عادل حسن
من وسط أحياء المحرق القديمة، تجلس فاطمة التميمي صاحبة الـ80 عاماً لتتحدث عن "رمضان الأول".. ذكريات تعرض على أجواء بيوت الكبارية وتمر بتفاصيل يوميات رمضانية اختلفت عما هي عليه اليوم.
تقول التميمي: "تبدأ استعداداتنا لرمضان منذ بداية شهر شعبان فنقوم بـطحن حب الهريس وانتقائه، علماً بأن الهريس لم يكن متوفراً لجميع العائلات والأهالي، بل كان مقتصراً عند "الكبارية" على حد تعبيرها وتقصد بهم "النواخذة والطواويش والتجار"، فيأتون بـ"صفار جدور" (ملمع القدور)، ويدخلونه عند الدهريز "الدهليز"، لينظف "الجدر" ويجهزه لـ"الدقاقة" الذين يقومون بطحنه".
وتكمل قائلة: "بعد الطحن والطبخ يتم توزيع الهريس على الجيران والأصدقاء والفقراء، وعلى من لا يملك القدرة على طبخ الهريس، في "صينية" وليس في أطباق مثل وقتنا الراهن.. تفتح أبواب المنازل من أول يوم رمضان من بعد صلاة المغرب لتناول وجبة الإفطار مع الأهل والأصدقاء ولشرب الشاي والقهوة، ثم يتم التوجه إلى صلاة العشاء والتراويح للتقرب من الله والعبادة، والعودة إلى المنزل لـ"الغبقة" التي تتنوع يوماً عن يوم".
نسوان لول
وتضيف التميمي قائلة: ""النسوان" يجلسن من الصباح لإعداد وجبة الإفطار، ويعددن خبز "الرقاق" و"الهريس" ومختلف الأكلات البحرينية إلى ما قبل العصر، وبعد صلاة العصر يبدأن في إعداد "الحلو" مثل "الفالودة" وطحين العيش "المحلبية" و"الخنفروش" ولأن الثلاجات لم تكن متوفرة، كنا نضعها في "ماي الجِب" و"ماي البرمة". بعدها نفطر ونصلي التراويح ونجتمع في المنازل والمجالس".
تصمت للحظات وهي تتذكر تفاصيل رمضان لول، ثم تواصل حديثها قائلة: "الفرق كبير بين "رمضان الأول" ورمضان اليوم، ففي السابق كنا نتعب جداً في إعداد الطعام، كنا نستخدم الحطب بدل الفرن ولم يكن الطحين متوفراً وجاهزاً، بل نقوم بطحنه وتنقيته وتنشيفه وسط الأجواء الحارة وتحت العريش".
"نسوان" الآن يتأففن
وتفصل قائلة: "يتميز رمضان لول بالبساطة على عكس رمضان اليوم، فالمرأة لديها كل السبل والطرق المريحة ورغم كل هذا "تتأفف" على حد تعبيرها، وكان الناس أكثر حميمية وترابطاً، حيث تذهب النساء إلى صاحبات البيوت اللاتي يقمن بإعداد الهريس للمساعدة، ومجموعة أخرى يذهبن إلى من لديه عزيمة لإعداد الطعام، وكان النساء يعطين من تساعدهن فطور اليوم ويذهبن به إلى منزلها كشكر وعرفان.. وعلى عكس اليوم البيبان غلقت في أوجه الناس وبات الجميع في عزلة وخصوصية، وهذا لم يكن يحدث في "رمضان أول"، حيث يقمن باقتحام البيوت بدون مواعيد وخجل، وأذكر أنه كان لدينا خبازة واحدة فقط في "الفريج" تتساعد مع الجميع".
المسحر "يقحص النسوان"
وعن "سحور الأول" كانت الوجبة المفضلة للبحرينيين هي "محمر صافي" وكان السمك يتصدر قائمة وجبات السحور، وعنها تقول التميمي: "كنا نعتمد على "المسحر" بدرجة كبيرة، وكان يأتي لإيقاظ الناس قبل أذان الفجر بساعتين، ومن مجرد الاستماع له "تقحص" النساء و يتوجهن لإعداد وجبة السحور. الجدير بالذكر أن المسحر لم يكن يتلقى أجراً مادياً، بل كان الأهالي يضعون له "جيلتين عيش" وتمراً وطحيناً عرفاناً لخدماته.
ولأن العائلة كلها تكون في بيت واحد (الجد و الجدة والأب والأم والأبناء) كان مجلس الرجال معزولاً بحيث يطل بابه على "السكة" (الشارع) من الخارج مباشرة.
تستذكر التميمي أنهم كانوا يسكنون بجوار المسجد، وكان والدها يؤذن غالباً فيه بدل المؤذن، وعند انتهائه ينتظر المارة عند باب المجلس ويناديهم للفطور الذي غالباً ما يكون لحماً، وتقول: "أذكر أيضاً أن "القرقاعون" كانت له نكهة خاصة، لأنه لم يكن مقتصراً على الأطفال فالجميع يشارك فيه من نساء ورجال، فالنساء يقمن بلبس "البخنق" و"الدراعة" المرصعة بـ"الزري"ويخيطن سلة ويتوجهن لبيوت الجيران والفريج لتجميع الحلويات والمكسرات، فهذه حياتنا في رمضان، كانت جميلة ببساطتها ورضا الناس فيها".
من وسط أحياء المحرق القديمة، تجلس فاطمة التميمي صاحبة الـ80 عاماً لتتحدث عن "رمضان الأول".. ذكريات تعرض على أجواء بيوت الكبارية وتمر بتفاصيل يوميات رمضانية اختلفت عما هي عليه اليوم.
تقول التميمي: "تبدأ استعداداتنا لرمضان منذ بداية شهر شعبان فنقوم بـطحن حب الهريس وانتقائه، علماً بأن الهريس لم يكن متوفراً لجميع العائلات والأهالي، بل كان مقتصراً عند "الكبارية" على حد تعبيرها وتقصد بهم "النواخذة والطواويش والتجار"، فيأتون بـ"صفار جدور" (ملمع القدور)، ويدخلونه عند الدهريز "الدهليز"، لينظف "الجدر" ويجهزه لـ"الدقاقة" الذين يقومون بطحنه".
وتكمل قائلة: "بعد الطحن والطبخ يتم توزيع الهريس على الجيران والأصدقاء والفقراء، وعلى من لا يملك القدرة على طبخ الهريس، في "صينية" وليس في أطباق مثل وقتنا الراهن.. تفتح أبواب المنازل من أول يوم رمضان من بعد صلاة المغرب لتناول وجبة الإفطار مع الأهل والأصدقاء ولشرب الشاي والقهوة، ثم يتم التوجه إلى صلاة العشاء والتراويح للتقرب من الله والعبادة، والعودة إلى المنزل لـ"الغبقة" التي تتنوع يوماً عن يوم".
نسوان لول
وتضيف التميمي قائلة: ""النسوان" يجلسن من الصباح لإعداد وجبة الإفطار، ويعددن خبز "الرقاق" و"الهريس" ومختلف الأكلات البحرينية إلى ما قبل العصر، وبعد صلاة العصر يبدأن في إعداد "الحلو" مثل "الفالودة" وطحين العيش "المحلبية" و"الخنفروش" ولأن الثلاجات لم تكن متوفرة، كنا نضعها في "ماي الجِب" و"ماي البرمة". بعدها نفطر ونصلي التراويح ونجتمع في المنازل والمجالس".
تصمت للحظات وهي تتذكر تفاصيل رمضان لول، ثم تواصل حديثها قائلة: "الفرق كبير بين "رمضان الأول" ورمضان اليوم، ففي السابق كنا نتعب جداً في إعداد الطعام، كنا نستخدم الحطب بدل الفرن ولم يكن الطحين متوفراً وجاهزاً، بل نقوم بطحنه وتنقيته وتنشيفه وسط الأجواء الحارة وتحت العريش".
"نسوان" الآن يتأففن
وتفصل قائلة: "يتميز رمضان لول بالبساطة على عكس رمضان اليوم، فالمرأة لديها كل السبل والطرق المريحة ورغم كل هذا "تتأفف" على حد تعبيرها، وكان الناس أكثر حميمية وترابطاً، حيث تذهب النساء إلى صاحبات البيوت اللاتي يقمن بإعداد الهريس للمساعدة، ومجموعة أخرى يذهبن إلى من لديه عزيمة لإعداد الطعام، وكان النساء يعطين من تساعدهن فطور اليوم ويذهبن به إلى منزلها كشكر وعرفان.. وعلى عكس اليوم البيبان غلقت في أوجه الناس وبات الجميع في عزلة وخصوصية، وهذا لم يكن يحدث في "رمضان أول"، حيث يقمن باقتحام البيوت بدون مواعيد وخجل، وأذكر أنه كان لدينا خبازة واحدة فقط في "الفريج" تتساعد مع الجميع".
المسحر "يقحص النسوان"
وعن "سحور الأول" كانت الوجبة المفضلة للبحرينيين هي "محمر صافي" وكان السمك يتصدر قائمة وجبات السحور، وعنها تقول التميمي: "كنا نعتمد على "المسحر" بدرجة كبيرة، وكان يأتي لإيقاظ الناس قبل أذان الفجر بساعتين، ومن مجرد الاستماع له "تقحص" النساء و يتوجهن لإعداد وجبة السحور. الجدير بالذكر أن المسحر لم يكن يتلقى أجراً مادياً، بل كان الأهالي يضعون له "جيلتين عيش" وتمراً وطحيناً عرفاناً لخدماته.
ولأن العائلة كلها تكون في بيت واحد (الجد و الجدة والأب والأم والأبناء) كان مجلس الرجال معزولاً بحيث يطل بابه على "السكة" (الشارع) من الخارج مباشرة.
تستذكر التميمي أنهم كانوا يسكنون بجوار المسجد، وكان والدها يؤذن غالباً فيه بدل المؤذن، وعند انتهائه ينتظر المارة عند باب المجلس ويناديهم للفطور الذي غالباً ما يكون لحماً، وتقول: "أذكر أيضاً أن "القرقاعون" كانت له نكهة خاصة، لأنه لم يكن مقتصراً على الأطفال فالجميع يشارك فيه من نساء ورجال، فالنساء يقمن بلبس "البخنق" و"الدراعة" المرصعة بـ"الزري"ويخيطن سلة ويتوجهن لبيوت الجيران والفريج لتجميع الحلويات والمكسرات، فهذه حياتنا في رمضان، كانت جميلة ببساطتها ورضا الناس فيها".