- الزيارة إضافة جديدة في تاريخ تطور العلاقات وأساساً لتدعيم أواصر الصداقة

- جهود الولايات المتحدة في مجابهة الإرهاب حظيت بمكانتها اللائقة ضمن المباحثات

- علاقات البحرين بالولايات المتحدة انتقلت لمرحلة جديدة أكثر تطوراً وازدهاراً..

جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة لتؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربط كلا من المنامة وواشنطن، والمساعي المتواصلة لتنميتها وتطويرها، خاصة أن هذه العلاقات تعود إلى أكثر من قرن مضى، وتشمل العديد من المستويات والقطاعات
.

وبدت أهمية الزيارة ليس فقط في كونها عُدت إضافة جديدة في تاريخ تطور العلاقات، وأساسا ضروريا لتدعيم أواصر الصداقة المشتركة البحرينية الأمريكية، وإنما في طبيعة النتائج التي أسفرت عنها، وتجاوزت الأبعاد التقليدية المعروفة لمسار العلاقات الثنائية، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة وصفتها باعتبارها نقلة نوعية في طبيعة العلاقات التي تربط البلدين.

واقع الأمر أن الزيارة ونتائجها أرست نموذجاً قوياً ومتميزاً للتعاون والتفاهم بين البلدين الصديقين، خاصة إزاء العديد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك، ويمكن إبراز ذلك عند تحليل المشهدين التاليين:

الأول: طبيعة اللقاءات الموسعة والمباحثات المثمرة، التي أجراها صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء مع أركان الإدارة الأمريكية ، هذا غير الاجتماعات الاقتصادية والأمنية التي عقدها أعضاء الوفد الكبير المرافق لسمو ولي العهد، واعتبرت بمثابة دفعة قوية لتعزيز أطر العلاقات السياسية والاستراتيجية التي تربط البحرين بالولايات المتحدة، وآلية مهمة لضخ دماء جديدة في شرايين العلاقات الممتدة والمتجذرة بينهما.

ويُنظر للقاءات سمو ولي العهد ومباحثاته في العاصمة الأمريكية واشنطن بأنها جاءت في وقتها تماما، حيث العديد من المتغيرات الإقليمية والدولية التي بحاجة لمزيد من التشاور والتنسيق بشأنها، وماهية القواسم المشتركة والمواقف المتناغمة التي بحاجة هي الأخرى لمزيد من الدعم ، كما أن اللقاءات مهدت لمزيد من توافق الرؤى والتفاهمات المشتركة حول العديد من ملفات المنطقة، سيما منها ما يتعلق بالسلام في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب.

وحظيت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة في مجابهة الإرهاب على الصعيد العالمي بمكانتها اللائقة بها ضمن مباحثات سمو ولي العهد في لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين، وذلك في ظل الدور الريادي للبحرين في هذا الصدد، بالنظر إلى تجربتها المتميزة في مجال التصدي لخطر هذه الجريمة، وتعاونها الدائم ومنذ هجمات سبتمبر 2001 مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذا المجال .

وشكلت هذه التفاهمات البحرينية الأمريكية أهمية قصوى، وذلك لأنها تجدد التأكيد على أن علاقات البحرين بالولايات المتحدة انتقلت لمرحلة جديدة أكثر تطورا وازدهارا، وأن هذه العلاقات التي تعود لنحو 120 عاماً مضت ستظل قائمة على الثقة والاحترام المتبادل، خاصة أن البحرين ومنذ مارس 2002 تعد حليفاً رئيساً للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلنطي.

الثاني: حجم الاتفاقيات التي وُقعت في إطار زيارة سمو ولي العهد الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية، والتي بلغت قيمتها نحو 10 مليارات دولار من المتوقع منها ـ أن ترسم هذه الاتفاقيات الـ 5 التي وقعت خلال الزيارة مستقبل العلاقات البحرينية الأمريكية المتطورة خلال المستقبل المنظور، ذلك المستقبل الذي يبشر بمزيد من الرخاء والازدهار والتقدم في شتى القطاعات، وذلك بالنظر إلى أن مخرجات هذه الاتفاقيات شملت العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والصناعية والنفط والطيران، وسيعود مردودها بالخير والنفع على شعب البحرين، حيث لا يخفى مدى ما يمكن أن تفتحه هذه الاتفاقيات من آفاق وفرص ستجني ثمارها عملية التنمية المتواصلة في المملكة.

وتُظهر مثل هذه الاتفاقيات الموقعة بل تؤكد مدى حرص القيادة الرشيدة على تعزيز شراكات مملكة البحرين مع القوى والأطراف الدولية، سيما منها الاقتصادية والتجارية، التي يمكن الاستفادة من خبراتها التقنية، وهو ما يتوافق مع برامج المملكة ومشروعاتها وخططها التنموية التي تعول على دور مميز للقطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة من مراحل العمل الوطني في مختلف المجالات باعتبار هذا القطاع أحد محركات عملية التنمية وشريك فيها.

وتبدو أهمية هذا الأمر بالنظر إلى طبيعة العلاقات الاقتصادية البحرينية الأمريكية من جهة، وحجم الشراكات الاقتصادية بين مستثمري البلدين من جهة أخرى، حيث تعمل نحو 200 شركة أمريكية في المملكة، فضلا عن النجاحات التي حققتها اتفاقية التبادل التجاري بين البلدين منذ سنوات عدة، والتي جُددت بعض ملامحها خلال الزيارة الأخيرة بعد أن تم توقيع البروتوكول الثالث المعدل لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين.

يشار هنا إلى ارتفاع حجم صادرات البحرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 100 % بعد مرور 10 سنوات من توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وبلغ حجم التجارة المتبادلة بينهما نحو بليوني دولار، كما زادت نسبة صادرات الأخيرة إلى الأولى بنسبة 68 %.

إن الحفاوة البالغة التي قوبل بها سمو ولي العهد خلال زيارته ولقاءاته المسؤولين الأمريكيين، فضلا عن النتائج المحققة من ورائها على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية والاستراتيجية تجسد حقيقة انطلاق العلاقات البحرينية الأمريكية إلى مرحلة جديدة أكثر تقدماً، وأن هناك آمالاً كبيرة معقودة عليها لتحقيق تطلعات الشعبين في غد أكثر إشراقاً.