فاطمة خليل:
أكد د.الشيخ عبد الله بن علي بن محمد آل خليفة الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي والقانون العام أن هناك تعويلاً على نجاح الوساطة الكويتية التي يقودها بها أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة في حل الأزمة الخليجية قبيل القمة المقبلة، حيث يطمح الجميع إلى نجاح قمة الكويت. وأضاف في لقاء مع "الوطن"، أن مجلس التعاون الخليجي وجد ليبقى ونؤمن بصلابته ونجاحه، وذلك في حديث حول تداعيات الأزمة الخليجية، مشيراً في هذا السياق إلى أنه لا وجود للخلافات القديمة بين دول المجلس؛ حتى الخلافات الحدودية فقد طويت صفحتها منذ زمن. واستبعد د. الشيخ عبدالله بن علي أن تؤثر الأزمة الراهنة على مستقبل العلاقات الخليجية - الخليجية بعد انقضائها، معززاً ذلك بالقول إن "الشعب الخليجي كتلة متجانسة واحدة ولن تزيده تلك الأزمة إلا صلابة ومتانة"، مؤكداً أنه ما زال الأمل بالوصول إلى الاتحاد الخليجي بين دول المجلس قائماً حتى الآن، حتى وإن التزمت بعض الدول بسياستها الخاصة على غرار النموذج الأوروبي وتفرد السياسة البريطانية فيه. واستعرض أهمية السياسات الأمنية الموحدة بين دول المجلس وكيف تم تأسيس "درع الجزيرة"، ليكون جهازاً أمنياً مشتركاً ونواة حماية دول المجلس من الأخطار التي كانت تعصف بالمنطقة. وأوضح أن إيران ما زالت هي الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة، فمنذ قيام النظام الثيوقراطي في إيران عام 1979 وهي تعتبر دول المجلس عدواً لها، إذ اتخذت منهج تصدير الثورة من أجل الإطاحة بدول المجلس وعملت على دعم ومساندة الإرهاب الإقليمي والدولي من خلال دعمها لأحزاب ومنظمات الفاعلين من غير الدول "non state actors" في لبنان وسوريا والعراق، مستفيدة من تغير ميزان القوى الإقليمي بسقوط نظام بغداد عام 2003. وفي وقت يترقب المجتمع تدشين مركز عيسى الثقافي لكتابه المعنون بـ"السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون الخليجي وآفاق المستقبل"، والذي يأتي مواكبة لافتة للتحديات الأمنية بالمنطقة، قال إن الكتاب من الدراسات القليلة التي تعنى بالشأن السياسي والأمني في دول مجلس التعاون منذ بدايات معضلة الأمن في الخليج العربي..وفيما يلي نص اللقاء.. في ظل الأزمة الخليجية الراهنة، هناك من يقول باحتمالات انسحاب قطر من مجلس التعاون، ولربما تلحقها عُمان .. هل أصبح المجلس ذا جدوى؟ مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة إقليمية شُهد لها بالنجاح على مدى 36 عاماً المنصرمة، وأسسه قادة الدول الست من قناعة تامة وبمؤازرة الشعب الخليجي، فلذلك مجلس التعاون وجد ليبقى. وسوف يكون أقوى مما مضى بسبب حاجة الدول المؤسسة له، ولا سيما في ظل التهديدات الأمنية الإقليمية المتنامية، ولا يوجد مواطن خليجي يؤيد فض المجلس بسبب إيماننا بصلابته ونجاحه. كشفت الأزمة عن تشكل كيان رباعي خليجي بشكل واضح، هل هناك ثمة احتمال أن يصعد مقترح الاتحاد الخليجي إلى الواجهة ليكون رباعياً؟ أتت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- خلال قمة مجلس التعاون 32 في ديسمبر 2011 بالرياض تنفيذاً للمادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس، والتي تنص على أن "تتمثل أهداف مجلس التعاون الأساسية في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها". وما زال الطرح قائماً حتى اللحظة. فلو نظرنا للتجارب التي سبقت دول المجلس في هذا المجال، لرأينا الاتحاد الأوروبي والذي يعد من أنجح الصيغ إلى حد الآن، فإن سياسته الخارجية والدفاعية والأمنية والاقتصادية تندرج تحت الصيغة الاتحادية، فيما تشذ بريطانيا بسياستها الخاصة وذلك راجع لمصالحها.. ولا يعد هذا نقصان بالاتحاد.. وهذا ما نأمل الوصول إليه بين دول المجلس وأنا على يقين بأن ذلك سوف يتحقق في القريب العاجل. هناك صراع تاريخي قديم يجمع دولاً خليجية متفرقة مع قطر..هل تعتقد أن الأزمة الخليجية، تحمل في طياتها وجهاً من أوجه استعادة خلافات الماضي؟!! بالتأكيد لا.. لا وجود للخلافات القديمة بين دول المجلس، منذ تأسيس مجلس التعاون فقد طوت دوله جميع الخلافات بما فيها المعضلة التي كانت تؤرق الجميع "خلافات الحدود"، والتي تم تسويتها بين البحرين وقطر في 16 مارس 2001 من خلال محكمة العدل الدولية، وكذلك الخلاف الحدودي السعودي – القطري والذي تمت تسويته في الدوحة 21 مارس 2001. يستشرف مسؤولون كويتيون أن حل الأزمة الخليجية سيكون في القمة الخليجية المقبلة. هل تعتقد بذلك؟ وما مقومات استشرافهم برأيك؟ جميع قادة ومسؤولي وشعوب دول المجلس رحبوا بمساعي الوساطة التي يقوم بها أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، وسموه قطع شوطاً كبيراً في مجال الوساطة لما يتمتع به سموه من حنكة وخبرة سياسية، والجميع يطمح بنجاح القمة المقبلة بدولة الكويت. لو تمكنت دول الخليج من حلّ أزمتها مع قطر.. كيف تقرأ تداعيات تلك الأزمة على العلاقات الخليجية وخصوصاً مع قطر في المستقبل؟ الشعب الخليجي كتلة متجانسة واحدة ولن تزيده تلك الأزمة إلا صلابة ومتانة. كيف تقرأ مستقبل السياسة الأمنية الموحدة في ظل الأزمة الخليجية؟ دول مجلس التعاون قطعت شوطاً كبيراً في تأسيس السياسة الأمنية منذ بدايات تأسيس المجلس، وللأمانة فلم تتطرق القمتين الأوليتين من عمر المجلس إلى أي ترتيبات أمنية بينما كانت رحى الحرب العراقية – الإيرانية تهدد الخليج العربي، والغزو السوفيتي لأفغانستان كان في أوجه، وإنما تطرقت دول المجلس في القمة الثالثة المنعقدة بالمنامة إلى تأسيس جهاز أمني "درع الجزيرة"، ليكون نواة لحماية دول المجلس من الأخطار التي كانت تعصف بالمنطقة، ومنذ ذلك العقد حتى يومنا هذا أنجزت دول المجلس الكثير وليس القليل في تطوير السياسة الأمنية سواء الخارجية أو الداخلية حتى تمكنت دول المجلس من تأسيس حلف عربي إسلامي "عاصفة الحزم" المتكون من 40 دولة عربية وإسلامية في محاربة الإرهاب. كيف تقرأ إدراج الأمم المتحدة للتحالف العربي على القائمة السوداء؟ الأمم المتحدة استقت المعلومات الخاطئة من منظمات حقوق الإنسان التي كانت منذ البداية ضد التحاف العربي وتلك المنظمات دأبت على تشويه الحقائق ونقلها من منظور مغاير للحقيقة. هل ما زالت إيران العدو الأول للمنطقة في ظل المهددات الأمنية المحيطة والمواقف السلبية التي باتت تتخذها المنظمات الدولية تجاه دول الخليج؟ نعم ما زالت إيران هي الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة. ومنذ قيام النظام الثيوقراطي في إيران عام 1979 وهي تعتبر دول المجلس العدو لها، إذ اتخذت منهج تصدير الثورة من أجل الإطاحة بدول المجلس وعملت على دعم ومساندة الإرهاب الإقليمي والدولي من خلال دعمها لأحزاب ومنظمات الفاعلين من غير الدول "non state actors" في لبنان وسوريا والعراق، مستفيدة من تغير ميزان القوى الإقليمي بسقوط نظام بغداد عام 2003. تدشنون في وقت قريب كتابكم "السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون الخليجي وآفاق المستقبل"، بالتعاون مع مركز عيسى الثقافي.. حدثنا عن الكتاب؟ سيدشن مركز عيسى الثقافي كتاب السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون، بتقديم سمو الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي، وهو من الدراسات القليلة التي تعنى بالشأن السياسي والأمني في دول مجلس التعاون منذ بدايات معضلة الأمن في الخليج العربي، أي حين انتهاء معاهدة الحماية السياسية البريطانية بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي لمعظم دول الخليج العربي في إقليم يتسم بالصراع والمنافسة بين القوى الإقليمية المهيمنة عليه، ومن ثم حاجة الدول الخليجية لبلورة نظام أمني مغاير يحميها من الأخطار التي تثار في الإقليم. فاتجهت دول الخليج العربية لإنشاء منظمة إقليمية خاصة بها تنضوي فيها الدول الست لتكون كتلة واحدة تجابه الأخطار، فكان لا بد من تطوير تلك السياسة من قبل دول مجلس التعاون ولا سيما بعد ما سمي بـ"الربيع العربي"، ما دفع نحو الانصهار في بوتقة واحدة أكثر تطوراً وتقدماً مما سبق إلى مرحلة تكون أشد حساسية للمنطقة. وكان هذا الكتاب بالأساس أطروحة الدكتوراه، وحازت على مرتبة مشرف جداً من جامعة محمد الخامس بالرباط ويحتوي على قسمين؛ فالأول يغطي "التعاون الخليجي بين النشأة والوجود" يتفرع عنه فصلين؛ "تحديات ونشأة مجلس التعاون لدول الخليج العربية" و"مصادر تهديد الأمن لدول الخليج العربية"، أما القسم الثاني فيتناول "تأثير المتغيرات على السياسة الأمنية والحاجة للتحول من التعاون إلى الاتحاد الخليجي" وفيه فصلين أيضاً؛ "تقييم مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي ومعرفة أسباب علاجها"، و"آليات تطوير وتوحيد السياسات الدبلوماسية والأمنية لدول المجلس والدواعي والتحديات وآفاق المستقبل". 10. يتناول جزء من كتابكم توثيقاً لتاريخ المنطقة، ما أهم المفاصل التاريخية التي وقفتم عليها؟ يتناول الكتاب في القسم الأول منه أهمية الخليج العربي ودوله للمنطقة وللعالم بامتلاكها المكانة الجيوسياسية ورصيدها من المخزون الهائل من ثروة النفط والغاز، فبات من الضروري حماية دول الخليج العربية لنفسها ومقدراتها الوطنية بعد انتهاء معاهدة الحماية السياسية البريطانية ونية الحكومة العمالية انتهاء تواجدها من شرق قناة السويس، إذ كان للدول الخليجية رصيد من التجارب السابقة عام 1968 إبان تشكيل إمارات الخليج التساعي، فبإنشائها مجلس التعاون الخليجي بدأت تخطو نحو أمل مشرق ولكن ذلك لا يعني خلو التجربة من تحديات مر بها المجلس كالإرهاب وميزان القوى الإقليمي ومحاربة دول المجلس للطائفية التي تدعمها إيران، ووقوف دول المجلس كقوة واحدة إبان الغزو العراقي لدولة الكويت وأحداث فبراير عام 2011 في مملكة البحرين. لكم دراسة منشورة سابقاً تناولت موضوع التنافس التركي - الإيراني على العراق، كيف يمكننا إسقاط هذا التنافس على دول التعاون لاسيما في ظل تواجد الطرفين بشكل أو بآخر في قطر؟ تنافست القوتين غير العربيتين على العراق منذ عهد سليمان القانوني وإسماعيل الصفوي بداية القرن السادس عشر حتى يومنا هذا، وأدى هذا التنافس لتمزيق العراق وضياع أراضيه العربية كإقليم عربستان والجزء الشرقي من الشط العربي الذي استولى عليه رضا المازندراني "الشاه رضا بهلوي" واستبدل الاسم بخوزستان من أجل إضفاء الشرعية الفارسية على أرض عربية مغتصبة. وتلك القوتين الإقليميتين إنما هما نقيضان متضادان يسعيان للهيمنة الإقليمية من أجل إحياء أمجاد بائدة، ولا يكون مواجهة تلك القوتين أو الطرفين إلا باستعداد دول المجلس ووقوفهم صفاً واحداً ضد تلك الهيمنة والتدخل السافر. ما أهم التوصيات التي قدمتها في كتابك؟ من أهم التوصيات التي أتت في الكتاب الدعوة إلى تطوير السياسة الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية لدول المجلس، والتي قطعت الشوط الكبير في تنميتها من إنشاء المجلس حتى الآن، والمجال الاقتصادي الذي تنعم به دول المجلس ومجال السياسة الخارجية، دول مجلس التعاون تمتلك مقومات كثيرة من القوة الصلبة (Hard Power) والمتمثلة بالقوة العسكرية، ومن أهمها تشكيل عاصفة الحزم من عدد من الدول، والمرادف لها قوة النفوذ السياسي الذي تغيرت به مراكز القوى، واتخاذ القرارات من عواصم عربية أخرى إلى الرياض، مصاحب لذلك ما تملكه دول المجلس من قوة ناعمة "Soft Power"، كالقوة الاقتصادية؛ سوق الطاقة الداعمة لصناديق الثروة السيادية لدول المجلس والتي تعتبر الذراع الاستثماري للقوة الناعمة، ومصاحباً لذلك قوة الإعلام سواء المطبوع أو المسموع أو المرئي التي أصبحت دول المجلس رائدة فيه.
{{ article.visit_count }}
أكد د.الشيخ عبد الله بن علي بن محمد آل خليفة الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي والقانون العام أن هناك تعويلاً على نجاح الوساطة الكويتية التي يقودها بها أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة في حل الأزمة الخليجية قبيل القمة المقبلة، حيث يطمح الجميع إلى نجاح قمة الكويت. وأضاف في لقاء مع "الوطن"، أن مجلس التعاون الخليجي وجد ليبقى ونؤمن بصلابته ونجاحه، وذلك في حديث حول تداعيات الأزمة الخليجية، مشيراً في هذا السياق إلى أنه لا وجود للخلافات القديمة بين دول المجلس؛ حتى الخلافات الحدودية فقد طويت صفحتها منذ زمن. واستبعد د. الشيخ عبدالله بن علي أن تؤثر الأزمة الراهنة على مستقبل العلاقات الخليجية - الخليجية بعد انقضائها، معززاً ذلك بالقول إن "الشعب الخليجي كتلة متجانسة واحدة ولن تزيده تلك الأزمة إلا صلابة ومتانة"، مؤكداً أنه ما زال الأمل بالوصول إلى الاتحاد الخليجي بين دول المجلس قائماً حتى الآن، حتى وإن التزمت بعض الدول بسياستها الخاصة على غرار النموذج الأوروبي وتفرد السياسة البريطانية فيه. واستعرض أهمية السياسات الأمنية الموحدة بين دول المجلس وكيف تم تأسيس "درع الجزيرة"، ليكون جهازاً أمنياً مشتركاً ونواة حماية دول المجلس من الأخطار التي كانت تعصف بالمنطقة. وأوضح أن إيران ما زالت هي الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة، فمنذ قيام النظام الثيوقراطي في إيران عام 1979 وهي تعتبر دول المجلس عدواً لها، إذ اتخذت منهج تصدير الثورة من أجل الإطاحة بدول المجلس وعملت على دعم ومساندة الإرهاب الإقليمي والدولي من خلال دعمها لأحزاب ومنظمات الفاعلين من غير الدول "non state actors" في لبنان وسوريا والعراق، مستفيدة من تغير ميزان القوى الإقليمي بسقوط نظام بغداد عام 2003. وفي وقت يترقب المجتمع تدشين مركز عيسى الثقافي لكتابه المعنون بـ"السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون الخليجي وآفاق المستقبل"، والذي يأتي مواكبة لافتة للتحديات الأمنية بالمنطقة، قال إن الكتاب من الدراسات القليلة التي تعنى بالشأن السياسي والأمني في دول مجلس التعاون منذ بدايات معضلة الأمن في الخليج العربي..وفيما يلي نص اللقاء.. في ظل الأزمة الخليجية الراهنة، هناك من يقول باحتمالات انسحاب قطر من مجلس التعاون، ولربما تلحقها عُمان .. هل أصبح المجلس ذا جدوى؟ مجلس التعاون لدول الخليج العربية منظمة إقليمية شُهد لها بالنجاح على مدى 36 عاماً المنصرمة، وأسسه قادة الدول الست من قناعة تامة وبمؤازرة الشعب الخليجي، فلذلك مجلس التعاون وجد ليبقى. وسوف يكون أقوى مما مضى بسبب حاجة الدول المؤسسة له، ولا سيما في ظل التهديدات الأمنية الإقليمية المتنامية، ولا يوجد مواطن خليجي يؤيد فض المجلس بسبب إيماننا بصلابته ونجاحه. كشفت الأزمة عن تشكل كيان رباعي خليجي بشكل واضح، هل هناك ثمة احتمال أن يصعد مقترح الاتحاد الخليجي إلى الواجهة ليكون رباعياً؟ أتت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه- خلال قمة مجلس التعاون 32 في ديسمبر 2011 بالرياض تنفيذاً للمادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس، والتي تنص على أن "تتمثل أهداف مجلس التعاون الأساسية في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها". وما زال الطرح قائماً حتى اللحظة. فلو نظرنا للتجارب التي سبقت دول المجلس في هذا المجال، لرأينا الاتحاد الأوروبي والذي يعد من أنجح الصيغ إلى حد الآن، فإن سياسته الخارجية والدفاعية والأمنية والاقتصادية تندرج تحت الصيغة الاتحادية، فيما تشذ بريطانيا بسياستها الخاصة وذلك راجع لمصالحها.. ولا يعد هذا نقصان بالاتحاد.. وهذا ما نأمل الوصول إليه بين دول المجلس وأنا على يقين بأن ذلك سوف يتحقق في القريب العاجل. هناك صراع تاريخي قديم يجمع دولاً خليجية متفرقة مع قطر..هل تعتقد أن الأزمة الخليجية، تحمل في طياتها وجهاً من أوجه استعادة خلافات الماضي؟!! بالتأكيد لا.. لا وجود للخلافات القديمة بين دول المجلس، منذ تأسيس مجلس التعاون فقد طوت دوله جميع الخلافات بما فيها المعضلة التي كانت تؤرق الجميع "خلافات الحدود"، والتي تم تسويتها بين البحرين وقطر في 16 مارس 2001 من خلال محكمة العدل الدولية، وكذلك الخلاف الحدودي السعودي – القطري والذي تمت تسويته في الدوحة 21 مارس 2001. يستشرف مسؤولون كويتيون أن حل الأزمة الخليجية سيكون في القمة الخليجية المقبلة. هل تعتقد بذلك؟ وما مقومات استشرافهم برأيك؟ جميع قادة ومسؤولي وشعوب دول المجلس رحبوا بمساعي الوساطة التي يقوم بها أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، وسموه قطع شوطاً كبيراً في مجال الوساطة لما يتمتع به سموه من حنكة وخبرة سياسية، والجميع يطمح بنجاح القمة المقبلة بدولة الكويت. لو تمكنت دول الخليج من حلّ أزمتها مع قطر.. كيف تقرأ تداعيات تلك الأزمة على العلاقات الخليجية وخصوصاً مع قطر في المستقبل؟ الشعب الخليجي كتلة متجانسة واحدة ولن تزيده تلك الأزمة إلا صلابة ومتانة. كيف تقرأ مستقبل السياسة الأمنية الموحدة في ظل الأزمة الخليجية؟ دول مجلس التعاون قطعت شوطاً كبيراً في تأسيس السياسة الأمنية منذ بدايات تأسيس المجلس، وللأمانة فلم تتطرق القمتين الأوليتين من عمر المجلس إلى أي ترتيبات أمنية بينما كانت رحى الحرب العراقية – الإيرانية تهدد الخليج العربي، والغزو السوفيتي لأفغانستان كان في أوجه، وإنما تطرقت دول المجلس في القمة الثالثة المنعقدة بالمنامة إلى تأسيس جهاز أمني "درع الجزيرة"، ليكون نواة لحماية دول المجلس من الأخطار التي كانت تعصف بالمنطقة، ومنذ ذلك العقد حتى يومنا هذا أنجزت دول المجلس الكثير وليس القليل في تطوير السياسة الأمنية سواء الخارجية أو الداخلية حتى تمكنت دول المجلس من تأسيس حلف عربي إسلامي "عاصفة الحزم" المتكون من 40 دولة عربية وإسلامية في محاربة الإرهاب. كيف تقرأ إدراج الأمم المتحدة للتحالف العربي على القائمة السوداء؟ الأمم المتحدة استقت المعلومات الخاطئة من منظمات حقوق الإنسان التي كانت منذ البداية ضد التحاف العربي وتلك المنظمات دأبت على تشويه الحقائق ونقلها من منظور مغاير للحقيقة. هل ما زالت إيران العدو الأول للمنطقة في ظل المهددات الأمنية المحيطة والمواقف السلبية التي باتت تتخذها المنظمات الدولية تجاه دول الخليج؟ نعم ما زالت إيران هي الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة. ومنذ قيام النظام الثيوقراطي في إيران عام 1979 وهي تعتبر دول المجلس العدو لها، إذ اتخذت منهج تصدير الثورة من أجل الإطاحة بدول المجلس وعملت على دعم ومساندة الإرهاب الإقليمي والدولي من خلال دعمها لأحزاب ومنظمات الفاعلين من غير الدول "non state actors" في لبنان وسوريا والعراق، مستفيدة من تغير ميزان القوى الإقليمي بسقوط نظام بغداد عام 2003. تدشنون في وقت قريب كتابكم "السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون الخليجي وآفاق المستقبل"، بالتعاون مع مركز عيسى الثقافي.. حدثنا عن الكتاب؟ سيدشن مركز عيسى الثقافي كتاب السياسة الأمنية في دول مجلس التعاون، بتقديم سمو الشيخ عبد الله بن خالد آل خليفة رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي، وهو من الدراسات القليلة التي تعنى بالشأن السياسي والأمني في دول مجلس التعاون منذ بدايات معضلة الأمن في الخليج العربي، أي حين انتهاء معاهدة الحماية السياسية البريطانية بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي لمعظم دول الخليج العربي في إقليم يتسم بالصراع والمنافسة بين القوى الإقليمية المهيمنة عليه، ومن ثم حاجة الدول الخليجية لبلورة نظام أمني مغاير يحميها من الأخطار التي تثار في الإقليم. فاتجهت دول الخليج العربية لإنشاء منظمة إقليمية خاصة بها تنضوي فيها الدول الست لتكون كتلة واحدة تجابه الأخطار، فكان لا بد من تطوير تلك السياسة من قبل دول مجلس التعاون ولا سيما بعد ما سمي بـ"الربيع العربي"، ما دفع نحو الانصهار في بوتقة واحدة أكثر تطوراً وتقدماً مما سبق إلى مرحلة تكون أشد حساسية للمنطقة. وكان هذا الكتاب بالأساس أطروحة الدكتوراه، وحازت على مرتبة مشرف جداً من جامعة محمد الخامس بالرباط ويحتوي على قسمين؛ فالأول يغطي "التعاون الخليجي بين النشأة والوجود" يتفرع عنه فصلين؛ "تحديات ونشأة مجلس التعاون لدول الخليج العربية" و"مصادر تهديد الأمن لدول الخليج العربية"، أما القسم الثاني فيتناول "تأثير المتغيرات على السياسة الأمنية والحاجة للتحول من التعاون إلى الاتحاد الخليجي" وفيه فصلين أيضاً؛ "تقييم مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي ومعرفة أسباب علاجها"، و"آليات تطوير وتوحيد السياسات الدبلوماسية والأمنية لدول المجلس والدواعي والتحديات وآفاق المستقبل". 10. يتناول جزء من كتابكم توثيقاً لتاريخ المنطقة، ما أهم المفاصل التاريخية التي وقفتم عليها؟ يتناول الكتاب في القسم الأول منه أهمية الخليج العربي ودوله للمنطقة وللعالم بامتلاكها المكانة الجيوسياسية ورصيدها من المخزون الهائل من ثروة النفط والغاز، فبات من الضروري حماية دول الخليج العربية لنفسها ومقدراتها الوطنية بعد انتهاء معاهدة الحماية السياسية البريطانية ونية الحكومة العمالية انتهاء تواجدها من شرق قناة السويس، إذ كان للدول الخليجية رصيد من التجارب السابقة عام 1968 إبان تشكيل إمارات الخليج التساعي، فبإنشائها مجلس التعاون الخليجي بدأت تخطو نحو أمل مشرق ولكن ذلك لا يعني خلو التجربة من تحديات مر بها المجلس كالإرهاب وميزان القوى الإقليمي ومحاربة دول المجلس للطائفية التي تدعمها إيران، ووقوف دول المجلس كقوة واحدة إبان الغزو العراقي لدولة الكويت وأحداث فبراير عام 2011 في مملكة البحرين. لكم دراسة منشورة سابقاً تناولت موضوع التنافس التركي - الإيراني على العراق، كيف يمكننا إسقاط هذا التنافس على دول التعاون لاسيما في ظل تواجد الطرفين بشكل أو بآخر في قطر؟ تنافست القوتين غير العربيتين على العراق منذ عهد سليمان القانوني وإسماعيل الصفوي بداية القرن السادس عشر حتى يومنا هذا، وأدى هذا التنافس لتمزيق العراق وضياع أراضيه العربية كإقليم عربستان والجزء الشرقي من الشط العربي الذي استولى عليه رضا المازندراني "الشاه رضا بهلوي" واستبدل الاسم بخوزستان من أجل إضفاء الشرعية الفارسية على أرض عربية مغتصبة. وتلك القوتين الإقليميتين إنما هما نقيضان متضادان يسعيان للهيمنة الإقليمية من أجل إحياء أمجاد بائدة، ولا يكون مواجهة تلك القوتين أو الطرفين إلا باستعداد دول المجلس ووقوفهم صفاً واحداً ضد تلك الهيمنة والتدخل السافر. ما أهم التوصيات التي قدمتها في كتابك؟ من أهم التوصيات التي أتت في الكتاب الدعوة إلى تطوير السياسة الأمنية سواء الداخلية أو الخارجية لدول المجلس، والتي قطعت الشوط الكبير في تنميتها من إنشاء المجلس حتى الآن، والمجال الاقتصادي الذي تنعم به دول المجلس ومجال السياسة الخارجية، دول مجلس التعاون تمتلك مقومات كثيرة من القوة الصلبة (Hard Power) والمتمثلة بالقوة العسكرية، ومن أهمها تشكيل عاصفة الحزم من عدد من الدول، والمرادف لها قوة النفوذ السياسي الذي تغيرت به مراكز القوى، واتخاذ القرارات من عواصم عربية أخرى إلى الرياض، مصاحب لذلك ما تملكه دول المجلس من قوة ناعمة "Soft Power"، كالقوة الاقتصادية؛ سوق الطاقة الداعمة لصناديق الثروة السيادية لدول المجلس والتي تعتبر الذراع الاستثماري للقوة الناعمة، ومصاحباً لذلك قوة الإعلام سواء المطبوع أو المسموع أو المرئي التي أصبحت دول المجلس رائدة فيه.