بقلم: د.مصطفى السيدالأمين العام للمؤسسة الخيرية الملكيةأخي الحبيب، كم هو مؤلم فراق الأحبة، وكم هو صعب فراق الأحباب، وفي زيارتي الأخيرة لك يوم الجمعة في الأسبوع الماضي شعرت بمعاناتك ورأيت الحزن في وجه رفيقة دربك أم محمد التي أخبرتني بأنك نائم، كنت أشعر بالحزن طوال تلك الفترة الماضية، وكم كنت أشتاق إلى معاودة صحبتنا معاً في العمل الخيري والإنساني، وكم أشتاق إلى رحلة البحر الميت.وأتذكر كيف كنت أيها العزيز تصارع ماء البحر الثقيل بالأملاح وتتقلب فيه يمنة ويسرة ونضحك معاً، كان ذلك بعد أن وقعنا اتفاقية بناء مدرسة ومركز طبي ومكتبة للأشقاء الفلسطينيين في غزة.كم أنت إنسان رائع وطيب تحب الخير وتعمل على خدمة وطنك بحب وقلب كبير، تبذل في سبيل ذلك الكثير وتضحي في سبيلها براحتك، عكستها وترجمتها مواقف عديدة كنت شاهداً عليها أثبتت لي معدنك الطيب.فعندما ذهبنا إلى غزة لمساندة أهالينا الفلسطينيين هناك تحت ظروف الحرب والقطاع يتعرض للقصف وفي ظل هذه الظروف، وافقت أن تلعب مباراة في كرة القدم بين فريق الوفد البحريني والفريق الفلسطيني غير مبالٍ بظروف سنك وعدم خبرتك الرياضية، وفي اليوم الثاني طلبت أن نزور ملجأ للأيتام وقدمت لهم تبرعاً سخياً من مالك الخاص بعيداً عن الكاميرات ودون أن يعرف أحد، راجياً الإخلاص في هذا العمل الذي عرفته أنا بحكم قربي منك بمحض الصدفة.وكم سافرنا معاً إلى أماكن خطرة من أجل مساعدة المتضررين، تعرضنا للصعاب والخطر، ففي باكستان أثناء زيارتنا للمناطق التي تعاني من الفيضانات قام بمهاجمتك مجموعة من المتضررين الغاضبين لعدم حصولهم على المساعدات المطلوبة، ولوحوا بالفأس في وجهك في محاولة لقتلك، ولمحت ذلك وطلبت من الوفد مغادرة المنطقة والسيارة تتحرك إلى الخلف بعيداً عن موقع التوتر.ورحلتنا إلى الصومال كانت أكثر خطورة، حيث كنا نرى نيران القذائف من سطح الفندق وأصوات إطلاق النيران في الشارع الموازي لمكان حفل أحد مشاريعنا الخيرية، وتعرضنا لخطر أكبر أثناء تفقدنا مناطق جنوب لبنان عندما رأينا أنفسنا وسط حقل ألغام لم يتم تنظيفه، وكان علينا الحذر في المشي بناء على إرشادات مسؤول الأمم المتحدة.هذه نبذة بسيطة لمواقفك الإنسانية وتضحياتك في سبيل وطنك ومساعدة المحتاجين، وغيرها الكثير من المواقف الإنسانية والبطولية والوطنية التي تؤرخ أعمالك الجليلة في سبيل الخير والإنسانية في مختلف محطات حياتك وعملك في وزارة العمل والهلال الأحمر ووزارة الصحة ومع المواقف الخطرة التي صادفتك أثناء خدمتك للوطن والإنسانية، إلا أن مشيئة الله اختارت لك أن تودع أهلك وأبناءك في سكينة وطمأنينة وأنت معهم في لحظاتك الأخيرة في الدنيا والأولى بإذن الله تعالى في الجنة. رحمك الله كنت أخاً وصديقاً مخلصاً يا أبا محمد وأسكنك فسيح جنانه.