سنوات طوال من الاستهداف للدولة ودعم الطائفيين والإرهابيين. ربما كان هذا هو العنوان الأبرز لمواقف قناة "الجزيرة" القطرية حيال مملكة البحرين منذ تدشين تلك الفضائية قبل نحو 20 عاماً، وهو الأمر الذي يضع العديد من التساؤلات عن أسباب هذا الاستهداف وغاياته.

خلال العقدين الماضيين، لم تغب "الجزيرة" أو تبتعد عن الشأن البحريني الداخلي، فعملت من خلال مراسليها والمتعاونين معها على تشويه الإنجازات وطمس الحقائق بأخبار وتقارير ليست فقط مسيسة، وإنما طائفية ومضللة أيضا.

وقد تم كل ذلك تحت غطاء "الرأي والرأي الآخر"، وهو الشعار الذي لم يكن أكثر من ستار ومساهمة من مؤسسة "الجزيرة" في تقديم القوى الإرهابية والطائفية في البحرين عبر شاشتها ومواقعها كنشطاء سياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، فيما غُيّب الصوت الآخر وأُخفي عمداً.

تاريخ التقارير والأخبار المزيفة طويل؛ لكن هذا التقرير يرصد فقط أهم المحطات التي تناولها موقع "الجزيرة نت" منذ اندلاع الأحداث في المملكة عام 2011، لتكون النافذة التي يمكن من خلالها الإطلال على سياسة القناة تجاه البحرين، وذلك لكي يعرف الجميع بالأرقام والأدلة والحقائق كيف عملت فضائية "الجزيرة" على دعم القوى الطائفية والتنظيمات الإرهابية في المملكة، ومحاولة تسويقها إلى العالم بدعوى أنها أنشطة قانونية مشروعة.

بداية، وقبل اندلاع شرارة أحداث عام 2011، وتحديداً قبل الرابع عشر من فبراير، عملت "الجزيرة" على التمهيد لهذه الأحداث، ونشطت في نشر أخبار وتقارير عن الاستعدادات التي تقوم بها القوى الطائفية والإرهابية تمهيداً لإدخال البحرين فيما عُرف وقتها بـ"الربيع العربي".

يشار هنا إلى أنه مع مطلع ذلك العام، نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً عن أعمال تقرير الرقابة المالية والإدارية للعام 2009، حيث حاولت من خلاله تضخيم ما ورد في التقرير بعد صدوره بسنتين، بل واستعانت بجهات عُرفت بعد ذلك بأنها تضمر الشر للمملكة للتعليق بصورة سلبية عليه، وذلك بغرض تصوير البحرين بما ليس فيها.

وعلى هذا المنوال، نشر موقع "الجزيرة نت" في غضون فترة قصيرة نسبياً ما يصل إلى 10 تقارير تحريضية وصولاً إلى الرابع عشر من فبراير عام 2011، وهي تقارير عمدت فيها إدارة مؤسسة "الجزيرة" بأسرها إلى محاولة إثارة الشارع الداخلي في البحرين، ودفعه دفعا إلى المشاركة في احتجاجات دعت لها القوى الطائفية والإرهابية للنيل من أمن واستقرار المملكة.

في الرابع عشر من فبراير عام 2011، نشر موقع "الجزيرة نت" ثلاثة تقارير تتحدث عما سُمي وقتها الحالة الأمنية في مملكة البحرين دون التركيز على طابعها الطائفي، مع عدم إغفال تضخيم الأحداث، وتغليب وجهة النظر غير الرسمية بشأنها.

بل وكان من الواضح في سياق تلك التقارير محاولة تصوير الوضع في المملكة بأنه خارج عن السيطرة، هذا عدا عما أفردته فضائية "الجزيرة" من مساحات للتغطية استعانت فيها بإرهابيين أطلقوا على أنفسهم مسميات عديدة من قبيل "ناشط سياسي" و"إعلامي" و"حقوقي" وغيرها من المسميات، التي قد توحي للمشاهد والقارئ البعيد عن الحدث بأن المملكة تتعرض لما تعرضت له دول مجاورة في تلك الأثناء.

في اليوم التالي، وسعت "الجزيرة نت" من تغطيتها لأحداث البحرين، ونشرت خمسة أخبار تعكس وجهات نظر وأنشطة الجماعات الطائفية والإرهابية، حيث أغفلت عن عمد الحقائق على الأرض، كما قامت بتضخيم ما يجري دون مراعاة لرؤية الجانب الرسمي والشعبي الحقيقي، وذلك لإيهام الرأي العام العربي والعالمي أن ما يجري في البحرين هو حراك مطلبي على غرار ما حدث في دول مجاورة، وهو بعيد عن ذلك جملة وتفصيلاً.

بعد ذلك، عمد موقع "الجزيرة نت" إلى إبراز ردود الأفعال الدولية السلبية عن مجريات الأحداث، سعيا منه لإيهام القوى الطائفية والإرهابية بتوفر غطاء سياسي دولي لأعمالها، وهو ما وُصف باعتباره مساهمة في تحريض الرأي العام العربي والعالم، الرسمي والشعبي، ضد مملكة البحرين، وصولاً إلى فرض حلول تتوافق مع تطلعات الدوحة ومن خلفها طهران ووكلائهما من الطائفيين والإرهابيين.

وحسب رصد دقيق لمواضيع الأخبار المنشورة عن البحرين منذ العام 2011 إلى منتصف يونيو 2017 الجاري، نشر موقع "الجزيرة نت" ما مجموعة 985 تقريراً عن البحرين، منها 889 تقريراً يدعم أو يظهر أنشطة الجماعات الطائفية والإرهابية، مقابل 96 خبراً غير متعلق بالأحداث من ضمنها الأخبار الرياضية والاجتماعات الرسمية لأنشطة دول مجلس التعاون التي عقدت بالمملكة خلال الفترة ذاتها، حيث نالت الأخبار المتعلقة بالجماعات الطائفية والإرهابية ما نسبته 90.2%، مقابل 9.8% للأخبار الرسمية.

وحسب السنوات، أظهرت التحليلات أن عام 2011 شهد نشر أخبار وتقارير عن البحرين بما مجموعه 399 تقريراً، منها 361 لتغطية أخبار وأنشطة الجماعات الطائفية والإرهابية وتقارير سلبية عن البحرين، بما يشكل ما نسبته 90.4%.

فيما نُشر عام 2012 ما مجموعه 213 تقريراً عن البحرين، منها 192 لتغطية أخبار وأنشطة الجماعات الطائفية والإرهابية، بما نسبته 90.1%، أما العام 2013 فقد نشر موقع "الجزيرة نت" ما مجموعه 213 خبرا وتقريراً عن البحرين، كان نصيب الجماعات الطائفية والإرهابية منها 202 تقريرا، أو بما نسبته 94.8%.

ومنذ العام 2014، ظهر تراجع واضح في نشر الأخبار عن مملكة البحرين، حيث سجل ذات العام نشر 55 خبرا عن البحرين، شكلت الاخبار السلبية منها ما نسبته 89%. وسجل عام 2015 تراجعا آخر في عدد الأخبار المنشورة عن البحرين، حيث بلغت 42 خبراً وتقريراً، شكلت الأخبار السلبية وأنشطة القوى الطائفية والارهابية منها ما نسبته 76.1%.

وكان العام 2016 الأقل في عدد الأخبار المنشورة عن البحرين على موقع "الجزيرة نت"، حيث بلغت 24 خبراً فقط، شكلت الأخبار السلبية منها ما نسبته 79.1%. وفي النصف الأول من العام الجاري 2017 كان هناك ارتفاع واضح في عدد الأخبار المنشورة عن البحرين، حيث بلغت خلال الشهور الستة الأولى فقط ما مجموعه 39 خبراً وتقريراً، بلغت نسبة الأخبار السلبية أو المتعلقة بالجماعات الطائفية والإرهابية 87.1%.

وتؤكد هذه الحقائق عدة دلالات مهمة، أولها أن هناك مشروعاً قطرياً واضحاً وضوح الشمس لاستهداف مملكة البحرين ولسيادتها واستقلالها. وثانيها الدعم الإعلامي اللامحدود الذي قدمته إدارة "الجزيرة" لقوى التطرف والإرهاب من الطائفين المحسوبين على أجندات دول لها تطلعات عدوانية. وثالثها أن النظام القطري تجاوز كل الأعراف والمواثيق الأخوية والاجتماعية وحتى السياسية والإعلامية سعياً لإدخال البحرين في براثن الفتن والإرهاب والتطرف، تمهيداً لتسليمها إلى النظام الإيراني من خلال وكلائه على الأرض، الذين تخلو عن وطنيتهم وعروبتهم وخانوها لأجل أنظمة فاسدة لا ترى فيهم أكثر من عبيد لمشروعها العنصري والطائفي الكبير.