حوراء يونس

صور كثيرة مترسخة في أذهان الناس عن مرض "الصدفية" الجلدي. كثير منها قد يكون خاطئاً.

د.مريم باقي استشارية الامراض الجلدية والحاصلة على زمالة نيويورك في أمراض الصدفية تقول لـ"الوطن"، تزامناً مع اليوم العالمي للمرض، إن "الصدفية" مرض جلدي التهابي مزمن مجهول الأسباب لا يرتبط بالنظافة الشخصية وغير معد بتاتاً، موضحة أن أسباب المرض يمكن أن تعود لنظريات جينية، أي أن يملك الشخص المصاب جينات تجعله أكثر عرضة للإصابة بالمرض، فأحياناً يوجد تاريخ عائلي للمرض. وهناك نظريات مناعية، أي أنه عائد لخلل في الجهاز المناعي للمريض. أما النظريات الثالثة فهي نظريات بيئية، كوجود عوامل الضغط النفسي، أو شرب الكحول، أو التدخين والسمنة التي قد تتفاعل وتجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بمرض الصدفية.

الطبيب العام قد يخطئ التشخيص

وتلفت د.مريم إلى أن تشخيص الصدفية "يحتاج طبيباً متمرساً وخبيراً في جميع الحالات، وقد يخطئ الطبيب العام أو الطبيب التجميلي غير المتخصص في تشخيصه كفطريات أو تحسس، فتفريق المرض عن الفطريات والأمراض الأخرى يعتمد على خبرة الطبيب والفحص الإكلينيكي. وأحياناً يحتاج الطبيب المختص إلى أخذ عينة أو خزع جلدية وسؤال المريض عن التاريخ العائلي، لذلك نسبة الصدفية الحقيقية في المجتمع أكثر بكثير مما نراه. إذ يوجد أكثر من 13 نوعاً للصدفية تختلف في أشكالها منها صدفية المفاصل، وصدفية الأظافر، والصدفية الصديدية، والصدفية المحمرة. أما المؤشرات الدالة على وجود صدفية فهي ظهور بقع سميكة حمراء قد تكون مغطاة بقشور سميكة بيضاء، وعادة ما تتواجد في فروة الراس، خلف الأذنين، الأكواع والركب وأسفل الظهر".


نصف العلاج

وتضيف د.مريم أن "من أهم العوامل المؤثرة على الصدفية وتهيجها التدخين، والكحول، والسمنة المفرطة وعدم الالتزام بنمط غذائي صحي إضافة إلى الضغط النفسي. فإذا وجدت هذه العوامل أقول للمريض بكل صراحة "لا تتأمل أن ينفع العلاج"، فنصف العلاج بيد المريض وهو عبارة عن نمط حياة صحي للتخلص من العوامل المذكورة. فللطعام علاقة وطيدة بمرضى الصدفية وهو عنصر أساسي ومهم جدًا في العلاج، فالمرضى الذي يتبعون نظاماً غذائياً يحتوي على "ديتوكس" أو قليل الغلوتين (
مركب بروتيني يشكل 80% من البروتين المحتوى في بذرة القمح) أثبتوا أنهم استطاعوا السيطرة على الصدفية. وأثبتت الدراسات العلمية أن الأغذية الغنية بالخضراوات والفواكه الورقية والأطعمة العضوية، وزيت الزيتون، والأسماك كالسلمون، والخبز الأسمر والرز الأسمر مفيدة جداً لمرضى الصدفية. فالجلد مرآة لما هو داخل الجسم، والاخير يعتمد على الطعام كوقود".

تصرفات خاطئة

وتشدد د.مريم على أن "أكثر تصرف خاطئ يمارسه مرضى الصدفية اعتقادهم بأن العلاج الدوائي أو البيولوجي هو العنصر المهم، متناسين العوامل الموجودة بين أيديهم. فمثلاً المرضى الذين تتعدى أوزانهم 100 كيلوغرام يشكون عدم فعالية العلاج، فيما يشهد المرضى الذين ساروا على نظام غذائي صحي ومارسوا الرياضة تحسناً ملحوظاً.

معظم المرضى يعتقدون بأن المرض يحتاج نظافة شخصية فتلجأ كثيرات إلى "الحمام المغربي" أو محاولة إزالة قشور صدفية الرأس في الصالونات وهذه الممارسات تهيج الصدفية وتزيدها، فهو مرض جلدي وجيني لا علاقة له بالنظافة الشخصية.

أما الخطأ الثالث الذي يقع فيه كثير من المرضى فهو بالانعزال عن المجتمع بسبب الصدفية، ما يصيبهم بالاكتئاب والانطواء، وهذا لا يساعد في العلاج. إذ يجب أن يخرج المريض وينشر الوعي بين الناس بأنها حالة جلدية غير معدية لا ذنب له فيها".


العلاجات الدوائية

وعن العلاج، تقول د.مريم "مقارنة بالسنوات العشر الماضية تمكنا اليوم من الوصول لحالات شفاء تام، بمعنى السيطرة على الطفح الجلدي، فالصدفية نفسها لا يمكن إزالتها من الجسم لأن لها عوامل جينية لكن يمكن التحكم بها. ومع تطور الأدوية تطورت أساليب العلاج فهي تعتمد حالياً على كريمات سهلة الاستخدام. أما العلاج الدوائي المسمى "العلاج البيولوجي" الذي أحدث انقلاباً في الموازين فهو يساعد على تثبيط جهاز المناعة، وهو ليس علاج كيماوي كما يظن كثيرون، هو يوصف للحالات المتقدمة فقط تحت إشراف طبي وفحوصات طبية مستمرة ولا يسبب ضرراً للمريض كما يشاع بل يمارس حياته بشكل طبيعي، ولكن يجب أن يخبر طبيبه قبل أخذ بعض التطعيمات أو قبل الخضوع لبعض العمليات".