رفضت لجنة شؤون المرأة والطفل النيابية مشروعاً لمجلس الشورى بتعديل بعض أحكام قانون الطفل، يمنع استغلال الأطفال اقتصادياً، أو نشر أمور جنسية تتعلق بهم.
وطبقاً للمذكرة الإيضاحية، فإن مشروع القانون يهدف إلى توفير مزيد من الحماية للأطفال، وصيانة حقوقهم، عبر تدابير تشريعية تمنع استغلالهم تفعيلاً للاتفاقيات الدولية في هذا الشأن، ويشمل ذلك إدراج ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضمن المواد المحظور نشرها أو عرضها أو تداولها مما يثير الغرائز أو يشجع على الجريمة أو الانحلال الأخلاقي، وكذلك إيراد تعريف لمفهوم "الاستغلال الاقتصادي"، إضافة إلى استبدال بعض العبارات.
ويتألف المشروع بقانون - فضلاً عن الديباجة - من "4" مواد، تنص المادة الأولى منها على استبدال نص المادة "39" من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم "37" لسنة 2012، وتضمنت المادة الثانية إضافة فقرة أخيرة للمادة "44" من ذات القانون، فيما استبدلت المادة الثالثة عبارة "الوزارة المعنية بالتنمية الاجتماعية" بعبارة "وزير حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية"، وعبارة "للطفل ذي الإعاقة" بعبارة "الطفل المعاق" أينما وردت هذه العبارات في قانون الطفل، وجاءت المادة الرابعة تنفيذية.
وطلبت الحكومة إعادة النظر في المشروع لأن الغاية المرجو تحقيقها من مشروع القانون متوافرة بالفعل؛ حيث يهدف المشروع بقانون إلى توفير مزيد من الحماية لحقوق الأطفال، ووضع التدابير التشريعية لمنع استغلال الأطفال تماشياً مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مملكة البحرين، وذلك بمد نطاق حظر أو نشر أو عرض أو تداول المطبوعات أو المصنفات الفنية - مرئيةً أو مسموعةً أو مقروءةً - الخاصة بالطفل والتي تكون مثيرة للغرائز الجنسية، أو تشجع على الجريمة والانحراف الأخلاقي ليشمل وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بإضافة عبارة " بأي وسيلة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي" إلى المادة "39" من قانون الطفل، وهو الأمر الذي لم تغفل عنه قوانين المملكة، حيث كانت المملكة من أوائل الدول التي انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في نوفمبر 1989م التي صودق عليها بالمرسوم بقانون رقم "16" لسنة 1991.
كما إن المملكة من أوائل الدول التي انضمت إلى البروتوكولين الاختياريين بشأن اشتراك الأطفال في الصراعات المسلحة وبيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية عن الأطفال، والملحقين باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأطفال، بموجب القانون رقم "19" لسنة 2004م، لكون موضوع رعاية الأطفال وحمايتهم يشكل أحد أكثر الموضوعات اهتماماً من مؤسسات الدولة؛ لكونهم يمثلون حجر الأساس في تحقيق التنمية الشاملة للإنسان وتمكينه من الإسهام الفعال والبناء في عملية التنمية بكل أبعادها، لذلك أولت الدولة أهمية قصوى بكل ما يتعلق برعاية وحماية الطفولة وفق مبادئ اتفاقية حقوق الطفل، حيث بذلت جهوداً حثيثة في مجال تطوير التشريعات والسياسات والبرامج التي تعنى بالأطفال وتعزيز قدرات الأسرة على تقديم أفضل رعاية لهم، وأولت المملكة اهتماماً خاصاً بالجوانب القانونية والنظامية لمواجهة استغلال الأطفال جنسياً عبر الإنترنت، وكانت من الدول الرائدة في مجال مكافحة جرائم إنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية متعلقة بالطفل سواء في قانون الطفل، وبالأخص المواد "44، 57، 66، 67"، أو من خلال إصدار قانون جرائم تقنية المعلومات رقم "60" لسنة 2014م، وبالأخص المادة "10" منه.
ورأت الحكومة أن تعريف "الاستغلال الاقتصادي" الوارد في المادة الثانية لا يتفق مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، كما إنه لا يتسع ليشمل أوجه الحماية المقررة في القانون القائم، إذ إنه جمع في فحواه بين "السلامة، والصحة، والرفاهية"، وتمت إضافة "واو" العطف بين هذه الكلمات الثلاث دون أن يشكل توافر إحداها فقط عنصراً مستقلاً للاستغلال، وهو ما لا يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها مملكة البحرين، كما تضمنت المادة الثالثة استبدال عبارات بالقانون، منها "الطفل ذي الإعاقة" بعبارة "الطفل المعاق" أينما وردت في القانون، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية أن ذلك يأتي تماشياً مع ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، وترى الحكومة أنه على العكس فقد استخدمت اتفاقية الطفل عبارة "الطفل المعاق" في المادتين "31، 32" منها، وهي ذات العبارة الواردة بقانون الطفل القائم، كما إن من المعروف أن التشريعات تجمعها وحدة عضوية واحدة وقد استخدم القانون رقم "74" لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين لفظ "المعاق" ضمن نصوصه، وهو ما يتعين معه الإبقاء على النص انسجاماً مع نصوص اتفاقية حقوق الطفل، ومع سائر التشريعات في المملكة سيما وأنه ليس ثمة خلاف في المعنى بين التعبيرين.
ورأت هيئة الإفتاء والتشريع القانوني أن النص القائم في القانوني الحالي، يحقق الهدف المراد تحقيقه بالحظر عن القيام بالأعمال المذكورة بالمادة بأية وسيلة كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة بما يشمل وسائل التواصل الاجتماعي، كما إن الحظر في المشروع بقانون جاء دون وجود أي نص عقابي يجرم ارتكاب هذه الأفعال، وكان من الواجب أن يقترن الفعل المحظور بعقوبة تحقق ما يرنو إليه الحظر من أهداف بتقويم ورد كل من يخالف أحكام القانون، لذا تقترح الهيئة إضافة نص في العقوبات الواردة في الباب الثامن من القانون محل التعديل يجرم القيام بمثل هذه الأفعال.
وفيما يتعلق بالمادة الثانية بشأن إضافة فقرة أخيرة للمادة "44" من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم "37" لسنة 2012، وذلك بإضافة تعريف للاستغلال الاقتصادي "يقصد بالاستغلال الاقتصادي كل فعل يترتب عليه أعباء ثقيلة على الطفل ويهدد سلامته وصحته ورفاهيته باستغلال ضعفه وعدم قدرته على الدفاع عن حقوقه"، ترى الهيئة أن التعريف غير منضبط ولا يتناسب من حيث المعنى مع المعرف؛ لأنه قد جمع في محتواه بين السلامة والصحة والرفاهية، على الرغم من اختلاف محتواهم مما يقيد تطبيق النص بتوافر كافة تلك العناصر دون أن يشكل تهديد رفاهية الطفل عنصراً مستقلاً، وهو ما يخالف الحقيقة حيث إن الإضرار برفاهية الطفل أو استغلاله بشكل يؤثر على ما يملكه هو بحد ذاته استغلال اقتصادي دون وجوب تعريض سلامته أو صحته للخطر، وعليه ترى الهيئة أن يتم إعادة صياغة مضمون التعريف بما يتناسب مع معناه وفي ضوء مفهوم الاستغلال الاقتصادي الذي جاء باتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة في نوفمبر عام 1989م، وانضمت إليها المملكة بموجب المرسوم بقانون رقم "16" لسنة 1991.
وأشار ممثلو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إلى عدم وجود عقوبة في القانون القائم، وكذلك في المشروع بقانون المنظور، على حالات سوء المعاملة الجسدية والنفسية للطفل وإهمال الوالدين.
من جهتها، بررت لجنة شؤون المرأة والطفل بأن تعديل المادة "39" بإضافة عبارة "بأي وسيلة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي" متحقق في التشريعات النافذة، وذلك من خلال ما ورد في المادة "10" من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم "60" لسنة 2014، حيث شددت العقوبة إذا كانت المواد الإباحية موجهة إلى الأطفال أو وضعت في متناول الأطفال، كما وجدت اللجنة، كذلك، أن المادة "33" من اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، والتي انضمت إليها مملكة البحرين بموجب المرسوم بقانون رقم "16" لسنة 1991، قد بينت جزئيات "الاستغلال الاقتصادي" من خلال تحديد حد أدنى للالتحاق بالعمل، ووضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه، وفرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان إنفاذ ما ذُكر. ولقد وجدت اللجنة أن جزئيات الاستغلال الاقتصادي الواردة في الاتفاقية المذكورة قد تمّت معالجتها ضمن نطاق قانون العمل في القطاع الأهلي رقم "36" لسنة 2012، ضمن الباب الرابع منه المعنون "تشغيل الأحداث"، وكذلك وضعت عقوبة جزائية بحق من يخالف أحكام الباب الرابع، وبالتالي لا يوجد مبرر لوضع تعريف للاستغلال الاقتصادي في ظل تحديد جزئياته.
ووجدت اللجنة أن التعديل المقترح بوضع عبارة "للطفل ذي الإعاقة" بدلاً عن عبارة "للطفل المعاق" سبق أن تم إجراؤه بموجب مشروع قانون بتعديل القانون رقم "74" لسنة 2006 بشأن رعاية وتأهيل وتشغيل المعاقين، والذي أقره مجلس النواب وهو الآن معروض أمام مجلس الشورى.