وجه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، رسالة بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني أكد فيها دعم مملكة البحرين لنضال الشعب الفلسطيني في كافّة المحافل الدولية، وتبني قضيته بشكل كامل لتحقيق حل الدولتين المبني على رغبة مملكة البحرين في سلام عادل يحقق الازدهار والتعايش والسلام لشعوب المنطقة ، وفيما يلي نص الرسالة:

السفير / فودي سيك رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف المحترم

يطيب لنا أن نتقدم لكم ولأعضاء اللجنة الموقرين بالشكر والتقدير لما تقدمونه من جهود مستمرة بغرض دعم قضية الشعب الفلسطيني ومؤازرته وإبراز قضيته العادلة في المحافل الدولية، ولما كابدوه من جهد، وما قاموا به من سعي حثيث لإعداد تقريرهم لهذه الدورة.

منذ دعت الجمعية العامة، عام 1977، للاحتفال في 29 نوفمبر من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق، فإن هذه الفعالية السنوية تقام لتعكس حرص الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والمسؤولية الدولية إزاء قضية فلسطين والتزامه الراسخ في تحقيق طموحاته وتطلعاته المشروعة في نيل حقوقه وكفاحه المستمر من أجل تقرير المصير وحقه في إقامة دولته المستقلة أسوة بباقي شعوب العالم.

كانت ولا تزال قضية فلسطين هي القضية الرئيسة التي تشكل الهاجس الأكبر للمجتمع الدولي، ولكن الممارسات الاسرائيلية القمعية ضد الشعب الفلسطيني مازالت متواصلة من خلال استمرار الاعتقالات التعسفية ومواصلة بناء المستوطنات بشكل مستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة بخاصة في القدس الشريف المحتل منذ 50 عاماً ومحاولات عزل الأحياء العربية فيه وحفر الأنفاق من تحته وتكرار اقتحام المسجد الأقصى دون مراعاة لحرمته وقدسيته فضلاً عن حصار قطاع غزة الجائر والمستمر منذ أكثر من 10 سنوات، الأمر الذي يدل على أن هذه الممارسات أنما تشكل ممارسات ممنهجة من قبل إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وتعتبر عائقاً رئيساً في سبيل استئناف المفاوضات.

إننا في مملكة البحرين نساند وندعم نضال الشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدوليّة، ونتبنى قضيته بشكل كامل لتحقيق حل الدولتين المبني على رغبة مملكة البحرين في سلام عادل ومستمر في المنطقة يحقق الازدهار والتعايش والسلام لشعوب المنطقة، ولكن في ذات الوقت يساورنا القلق العميق إزاء التطورات المتلاحقة من جراء استمرار ممارسة الاحتلال الاسرائيلي لسياساته تلك وجرائمه المستمرة القائمة على القتل والحصار والاستيطان، والتي تشكل تحدياً سافراً للمجتمع الدولي وانتهاكاً صارخاً لقرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية غير مكترثة بحجم المعاناة الانسانية الأليمة الّتي تلحقها بالشعب الفلسطيني وبتهديدها للأمن والسلم الدوليين، وستؤدي في آخر المطاف إلى إبقاء منطقة الشرق الأوسط تحت وطأة التوتر وغياب الأمن والاستقرار، وهو الأمر الذي لايمكن أن تستفيد منه أي جهة في المنطقة، حيث إن محاولة فرض الأمر الواقع بالقوة، لن يؤدي سوى إلى مزيد من التوتر والعنف.

لم تعد سياسات إسرائيل مجرد مخططات عنصريه تقوم على فرض واقع جديد لتغيير الطابع الديمغرافي لمدينة القدس المحتلة من أجل طمس هويتها ومعالمها في محاولة منها لعزلها عن بقية الأراضي الفلسطينيّة، ولكنها أضحت واقع مرير يعاني منه الشعب الفلسطيني بشكل يومي، فاقتحام المسجد الأقصى المبارك أصبح يمارس بشكل منهجي ويمنع فيه أداء الصلاة ورفع الأذان وإقامة الشعائر الدينية اليوميّة، لذا فمن الأهمية بمكان تكثيف الجهود لدى المجتمع الدولي والدول الصديقة، واستمرار التحرك على الساحة الدولية للضغط على اسرائيل لإجبارها على وقف تلك الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية، والالتزام بمرجعيات عملية السلام وأبرزها المبادرة العربية التي كانت الأمل الوحيد لإيجاد حل عادل وشامل للقضيّة الفلسطينيّة، وقيام الدولة الفلسطينيّة المستقلة على حدود الرابع من يونيه 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

إن القرارات الأخيرة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" التي أكدت على الهوية الإسلامية للمسجد الأقصى وعلى إدراج مدينة الخليل ضمن قائمة التراث العالمي، وهي قرارات هامة تم تأكيدها من قبل المجلس التنفيذي لمنظمة "اليونسكو" في اجتماعها الـ204 الذي عقد خلال الشهر الفائت بما يؤكد على حقوق الفلسطينيين الراسخة في هذه الأماكن المقدسة.

وإنا نؤكد باستمرار تأييد مملكة البحرين التام لقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وندعو من هذا المنبر المجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية التاريخية والإنسانية والأخلاقية الملقاة على عاتقه عبر بذل المزيد من الجهود من أجل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه غير القابلة للتصرّف وتحقيق سلام عادل وشامل وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن (242) لعام 1967 و (338) لعام 1973 و (1397) لعام 2002 و (1515) لعام 2003 بشأن حل الدولتين ومرجعيات عملية السلام ومبادرة السلام العربية التي تدعو إلى انسحاب إسرائيل بشكل كامل من الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، ومن جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 ولنيل الحقوق غير القابلة للتصرّف للشعب الفلسطيني.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.