أكدت سفيرة جمهورية مصر العربية لدى البحرين سهى رفعت أن العمل الإنساني والتطوعي في البحرين نهج قديم ومستمر، وليس ظاهرة حديثة، سواء على المستوى الحكومي أو المجتمعي، فمملكة البحرين حريصة دائماً على تكريم وتشجيع كل من مد يده بالعون للإنسانية، أياً كانت هويته أو انتماؤه، ومهما كان المجال الذي يعمل به فعلى سبيل المثال، لا الحصر، تسعى المؤسسة الخيرية الملكية إلى تقديم المساعدات إلى أعداد كبيرة من الأشخاص ممن تضرروا من الظروف المختلفة وفي أماكن متعددة، فمنهم من شُردوا من جراء الحروب، ومنهم الأطفال الذين فقدوا أهلهم وذويهم، ومنهم من يعانون من مختلف الظروف في الأماكن النائية، كما يتمتع القائمون على المؤسسة برؤية ثاقبة، إذ لا تكتفي برفع المعاناه الحالية في بعض مناطق العالم، بل تسعى كذلك إلي بناء المستقبل بما يكفل حياة أفضل للأجيال القادمة، مع الحفاظ على الأصالة والعراقة التي تمثلها الثقافة والحضارة العربية، ومن أمثلة ذلك قيامها ببناء المؤسسات العلمية لإعداد رجال دين المستقبل، ليصبح هناك من هم قادرون على فهم الدين الحنيف بشكل صحيح وتعريف العالم به، خاصة في التوقيت الذي تتعرض فيه ثقافتنا العربية والإسلامية لهجمات عنيفة.

وذكرت أنه كانت مصر من أكثر الدول انتفاعاً بما تقدمه المؤسسة الخيرية الملكية، فقد قامت ببناء المدارس والمستشفيات في أقاليم مصر المختلفة، ولم يقتصر العطاء على الدعم المالي، بل حرص القائمون عليها بالتواجد في تلك الأقاليم للتعرف على احتياجات الاطفال والمحتاجين.

وقالت إن جائزة سمو الشيخ عيسى بن على بن خليفة آل خليفة للعمل التطوعي لم تقدم فقط دعماً مالياً كبيراً لمؤسسات خدمت البشرية، بل أظهرت هذه المؤسسات للعالم، بالشكل التي يدعم عملها، ويشجع القائمين عليها على الاستمرار في العمل والعطاء، وهي تعد استكمالا لمسيرة أجيال في مملكة البحرين اعتادت على دعم الخير وتكريم القائمين عليه، ويمكن اعتبار الجائزة بمثابة محفل إقليمي يحث الشباب على تقديم ما يستطيعون لخدمة الإنسان والحفاظ على كرامته، وكانت مصر أحد أهم المستفيدين من هذه الجائزة التي تهدف إلي تكريم كل انسان قدم العون لأخيه ال‘نسان وللبشرية وساهم في دعم العطاء.

وبشأن استضافة جامعة الدول العربية لحفل تسليم جائزة سموه للعمل التطوعي هذا العام، أشارت إلى أن مسيرة البحرين في العمل التطوعي جديرة بكل تقدير واحترام، وبالتالي كان من الطبيعي أن تتبنى جامعة الدول العربية هذه الجائزة في محاولة لتعميم تلك المسيرة على باقي الدول العربية، ولتشجيع الإنسان العربي على العمل التطوعي وخدمة البشرية.

وأضافت: لقد أثبتت البحرين ريادتها في مجال العمل التطوعي والخيري، ومن الضروري نقل هذه التجربة إلي باقى الدول العربية بهدف فتح قنوات التعاون في هذا المجال بين المؤسسات المعنية في مختلف الدول العربية.

كما أن استضافة الجامعة العربية لحفل تسليم الجائزة هو إقرار بأهمية تطوير الجامعة لرؤيتها للعلاقات بين الدول الأعضاء بها، فهذه الأعمال التطوعية، والحث عليها، يقوي الروابط بين الشعوب، ويبرز النماذج الناجحة التي يجب أن يُعتد بها وأن يعرف العالم بدورها المتميز الداعم للخير ولاحترام الإنسان لأخيه الإنسان.

وبشأن أبرز محطات العمل التطوعي والإنساني المصري أكدت السفيرة المصرية أن العمل الانساني والتطوعي في مصر يقوم بشكل أساسي على منظمات المجتمع المدني، فإن مؤسسة مثل مستشفى سرطان الأطفال 57357 خير مثال على مبادرات العمل الإنساني والتطوعي التي بدأت بفكرة، ثم أصبحت مثال يحتذي به في مجال العمل الإنساني والتطوعي، يستفيد منها أعداد كبيرة من المصريين والأجانب، وهناك مؤسسات أخرى تسير على نفس النهج ومنها مستشفى أهل مصر لعلاج الحروق الجاري حالياً بناؤها.

ونوهت إلى أنه أدرك المجتمع المصري خلال العقود الماضية أن المبادرات المجتمعية والعمل التطوعي هي السبل الوحيدة لمواجهة عدد كبير من المشكلات التي تواجه المواطن المصري، وذلك في ظل عدم قدرة الهيئات والمؤسسات الحكومية المصرية معالجة كافة تلك التحديات بشكل فردي في دولة بحجم مصر، وبالتالي زادت أعداد منظمات المجتمع المدني بشكل تدريجي، وتنوعت المجالات التي تعمل بها.

وقالت أود كذلك الإشارة إلى أن العديد من المنظمات المصرية المعنية بالعمل التطوعي ورموز العمل الإنساني بمصر قد تم تكريمهم بمملكة البحرين على جهودهم في مجال العمل الإنساني، فقد فازت مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357 بجائزة عيسى لخدمة الإنسانية في دورتها الثالثة، كما كان السيد عصام شرف، رئيس الوزراء المصري السابق، أحد الفائزين بجائزة سمو الشيخ عيسى بن علي للعمل التطوعي لعام 2014، والسيد عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية لعام 2015، ودكتورة رانيا علواني، عضو مجلس النواب المصري لعام 2016.

وتجدر الإشارة إلى أن حصول مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357 على جائزة عيسى لخدمة الإنسانية كان له أبلغ الأثر في تعريف العالم بها، وقد حرصت البحرين على تقديم هذه الجائزة للمستشفى لأسباب عديدة، كان من بينها حرصها على علاج أي طفل مريض بالسرطان بغض النظر عن جنسيته.

وعن كيفية تشجيع الشباب العربي على الإقبال على التطوع والعمل الإنساني قالت السفيرة سهى رفعت إن من اهم السبل لتشجيع الشباب على التطوع هو الاهتمام بدعم أفكارهم ومبادراتهم في هذه المجالات، فأكثر ما يدفع الشباب إلي العمل هو تأكدهم من وجود من يستمع إلي وجهة نظرهم ويساندهم في تحقيق رؤيتهم، بالإضافة إلي أهمية تكريم الشباب ممن يقومون بأعمال تخدم الإنسانية، ومن الضروري كذلك أن يتم تشجيع الشباب على التواصل مع نظرائهم في الدول العربية الأخرى ممن يعملون في مجال العمل التطوعي، وإيجاد مشاريع مشتركة يمكنهم من خلالها العمل سوياً وتبادل وجهات النظر والخبرات.

يذكر أن جائزة سمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة للعمل التطوعي، تُنظم بالتعاون مع الاتحاد العربي للتطوع وإدارة منظمات المجتمع المدني بجامعة الدول العربية، وستقام في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، في الفترة من 13 إلى 15 سبتمبر المقبل، حيث سيتم تكريم مجموعة من أبرز الشخصيات العربية التي أسهمت في دعم وتعزيز ثقافة العمل التطوعي وتبنت مشاريع تطوعية خدمت أوطانها.