اختتم المنتدى العربي للبيئة والتنمية "أفد" مؤتمره السنوي العاشر حول "البيئة العربية في 10 سنين"، والذي شارك فيه عدد من وزراء البيئة والخبراء البيئيين العرب، فيما أشار تقرير "أفد" إلى أن المنطقة العربية تشكل أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، حيث سجلت الفجوة الغذائية العربية الإجمالية زيادة كبيرة من 18 بليون دولار عام 2005 إلى 34 بليون دولار عام 2014، ودعا المشاركون في المؤتمر إلى تخفيف الهدر وتحسين الإنتاجية وزيادة الموازنات المخصصة للأبحاث الزراعية، مشددين على أهمية التعاون الإقليمي. يشار إلى أن وفد جامعة الخليج العربي تشكل من الأستاذ الدكتور وليد زياري والأستاذ الدكتور إبراهيم عبد الجليل وعدد من طالبات كلية الدارسات العليا وهم منى القيشاوي وأنوار العصيمي ومريم والعود ومها جمعة.

وكان وفد طلابي وأكاديمي من جامعة الخليج العربي ضمن 400 مندوب من 46 بلداً يمثلون الهيئات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الإقليمية والدولية ومراكز الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني
قد شاركو في هذه التظاهرة البيئية السنوية.

وأعلن أمين عام المنتدى نجيب صعب توصيات المؤتمر مؤكداً ضرورة دمج الإدارة السليمة للموارد الطبيعية والبيئية بشكل أكثر شمولاً في عمليات صنع القرارات الحكومية، داعيا إلى اتخاذ إجراءات حكومية أقوى وأسرع لحماية البيئة وإدارة الموارد الطبيعية على نحو مستدام، وإلى اتخاذ خطوات فورية لترجمة الاستراتيجيات إلى إجراءات فعلية، محذراً من أن الوضع البيئي العربي "في تراجع مستمر".

وأوصى المشاركون في المؤتمر بمجموعة من التدابير لمواجهة التحديات التي تنتظر البلدان العربية، وتطوير الإطار المؤسساتي الحالي لجامعة الدول العربية للمساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة الواردة في أجندة 2030، وتعزيز التنسيق بين الدول العربية للعمل كمجموعة إقليمية قوية قادرة على المساهمة بشكل إيجابي في المساعي الدولية، مع إعطاء الأولوية للاستثمار في التعليم والابتكار والبحث والتطوير.

وقال أستاذ الموارد المائية، ومنسق برنامج إدارة الموارد المائية الأستاذ الدكتور وليد زباري الذي أعد فصل المياه في تقرير أفد أن المشاركون أكدوا على ضرورة دمج الإدارة البيئية في صياغة السياسات الحكومية وتنفيذها ، وتعزيز الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وخلق الحوافز والظروف التمکینیة التي تشجع استثمارات القطاع الخاص في الاقتصاد الأخضر والمشاریع المستدامة. وإلى ضرورة إعادة النظر في السياسات السعرية للموارد الطبيعية والابتعاد عن الدعم العام واستبداله بالدعم الموجه، حيث بينت الدراسات أن الدعم العام يستفيد منه الاغنياء أكثر من الفقراء الذين وضع من أجلهم. وأشار إلى أنه من الطبيعي تكثيف الجهود على رفع كفاءة استخدام المياه في القطاع الزراعي في المنطقة العربية حيث إنه المستهلك الأكبر للمياه بنسبة 85% وحيث يوجد أكبر هدر يصل إلى 50% من المياه المستخدمة، ومن الممكن تحقيق وفورات عالية فيه. كما ركزت التوصيات على تحسين حوكمة البيئة والمصادر الطبيعية ، والمعني بها مشاركة المستخدمين وإنفاذ التشريعات وتقوية الأجهزة الإدارية وبناء القدرات واللامركزية، والذي يجب أن تأتي في أولويات الدول العربية لرفع مستوى فاعلية إدارة الموارد الطبيعية والبيئة، كما أكد المشاركون على ضرورة التوازن بين الأمن الغذائي والمائي من خلال اعتماد ممارسات زراعية مستدامة تعزز الكفاءة والإنتاجية والتقليل من الخسائر الغذائية في جميع المراحل، داعين إلى متابعة الاتجاه الراهن في التحول إلى مصادر مستدامة للطاقة، وتحسین جودة الهواء من خلال نشر مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة لتولید الكهرباء، وتنفیذ تدابیر الکفاءة في المباني، والاستثمار في وسائل النقل العام وتسریع التحول إلی السیارات الهجینة والكهربائیة.

ومن جانبه، قال الخبير البيئي، الأستاذ الزائر بكلية الدراسات العليا الدكتور إبراهيم عبدالجليل، وهو أحد مؤلفي التقرير في جلسة "الحوكمة والسياسات البيئية" إن المؤسسات البيئية تعززت بوجه عام في البلدان العربية، مما أسفر عن بعض التحسينات في الإدارة البيئية حيث وبرز التحول الرئيسي في السياسة العامة من خلال الإصلاحات الأخيرة في أسعار الطاقة والمياه وإصلاح سياسات الدعم واعتماد سياسات للطاقة المستدامة.

كما أشار في جلسة أخرى إلى أن مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لا تزال هامشية في حدود 3.5 %، ويتوقع أن تتضاعف حتى سنة 2020، إذ أعلنت 12 دولة عربية عن أهداف للطاقة المتجددة تتجاوز 20 %، بينها السعودية والمغرب والإمارات والأردن والجزائر ومصر وتونس، مؤكداً تطور مشاركة البلدان العربية في المساعي الدولية لمواجهة تغير المناخ، والتي بلغت ذروتها في اتفاق باريس الذي وقعته جميع الدول العربية باستثناء سورية، وصادقت عليه 14 دولة.


ودعا تقرير "أفد" إلى استبدال الدعم العشوائي الشامل لأسعار السلع والخدمات، مثل الماء والمحروقات والكهرباء، بدعم موجه إلى الشرائح المحرومة في المجتمع. وينبغي أن تلبي سياسات التسعير الحاجات البشرية الأساسية، وأن تعزز كفاءة الموارد، وأن تسترد كلفة تقديم الخدمات من غير أن يؤثر ذلك على الفقراء.

واتفق المشاركون على أن ندرة المياه تتفاقم في المنطقة العربية، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه العذبة خلال السنين العشر الماضية من نحو 990 متراً مكعباً سنوياً إلى أقل من 500 – 800 متر مكعب، وفي حين تعالج نسبة 60 في المئة من مياه الصرف الصحي، يرمى أكثر من نصف المياه المعالجة في البحر ولا يعاد استخدامها، ولكن تم إصلاح سياسات دعم المياه في العديد من البلدان، وهي خطوة من المتوقع أن تعزز كفاءة استخدام المياه واسترداد التكاليف.