متسولون يحترفون التمثيل، أصبحوا خبراء في كسب عاطفة الكبير قبل الصغير، مسارحهم شوارع البحرين ومساجدها، يطوفون بالبيوت وينهالون على أي شخص يخرج "البوك"، يمتهنون التسول ويسيئون لمن هو محتاج فعلاً، فالأخير لا تميزه عادة من التعفف.
قصص كثيرة بات الفرد يسمعها عمن احترفوا التسول، فلا يدري أهم محتاجون أم إنها مهنتهم البديلة السهلة؟
شيماء الجلاهمة تروي قصة حدثت معها، تقول "دخلت إلى البقالة وشاهدت عجوزاً تدخل البقالة بقوة، وفي يدها حوالي 100 دينار، سلمتها لصاحب البقالة وسألته هل تملك "خردة"؟ فقال لها لا، فجاءت لسؤالي؟ فقلت لها لا، فقالت لي ابني مريض وبحاجة للعلاج وأخذت تشرح مرضه، فأهديتها 20 ديناراً، وحينما خرجت من البقالة شاهدت ابنها في السيارة يرقص على أنغام الأغاني! فعرفت أنها نصابة رغم أننا كنا في شهر رمضان".
أما قصة مروة أشكناني فحدثت في البيت. تقول مروة: "جاءتنا متسولة إلى البيت، دخلت دون استئذان، حاملة على كتفها رضيعاً. بدأت تخبرنا بمآسيها وأن زوجها مصاب السكري وابنها الآخر مصاب بمرض غير معروف. وقالت إنها ذهبت لأحد البيوت فأهدوها 40 ديناراً ولم يكفها هذا المبلغ. فجاءت إلى منزلنا لطلب المساعدة. أخرجت ابنة خالتي لها نصف دينار، فرفضته المتسولة طالبة 20 ديناراً، ما أدى إلى نشوب شجار بينها وبين بنت خالتي".
في حين يلفت أحمد راشد إلى نوع آخر، يقول: "بتنا نرى متسولين يجوبون المناطق وفي أياديهم "سيلان" معبرين عن آلامهم، أو واضعين لصقة كبيرة جهة "الخاصرة" تعبيراً عن معاناتهم من الفشل الكلوي وحاجتهم إلى مساعدة. انتشرت هذه الظاهرة بشكل كبير وأعتقد أنه ليس هناك من يراقبهم أو جهات مختصة تبحث وضعهم".
أما علاء حسين فيقول: "في بعض الأحيان يطوف شخص بكل البيوت وهو في حال جيدة ولا يستحق المساعدة (..) بعض النساء يطوفون بالبيوت ويجمعون التبرعات من أجل بناء المآتم والمساجد، ولكن لا أعلم مصداقيتهم".
الشيخ عيسى المحميد إمام مسجد الشيخة لولوة بنت خليفة آل خليفة، يوضح الحالات التي يجوز فيها التسول شرعاً بالقول: "التسول شرعاً لا يجوز إلا في حالات ثلاث بينها الرسول (ص) حينما قال ما رواه مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش".