فاطمة عبدالله خليلانتقد د.الشيخ خالد بن خليفة بن دعيج آل خليفة – نائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي مخرجات مراكز الأبحاث والدراسات الإستراتيجية بالوطن العربي ووصفها بـ "النظرية وعديمة الجدوى بالنسبة لصانع القرار السياسي والاقتصادي".وأكد الشيخ خالد آل خليفة "أن صانع القرار ما زال لا يثق بالكفاءات الشبابية ولا يعوّل عليها في عملية التنمية رغم أنها العنصر الأكثر فاعلية وسرعة في الاستجابة للتطورات".وأوضح أن "من مآخذ المراكز البحثية في الوطن العربي أنها لا تثق بقدرات الشباب بعد، بالرغم من أن أضخم الشركات في العالم اليوم وأكثرها تطوراً وأكبر بليونيرات العالم الذين صنعوا أنفسهم، وأنشؤوا شركات تملك المليارات فكلها أفكار شبابية، مشيراً إلى مالكي "واتس أب" و"فيس بوك".وشدد على إن "المجتمعات الغربية أعطت الثقة للشباب، فكانت تلك الشركات الضخمة نتاجاً، بينما في الوطن العربي نمنح الثقة للشباب ببطء وتردد، ولذلك نلحظ أن الناتج العلمي والمعرفي يكاد يكون متأخراً في العالم العربي عن ركب التطورات في العالم، إذ يعود ذلك للاعتماد الكلي على الخبرات القديمة بمعزل عن الدماء الشبابية التي تستقطب المعرفة بسرعة ومواكبة للتطورات". وكشف نائب رئيس مجلس الأمناء لمركز عيسى الثقافي "إننا نعاني في المجتمع العربي من أزمة ثقة في القيادات أو الكفاءات الشبابية، وأصبح من المهم أن تعمل القيادات السياسية في دولنا على منح الثقة لهؤلاء الشباب من خلال مزيد من الفرص لتحقيق تطلعات التطور والتنمية".الأمن لا يتحقق مجاناًوأشار الشيخ خالد آل خليفة إلى جهود مركز عيسى الثقافي في دعم الشباب وتبنيه - للمرة الأولى في المنطقة - مؤتمراً من الشباب للشباب، فكانوا هم المنظمين والمتحدثين بحجم يزيد عن 400 شاب على مستوى دولي، وكانت تلك هي المرة الأولى التي نمنح الشباب فرصة الحديث مع بعضهم دون اللجوء إلى استضافة كبار الشخصيات والأكاديميين لكي لا يشعروا بالفوقية في التعاطي معهم، وكان الشباب المتحدثين من ذوي اختصاص في موضوع المؤتمر الذي ركز على التطرف والتسامح الديني والتعايش السلمي، وهذا إنجاز هام لدينا على المستوى المجتمعي في قضايا السلام والتعايش. استطعنا أن نمنح الشباب فرصة لطرح أفكارهم إلى المجتمع دون وصاية، وكان بمثابة تدريب وبناء لشخصية الشاب وتفاعله مع المجتمع وقضاياه، فضلاً عن تحصين بقية الشباب من التطرف. وقد وجدنا تفاعلاً وحماساً لم نشهدهما من قبل مبدين الاستعداد لمحاربة التطرف بأفكارهم ما جعلهم سفراء للسلام والتسامح الديني، ولا شك في أن هذه الطاقات كان من الأهمية أن تظهر خلال هذه الفترة وتبدأ بالتعبير عن أفكارها ومزاولة دفاعها عن قضاياها".وأكد على أن الشباب من أدوات القوة الناعمة الخليجية، ويجب على الحكومات استثمارها، مبيناً "أن تلك الطاقات والكفاءات الشبابية هي قيادات المستقبل في السياسة والاقتصاد والثقافة والتنمية، و من المهم أن تكون أفكارها أكثر اتزاناً لا تشوبها طائفية أو تطرف لتتمكن من بناء المجتمع والإسهام في الارتقاء به على نحو فاعل في المسار الصحيح، لكي لا تكون عرضة للاستغلال من الجماعات المتطرفة".ونوه إلى أن الشباب الخليجي واع، وأن نسبة المغرر بهم من قبل التنظيمات والجماعات الإرهابية ضئيلة، فضلاً عن امتناع السواد الأعظم من شباب المجتمع الانجراف إلى وحل تلك الطرق المظلمة مستدركاً "ولكننا نؤكد على ضرورة تخصيص برامج مكثفة لإعادة الشباب المغرر بهم ومحاولة إدماجهم في المجتمع من جديد.وبشأن محاولة خلق اضطرابات أمنية في دول مجلس التعاون العربي، قال الشيخ آل خليفة "بلا شك لدينا أزمة في المجتمعات الخليجية، خاصة أننا مجتمعات تتبنى السلم والأمن وتعمل على بناء مقومات السلام من خلال العلاقات الخارجية السياسية، غير أن هذا الأمن لا يتحقق مجاناً، ومن فواتيره السياسات الخارجية المعادية أو المنافسة، ولا يمكننا أن نبني مجتمعات آمنة من المخاطر دون توفير حماية لها من المهددات الخارجية". وأضاف "إن دول الخليج لطالما كانت مسالمة، حتى إن جيوشها عملت على أن تكون وحدات دفاعية ولم تعتدِ يوماً على بلدٍ ما، وكانت الإمكانيات الدفاعية الخليجية في وقت سابق محدودة لأن دول الخليج لم تشعر أنها بحاجة لتلك القوة في ظل ما تنعم به من سلام في علاقاتها الخارجية، أو أن المنافسة والتوترات التي تواجهها من بعض الدول لا ترقى لمستوى التهديد الأمني". مشدداً على "أن ذلك استغل من قبل قوى خارجية أهمها إيران، ففسرت الأمر ضعفاً، وكأن دول الخليج لا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها ما جرّ للخليج العربي الكثير من الويلات سواء الحروب التي تمارسها إيران بالوكالة في المنطقة، أو من خلال وكلاء إيران في عدد من الدول الخليجية أبرزها البحرين والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية والكويت".تطور الخطاب السياسي الخليجيوأوضح الشيخ خالد آل خليفة أن "الخطاب السياسي الخليجي لطالما كان خطاباً مسالماً؛ يسعى لنشر المحبة والتفاهم والسلم والتأكيد على بناء علاقات قائمة على التعاون، ولم نكن في الداخل الخليجي بحاجة لخطاب سياسي موجه لشعوب الدول في الداخل بقدر احتياجنا لذلك اليوم، فإيران مزقت بعضاً من النسيج الوطني الخليجي وخصوصاً في البحرين، ما يضطر صانع القرار السياسي مؤخراً للجوء للخطاب السياسي في الداخل والخارج. وما وصلنا إليه في عام 2011، ومحاولة الانقلاب الفاشلة من قبل أعوان إيران في البحرين، لا شك في أنه دفع لتلمس أهمية خطابنا السياسي، ومنذ ذلك الحين، أصبحت دول الخليج العربي على نحو أكبر من الوعي في خطاباتها، وأكثر تطوراً، وتحقق أهدافها بشكل دقيق لاسيما في توعية المجتمع من الأخطار المحيطة به، وهناك مرحلتان سياسياً تنعكس على الخطاب السياسي الخليجي، فالأولى تسبق التدخلات الإيرانية الفاضحة، والثانية بعد تلك التدخلات في الشؤون المحلية ومحاولات الانقلاب التي تدفع بنحوها إيران في سبيل التوسع والتمدد على الأراضي العربية".وألمح إلى أن ما حدث من تدخلات إيرانية في المنطقة كان له وجه إيجابي، انعكس على تطور الفكر والخطاب السياسيين في الخليج العربي، وعلى وحدة الدول الخليجية وتكاتفها، وتلمس أهمية التعاون والاتحاد الخليجي والأمن المشترك، فضلاً عن أهمية المحيط الإستراتيجي خاصة في علاقات الخليج العربي بالدول العربية الحليفة مثل مصر والأردن والمغرب وبقية الدول من الوطن العربي وخارجه. مؤكداً أن الشعب الخليجي أصبح قادراً على التحليل والفهم والتحدث بصيغة الخطاب السياسي المتطور والواعي".وسلط الضوء على أخطاء كبيرة ارتكبها الإعلام الخليجي بشأن إيران؛ منوهاً إلى وجوب الفصل "بين النظام الإيراني والشعب الإيراني وبين إيران كدولة، واستخدامنا لمصطلحات مسيئة أو توحد إيران من الخارج غير مدروس، مثل "الفرس – الصفويين"، فهذا الخطاب يعكسه الإعلام الإيراني ويقلب به الطاولة علينا متهماً إيانا بالتخلف ليقنع شعبه وأتباعه بقصور نظرة العرب وفهمهم تجاه إيران، ولذلك يجب التعامل مع إيران بوعي وتحديداً مع النظام الإيراني الذي وضع دستوراً ينص على تصدير الثورة والتوسع والمذهبية وأن نفصل ذلك النظام عن إيران كبلد وشعب؛ فالشعب الإيراني مظلوم وحقوقه السياسية والاقتصادية منتهكة".إيران وبث القيم الهدامةوحمل نائب رئيس مجلس الأمناء والمدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي، الإعلام الخليجي والعربي مسؤولية الصورة التي تستغلها إيران لصالحها من خلال أدواتنا الإعلامية ومخرجاتها، وأشار إلى البون الشاسع بين دول الخليج العربية وإيران إعلامياً، مستحضراً ما قدمه في ورقه عمل شارك بها في الجلسة الثالثة لمنتدى الرياض الأول لمكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب، الذي نظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية برعاية قيادة التحالف الإسلامي والعسكري لمحاربة الإرهاب، بالتزامن مع الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولقائه قادة دول الخليج العربي بالعاصمة السعودية الرياض، إذ جاء فيها "أن الإعلام الإيراني كان ولا يزال يعمل على وتيرة خطيرة في بث القيم الهدامة ونشر الأكاذيب التي تعيق جهود التحالف الإسلامي وإعادة إعمار ما دمرته آلة تصدير الثورة بذراعيها الفكري والعسكري، وتسميم المبادئ الوطنية لدى كثير من شعوب المنطقة، مستدلاً بذلك على اختلاق ما سمي بـ "الوهابية" بوصفه دين أو عقيدة تكفيرية سائدة لدى أهل السنة والجماعة، والسعي نحو ترسيخه دولياً".وقال تفنيداً للمصطلح ومفهومه إن "الوهابية" مصطلح تاريخي أطلقه مؤرخوه للدلالة على حركة إصلاحية ظهرت خلال منتصف القرن الثامن عشر، وانتهت مع نهاية القرن الثامن عشر، نسبة للشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي لم يبتدع مذهباً أو ديناً لم يكن سائداً قبله وبعده"، وأضاف أن "هذه التسمية لم تنتشر إلاّ بعد الثورة الإيرانية عندما سعت إيران لنشر المذهب الإقصائي لإحقاق السيطرة والزعامة بالمنطقة، والذي اصطدم تلقائياً بالمذهب السني المقاوم، لتروج فكرة أن المذهب السني هو مذهب وهابي، ولمحاربة السعودية التي تعتبر من أكبر وأقوى دول العالم الإسلامي".وأكد "إننا كوحدة اقتصادية اجتماعية خليجية ليس لها مثيل في العالم ككل، تجمعنا مشتركات تربطنا تلقائياً كالدين واللغة والاقتصاد والسياسات الخارجية، والمجتمع الخليجي خصوصاً شعبياً هو شعب متحد ويملك البنية التحتية الأساسية للاتحاد، وكل ما أمامنا سياسياً الإعلان عن هذا الاتحاد بصورته الشكلية وصيغته الرسمية، فضمنياً إنما هو موجود منذ زمن بعيد، ويمثل ذلك اشتركنا في التعرض لنفس المهددات ومواجهتها كالحرب العراقية الإيرانية والغزو العراقي للكويت والخطر الإيراني اليوم ومنافذه البحرين والكويت والسعودية". وأشار إلى أن جميع تلك الأحداث لم تكن تشكل خطراً على دولة خليجية دون أخرى، وإنما هي خطر يهدد الأمن الخليجي المشترك. والجميل في علاقات الدول الخليجية أن هناك رؤية واحدة في معظم الأمور وهو ما نختلف عنه على المستوى العربي من دول لأخرى، فمفهوم تهديد الأمن القومي العربي ليس عليه إجماع عربي؛ وهناك من يجد إسرائيل مهدداً أول بينما ترى أخرى أن إيران في المقدمة، ولكن دول الخليج العربي ترى الأمور من منظور واحد مشترك، وهذا ما يجسد الاتحاد الخليجي". مؤكداً على الإجماع الخليجي حول التهديد الذي تشكله إيران للأمن الخليجي المشترك، و"لكن بعض الدول الخليجية تفرض عليها مقوماتها الطبيعية المشتركة مصالح مشتركة مع إيران تدفعها لإقامة علاقات أو تنسيق بينها وبين إيران، وتؤثر على مواقف هذه الدول إزاء النظام الإيراني".الاقتصاد الخليجي آمنوقال الشيخ خالد آل خليفة أستاذ التاريخ الاقتصادي حول الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دول مجلس التعاون "كان من المتوقع عند بدء الأزمة الاقتصادية جراء هبوط أسعار النفط بشكل حاد، أن تشل حركة الاقتصاد الخليجي أو تنهار، إلاَّ أن دول الخليج كان لديها الوعي ومقومات أخرى جعلتها تواجه تلك الأزمة، رغم أن ليس لدى أغلب دول الخليج فرص اقتصادية كبيرة لزيادة الدخل الوطني عدا النفط، ما عدا بعض الأنشطة التجارية التي دعمت الاقتصاد الخليجي وكانت ملاذاً آمناً جاوزت من خلالها دول الخليج العربي أزمتها الاقتصادية، ومن ذلك الاستثمارات الخارجية السياحة البينية والخدمات البينية. والقيادات السياسية في السنوات الماضية استطاعت أن تنوع مصادر الدخل الخليجي في الاستثمارات الخارجية والتي أصبحت ركيزة أساسية نعود إليها في مثل هذه الأزمات الطارئة، ونعول على عائدات الاستثمار الخارجي كما نعول على عائدات النفظ ما يجعل الوضع الاقتصادي الخليجي في مأمن رغم ما فرض علينا من حروب لا سيما في اليمن، فكلنا نعلم أن الهدف من تلك الحروب هو صرف دول الخليج عن تنميتها واستنزاف مواردها وإمكانياتها في تلك الحروب".