يعتبر التاسع عشر من يوليو من الأيام الهامة في حياة الأسرة البحرينية وفي تاريخ البحرين الحديث، تحققت فيه الإرادة الوطنية الجامعة ، بفضل حكمة وحنكة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وحرص جلالته على تأكيد دور الأسرة البحرينية، ومكونها الرئيس المرأة على وجه الخصوص، إحدى الدعائم الهامة في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، وترجمة لما جاء به ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين.
فبعد سنوات من الجهد استطاعت المرأة البحرينية أن تحقق أحد أهم أحلامها بإصدار قانون الأسرة الموحد، في المرسوم رقم (19) لسنة 2017، الصادر عن حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، تأكيداً لكرامة المرأة ودورها المحوري في عملية البناء والتنمية، وترجمة حقيقية لتطلعات كل نساء البحرين، وانعكاساً للأيام الجميلة التي تعيشها مملكة البحرين.
لقد أكد جلالة الملك المفدى، لدى استقبال جلالته رؤساء مجلسي النواب والشورى أن القانون "يمثل منجزاً يضاف إلى سجل نهضتنا الشاملة وفصلاً جديداً من تطور المنظومة القانونية التي تعنى بحماية كيان الأسرة"، مضيفاً جلالته أن القانون "إنجاز يفخر به كل بحريني وبحرينية حيث يعزز المكانة الرفيعة لمملكة البحرين ودورها الريادي بين دول العالم المتقدمة والمتحضرة، وسيسهم في ترسيخ استقرار الأسرة والمرأة البحرينية ويعزز مكانتها في المجتمع البحريني كونها مربية الأجيال".
هذا التأكيد الملكي على مكانة المرأة البحرينية مؤشرٌ آخر على ما تحظى به المرأة والأسرة والمجتمع ككل من اهتمام ورعاية خاصة من لدن جلالته، ويؤكد الحرص على أن تتمتع المرأة بكل المكتسبات التي حققها المشروع الإصلاحي كونها الشريك في عملية البناء والتنمية، وما لها من مكانة خاصة كأم ومربية في نفوس كل أبناء البحرين.
إنها "نهاية المعاناة"، هكذا علقت إحدى السيدات على خبر مصادقة جلالة الملك المفدى على القانون، مضيفةً أن القانون الجديد سيساهم في إعطاء المرأة كافة حقوقها، والتي كانت تعاني من أجلها كثيراً بسبب عدم وضوح القانون ، خصوصاً في شقه الجعفري، وهو ما أكدت عليه صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، في مقابلة لها مع دورية اوكسفورد بزنس قروب (أغسطس 2012)، حيث أكدت سموها أن "غياب قسمه الثاني (الشق الجعفري) يساهم في استمرار معاناة المرأة البحرينية في المحاكم الشرعية المختصة بحسب ما يرد للمجلس الأعلى للمرأة من قضايا عديدة".
وأشارت سموها في المقابلة إلى وجوب مبادرة السلطة التشريعية في ضوء تطبيق القسم الأول منه وما نتج عنه من بوادر إيجابية عديدة تساهم في حفظ استقرار العائلة البحرينية.
وأكدت سموها في برقية شكر إلى جلالة الملك المفدى بمناسبة المصادقة على أن "صدور قانون جامع للأسرة البحرينية هو إنجازٌ تاريخي للمؤسسة التشريعية بمملكة البحرين التي تولت مسؤوليتها باقتدار مشكور، استطاعت عبره أن تلبي تطلعات ملكية سباّقة وحاجة مجتمعية ملحة لحفظ كيان الأسرة البحرينية وحماية حقوق أفرادها، وليتوج هذا الإنجاز سجل إنجازاتنا الوطنية التي تحظى بقيادة ورعاية جلالتكم السامية لكل ما من شأنه أن يرتقي بمسيرة الوطن المباركة ويعزز مكانة البحرين الحضارية بين الأمم".
قانون الأسرة البحريني شهد إجماعاً وطنياً من مختلف الفئات، وهو ما تمثل في الإجماع الذي حظي به القانون خلال مناقشته في المؤسسة التشريعية (النواب والشورى)، وهو ما يؤكد حرص هذه المؤسسة على إنجاز قانون وطني جامع لكل أبناء البحرين، مع احترام الاختلافات والانتماءات المذهبية. إذ كان لقرار حضرة صاحب الجلالة تشكيل اللجنة الشرعية لمراجعة قانون الأسرة، الأثر البالغ في هذا الإجماع الوطني، حيث تشكلت اللجنة من نخبة من العلماء الأفاضل وكبار رجال الدين في البحرين، والذين أعادوا دراسة القانون وفق الشريعة الإسلامية السمحاء وأوصوا باعتماده من قبل السلطة التشريعية.
القانون وإن كان يحقق الكثير للأسرة والمرأة البحرينية، فإنه "يعكس مكانة البحرين دولياً، ويبرزها كدولة مؤسسات تحتكم للقانون وتحمي الحريات وتعزز الحقوق، تنطلق من التزاماتها الوطنية بدايةً قبل أية مطالبات دولية"؛ وهو ما أكدت عليه الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة، هالة الأنصاري، في تصريح لها عقب التصديق الملكي على القانون.
فقد أشارت الأنصاري إلى توصيات المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، والذي أقيم العام الماضي تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، والذي طالب "بضرورة الإسراع في استكمال قانون أحكام الأسرة باعتباره حاجة مجتمعية ملحة".
إلى ذلك كانت السلطة التشريعية حريصة على إقرار القانون لما يحققه من مكاسب للأسرة والمرأة البحرينية، وانعكاساً للوحدة الوطنية ورفضاً لمحاولات تأجيج الخلافات المذهبية والطائفية ، كما جاء على لسان رئيس مجلس الشورى، علي بن صالح الصالح، والذي قال "قانون الأسرة ليس للأسرة البحرينية فحسب وإنما للبحرين جميعها، حيث أثبت لمن يحاول تأجيج الخلافات المذهبية والطائفية، أن ما يجمعنا أكثر ما يفرقنا، وأن الجوهر واحد".
وفي وقت سابق؛ كان رئيس مجلس النواب، أحمد الملا، قد أشار إلى أن أهم مميزات قانون الأسرة هو "دعمه للحقوق والحريات ومحافظته على تماسك نسيج الأسرة البحرينية، ومساهمته الفعّالة في تقوية وتعزيز اللحمة والوحدة الوطنية، كونه قانوناً موحداً ساهم فيه الكل وأجمع عليه الكل وسينظم حياة جميع الأسر بغض النظر عن انتماءاتها".
من جانبه، أشار وزير العدل والشؤون الإسلامية، الشيخ خالد بن علي آل خليفة، أن القانون "يتضمن بين طياته تشريعاً يوحد الأسر في أكثر من 70% من مواده مما يكرس لمرجعية الدولة وحكم القانون".
وأضاف في مداخلة له عقب إقرار القانون من قبل مجلس الشورى "القانون الموحد حظي برضا الجميع، وحفظ الخصوصيات المذهبية في البحرين"، في إشارة إلى التوافق بين العلماء ورجال الدين على بنود القانون، مع احتفاظ كل مذهب بخصوصيته.
من جانبهم، كان لرجال الدين والعلماء رأي واضح في إقرار القانون، خصوصاً تعزيز الانسجام والتلاحم الاجتماعي بين أبناء الطائفتين، ويقطع الطريق على دعاة الفتنة والشحن الطائفي البغيض.
وجاء ذلك في تصريح لرئيس الأوقاف الجعفرية، محسن آل عصفور، بعد صدور الأمر الملكي بالتصديق على القانون، مشيداً "بجهود أعضاء لجنة مراجعة قانون الأسرة في التوافق على قانون الأسرة بما يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية"، ومؤكداً أن "إنجاز مشروع قانون الأسرة يمثل إنجازاً هاماً يضاف إلى إنجازات عهد الإصلاح الذي دشنه عاهل البلاد منذ تسلمه مقاليد الحكم".
وبإقرار القانون رقم (19) لسنة 2017 وتصديق حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، تدخل البحرين مرحلة جديدة من البناء والتنمية، عنوانها الانتصار للمرأة نصف المجتمع وجناح الوطن، وتؤكد للمتربصين والداعين إلى التخريب والفوضى أن هذا الوطن سيبقى عزيزاً كريماً بتكاتف جميع أبناءه تحت راية حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى.