يجلس على كرسيه من 6 إلى 16 ساعة في اليوم، اعتاد مقابلة كتائب المشترين التي لا تنتهي، يحاول أن يُبقي على تركيزه بشرب الماء والعصائر كما يحاول أن يتذكر دائماً أن "الزبون على حق" رغم ما يلقاه من تجاوز بعضهم، وفي الشهر الكريم كان عليه مواجهة مدفع رمضان أيضا.
"الكاشير" أو محاسب المشتريات الذي نمر عليه بسرعة دون التفكير لحظة بمتاعب مهنته. كيف يصف مهنته وصعوباتها؟
خالد علي (22 سنة) طالب جامعي يعمل "كاشير". يسبب له التفكير في الامتحانات مع رمضان وزحمة العمل كثيرا من القلق. يقول خالد "شعبان لا رمضان هو الشهر الأشد كثافة. الدوام الرسمي 8 ساعات في اليوم لكن يمكن العمل بنظام "الأوفر تايم" إلى حد أقصاه 16 ساعة. وعادة ينتهز الموظف فرصة "الأوفر تايم" في أوقات الإقبال الكثيف لأنه ليس متاحاً إلا في أوقات الزحمة بداية الشهر وفترة استلام الرواتب وآخر 15 يوماً من شهر شعبان، لدرجة أن صف الانتظار للكاشير الواحد يحوي على الأقل 10 عربات تسوّق، أما في رمضان فيصبح وقت العمل دون الأوفر تايم 6 ساعات فقط".
كزبرة بـ90 ديناراً
وينصح خالد زملاءه بـ"حسن التعامل مع الزبون واستقباله بوجه بشوش، والإكثار من شرب الماء والعصائر ليبقى المرء متجدد النشاط، وعدم الاستعجال كي لا يقع المرء في أخطاء حسابية". وعن بعض المواقف التي حدثت معه شخصيا، يقول خالد "زبونة اشترت كمية من الكزبرة وظهر سعرها عندي 90 ديناراً و900 فلس، فنبهت الزبونة إلى أنهم في قسم الخضار حتماً أخطؤوا في التسعيرة، وبعد التحري اتضح أن سعر الكزبرة كان 960 فلساً فقط، والغريب أن الزبونة كانت تدري أن مجموع الحساب مبالغ فيه لكن رغم ذلك كانت ستدفع! (..) على الكاشير التحلي بالإخلاص والأمانة في العمل وعلى الزبون أيضاً أن ينتبه للأسعار".
ويضيف خالد أن من فوائد عمل "الكاشير" احتساب سنوات الخدمة للعامل. "أعرف زميلا لم تمضِ سنتان على تعيينه أستاذاً لكنه سيترقى قريباً كمسؤول عن خمس مدارس صناعية إذ حسبت له 4 سنوات خدمة عمل من عمله "كاشير". كما أن هذا العمل يُكسب المرء خبرة في التعامل الاجتماعي، وطبعاً خبرة بالأسعار إذ نكتسب حاسة سادسة في معرفة أوقات العروض وكشف التلاعب بالأسعار". ويلفت خالد إلى أن صندوق الكاشير الواحد في محلات التسوق الكبيرة يجمع في الأيام العادية بين 2000 و3000 دينار وفي شعبان بين 5000 و6000 دينار. وكشف لي الزملاء مرة أن محلا جمع في آخر يوم بشعبان 220 ألف دينار من كل صناديق الكاشير"، وعن عادت التسوق، يقول خالد "أنصح الزبائن بعدم الإفراط في شراء الكميات فالبضائع لن تنتهي، وتكديس المشتريات قد يؤدي لتلفها. أذكر زبونة أتتني لوحدها بـ12 عربة تسوّق كلفتها 1200 دينار. كما أدعو الزبائن للتحلي بسعة الصدر والصبر فنحن أيضاً نعاني ضغوطات ولنا مشاعر وأحاسيس وليتذكروا أن "الكلمة الطيبة صدقة"".
امرأة حديدية
أما عاملة الكاشير (ر.ع) فتقول فتعمل بمبدأ "اعمل بجد أو لا تعمل". وتقول "لم أشعر بكثير من الضغط في رمضان لأني أعلم بما يحمله الشهر المبارك من بركات".
وعن معاملة الزبائن تقول "قبل أن أكون عاملة كاشير أنا إنسانة وأتمنى أن يُحسن الزبائن معاملتهم وتصرفهم وأن تكون كلمتهم كلمة طيبة، وأنصح زمليلاتي بالبسمة"، وتضيف "استفدت كثيراً من العمل ككاشير، يكفي أنني عرفت نفسي واكتشفت أن تلك الفتاة التي كانت تختبئ من مواجهة الحياة في داخلي أمست اليوم امرأة حديدية مستعدة للمواجهة بكل رحابة صدر".
حالة طوارئ
خالد محمد (25 سنة) يقول "مع قرب رمضان ازداد الضغط علينا بشكل كبير جداً وكنا في حالة طوارئ، لذلك نعمل خلال تلك الفترة أوقاتاً إضافية لتغطية إقبال الزبائن، وهو ما استمر في رمضان أيضا"، مضيفاً "الازدحام يدفع بعض الزبائن للانفجار فيوجه النيران نحونا ما يخلق جواً من التوتر يؤدي بنا أحياناً إلى ارتكاب أخطاء غير مقصودة في الحساب. أذكر مرة حادثة انفجر فيها أحد الزبائن بزميلة لنا في العمل ما دفعها إلى تقديم استقالتها"، وعن الفائدة يقول "اكتسبت خبرة في المحاسبة والتسويق كما اكتسبت فن التعامل مع الناس ومعرفة الطبائع".