"وحش يفرض سيطرته علينا" هكذا تصف الاختصاصية الاجتماعية هدى آل محمود وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أن هذه الوسائل يفترض أن تقرب المسافات بين البشر فإنها تباعد بينهم أحياناً، خصوصاً داخل الأسرة. إذ بتنا نسمع عن مشكلات كثيرة وصل بعضها إلى الطلاق بسبب وسائل التواصل.

تقول آل محمود، وهي مديرة دار الأمان، إن الشك، وضعف الثقة، وعدم التوافق أكثر الطرق المؤدية لدمار أي علاقة، مضيفة أن المشاكل المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي تهدد خصوصاً العلاقات الزوجية الجديدة، فالزوجان الشابان يعتقدان أن الزواج رحلة سعيدة خالية من المشاكل، وحين يواجهان أي مشكلة لا يعالجونها فور حدوثها، فتتراكم المشكلات حتى يصلا إلى مرحلة التهرب من الواقع والمسؤولية باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ما يثير الشك لدى كلا الطرفين. على الزوجين دائماً اتخاذ قرار سريع بمواجهة مشكلاتهما قبل أن يصلا لهذه المرحلة الخطرة، وذلك بزيارة مراكز الإرشاد الأسري والنفسي.

"الوطن" تعرفت على عدد من الحالات الناشئة من مشكلات سببتها وسائل التواصل وعرضتها على الاختصاصية الاجتماعية لمعرفة أبعادها.

غيرة طفولية

"ف.ج" طالبة في الجامعة تقول إن غيرة خطيبها تمنعها من المشاركة في المجموعات الخاصة بالمحاضرات بدعوى أنها مختلطة، ما يعطل إمكانية حصولها على المعلومات المتعلقة بالمحاضرات في وقتها.

فيما تعتبر آل محمود أن هذا النوع من الغيرة هو "غيرة طفولية"، مشيرة إلى أن "من يحب شخصاً فعلاً يثق فيه سواء شارك في مجموعة للدراسة وتبادل المعلومات أو أي مجموعة أخرى".

غيرة من المشاهير

زوج يغار على زوجته من المشاهير، ويقول إنه يشعر بالضيق من متابعتها الدائمة لهم عبر مواقع التواصل "فهي لا تكف عن الحديث عنهم طيلة اليوم".

تفسر الاختصاصية آل محمود هذه الحالة بأنها "تعبر عن ثقة شبه معدومة"، لكنها تلفت إلى أن "المرأة تبالغ أحياناً في متابعة المشاهير، فيحس الزوج بالنقص وبأنه غير ملائم وهذا يوتر العلاقة ويثير الشك أكثر".

امرأة حكيمة

تقول ربة منزل تبلغ من العمر 50 عاماً إنها تعلم أن زوجها الذي يكبرها بسنتين يُكون صداقات مع نساء عبر مواقع التواصل، لكنها لا تتحدث معه في الموضوع حفاظاً على أبنائها كما تقول.

تعتبر الاختصاصية هدى آل محمود أن هذه المرأة "حكيمة، لأنها اتخذت القرار بعقلانية وواقعية، كونها مهتمة بأبنائها ومصلحتهم قبل كل شي". وتضيف "أغلب الرجال في هذا السن يعيشون حالة مراهقة، إما بسبب عدم عيشهم الحياة التي كانوا يتمنونها، أو لأنهم لا يريدون أن يتعايشوا مع عمرهم الحقيقي. والأبناء في سن الـ50 أهم من الرجل، فهم من يعتنون بالأم أكثر".