أكد عدد من رجال دين ورؤساء مؤسسات المجتمع المدني أن صدور قانون الأسرة أكبر داعم لوحدة المجتمع البحريني الذي صوت على قانون موحد للأسرة يجمع بين طياته الكثير من النقاط المشتركة، معربين عن خالص الشكر والعرفان إلى جلالة الملك بمناسبة تفضل جلالته بالمصادقة على قانون رقم (19) لسنة 2017 بإصدار قانون الأسرة، مؤكدين أن هذا القانون كان مطلباً تاريخياً طالما حلم به شعب البحرين من أجل حماية الأسرة البحرينية والمحافظة على نسيج المجتمع البحريني.
وقالوا إن إقرار قانون الأسرة يمثل خطوة كبيرة في وحدة الشعب البحريني ونبذ الطائفية، كما أنه سيمثل نهاية للمعاناة الكبيرة التي كان يعاني منها الكثير من المواطنين خاصة المرأة من خلال دعم حقوقها.
وأكد الشيخ عبداللطيف المحمود أن الإجماع الذي شهده القانون من قبل السلطة التشريعية بغرفتيها يدل على أن ممثلي الشعب ومن وراءهم شعب البحرين يرون أن الأمر الملكي بتشكيل اللجنة الشرعية كان في محله وأن المواطنين اطمأنوا إلى هذا القانون وأن أي تعديل لن يتم إلا من خلال لجنة مختصة، نظراً لما يمثله هذا القانون من خصوصية تمس الشريعة الإسلامية.
وأضاف المحمود "أن الحكومة قد أحسنت صنعاً حين حولت الموضوعات التي خالفت فيها رأي اللجنة الشرعية مرة أخرى إلى اللجنة لبحثها، مشيراً إلى أن هذا ما قامت به اللجنة الشرعية من أجل أن يصدر قانون الأسرة الذي توافق عليه أعضاء اللجنة من فقهاء الشريعة الإسلامية وقضاة المحاكم الشرعية، مما أثلج صدور الجميع وحصل على موافقة بالإجماع بمجلسي الشورى والنواب".
ولفت المحمود إلى أن ما قامت به اللجنة الشرعية من جهد أظهر أن هناك ما يزيد على 83% من الأحكام الفقهية الأسرية متوافق عليها بين الفقهين السني والجعفري وهذا يستدعي من علماء الشريعة الإسلامية من اتباع الفقهين السني والجعفري البناء عليه لتحقيق مزيد من التوافق والتعايش بين اتباع هذين الفقهين ليس في البحرين فحسب بل في كل دولة يتواجدون فيها، ليحققوا معنى الأخوة الدينية التي طالبنا بها الله عز وجل من اتباع الإسلام الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، حيث يقول الله عز وجل "إنما المؤمنون إخوة".
وتابع المحمود: "إننا في مملكة البحرين عشنا منذ زمن طويل في مجتمع يمكن أن يقدم نموذجاً للتعايش بين مكوناته سواء المسلمين وغير المسلمين، ونستطيع أن نقدم صورة التعايش السلمي من خلال حياتنا التشريعية والاجتماعية ليكون نموذجاً للمجتمعات الإسلامية التي جعلها الله عز وجل رحمة للعالمين"، مؤكداً أن "هذا أيضا درس آخر لجميع مكونات المجتمعات، لأنه إذا تحرك الحكماء والعقلاء من اتباع مكونات أي مجتمع على القدر المشترك بينهم فانهم يحققون السلم الاجتماعي الذي تبنى عليه الدول القوية التي تساهم في المسار الحضاري للإنسانية" .
بدوره أكد رئيس جمعية ميثاق العمل الوطني أحمد جمعة على أن "هذا القانون لم يكن مطلباً شعبياً أو مطلباً لمنظمات المجتمع المدني فحسب، وإنما كان مطلباً تاريخياً منذ عقود مضت وكان يمثل حلماً لجميع أبناء هذا الوطن من كافة الطوائف والمذاهب".
واعتبر جمعة أن قانون الأسرة الموحد سيزيل كل الحواجز ويعطي مساحة هائلة لحرية التحرك في الشأن التشريعي فيما يتعلق بحقوق الاسرة، مضيفاً أن حقوق الأسرة لا يعني فقط الزواج والطلاق ولكنه يعني ما وراء ذلك من حفظ للأسرة والأبناء ودعم البناء الأسري، الذي ينعكس بدوره على بناء الوطن وكيانه ".
ووصف رئيس جمعية الميثاق أن وجود قانون للأسرة في السابق للشق السني فقط كأننا نتحدث عن طائر بجناح واحد، ولكن الآن بعد إقرار القانون للشقين السني والجعفري أصبح للطائر جناحان، وبالتالي أصبح محلقاً في فضاء شاسع ورحيب، ونستطيع أن نقول إن البحرين استطاعت اليوم أن تخطو خطوة تاريخية ليس فقط في القضاء على التفرقة وإنما أيضاً القضاء على آفة الإرهاب والعنف ومظاهر التمزق، والحد من الأصوات التي تلوح بعكس الوئام الذي يتضمنه قانون الأسرة الذي برهن على وحدة المجتمع البحريني.
وثمّن جمعة التوجيه الملكي بإنشاء لجنة شرعية لمناقشة هذا القانون، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا يقع على عاتق علماء الدين ورجال التشريع فحسب، بل أيضاً هو معني بالمحامين وعلماء الاجتماع وعلم نفس، ومنظمات المجتمع المدني، ومعتبراً أن هذا القانون سيكون أكبر داعم لحقوق المرأة بالنظر إلى ما كانت تعاني منه من تأخر قضايا الفصل في مسائل الطلاق والزواج .
من جهته، أشار الاستشاري النفسي بوحدة التوفيق الأسري بوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف د. عبدالله المقابي إلى "أن مصادقة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، على قانون الأسرة الموحد ضمانة جديدة لإنصاف المرأة والأسرة البحرينية، ويعكس الإرادة الشعبية المشتركة مما يحقق الإنصاف والمساواة ويزيد من تكاتف الوحدة واللحمة الوطنية".
وأضاف المقابي: "أن هذا القانون بعدما حظي به من دراسة وتحقيق لدى السلطتين التشريعية والقضائية وبين دراسة مستفيضة لم تقل عن 10 سنوات، أصبح نفاذه ضرورة ووجوده حاجة ملحة لا يمكن الاستغناء عنها لما له من أهمية بالذات بعد نجاح تجربة قانون الأحوال الشخصية بشقه السني والذي تعدت فيه التجربة إلى 8 سنوات بنجاح تكلل بإنصاف المرأة وضمان أشمل لحقوقها".
وتابع المقابي أنه "وبعد ذلك باتت الحاجة الملحة ليكون قانون الأسرة بشقه الجعفري؛ وكان الحرص الملكي والرعاية الأبوية من حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى والتي أدت فعلاً لإيجاد قانون الأسرة الموحد ، وهي تلك الرؤية الحكيمة الواعية رغبة جادة لوحدة الأسرة البحرينية بكل أطيافها ومذاهبها ".
وأضاف المقابي أن قانون الأسرة الموحد وبعد مصادقة جلالة الملك المفدى عليه أصبح خطوة ضرورية لتنظيم المسائل المنظورة أمام المحاكم الشرعية، وبات ضرورة ملحة لتعزيز خطى سير العجلة الإصلاحية بمفهومها الشمولي ولاستكمال الصورة العامة للواقع الحقوقي وخاصة فيما يتعلق بالأسرة والمرأة والطفل، ومن هنا نبارك للقيادة الرشيدة والأسرة البحرينية اكتمال العرس الأسري بنجاح الشعب بالحصول على هذا القانون الموحد والذي يصف في تعزيز موقع ومكانة المرأة والأسرة ويساهم بصنع الفارق وإنهاء أكثر الإشكاليات صعوبة ويساعد القضاء على حل الخلاف وانهاء النزاع بشكل أسهل.
من جانبه، وجه رئيس جمعية التجمع الوطني الدستوري (جود) عبدالرحمن الباكر التهنئة إلى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، وكل من قاموا على هذا القانون من أجل إنجازه واقراره، رغم وجود الكثير من العراقيل والمطبات من قبل المعارضين لخروج هذا القانون إلى النور سواء بقصد أو بدون قصد.
وأشار الباكر إلى "أن هذا القانون يعد إنجازاً كبيراً لجميع مكونات الشعب البحريني ويساعد في حل الكثير من القضايا الشرعية"، متمنياً "أن يكون لهذا القانون صدى كبيرا في دعم الاسرة البحرينية ".
ولفت الباكر إلى أن البحرين منذ القديم إلى اليوم ورغم مرور بعض الأزمات ووجود بعض الأشخاص ممن يريد تأجيج الطافية ولكن دائماً تلك المحاولات تبوء بالفشل، ولله الحمد فالبحرين لا يوجد فيها مثل هذه الطائفية أو التناحر الطائفي أو خلافات، وإنما هي بعض التفاصيل التي تخص الأشخاص والأسرة في مذهبها، ولكن البحرين دائماً يجمعها المحبة والتكاتف، معتبراً أن جميع مكونات المجتمع البحريني يتحلون بالعقل والطيبة والحلم والتسامح وهذه هي السياسة التي تتبعها القيادة الرشيدة التي دائما تتحلى بالتسامح والمحبة واحتواء الكل وهذه السياسة انعكست على كل مكونات الشعب .
وأشار الباكر إلى أن قانون الأسرة الموحد سيزيد من تلاحم المجتمع البحريني وسيساعد على التنمية الاجتماعية وحماية الأمن الأسرى، وبالتالي الحفاظ على النسيج الاجتماعي للأسر، معرباً عن أمله في أن يكون هذا القانون خير نصير وداعم لحماية المرأة والاسرة البحرينية ، وأن يتوج فكرة حماية حقوق المرأة وصونها.