حسن الستري
أوصت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى المجلس للتمسك بقراره السابق برفض مشروع نيابي بتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2001.
وبينت اللجنة، أن مشروع القانون القاضي باستبدال المادة (76) وبالأخص النص على منع انفراد الحكومة بتأسيس الشركات أو تملك حصة تفوق 30% (ثلاثين في المئة) من ملكية الشركة، يتنافى مع الاستراتيجية التي تنتهجها المملكة في رسم سياستها الاقتصادية من التنويع في نشاطاتها الاقتصادية ومصادر دخلها، حيث إن المساهمة في بعض الشركات يكون لها أبعاد استراتيجية والتي تتعلق بعضها بحماية الأمن القومي، أو توفير المواد الأساسية مثل السلع الغذائية، أو تعزيز القدرة الصناعية وغيرها من الأهداف الاستراتيجية ولذلك لا يجوز تقييد الحكومة ومنعها من القيام بإحدى أهم سلطاتها العامة. وفي هذا الإطار ينبغي الالتفات إلى نص المادة (47) من الدستور البند (أ) والذي يقرر أنه "يرعى مجلس الوزراء مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الجهاز الحكومي".
وذكرت اللجنة أن التعديل الذي أجراه مجلس النواب على مشروع القانون، باستخدام تعبير "لا يجوز للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة" أي أن المخاطب بأحكام النص القانوني هم السلطات جميعها؛ التشريعية والقضائية والتنفيذية وجميع الأشخاص المعنوية العامة، في حين أن النص في القانون الأصلي يخاطب الحكومة كونها من يؤسس أو يساهم ممثلاً للسلطة التنفيذية بصفتها جزءاً من الدولة، وهو ما يتوافق مع نص المادة (47) من الدستور سالفة الذكر، وما ينسجم مع مبدأ الفصل بين السلطات في الدولة. كما أن تضمين النص المعدل "الأشخاص المعنوية العامة" دون تحديد الأساس الذي تقوم عليه، مقارنة بالنص الأصلي الذي حدد "الأشخاص المعنوية العامة التي رخص بتأسيسها بمرسوم" مما يجعل النص المعدل عاماً وتندرج ضمنه جميع الأشخاص المعنوية بما في ذلك الهيئات أو المؤسسات العامة التي يمنحها نظام تأسيسها صلاحية تأسيس الشركات أو المساهمة فيها، مثل النقل العام أو الموانئ العامة أو الطيران وغيرها، الحالية أو المستقبلية، مما قد يكون عاملاً مقيدًا للمبادرات الاقتصادية الحكومية.
وبينت اللجنة أن الحكومة تهدف من تأسيس الشركات أو المساهمة في أخرى قائمة، وبالأخص في المشاريع الاستراتيجية، إلى تعزيز التنمية الاقتصادية بإنشاء مشاريع تهدف إلى تنشيط الاقتصاد الوطني وخلق وظائف للمواطنين تلبي احتياجات الأعداد المتزايدة من الخريجين على كافة المستويات، ومشروع القانون بالتعديل المذكور بتقييد حق الحكومة في تأسيس الشركات، سيخلق عقبات قانونية فيما يتعلق بمعالجة مشكلات الاقتصاد الوطني خاصة في المراحل التي قد يعاني فيها الاقتصاد من حالة تباطؤ أو انكماش أو ركود. وهنا يتطلب الوضع تدخل الحكومة مباشرة في العملية الاقتصادية، كما حدث مؤخراً في بعض الدول المتقدمة اقتصادياً في عام 2008 إبان الأزمة المالية.
وأوضحت اللجنة أن الموافقة على مشروع القانون سيترتب عليها عدم قدرة ديوان الرقابة المالية والإدارية على ممارسة رقابته على الشركات التي سيكون للدولة حصة في رأسمالها تقل عن 30%. ذلك أن هذه النسبة لا تعد نسبة سيطرة مؤثرة في مجلس الإدارة لأنها تمثل حصة أقلية، الأمر الذي سيضعف الرقابة الرسمية على حسن ومشروعية إدارة واستخدام الأموال العامة. واستتباعاً فإن هذا بدوره سوف يضعف من رقابة مجلس النواب على جزء مهم من استثمارات الأموال العامة.
وذكرت اللجنة أن مشروع القانون محل المناقشة سيحد من قدرة الحكومة على دعم أنشطة القطاع الخاص وتشجيعه على المشاركة في التنمية الاقتصادية، مما قد يعيق الحكومة عن تنفيذ سياستها الاقتصادية العامة. ذلك أن القطاع الخاص بطبيعة رأس المال يتردد عن الدخول في أنشطة تتميز بمخاطر غير مضمونة في مرحلة التطوير مما قد يفوق قدرته على تحمل نتائجها.
ومن هنا فإن دخول الحكومة كشريك مؤثر وضامن فيها يعد مصدر تشجيع للمستثمرين وتطمينًا لهم سواء بوجود الحكومة كمشترٍ للمنتج النهائي أو كضامن للتعويض في حالة التعرض لمخاطر فعليةٍ عاليةٍ. من هنا فإن الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص، وبنسبة ملكية مؤثرة، مالياً وإدارياً، يكون لها أثر إيجابي سواء من ناحية التشجيع والضمانات، أو من ناحية الرقابة والتوجيه والحماية للمال العام.
وذكرت اللجنة أن (المادة المستحدثة) التي اقترحها مجلس النواب في مشروع القانون تنص "على الشركات التي تمتلكها الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة بالكامل أو تساهم فيها بنسبة تجاوز 30% من رأس المال، توفيق أوضاعها خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون". ومن الواضح أن هذا القيد ستكون له نتائج سلبية كبيرة على أوضاع الشركات ذات الصلة. إذ إن تحديد فترة ثلاث (3) سنوات للحكومة لتعديل أوضاع استثماراتها في الشركات لتكون النسبة القصوى للتملك لا تتجاوز 30% سينطوي على خطورة انخفاض قيمة الأسهم الحكومية. ومثل هذا الشرط سيؤدي بدون شك لأضرار جسيمة على الاقتصاد الوطني وعلى أوضاع الشركات التي سيطبق عليها.
{{ article.visit_count }}
أوصت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى المجلس للتمسك بقراره السابق برفض مشروع نيابي بتعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2001.
وبينت اللجنة، أن مشروع القانون القاضي باستبدال المادة (76) وبالأخص النص على منع انفراد الحكومة بتأسيس الشركات أو تملك حصة تفوق 30% (ثلاثين في المئة) من ملكية الشركة، يتنافى مع الاستراتيجية التي تنتهجها المملكة في رسم سياستها الاقتصادية من التنويع في نشاطاتها الاقتصادية ومصادر دخلها، حيث إن المساهمة في بعض الشركات يكون لها أبعاد استراتيجية والتي تتعلق بعضها بحماية الأمن القومي، أو توفير المواد الأساسية مثل السلع الغذائية، أو تعزيز القدرة الصناعية وغيرها من الأهداف الاستراتيجية ولذلك لا يجوز تقييد الحكومة ومنعها من القيام بإحدى أهم سلطاتها العامة. وفي هذا الإطار ينبغي الالتفات إلى نص المادة (47) من الدستور البند (أ) والذي يقرر أنه "يرعى مجلس الوزراء مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الجهاز الحكومي".
وذكرت اللجنة أن التعديل الذي أجراه مجلس النواب على مشروع القانون، باستخدام تعبير "لا يجوز للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة" أي أن المخاطب بأحكام النص القانوني هم السلطات جميعها؛ التشريعية والقضائية والتنفيذية وجميع الأشخاص المعنوية العامة، في حين أن النص في القانون الأصلي يخاطب الحكومة كونها من يؤسس أو يساهم ممثلاً للسلطة التنفيذية بصفتها جزءاً من الدولة، وهو ما يتوافق مع نص المادة (47) من الدستور سالفة الذكر، وما ينسجم مع مبدأ الفصل بين السلطات في الدولة. كما أن تضمين النص المعدل "الأشخاص المعنوية العامة" دون تحديد الأساس الذي تقوم عليه، مقارنة بالنص الأصلي الذي حدد "الأشخاص المعنوية العامة التي رخص بتأسيسها بمرسوم" مما يجعل النص المعدل عاماً وتندرج ضمنه جميع الأشخاص المعنوية بما في ذلك الهيئات أو المؤسسات العامة التي يمنحها نظام تأسيسها صلاحية تأسيس الشركات أو المساهمة فيها، مثل النقل العام أو الموانئ العامة أو الطيران وغيرها، الحالية أو المستقبلية، مما قد يكون عاملاً مقيدًا للمبادرات الاقتصادية الحكومية.
وبينت اللجنة أن الحكومة تهدف من تأسيس الشركات أو المساهمة في أخرى قائمة، وبالأخص في المشاريع الاستراتيجية، إلى تعزيز التنمية الاقتصادية بإنشاء مشاريع تهدف إلى تنشيط الاقتصاد الوطني وخلق وظائف للمواطنين تلبي احتياجات الأعداد المتزايدة من الخريجين على كافة المستويات، ومشروع القانون بالتعديل المذكور بتقييد حق الحكومة في تأسيس الشركات، سيخلق عقبات قانونية فيما يتعلق بمعالجة مشكلات الاقتصاد الوطني خاصة في المراحل التي قد يعاني فيها الاقتصاد من حالة تباطؤ أو انكماش أو ركود. وهنا يتطلب الوضع تدخل الحكومة مباشرة في العملية الاقتصادية، كما حدث مؤخراً في بعض الدول المتقدمة اقتصادياً في عام 2008 إبان الأزمة المالية.
وأوضحت اللجنة أن الموافقة على مشروع القانون سيترتب عليها عدم قدرة ديوان الرقابة المالية والإدارية على ممارسة رقابته على الشركات التي سيكون للدولة حصة في رأسمالها تقل عن 30%. ذلك أن هذه النسبة لا تعد نسبة سيطرة مؤثرة في مجلس الإدارة لأنها تمثل حصة أقلية، الأمر الذي سيضعف الرقابة الرسمية على حسن ومشروعية إدارة واستخدام الأموال العامة. واستتباعاً فإن هذا بدوره سوف يضعف من رقابة مجلس النواب على جزء مهم من استثمارات الأموال العامة.
وذكرت اللجنة أن مشروع القانون محل المناقشة سيحد من قدرة الحكومة على دعم أنشطة القطاع الخاص وتشجيعه على المشاركة في التنمية الاقتصادية، مما قد يعيق الحكومة عن تنفيذ سياستها الاقتصادية العامة. ذلك أن القطاع الخاص بطبيعة رأس المال يتردد عن الدخول في أنشطة تتميز بمخاطر غير مضمونة في مرحلة التطوير مما قد يفوق قدرته على تحمل نتائجها.
ومن هنا فإن دخول الحكومة كشريك مؤثر وضامن فيها يعد مصدر تشجيع للمستثمرين وتطمينًا لهم سواء بوجود الحكومة كمشترٍ للمنتج النهائي أو كضامن للتعويض في حالة التعرض لمخاطر فعليةٍ عاليةٍ. من هنا فإن الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص، وبنسبة ملكية مؤثرة، مالياً وإدارياً، يكون لها أثر إيجابي سواء من ناحية التشجيع والضمانات، أو من ناحية الرقابة والتوجيه والحماية للمال العام.
وذكرت اللجنة أن (المادة المستحدثة) التي اقترحها مجلس النواب في مشروع القانون تنص "على الشركات التي تمتلكها الدولة أو الأشخاص المعنوية العامة بالكامل أو تساهم فيها بنسبة تجاوز 30% من رأس المال، توفيق أوضاعها خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون". ومن الواضح أن هذا القيد ستكون له نتائج سلبية كبيرة على أوضاع الشركات ذات الصلة. إذ إن تحديد فترة ثلاث (3) سنوات للحكومة لتعديل أوضاع استثماراتها في الشركات لتكون النسبة القصوى للتملك لا تتجاوز 30% سينطوي على خطورة انخفاض قيمة الأسهم الحكومية. ومثل هذا الشرط سيؤدي بدون شك لأضرار جسيمة على الاقتصاد الوطني وعلى أوضاع الشركات التي سيطبق عليها.