمن، وهو على هذا الأساس لا يعدو عن كلام مرسل وادعاءات باطلة لا يمكن الارتكاز عليها في توصيف حالة حقوق الإنسان باليمن أو الاعتماد عليها في تأطير البرامج والمشاريع المعنية بحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحماية المدنيين باليمن، لاسيما أن ما ذكره التقرير من توصيف لحالة حقوق الإنسان باليمن لم تشر إليها أية منظمة معنية بحقوق الإنسان باليمن أو أية جهة حكومية أو أممية، كما أن الحوثيين أنفسهم لم يشيروا إليها أبداً وهم الجهة الأكثر تطرفاً في تلفيق التهم والادعاءات بارتكاب السلطة الشرعية وقوات التحالف العربي لانتهاكات حقوق الإنسان.وفيما يتعلق بالبيان نفسه، أشارت بن طوق إلى أن فريق العمل بالاتحاد حاول التواصل مع المعنيين بالمنظمة لاستيضاح خلفية التقرير والوقوف على ما تضمنه من ادعاءات ومزاعم، كما أن فريق الاتحاد العربي لحقوق الإنسان كان قد التقى فريق منظمة "سام" في مارس الماضي بجنيف، وتحدث معهم بشأن رؤيتهم لحالة وأوضاع حقوق الإنسان باليمن، كما حضر الفعاليات التي اقامتها منظمة "سام" وأطلقت خلالها تقريرها لأوضاع حقوق الإنسان باليمن للعام 2016. ولم تشر المنظمة بأي شكل من الأشكال إلى وجود الانتهاكات التي تضمنها تقريرها المزعوم، بل على العكس.فقد جاء تقريرهم منافياً للمزاعم التي أطلقها رئيس المنظمة في لقائه التلفزيوني، وأوضح تقريرهم الذي أصدروه في 28 فبراير 2017 تحت عنوان "الأرض المنسية" ووثق التقرير (52 صفحة) ما يقارب من 3000 حالة قتل للمدنيين، بينهم أكثر من 500 طفل وأكثر من 180 امرأة، فيما تجاوزت الإصابات 6000 حالة بين المدنيين، ثلثهم تقريبا أطفال ونساء. كما أكد التقرير ارتفاع إجمالي المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسريا إلى أكثر من 5000 حالة، كما رصد "عدداً من الجرائم والانتهاكات البشعة، وعلى رأسها جرائم القتل، والإخفاء القسري، والقتل خارج القانون، والهجمات العشوائية ضد الأعيان المدنية، والاختطافات والاحتجاز"، وغيرها من الجرائم التي "تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقية جنيف واتفاقية روما. وأكد التقرير وبشكل واضح على مسؤولية الحوثيين عن غالبية الانتهاكات والجرائم الإنسانية باليمن. وأشار التقرير بالأرقام إلى مسؤولية الحوثيين عن غالبية تلك الانتهاكات والجرائم، ولم يشر التقرير إلى أي من المزاعم التي أطلقها في تقريرها الأخير بشأن السجون غير القانونية أو الجهة المسؤولة عنها.كما إن المنظمة أصدرت مؤخراً العيد من البيانات الرئيسية ولم تشر في أي منها الى ما ادعاه رئيسها في لقائه التلفزيوني وما أطلقه من ادعاءات زعم أنها مبنية على تقارير حقوقية وعمليات رصد وتوثيق واسعة قامت بها المنظمة باليمن، حيث أصدرت منظمة "سام للحقوق والحريات" في 13 مايو 2017 (قبل أسبوعين من إطلاق الادعاءات) تقريرها لحالة حقوق الإنسان باليمن للشهور الأربع الأولى من العام 2017، ولم تشر فيه إلى أي من الادعاءات التي أطلقها رئيسها في لقائه التلفزيوني أو تقريره المزعوم، رغم تأكيد المنظمة في هذا التقرير على أن الحوثيين مسؤولون عن آلاف الاحتجازات القسرية في سجونهم التي تتوزع بجميع مناطق سيطرتهم.كما أن تقارير منظمة "سام" وبياناتها التي أطلقتها خلال هذا العام أو العام الماضي لم تشر في أي منها إلى وجود تلك السجون غير القانونية والجهات المسؤولة عنها، إذ لم تشر في بيانها الذي أطلقته في فبراير الماضي بشأن السجون والاحتجاز القسري إلى هذه المزاعم. كما أن تقريرها الذي أصدرته في يونيو 2016 لم يتناول أي من المزاعم التي أطلقها رئيس منظمة سام في لقائه أو تقريره المزعوم، بل أكدت جميعها على مسؤولية الحوثيين عن غالبية الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون باليمن، لاسيما ما يتعلق بعمليات التوقيف والاحتجاز والاختفاء القسري التي يتعرض لها المدنيين والنخب باليمن على يد الحوثيين وجماعات علي عبدالله صالح.وشددت مريم بن طوق في هذا المجال على أهمية تجنيب قضايا حقوق الإنسان الأجندات السياسية، والتوقف عن استخدام الإعلام في تناول الملفات الحقوقية وفق أجندات وغايات سياسية أو أيدولوجية مشبوهة، أو خدمة لتوجهات سياسية وفكرية ضيقة، فقضايا حقوق الإنسان هي قضايا سامية وقائمة على قيم ومبادئ نزيهة لا يجب أن يتم تشويها أو النيل من قدسيتها وتشويهها على النحو الذي يمس قداستها أو يشكك في توجهاتها وغاياتها الإنسانية السامية، ولقد ناضلت الإنسانية لسنوات طويلة من أجل أن تستقر تلك القيم والمبادئ وتسود، وهي قضايا يجب أن تتضافر جميع الجهود لخدمتها وأن يتكاتف الجميع لتعزيزها والعمل على حماية الإنسانية جميعاً من أن تتعرض لأي نوع من الانتهاكات أو الجرائم التي تمس من كرامة وحرية وعدالة الانسان. داعية دول العالم إلى العمل على تكريس تلك القيم والمبادئ في جميع مناحي الحياة على نحو يعزز من كرامة وحرية الإنسان ويحقق له الشراكة في التنمية والسعادة التي تتطلع اليها الشعوب المتحضرة، والتي نفخر في دول مجلس التعاون بأن اعتمدت الإنسان محوراً لاهتماماتها وسخرت جميع إمكاناتها وخدماتها لخدمته بما يحقق له تطلعاته في الحياة الآمنة والنامية والمستقرة.