تخبئ "أم جاسم" وجهها المتعب بالوسادة، تغالب دموعها، وقد أثخنتها الجراح بعد أن تضاعف وزنها إلى أكثر من 200 كيلوغرام منذ بدأت رحلة علاجها في 2013.
حكاية موجعة لامرأة في عقدها الخامس، تكاثرت عليها الأمراض فلاذت بصمت خرج عنه ابنها ليطلب علاجها في الخارج.
تعيش الحاجة أمينة عبدالله (55 عاماً) في منطقة عراد ملازمة الفراش منذ خمس سنوات. ملامح وجهها تكاد تخفيها الانتفاخات، نتيجة "داء الفيل" الذي لا يرحم.
يتولى رعايتها ابنها الأكبر جاسم الشماع، فيوفر لها الطعام والشراب والعلاج قدر استطاعته، ويسعى جاهداً إلى توفير كرسي متحرك لوالدته من دولة الكويت أو الإمارات؛ بسبب عدم توافره في المملكة بأحجام كبيرة للأشخاص الذين يعانون سمنة مفرطة.
أخبره الأطباء أن أمه مصابة بداء الفيل وهو عبارة عن ديدان مسطحة تصيب الرجلين وتهاجم الأنسجة تحت الجلد والأوعية اللمفاوية، وتسبب التهابات حادة وتقرحات، ومع كل هذا تعاني "أم جاسم" من مرض القلب والسكر والضغط، وتجمع الماء على الرئة، والكلى، وضيق التنفس، ويلازمها جهاز الأوكسجين 24 ساعة.
منذ 5 أعوام، تحتاج "أم جاسم" المتابعة والكشف بشكل دوري يصل إلى 4 مرات في الشهر، إضافة إلى تنظيف جسدها المسلخ بسبب المرض، والسهر عليها حتى تنام من الألم، والسعي بها إلى الأطباء عندما تتعرض لانتكاسة لم تكن في الحسبان. يقول جاسم "المؤسف في الأمر أن سيارة الإسعاف لا تتوافر فيها الإمكانيات الصالحة لحمل من يعانون سمنة مفرطة، وأحياناً يتأخر الإسعاف بسبب ضرورة تواجد الدفاع المدني لنقلها إلى المستشفى، وتكون أمي قد وصلت لمرحلة شديدة من الآلام، فنضطر حينها لنقلها في سيارتنا الخاصة مع أنبوبة الأوكسجين في سرعة تتجاوز 140 لإنقاذ حياتها".
يناشد جاسم المسؤولين وأصحاب القلوب الرحيمة تمكين أمه من السفر للعلاج بالخارج من أجل إنقاذ ما تبقى من حياة أمه التي قسى عليها المرض، متمنياً أن تتولى الدولة نقلها إلى مستشفى متخصص خارج البحرين في طائرة خاصة بسبب وزنها الكبير الذي يحول دون سفرها.
في حين تقول ابنتها لـ"الوطن" إن "الوضع الصحي لأمي كارثي، فحالتها سيئة جداً، ولا تسمح لها حتى الاعتناء بنفسها".
تواصل الابنة حديثها بحرقة "كبار السن أكثر الفئات صمتاً وصوماً عن التعبير والإفصاح عن أوضاعهم ومآسيهم الصعبة التي تفوق التصورات، ولهذا لا يحتجون، لذلك صاروا نسياً منسياً".
إنها صرخة أم لم تستطع أن تطلقها فأطلقها الأبناء بدلاً منها. فهل من مجيب؟