عبر إعلاميون ومحللون سياسيون وإعلاميون عن حجم الصدمة الشعبية التي سببتها المكالمات الهاتفية بين مستشار أمير قطر حمد العطية والإرهابي الفار المسقطة جنسيته حسن سلطان.
وقال بعضهم في برنامج "ما وراء الخبر" على تلفزيون البحرين الخميس إن المكالمات "كشفت الوجه الحقيقي لسياسة قطر بشكل لا يقبل اللبس".
وعرض البرنامج وسائل إعلام عربية وعالمية أفردت مساحات كبيرة من تغطياتها الإعلامية لهذا الحدث الخطير وأظهرت استغرابا واستهجانا كبيرين من "جرأة حكومة الدوحة على المشاركة، بل والتخطيط، لمحاولة إسقاط النظام في البحرين، وهي المملكة الجارة والشقيقة".
وشارك في البرنامج الكاتب البحريني صلاح الجودر، والمحلل السياسي الأردني سلطان حطاب، والمحلل السياسي السعودي سلمان اليامي، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة د.رامي عاشور.
وعلى مدى 45 دقيقة تناول البرنامج بالتحليل كيفية تعامل الإعلام مع المكالمات المسربة، عارضا مقتطفات من عناوين كبرى الصحف العربية ومقالاتها، ومعظمها أدان التدخل القطري الفج في الشؤون الداخلية للبحرين، وتقديم الدعم والمساندة لقوى الإرهاب بغية إحداث فتنة طائفية وتحويل البلد إلى بركة من الدماء، وصولاً إلى تقديمها لقمة سهلة لايران.
الصدمة بالأشقاء
واستعرض الكاتب البحريني صلاح الجودر ما تعرضت له البحرين من مخطط تدميري ضمن مخطط أكبر استهدف الدول العربية، فيما عرف بـ"الربيع العربي"، مشيراً إلى أن الصدمة من المكالمات ناشئة عن كونها من دولة شقيقة وعضو في مجلس التعاون الخليجي.
وقال الجودر إن "المواطن العربي فقد الثقة في النظام القطري الذي يسهم في تنفيذ المخطط الإيراني الهادف إلى تدمير البحرين والدول العربية وتحويلها الى كيانات فاقدة للأمن من خلال الجماعات الإرهابية المنتشرة في أكثر من دولة عربية".
وعن إمكانية استعادة الثقة في السياسة القطرية مستقبلاً، أوضح الجودر أن "التدخلات القطرية ليست حديثة، بل امتدت سنوات طويلة، حاولت خلالها الدول الخليجية احتواء قطر وخصوصا في 2014، لكن الدوحة رفضت الوفاء بتعهداتها وواصلت دعمها للجماعات الإرهابية، لذلك من الصعب إعادة الثقة في النظام القطري في المستقبل المنظور".
وعن تعامل الإعلام العربي مع المكالمات، قال الجودر إن "المكالمات كشفت نوعية التآمر على الدول العربية (..) اليوم لم يعد هناك مجال للمجاملة أو السكوت عن السلوك القطري، ويجب كشف الحقائق للرأي العام. والإعلام العربي في معظمه يقف مع البحرين في الدفاع عن أمنها واستقرارها وهويتها العربية".
وأشار الجودر إلى "الحالة السلبية التي يعيشها بعض الإعلام العربي وتجاهله الأحداث ومحاولات التدمير التي تقودها إيران وقطر"، مطالبا الإعلام العربي أن يتنبه إلى ما يخطط للدول العربية من بوابة الخليج العربي، خصوصاً بعد ما سمي بالربيع العربي.
رأس جبل الجليد
وقال المحلل السياسي الأردني سلطان حطاب، عبر مداخلة هاتفية من عمان، إن "ما جرى كان متوقعا من السياسة القطرية التي تراكمت أخطاؤها خلال عقدين من الزمن"، معتبرا المكالمات الهاتفية "رأس جبل الجليد، وهناك الكثير من المخططات القطرية التي لم يكشف عنها خصوصا ضد البحرين".
وأضاف حطاب أن "المكالمات صدمت كل عربي، فالنهج التآمري على البحرين أوضح لمن كانوا يعتقدون بدعم قطر الحراك الديمقراطي من خلال قناة الجزيرة، أن ذلك كان لدس السم في الدسم، وأن أهداف الجزيرة والإعلام القطري إشاعة نوع من البلبلة وتحريض الشارع".
ولفت حطاب إلى أن المكالمات "كشفت عن دور وظيفي صغير لقطر في المنطقة خدمة لقوى أخرى، ولا ينبغي لدولة مستقلة وذات سيادة أن تقوم بمثل هذا الدور، وهي ممارسات يأنف الإنسان العربي من سماعها (..) كيف لشقيق أن يكيد كل هذه المؤامرات لشقيقه وبهذه الكيفية"، مطالباً الإعلام العربي بكشف الحقائق والرد بقوة على التدخل القطري في البحرين.
الإعلام دون المستوى
فيما قال المحلل السياسي السعودي سلمان اليامي، عبر الأقمار الاصطناعية، إن "هناك صدمة في العمق لدى الناس، خصوصاً أن هدف قطر تخريب الأمن والسلم وتمزيق المجتمع الآمن في البحرين والإمارات والسعودية".
وأضاف أن "الإعلام العربي والخليجي لم يناقش الظاهرة كما تستحق، فالمواطن يريد أن يعرف طبيعة ما حدث وأسبابه وآثاره على مستقبل العمل السياسي العربي والخليجي، معتبراً أن كل ذلك لا يزال دون المستوى، فما جرى أفعال في الصميم وتهدد وجود المجتمعات والدول، وتتجه إلى الأمن القومي العربي، وهي خطوط حمراء لا يمكن المساس بها".
وأوضح اليامي أن "ما حدث يتعلق بتهديد أمن ومستقبل دول، لكن الإعلام العربي لم يتعامل بمنطق يتناسب مع ماذا حدث وكيف حدث وخطورة الدور السلبي"، متمنياً على الإعلام العربي أن يكون على مستوى الحدث وخطورته.
الشارع المصري مع المقاطعة
وبين أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة د.رامي عاشور، عبر الأقمار الاصطناعية، أن "مراكز الدراسات الأمريكية انتقدت قطر كشريك استراتيجي وأمني للولايات المتحدة، وتصادف ذلك مع وصول ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة، وهو ما ساعد على توضيح الدور القطري في دعم الإرهاب سواء في دول الخليج العربي أو الدول العربية".
وعن كيفية تعامل الإعلام المصري مع أزمة المكالمات، قال د.عاشور إن الإعلام المصري "يكشف دور قطر في دعم الإرهاب منذ وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم"، مؤكدا أن "الشارع المصري مع قرارات دول مجلس التعاون ومصر لقطع العلاقات مع قطر". وتساءل د.عاشور "لماذا لم تتعرض قطر واسرائيل وإيران لأي تهديد من تنظيم داعش الإرهابي، وهي الدول التي تعمل على تفكيك الدول العربية".
وأضاف أن "قطر تعمد إلى استضافة قواعد عسكرية بهدف إرسال رسائل إلى دول الجوار، في محاولة لممارسة نفوذ لها في المنطقة، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتحقق لأسباب كثيرة سياسية وأمنية وديمغرافية وجغرافية".