عرض تلفزيون البحرين ليلة الجمعة محادثات هاتفية تمت في شهر مارس 2011، أي في ذروة تأجج الأحداث المؤسفة في مملكة البحرين، بين مستشار أمير قطر حمد بن خليفة العطية والإرهابي الهارب حسن سلطان، والتي تكشف بالدليل القاطع الذي لا يقبل الشك عن التدخل القطري الرسمي والخطير في المخطط الإجرامي لإسقاط النظام في البحرين وتحويل المملكة للنموذج الإيراني المنبوذ ليكون سقوط المملكة بداية لتنفيذ مخطط إسقاط باقي الدول الخليجية، ولكن كانت إرادة الله فوق مكرهم وخيانتهم واستطاعت مملكة البحرين بفضل حنكة قيادتها وبسالة شعبها من كشف المؤامرة سريعاً وإجهاضها والخروج من الأزمة أكثر قوة وصلابة.
وكان ما ورد في المحادثات الهاتفية صادماً للكثير، حيث كشف عن قيام النظام القطري بإجراء اتصالات بشكل مستمر مع الانقلابيين قادها مستشار الأمير وهو المقرب من الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني، مما يؤكد أن هذه الاتصالات تمت بتوجيه رسمي من أعلى السلطات في قطر بغرض التآمر على أمن واستقرار مملكة البحرين والخليج العربي وتسليمه لقمة سائغة لإيران، وأن التوجيهات القطرية للانقلابيين بالقيام بإثارة الفوضى في ربوع البحرين ثم تقوم قناة الجزيرة ببث أحداث هذه الفوضى والتضخيم منها.
وكان الطرف الثاني في هذه المحادثات هو الإرهابي الهارب حسن علي محمد جمعة سلطان المعروف بأنه من قيادات الصف الأول في حزب الدعوة الإرهابي الذي نفذ العديد من الأعمال الإرهابية في المملكة وتاريخه معروف بالتأكيد لدى قطر، مما يثير تساؤلات عديدة حول اختيار قطر لهذا الخائن للتواصل معه، فحسن سلطان الذي درس في إيران وتم تجنيده هناك للعمل ضد المملكة لعب دوراً تحريضياً خطيراً في منتصف التسعينيات عن طريق التدبير لأعمال العنف والتخريب والتحريض على إسقاط نظام الحكم، والترويج للطائفية، وكان من مدبري أحداث 2011 في محاولة فاشلة لإسقاط نظام الحكم في البحرين، وسعى لتشويه سمعة البحرين عبر القنوات التلفزيونية المغرضة ومن بينها الجزيرة القطرية، وبعد الإخفاق في تحقيق ذلك فر إلى لبنان ليقيم هناك تحت رعاية حزب الله الإرهابي ليواصل تآمره على مملكة البحرين ومحاولاته هو ومن وراءه لزعزعة استقرارها عن طريق رعاية تنظيم حزب الله الإرهابي حيث يتردد على العراق وإيران ويتسلم أموالاً من الجهات الداعمة للإرهاب في البحرين ومن ثم يقوم بتوزيعها على الإرهابيين الهاربين من خونة الوطن، ودعم المخططات الإرهابية في البحرين بالمال والسلاح.
فإذا كان ذلك هو تاريخ هذا الإرهابي الخائن فلماذا اختارته قطر ليكون هو صلة الوصل مع الانقلابيين وهل كانت تجهل مدى تورطه في خيانة وطنه لصالح أجندة إيرانية معروفة، بالطبع لا، إذاً كان حسن سلطان هو الوسيط بين قطر ومدبري أحداث فبراير ومارس 2011 لينقل موقف قطر وتوجهها من الأحداث إلى الانقلابيين وينقل في المقابل مطالب الانقلابيين إلى النظام القطري حتى يتمكنون من النجاح في تنفيذ مخططهم الانقلابي الآثم.
المثير للدهشة أن إحدى هذه المحادثات تمت ووزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني في مملكة البحرين، حيث زار البحرين برفقة الراحل سمو الأمير سعود الفيصل طيب الله ثراه وزير الخارجية السعودي، وبينما كانت المملكة العربية السعودية تعمل على دعم البحرين والوقوف معها وقفة الشقيق والأخ الأكبر، كانت قطر تتآمر على البحرين وتقدم اقتراحات بالتوافق مع الانقلابيين ظاهرها حل الأزمة وباطنها محاولة إسقاط الحكم، وجاءت المحادثات الهاتفية لتكشف ذلك بكل وضوح، فقد أشار مستشار أمير قطر إلى وجود حمد بن جاسم في البحرين وطلب من حسن سلطان أن يسأل الانقلابيين إذا كانوا يريدون مقابلته أم لا؟
المحادثات تكشف عن أمور غاية في الخطورة، فهي لم توضح فقط دوافع النظام القطري من عدم المشاركة في قوات درع الجزيرة التي جاءت إلى البحرين بطلب من جلالة الملك لحماية المنشآت الحيوية، وفي إطار اتفاقية الدفاع المشترك الخليجية، بل كشفت أيضاً عن إرسال الدوحة لاثنين من ضباطها في مهمة للتجسس على مملكة البحرين وليس حمايتها، فأي خيانة تلك تقوم بها قطر للبحرين ومجلس التعاون الخليجي؟!
الأمر الثاني الذي تكشف عنه المحادثات هو عمق التواصل والتعاون والتنسيق الإرهابي بين قطر والانقلابيين، واللقاءات التي تجري بين الجانبين، فالأمر لا يقتصر على المحادثات الهاتفية، والدليل على ذلك حديث مستشار أمير قطر عن قيامه بزيارة لمملكة البحرين ليلتقي قادة الانقلاب أو أن يقوم وزير الخارجية باللقاء بهم والتخطيط المشترك.
وهذه المحادثات تؤكد ما كشفت عنه صحيفة محلية من وثائق تؤكد إجراء اتصالات مكثفة بين الحكومة القطرية وحركة أحرار البحرين في لندن قبل 5 شهور فقط من اندلاع أحداث فبراير 2011، ففي سبتمبر 2010 جرى لقاء سري وخاص جمع رئيس وزراء قطر السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مع سعيد الشهابي في العاصمة البريطانية، تم خلاله بحث أوجه التعاون والتنسيق لدعم الحركة مالياً وإعلامياً، حيث تم الاتفاق على تمويل الحركة من الدوحة، إضافة إلى الاتفاق على إنشاء قناة فضائية بتمويل قطري، على أن يتولى سعيد الشهابي إدارتها، وبالفعل تم تحويل مبالغ ضخمة للشهابي وحركته لتفعيل ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع.
كما أجرى حمد بن جاسم في مارس 2011 اتصالات مكثفة مع المدان علي سلمان قبل دخول قوات درع الجزيرة بفترة بسيطة إلى البحرين، وقدم في اتصالاته تلك مجموعة من الأفكار واعتبرها لاحقاً مبادرة قطرية للمنامة، وطلب من الوفاق التنسيق مع المتآمرين معها لعدم مغادرة دوار مجلس التعاون، بحيث تضغط قطر على الحكومة البحرينية من أجل أن تفتح الجهات الأمنية جميع الطرق للجمهور، وإيقاف الحراسات الأهلية، وكذلك نقاط التفتيش الشعبية.
ثالث الأمور التي تكشف عنها المحادثات هي قيام الانقلابيين بالتجسس على بلادهم لصالح النظام في قطر عن طريق مده بالمعلومات التي يريدها حول الحالة الأمنية في مملكة البحرين، وحول أعمال الشغب والتخريب التي تقوم بها فئات خارجة على القانون، إلى جانب ذلك يأخذ الانقلابيون تعليماتهم من النظام القطري لكيفية التصرف حتى ينجح مخططهم التآمري، مما يعني أن دور قطر تلاقى مع الدور الذي قامت به دولة الإرهاب إيران في التآمر على البحرين، وأن قطر تواصلت مع إيران وأتباعها في المنطقة بشأن التنسيق والتعاون في ذلك.
وكشفت وثائق نشرتها صحيفة محلية أيضاً عن تنسيق قطري ـ إيراني خلال الأحداث المؤسفة عام 2011 عبر الاتصال بالمرجعية الدينية في النجف، والاتفاق على إيفاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى البحرين من أجل الوساطة بين الانقلابيين والحكومة، ويدعم تلك الوثائق زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي إلى الدوحة في 2 مايو 2011، وبعد مغادرته بخمسة أيام فقط، وصل زعيم التيار الصدري إلى العاصمة القطرية، حيث التقى مع أمير قطر وعدد من المسؤولين، وأشاد بدور النظام في دعم مطالب الانقلابيين.
رابع الأمور التي كشفتها المحادثات الدعم الإعلامي القطري للانقلابيين عن طريق قناة الجزيرة، حيث استخدمت هذه القناة الخبيثة للترويج لمحاولة إسقاط النظام في مملكة البحرين، مما ينفي الادعاءات التي طالما ترددها قطر عن استقلالية هذه القناة، فأي استقلالية ومستشار أمير قطر يبلغ الخائن الهارب حسن سلطان بإرسال تقارير مفبركة لبثها على شاشة القناة لدعم موقف الانقلابيين أمام المجتمع الدولي وإيصال صورة مزيفة عن الأحداث في مملكة البحرين، وأي استقلالية والانقلابيون بالتنسيق مع النظام القطري يحددون للقناة الأحداث التي تنقلها والضيوف الذين يتواصلون معهم.
وكانت وثائق كشفت عن لقاء بين المدان علي سلمان والسفير القطري في المنامة خلال الأحداث في مارس 2011، والطلب منه زيادة مساحة تغطية قناة الجزيرة للأوضاع في البحرين، حيث وأجرى السفير من جانبه اتصالات مع شقيقه الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني الذي يشغل ثلاثة مناصب أساسية في الدوحة، والمتمثلة في رئاسة مجلس إدارة شبكة الجزيرة الفضائية، ورئيس الهيئة العامة القطرية للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى منصب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة لحرية الإعلام.
ولا عجب أن نجد قناة الجزيرة تنتج مجموعة من الأفلام الوثائقية والتقارير التلفزيونية المفبركة التي تخدم أجندتها الإجرامية الخبيثة ، من أبرزها الصراخ من أجل التغيير الذي بث في 9 مارس 2011، وفيلم الصراخ في الظلام الذي بث في الرابع من أغسطس في نفس العام.
إن قطر استخدمت قناة الجزيرة كذراع لها لتنفيذ مؤامرتها على البحرين إلى جانب عدد من القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية كقناة الحوار، وقناة الجديد اللبنانية، وقناة يمن شباب، وقناة الأقصى، ومركز ميديا في لندن، وموقع أسرار عربية، وموقع ميديل إيست مونيتور، إلى جانب الصحف المحلية القطرية وصحف عربية تدعمها الدوحة كجريدة القدس العربي، وجريدة الأهالي اليمنية، وجريدة مأرب برس، وجريدة الرائد الجزائرية.
لعل ما سبق يكشف جزءاً خطيراً موثقاً من المؤامرة القطرية على مملكة البحرين، ليؤكد تاريخ الدوحة الأسود منذ انقلاب أميرها السابق على والده في تدبير المؤامرات ضد المملكة، والتي كان من بينها خلايا التجسس القطرية على البحرين كخلية الباكر التي كشف عنها في أكتوبر 1996، وكذلك دعم الدوحة للعديد من التنظيمات الإرهابية ومن بينها "سرايا الأشتر" و"أحرار البحرين" و"حزب الله البحريني" والتي كشفت عنها قائمة المنظمات الإرهابية التي أعلنتها كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.
إن ممارسات قطر بحق مملكة البحرين وجيرانها من دول الخليج والعالم العربي دفعت الدول الأربع لقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدوحة بعد أن رفضت الإذعان لصوت العقل ولم تنفذ ما التزمت بها من اتفاقيات ومعاهدات وقعت عليها وآخرها اتفاق الرياض، مما استوجب اتخاذ إجراءات حازمة معها في إطار ما يكفله القانون الدولي حتى تعود الدوحة كما كانت قبل الانقلاب في 1995 وتتوقف عن دعم الإرهاب وبث سموم الفتنة في الخليج والعالم العربي.