أقرت لجنة شؤون المرأة والطفل الاقتراح بقانون "بصيغته المعدلة" بتعديل المادة "60" من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم "37" لسنة 2012، والمتضمن حظر إشراك أو تشغيل الأطفال في الدعاية الانتخابية أو في سائر إجراءات الانتخابات النيابية والبلدية إلا بموافقة ولي الطفل أو من يقوم مقامه.
ويهدف المقترح لتكريس التزام مملكة البحرين بالمبادئ الحمائية في مجال رعاية حقوق الطفل التي نصّ عليها دستور البلاد ورعتها الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية، حيث انضمت المملكة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في نوفمبر عام 1989، بموجب المرسوم بقانون رقم "16" لسنة 1991، إذ ألزمت هذه الاتفاقية في المادة "36" منها بأن "تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب رفاه الطفل".
وجاء في مذكرة المقترح: لما كان الاستغلال السياسي للطفولة هو أحد أشكال استغلال الطفل بما يتنافى مع احتياجاته ومتطلبات نموّه وتكامل شخصيّته، وبما ينطوي على العبث ببراءته، وإعاقة تنمية قدراته ومهاراته في المراحل المبكرة من تكوين شخصيته وتطوّرها، فقد سعى المشرّع البحريني من خلال المادة المرقّمة "60" من القانون رقم "37" لسنة 2012 بإصدار قانون الطفل إلى توفير حماية قانونية للطفل من بعض مظاهر الاستغلال السياسي، ولكنّه أغفل مظاهر أخرى ليست أقل تأثيراً وخطراً على الطفولة، أبرزها ما يتمثل في استغلال الأطفال ضمن أدوات الدعاية الانتخابية، وإقحامهم في سائر إجراءات عملية الانتخابات ومراحلها بكافة الصور والأشكال، لذلك يهدف المقترح لسدّ الفراغ التشريعي فيما يتعلق باستغلال الأطفال في الدعاية الانتخابية، وإضفاء حماية تشريعية أوسع على الطفل البحريني، بحيث لا يتم إشراك الأطفال أو تشغيلهم إلا بموافقة خطّية من ولي الطفل أو من يقوم مقامه قانوناً.
ورأت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أن المقترح يتوافق مبدئياً مع ما تهدف إليه الوزارة لضمان حماية الأطفال ومنع استغلالهم في العمل السياسي، وعليه فإن الوزارة ليس لديها مانع من التعديل المذكور في المادة "60" من القانون المذكور، على أن يراعى في الصياغة ما ورد في اتفاقية حقوق الطفل التي انضمّت لها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم "16" لسنة 1991.
وقدّرت وزارة التربية والتعليم الغاية المرجو تحقيقها من الاقتراح بقانون والمتمثلة في حماية الأطفال من استغلالهم سياسياً والنأي بهم عن أي شكل من أشكال التوظيف السياسي الذي يتنافى مع طفولتهم، سيّما وأن الوزارة عانت من الاستغلال السياسي للأطفال أبّان الأحداث المؤسفة التي شهدتها مملكة البحرين في شهري فبراير ومارس 2011م، مما أثر سلباً على سير العملية التعليمية.
وأبدت الوزارة اتفاقها مع ما جاء في هذا الاقتراح بقانون، لا سيما وأن الطلبة في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي ومرحلة رياض الأطفال مندرجون ضمن شريحة الأطفال وفقاً لقانون الطفل، على أن يراعى في تعديل المادة تحديد نوع الانتخابات بـ "انتخابات المجالس البلدية والبرلمانية"؛ إذ إن مصطلح "الانتخابات" بعموميته يشمل ما هو سياسي أو غير ذلك، ومنها على سبيل المثال: انتخابات النوادي، والجمعيات، والمدارس، وغيرها.
وثمّنت وزارة الداخلية الاقتراح بقانون المنظور، وأشادت بوجاهة أسبابه ومبرراته التي تقصد رعاية الطفل وتوفير الحماية له، وأفادت الوزارة بأن قانون الطفل قد أناط بوزارة العمل والتنمية الاجتماعية مهمة الاهتمام بقضايا الطفل وحماية حقوقه وتقديم الرعاية اللازمة له، بينما ينعقد الاختصاص بالنسبة للإشراف على الانتخابات لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، ومن جانبها فإن وزارة الداخلية تعنى بتأمين العملية الانتخابية ومقارّ الانتخاب والاقتراع؛ وذلك للحفاظ على الأمن والنظام العام فيها.
ورأت المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بأن حقوق الطفل تتطلب حماية خاصة تختلف عن باقي الحقوق في مضمونها وطبيعتها، وهذا ما يدعو إلى الاستمرار في تحسين أحواله دون تمييز، فضلاً عن تنشئته وتربيته في كنف السلام والأمن، وإبعاده عن مظاهر الاستغلال التي قد تعرّضه للخطر، وأكدت المؤسسة على عدم جواز زج الأطفال أو وضعهم في موضع التجاذبات السياسية وهم في طور تشكيل وعيهم السياسي، حيث إن حماية الأطفال من الاستغلال السياسي يعد من أهم العناصر الأصيلة لحماية حقهم في البقاء والنماء؛ ليكونوا قادرين على الإسهام في بناء المجتمع والارتقاء به، وهذا ما نص عليه دستور مملكة البحرين في الفقرة "أ" من المادة الخامسة منه، وترجمته المادة "1" من القانون محل التعديل.
وأبدت المؤسسة الوطنية توافقها مع ما ورد من تعديل على نص المادة "60" من القانون المشار إليه، وترى بأن هذا التعديل يتماشى مع التزامات المملكة الناشئة عن انضمامها أو تصديقها على المعاهدات الدولية ذات العلاقة بمسائل حقوق الإنسان وأبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في عام 1989، وانضمت لها حكومة مملكة البحرين في عام 1991، وأصبحت بذلك جزءاً من التشريع الوطني وفقاً للمادة "37" من الدستور؛ لتكتمل بذلك مظلة الحماية القانونية للطفل من كافة أوجه الاستغلال الذي يحيط به سواء كان ذلك بمقابل أو بدون مقابل.
إلا أن المؤسسة الوطنية رأت ضرورة النظر في نص المادة "69" من ذات القانون لتتوافق مع التعديل المقترح على نص المادة "60" من القانون.
وأعربت جمعية رعاية الطفل والأمومة عن دعمها وتأييدها للاقتراح بقانون المنظور بوجهٍ خاصّ، ولأي تشريع - بوجهٍ عامّ - يرمي إلى حظر كافة الممارسات التي تؤدي إلى استغلال الأطفال بأي صورة في الدعاية الانتخابية، الأمر الذي قد يعرّضهم للانتهاكات والمخاطر الجسيمة، سيما وأن هذا الحظر يشكل ضمانة إضافية لتحقيق حماية الطفل.
وأكدت الجمعية خطورة استغلال الأطفال في القضايا السياسية بشتى صورها، ومنها الانتخابات، لما ينطوي عليه ذلك من تعريض الأطفال للخطر، وهو ما يعد مخالفة لسياسة البحرين وقوانينها والتزاماتها الدولية.
وبالمقابل، لفتت الجمعية إلى أن حظر تلك الممارسات يجب ألا ينال من حق الطفل في التوعية المناسبة بالعملية الانتخابية والأنشطة والفعاليات التعريفية والتثقيفية التي تواكب العملية الانتخابية، وذلك في إطار إعداد النشء، وترسيخ مبادئ المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية، وتعزيز القيم الوطنية.