- البنخليل: 7 مجالات للتدخل القطري في البحرين أبرزها التدخل العسكري والتجنيس السياسي
- قطر مركزاً إقليمياً للإخوان المسلمين وأعاقت انتقال دول التعاون إلى الاتحاد
- قطر تحالفت مع إيران لدعم الجماعات الراديكالية في البحرين
- السفير الإيراني في الدوحة أدار غرفة العمليات الخاصة بالبحرين
- خلايا التجسس القطرية في البحرين استهدفت الحصول على معلومات حول المؤسسات الأمنية والجيش
- الدوحة وظفت مراكز الأبحاث الأجنبية المقيمة على أراضيها لتشويه سمعة البحرين
....
أكد رئيس تحرير صحيفة "الوطن" يوسف البنخليل، أنه تم اكتشاف 4 خلايا تجسس قطرية في البحرين خلال 11 عاماً، مؤكداً وجود 7 مجالات للتدخل القطري في البحرين أبرزها التدخل العسكري والتجنيس السياسي.
وأضاف البنخليل في ورقة عمل بعنوان "تدخلات قطر في البحرين والتورط المتماثل"، قدمها خلال منتدى "قطر.. عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط"، الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" الإثنين، أن قطر تعتبر مركزاً إقليمياً للإخوان المسلمين، بدعم من حكومتها.
وأوضح البنخليل أن الإخوان المسلمين وولاية الفقيه يعتبران وجهان لعملة واحدة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن قطر أعاقت انتقال دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاتحاد ولا بد من تصحيح مسارها.
وتضمنت ورقة العمل المقدمة من رئيس التحرير، أن التحريض السياسي والإعلامي القطري يمتد ضد البحرين لفترة زمنية طويلة، وتعود تحديداً إلى فترة الاحتجاج السياسي خلال التسعينات من القرن العشرين، عندما أتاحت الحكومة القطرية لبعض الشخصيات البحرينية الراديكالية الظهور إعلامياً في قنواتها، خاصة قناة الجزيرة الناشئة آنذاك.
وبين رئيس التحرير، أن قطر تحالفت مع إيران لدعم الجماعات الراديكالية في البحرين، مؤكداً في ورقته التي قدمها خلال المنتدى أن السفير الإيراني في الدوحة أدار غرفة العمليات الخاصة بالبحرين.
المقدمة
وأعلنت 4 دول وهي مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية في الخامس من يونيو 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وتبع هذه الخطوة قرارات مماثلة من اليمن، وليبيا، وجزر المالديف، وجزر القمر، وموريتانيا.
في حين اتخذت دول أخرى قرارات داعمة للدول المقاطعة، حيث قررت الأردن خفض التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة، وإلغاء تصريح مكتب قناة الجزيرة في العاصمة الأردنية. وقررت أيضاً جيبوتي خفض التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
أعقب هذا القرار سلسلة من الخطوات التي شملت إغلاق المعابر الحدودية، وحظر الأجواء للطيران القطري، ووقف التبادل التجاري، إضافة إلى إدراج مجموعة كبيرة من الشخصيات والمنظمات القطرية أو المدعومة من الدوحة في قوائم الإرهاب.
وبرّرت الدول المقاطعة موقفها من هذه الخطوة التاريخية النادرة في تورط قطر بتأجيج الصراعات الداخلية، ودعم التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى إيوائها مطلوبين على الأراضي القطرية معظمهم متورطين في أنشطة إرهابية، كذلك دعم قطر السياسات الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط.
ومثّل قرار المقاطعة تحولاً جوهرياً في العلاقات الإقليمية في النظام الإقليمي الخليجي، وأحدث تأثيراً مباشراً في العلاقات الخليجية - الخليجية التي لم تشهد تبايناً حاداً، وانقساماً كبيراً في المواقف مثل ما شهدته في أزمة المقاطعة.
وقدمت الدول المقاطعة رؤية مشتركة لأسباب الأزمة، وآلية الخروج منها، وحددت نحو 13 مطلباً لم تبد الدوحة موقفاً جاداً للقبول بها، أو تنفيذ مطالب الدول المقاطعة، بل عمدت إلى نفي التهم الموجهة إليها، وأقامت تحالفاً ثلاثياً شمل طهران وأنقرة، تزامن مع تقديم تسهيلات عسكرية وأمنية واقتصادية لإيران وتركيا.
ومثلت أزمة المقاطعة صدمة كبيرة للرأي العام الخليجي الذي كان يتطلع إلى قيام اتحاد خليجي بين دول مجلس التعاون، وتنفيذ الرؤية الجديدة للانتقال من التعاون إلى الاتحاد.
لكن الكشف عن الكثير من الوثائق والحقائق المثبتة بيّن حجم الدور القطري إقليمياً ودولياً، وكشف طموح الدوحة لمشروع كبير في المنطقة يستهدف تغيير الخريطة الجغرافية لدول مجلس التعاون تحديداً، ويستمر التورط القطري ليشمل ما شهدته الدول العربية في شمال إفريقيا من تغييرات إثر موجة الاحتجاجات الشعبية، والتدخلات لتغيير الأنظمة السياسية.
وتتناول الورقة بالتحليل والبيانات، طبيعة التهديد القطري لمملكة البحرين أمنياً، وعسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً، واقتصادياً من خلال رصد أبرز مظاهر التهديد القطري خلال الفترة الممتدة من 1980 ـ 2017. وتسعى لتحديد حجم تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية للمنامة وأهم سمات هذا التدخل.
التهديدات القطرية والتورط المتماثل
من الأهمية بمكان فهم البعد التاريخي الذي دفع إلى تورط قطر بالفوضى والأزمات حتى صارت دولة مارقة في القرن الحادي والعشرين. فرغم حداثة نشأة الدولة القطرية التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر بعد انفصالها عن الدولة الأم وهي البحرين، إلا أن التورط القطري في الشؤون البحرينية ظهر مبكراً منذ الحاكم الأول لقطر واستمر جيلاً بعد آخر، لكنه لم يختلف من حيث الشكل أو الأهداف.
لذلك يعتبر التورط المتماثل من ثوابت السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين منذ العام 1868، وتقوم نظرة حكام قطر إلى العلاقات القطرية - البحرينية على ضرورة أن تكون غير مستقرة لاعتبارات تاريخية بالدرجة الأولى، ولمخاوف دائماً ما ترتبط بتصحيح السيادة على شبه جزيرة قطر مستقبلاً.
وتعاقب 8 حكام فقط من آل ثاني على حكم قطر منذ أن كانت إمارة إلى أن تحولت إلى دولة، وتبنى جميع هؤلاء الحكام سياسة التورط المتماثل في السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين، ويمكن عرض ذلك في الآتي:
أولاً: انتهاكات محمد بن ثاني آل ثاني "1850-1878": تمثلت في معركة دامسة عام 1868، وحرب الزبارة الأولى عام 1878.
ثانياً: انتهاكات قاسم بن محمد آل ثاني "1878-1913": تمثلت في محاولات السيطرة على الزبارة الذي كان خاضعاً لحكم المنامة.
ثالثاً: انتهاكات عبد الله بن قاسم آل ثاني "1913-1949": تمثلت في تمثلت في حرب الزبارة الثانية 1937، ومضايقة المواطنين البحرينيين في قطر خلال العام 1945.
رابعاً: انتهاكات علي بن عبد الله آل ثاني "1949-1960": تمثلت في المحاولات القطرية للاستيلاء على حقول النفط والغاز البحرينية.
خامساً: انتهاكات أحمد بن علي آل ثاني "1960-1972": تمثلت في التحالف مع شاه إيران لتقسيم البحرين أثناء عمل بعثة تقصي الحقائق الأممية لحسم مسألة استقلال وسيادة البحرين.
سادساً: انتهاكات خليفة بن حمد آل ثاني "1972-1995": تمثلت في الغزو القطري لفشت الديبل عام 1986، وتحديد المياه الإقليمية القطرية إلى مسافات داخل المياه الإقليمية للبحرين.
سابعاً: انتهاكات حمد بن خليفة آل ثاني "1995-2013": تمثلت في التورط في قضية الوثائق المزورة أمام محكمة العدل الدولية، إضافة إلى تزايد أنشطة التجسس على البحرين، ودعم وتمويل الجماعات البحرينية المتطرفة، ومضايقة الصيادين البحرينيين. كما شملت الانتهاكات إنشاء المكاتب الحقوقية ومراكز الأبحاث لتشويه سمعة البحرين دولياً.
ثامناً: انتهاكات تميم بن حمد آل ثاني "2013-2018": شملت توظيف قناة الجزيرة الفضائية لبث خطاب إعلامي ضد البحرين، وطرد العمال البحرينيين العاملين في الدوحة. كذلك تمويل الشخصيات الراديكالية في الخارج، وتجنيس البحرينيين خاصة العسكريين منهم. واستمر الدور القطري لدعم المكاتب الحقوقية ومراكز الأبحاث لتشويه سمعة البحرين في الخارج.
وتمثل جميع الانتهاكات المذكورة أعلاه، تهديداً للأمن الوطني البحريني لأنه قائم على التورط المتماثل، وتتشابه كثيراً رغم اختلاف الحكام القطريين، ويمكن تفسير هذه الظاهرة بالأسباب التالية:
1- القلق القطري المستمر من إمكانية تصحيح السيادة على شبه جزيرة قطر بما يفقد أسرة آل ثاني حكمها لصالح البحرين.
2- القناعة القطرية بضعف الدولة البحرينية، وهشاشة مجتمعها، وإمكانية التأثير المباشر فيها.
3- الرغبة القطرية في التحول قوة إقليمية كبرى مستقبلاً قادرة على منافسة المملكة العربية السعودية.
مظاهر التهديدات القطرية في البحرين:
وفق مبدأ التورط المتماثل، عملت الحكومة القطرية على التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين بما يضمن المساس بسيادتها واستقلالها وأمنها الوطني، لذلك تركزت مجالات النشاط القطري المضاد ضد الدولة البحرينية في 7 مجالات أساسية، تشمل الآتي:
التجسس والأنشطة الاستخبارية.
التحريض السياسي والإعلامي.
التجنيس السياسي.
التحالف مع إيران.
التدخلات العسكرية.
التدخلات السياسية.
دعم المنظمات الدولية ضد البحرين.
وسخّرت الحكومة القطرية إمكاناتها وقدراتها، ورصدت ميزانيات غير معلنة من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية في البحرين في المجالات الأساسية المذكورة أعلاه. إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك مجالات أخرى عملت فيها الدوحة ضد البحرين، خاصة في ظل عامل السرية التي تحرص عليه الدوحة في نشاطها داخل المنامة.
أولاً: التجسس والأنشطة الاستخبارية:
استهدف جهاز المخابرات القطري مملكة البحرين منذ مطلع الثمانينات، وحاول اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية من أجل الحصول على معلومات سرية وحساسة. ولتحقيق هذا الهدف لجأ المخابرات القطرية إلى تشكيل 4 خلايا للتجسس على البحرين، وهي كالآتي:
خلية التجسس القطرية عام 1987.
خلية التجسس القطرية عام 1988.
خلية التجسس القطرية عام 1996.
خلية التجسس العسكرية عام 1996.
وفي العام 1987 قامت المخابرات القطرية بتجنيد أحد أفراد قوة الدفاع من أجل الحصول على معلومات تتعلق بتواجد القوات البحرينية في جزر حوار، وإمكانياتها وقدراتها العسكرية. وتم القبض عليه في يناير 1987، ومحاكمته ومعاقبته بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفي العام الذي يليه تم الكشف عن خلية تجسس قطرية جديدة، حيث قامت المخابرات القطرية بتجنيد اثنين من العاملين في وزارة الداخلية البحرينية عن طريق أشقائهما العاملين في وزارة الداخلية القطرية من أجل الحصول على معلومات سرية حول المملكة. كذلك بيانات تتعلق بتواجد قوات الدفاع البحرينية في جزر حوار، ومعلومات حول سلاح الجو، وقدراته العسكرية ومواقعها. وألقي القبض على هذه الخلية في يونيو 1988، وحكم على المتورطين فيها بالسجن 5 سنوات.
أما خلية التجسس القطرية الأشهر في البحرين، فهي ما تسمى بخلية "الباكر"، وهي التي قامت فيها المخابرات القطرية بتجنيد ضابط قطري، مع امرأة قطرية متزوجة من بحريني ومقيمة في المنامة آنذاك. عملت هذه الخلية خلال العام 1996 على جمع كم كبير من المعلومات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البحرين.
ومن الأنشطة التي قامت بها هذه الخلية إعداد تقارير حول زيارة كبار المسؤولين إلى جزر حوار، وعلاقة الحكومة بالمواطنين الشيعة. إضافة إلى توفير قوائم أسماء ضباط وأفراد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وبحث إمكانية إحداث الاضطرابات الأمنية. ورغم القبض على هذه الخلية في أكتوبر 1996 ومحاكمتها قضائياً، إلا أن بعض التحليلات تشير إلى تورطها في إشعال أحداث الاحتجاج السياسي في التسعينات، خاصة أن نشاط الخلية بدأ منذ العام 1993.
بعد القبض على خلية التجسس، وفي نفس العام، استهدفت المخابرات القطرية تجنيد أحد منتسبي قوة دفاع البحرين الذي يعمل في السجلات العسكرية بهدف الحصول على بيانات تتعلق بحجم القوات البحرينية، وكانت هذه المعلومات تنقل من خلال زياراته المتكررة بين المنامة والدوحة. وقامت هذه الخلية بتصوير بعض المنشآت العسكرية البحرينية إلى أن تم القبض عليها في سبتمبر 1996.
ثانياً: التحريض السياسي والإعلامي:
يمتد التحريض السياسي والإعلامي القطري ضد البحرين لفترة زمنية طويلة، وتعود تحديداً إلى فترة الاحتجاج السياسي خلال التسعينات من القرن العشرين، عندما أتاحت الحكومة القطرية لبعض الشخصيات البحرينية الراديكالية الظهور إعلامياً في قنواتها، خاصة قناة الجزيرة الناشئة آنذاك.
كما سخّرت الحكومة القطرية إمكاناتها وقدراتها من أجل تسويق مواقف التنظيمات السياسية الراديكالية البحرينية في الداخل والخارج، وهي مواقف مناهضة لمواقف المنامة في الكثير من القضايا.
وفي ديسمبر 1995 اكتشفت السلطات الأمنية في البحرين شحنة كبيرة تتضمن ملصقات ومطبوعات وكتب تحمل شعارات ضد الحكومة، وتدعو للتحريض عليها. واتضح لاحقاً أن الجماعات الراديكالية البحرينية في لندن كانت تعتمد على قطر في طباعة وإرسال الكتب والبيانات السياسية إلى المنامة.
أيضاً سخّرت حكومة قطر إمكانيات قناة الجزيرة لتشويه سمعة البحرين، وإثارة مسائل حساسة بين مكوناتها المجتمعية، وحرصت إدارة القناة على استضافة الشخصيات الراديكالية دائماً من أجل تسويق آرائها ومواقفها السياسية. كما أنتجت القناة سلسلة من الأفلام الوثائقية حول قضايا حساسة داخل مجتمع البحرين من أجل تشويه المنجزات الحقوقية، وتكوين صورة نمطية سلبية حول أوضاع حقوق الإنسان بالمملكة. بشكل عام قدمت قناة الجزيرة القطرية أكثر من 900 تقرير وخبر ضد البحرين، وأنتجت 4 أفلام وثائقية خلال سنوات واحدة فقط.
إضافة إلى شبكة قنوات الجزيرة، فقد قامت الحكومة القطرية بالتحريض الإعلامي والسياسي من خلال شبكة إعلامية إقليمية ودولية بشكل مباشر وغير مباشر من أجل تشويه سمعة البحرين، وتشمل هذه الشبكة 16 قناة وصحيفة في 5 دول.
ثالثاً: التجنيس السياسي:
رغم العلاقات الاجتماعية الممتدة تاريخياً بين البحرين وقطر، إلا أن الأخيرة استغلت الظروف وعملت على تشجيع عملية هجرة اختيارية للعائلات العربية البحرينية من خلال إغراءات مالية ومادية واجتماعية. وهدفت هذه العملية إلى المساس بالنسيج الاجتماعي للبحرين، كما لها تأثيرات على المديين المتوسط والبعيد تتمثل في اختلال التركيبة السكانية.
الأخطر في التجنيس السياسي الذي اتبعته حكومة قطر للبحرينيين أنها استهدفت العاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية، ما يعد خطراً على الأمن الوطني البحريني، خاصة أنها تؤدي إلى تفريغ هذه المؤسسات الحساسة من كوادرها.
تقوم الحكومة القطرية بتجنيس البحرينيين عبر عدة آليات، من أبرزها منحهم الجنسيات والامتيازات المالية والمادية عن طريق أقربائهم القطريين في الدوحة. أو من خلال وفود خاصة تزور بعض الدول العربية وتنظم لقاءات خاصة من أجل بحث منح الجنسية القطرية، والامتيازات المادية الخاصة بها.
رابعاً: التحالف مع إيران:
يعد التنسيق القطري - الإيراني حول البحرين من الملفات المهمة التي يتم الحديث بشأنها بين البلدين، رغم إدراك الدوحة تورط طهران ونشاطها الواسع في المنامة من خلال خلايا ولاية الفقيه. وكان واضحاً حجم التنسيق الذي ظهرت مظاهره في أحداث العام 2011، ويمكن تلخيص ملامحه في الآتي:
تمويل الحكومة القطرية للمتظاهرين والجماعات الراديكالية في البحرين.
تمويل الحكومة القطرية للشخصيات البحرينية الراديكالية خارج البحرين.
تمويل أنشطة الخلايا الإرهابية في البحرين من أجل إسقاط النظام وزعزعة الأمن والاستقرار.
دور كبير للسفير الإيراني في الدوحة عبدالله سهرابي في إدارة التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة في تعاملها وتغطيتها لأحداث البحرين عام 2011.
المبادرة القطرية من أجل دعم مطالب الجماعات البحرينية الراديكالية عام 2011.
عقد سلسلة لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى بين مسؤولين في الحكومة القطرية مع نظرائهم في الحكومة الإيرانية ومناقشة الأوضاع في البحرين.
خامساً: التدخلات العسكرية:
لم تشهد العلاقات الخليجية ـ الخليجية تدخلات عسكرية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، لكن الحكومة القطرية تجاوزت هذه الثوابت، وقامت بسلسلة من التدخلات العسكرية الموثقة بلغ عددها 7 تدخلات، حيث تم رصد زوارق سلاح أمن السواحل والحدود القطري داخل المياه الإقليمية للبحرين، إضافة إلى بعض السفن العسكرية القطرية. ويمكن عرض التدخلات العسكرية القطرية في الآتي:
مجموعة من زوارق سلاح أمن السواحل والحدود القطري بالقرب من شرق قطعة جرادة وشمال غرب فشت الديبل عام 1986.
سفينة حربية قطرية شرق فشت الديبل عام 1991.
سفينة حربية قطرية قرب فنار سترة عام 1992.
دخول دوريات البحرية القطرية 4 مرات وتجاوزها المياه الإقليمية البحرينية عام 2004.
سادساً: التدخلات السياسية:
تعد التدخلات السياسية من مظاهر التهديدات القطرية في البحرين، وهي تقوم على مسارين؛ الأول دور السفارة القطرية في المنامة، والثاني العلاقات مع التنظيمات البحرينية الراديكالية في الداخل والخارج. وكان الهدف من هذين المسارين تكوين شبكة نفوذ قطرية داخل مجتمع البحرين، والاستفادة من وجود تنظيمات تتقاطع أجندتها مع أجندة الدوحة داخل المجتمع المحلي.
فيما يتعلق بدور السفارة القطرية في المنامة فقد قامت الحكومة القطرية بتشكيل لجنة لإعداد تقييم استراتيجي للعلاقات بين قطر والبحرين خلال يونيو 2010، وتحديداً قبل أحداث فبراير 2011، وخلصت هذه اللجنة إلى توصيتين أساسيتين، وهما ضرورة احتواء الخلافات بين البلدين وعدم التصعيد للحفاظ على الدور القطري وسمعة الدوحة. إضافة إلى ضرورة استمرار عمل الدوحة لاختراق الدولة البحرينية، وزيادة أعداد المتعاطفين معها في مختلف مكونات المجتمع عبر زيادة التذمر في المجتمع.
أيضاً، قدمت السفارة القطرية في المنامة العديد من التقارير غير الدقيقة حول الأوضاع في البحرين، ورفعتها إلى وزارة الخارجية في الدوحة، وكان الهدف من هذه العملية تكوين صورة نمطية بأن حكومة البحرين تمارس دوراً سلبياً، وتعمل على زيادة الخلافات بين البلدين.
أما على مسار العلاقات مع التنظيمات البحرينية الراديكالية في الداخل والخارج، فقد كوّنت الدوحة علاقات وثيقة مع هذه التنظيمات تعود إلى ما قبل العام 1996، عندما قام السفير القطري في دمشق باستقطاب عناصر من التنظيمات الراديكالية، وقدم لهم الجوازات القطرية، وأتاح لهم المجال للعمل السياسي من داخل وخارج الدوحة ضد الحكومة البحرينية.
وتطورت هذه العلاقات لاحقاً، وكوّنت الحكومة القطرية علاقات وتحالفات مع تنظيمات سياسية راديكالية مثل جمعية الوفاق التي تم تصفيتها بأمر قضائي. هذه العلاقة بدأت عندما بدأ أمين عام جمعية الوفاق علي سلمان بسلسلة زيارات للعاصمة القطرية، التقى خلالها ببعض المسؤولين وكبار أفراد العائلة الحاكمة هناك، وبحث معهم أيضاً قضية احتجاز البحارة البحرينيين في قطر، ثم تطورت العلاقة إلى درجة الدعم والتنسيق المستمر خلال أحداث 2011، ووصلت إلى تبادل الزيارات بين المسؤولين في الوفاق مع قناة الجزيرة على سبيل المثال. كما موّلت الحكومة القطرية إنشاء قناة فضائية بحرينية في لندن أشرفت شخصيات راديكالية إدارتها.
سابعاً: دعم المنظمات الدولية ضد البحرين:
اعتمدت السياسة القطرية استقطاب مراكز الدراسات والأبحاث وأبرز المنظمات الدولية للعمل في الدوحة وفتح فروع لها، لكن هذه السياسة لم يكن الهدف منها الاستفادة من خبرات هذه المنظمات بقدر استغلالها، وتوظيفها لأغراض السياسة الخارجية وأجندة قطر في الخليج العربي والشرق الأوسط.
وقد يكون النشاط الموجه لهذه المراكز من الدوحة ضد البحرين نموذجاً بارزاً لأدوات السياسة الخارجية القطرية. وفيما يلي عرض لأبرز هذه المراكز والمؤسسات، والدور الذي قامت به:
مركز بروكينغز: عقد سلسلة من المؤتمرات والندوات البحثية لمناقشة قضايا داخلية بحرينية حساسة، كان الهدف منها تشويه سمعة البحرين (مثل تقرير لجنة تقصي الحقائق، والمراجعة الدورية لحقوق الإنسان في البحرين خلال اجتماعات جنيف. كما تم استغلال المركز لإيفاد بعض الشخصيات الأجنبية إلى المنامة لتنفيذ بعض المهام تحت ستار النشاط البحثي.
المؤسسة العربية للديمقراطية: ترأسها زوجة أمير قطر السابق، وتحرص المؤسسة على التعامل مع 6 شخصيات بحرينية راديكالية بعضها يقضي عقوبته لتورطه في أنشطة الإرهاب، وبعضهم الآخر هارب من العدالة خارج البحرين.
أكاديمية التغيير: مؤسسة مدعومة قطرياً قامت خلال الفترة من 14-23 يناير 2012 في النمسا بتدريب عدد من البحرينيين على التخطيط والتنفيذ لقيام ثورة في البحرين.
منظمة فور شباب: منظمة دولية تأسست في بريطانيا وتحظى بدعم قطري كبير، وهي إحدى واجهات الإخوان المسلمين. لجأت قطر إلى إنشاء شبكة معقدة من المؤسسات تحت هذه المنظمة في البحرين من أجل العمل خلالها لتحقيق أجندة سياسية.
الخلاصة
إن تدخلات قطر في مملكة البحرين قديمة، ومتنوعة المجالات، وهي تزيد من تكوين مأزق التورط الإقليمي للحكومة القطرية. لذلك فإن استمرار التورط المتماثل كثابت أساسي من ثوابت السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين يشكل أزمة حقيقية بين البلدين، ولا يساعد على بناء الثقة حالياً أو مستقبلاً، وهو ما يتطلب تنازل الدوحة عن تبني هذا المبدأ لضمان التطبيع الحقيقي بين الحكومتين، أو حتى على المستوى الشعبي.
{{ article.visit_count }}
- قطر مركزاً إقليمياً للإخوان المسلمين وأعاقت انتقال دول التعاون إلى الاتحاد
- قطر تحالفت مع إيران لدعم الجماعات الراديكالية في البحرين
- السفير الإيراني في الدوحة أدار غرفة العمليات الخاصة بالبحرين
- خلايا التجسس القطرية في البحرين استهدفت الحصول على معلومات حول المؤسسات الأمنية والجيش
- الدوحة وظفت مراكز الأبحاث الأجنبية المقيمة على أراضيها لتشويه سمعة البحرين
....
أكد رئيس تحرير صحيفة "الوطن" يوسف البنخليل، أنه تم اكتشاف 4 خلايا تجسس قطرية في البحرين خلال 11 عاماً، مؤكداً وجود 7 مجالات للتدخل القطري في البحرين أبرزها التدخل العسكري والتجنيس السياسي.
وأضاف البنخليل في ورقة عمل بعنوان "تدخلات قطر في البحرين والتورط المتماثل"، قدمها خلال منتدى "قطر.. عراب الفوضى والأزمات في الشرق الأوسط"، الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات" الإثنين، أن قطر تعتبر مركزاً إقليمياً للإخوان المسلمين، بدعم من حكومتها.
وأوضح البنخليل أن الإخوان المسلمين وولاية الفقيه يعتبران وجهان لعملة واحدة، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن قطر أعاقت انتقال دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاتحاد ولا بد من تصحيح مسارها.
وتضمنت ورقة العمل المقدمة من رئيس التحرير، أن التحريض السياسي والإعلامي القطري يمتد ضد البحرين لفترة زمنية طويلة، وتعود تحديداً إلى فترة الاحتجاج السياسي خلال التسعينات من القرن العشرين، عندما أتاحت الحكومة القطرية لبعض الشخصيات البحرينية الراديكالية الظهور إعلامياً في قنواتها، خاصة قناة الجزيرة الناشئة آنذاك.
وبين رئيس التحرير، أن قطر تحالفت مع إيران لدعم الجماعات الراديكالية في البحرين، مؤكداً في ورقته التي قدمها خلال المنتدى أن السفير الإيراني في الدوحة أدار غرفة العمليات الخاصة بالبحرين.
المقدمة
وأعلنت 4 دول وهي مملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية في الخامس من يونيو 2017 قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وتبع هذه الخطوة قرارات مماثلة من اليمن، وليبيا، وجزر المالديف، وجزر القمر، وموريتانيا.
في حين اتخذت دول أخرى قرارات داعمة للدول المقاطعة، حيث قررت الأردن خفض التمثيل الدبلوماسي مع الدوحة، وإلغاء تصريح مكتب قناة الجزيرة في العاصمة الأردنية. وقررت أيضاً جيبوتي خفض التمثيل الدبلوماسي مع قطر.
أعقب هذا القرار سلسلة من الخطوات التي شملت إغلاق المعابر الحدودية، وحظر الأجواء للطيران القطري، ووقف التبادل التجاري، إضافة إلى إدراج مجموعة كبيرة من الشخصيات والمنظمات القطرية أو المدعومة من الدوحة في قوائم الإرهاب.
وبرّرت الدول المقاطعة موقفها من هذه الخطوة التاريخية النادرة في تورط قطر بتأجيج الصراعات الداخلية، ودعم التنظيمات الإرهابية، إضافة إلى إيوائها مطلوبين على الأراضي القطرية معظمهم متورطين في أنشطة إرهابية، كذلك دعم قطر السياسات الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط.
ومثّل قرار المقاطعة تحولاً جوهرياً في العلاقات الإقليمية في النظام الإقليمي الخليجي، وأحدث تأثيراً مباشراً في العلاقات الخليجية - الخليجية التي لم تشهد تبايناً حاداً، وانقساماً كبيراً في المواقف مثل ما شهدته في أزمة المقاطعة.
وقدمت الدول المقاطعة رؤية مشتركة لأسباب الأزمة، وآلية الخروج منها، وحددت نحو 13 مطلباً لم تبد الدوحة موقفاً جاداً للقبول بها، أو تنفيذ مطالب الدول المقاطعة، بل عمدت إلى نفي التهم الموجهة إليها، وأقامت تحالفاً ثلاثياً شمل طهران وأنقرة، تزامن مع تقديم تسهيلات عسكرية وأمنية واقتصادية لإيران وتركيا.
ومثلت أزمة المقاطعة صدمة كبيرة للرأي العام الخليجي الذي كان يتطلع إلى قيام اتحاد خليجي بين دول مجلس التعاون، وتنفيذ الرؤية الجديدة للانتقال من التعاون إلى الاتحاد.
لكن الكشف عن الكثير من الوثائق والحقائق المثبتة بيّن حجم الدور القطري إقليمياً ودولياً، وكشف طموح الدوحة لمشروع كبير في المنطقة يستهدف تغيير الخريطة الجغرافية لدول مجلس التعاون تحديداً، ويستمر التورط القطري ليشمل ما شهدته الدول العربية في شمال إفريقيا من تغييرات إثر موجة الاحتجاجات الشعبية، والتدخلات لتغيير الأنظمة السياسية.
وتتناول الورقة بالتحليل والبيانات، طبيعة التهديد القطري لمملكة البحرين أمنياً، وعسكرياً، وسياسياً، وإعلامياً، واقتصادياً من خلال رصد أبرز مظاهر التهديد القطري خلال الفترة الممتدة من 1980 ـ 2017. وتسعى لتحديد حجم تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية للمنامة وأهم سمات هذا التدخل.
التهديدات القطرية والتورط المتماثل
من الأهمية بمكان فهم البعد التاريخي الذي دفع إلى تورط قطر بالفوضى والأزمات حتى صارت دولة مارقة في القرن الحادي والعشرين. فرغم حداثة نشأة الدولة القطرية التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر بعد انفصالها عن الدولة الأم وهي البحرين، إلا أن التورط القطري في الشؤون البحرينية ظهر مبكراً منذ الحاكم الأول لقطر واستمر جيلاً بعد آخر، لكنه لم يختلف من حيث الشكل أو الأهداف.
لذلك يعتبر التورط المتماثل من ثوابت السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين منذ العام 1868، وتقوم نظرة حكام قطر إلى العلاقات القطرية - البحرينية على ضرورة أن تكون غير مستقرة لاعتبارات تاريخية بالدرجة الأولى، ولمخاوف دائماً ما ترتبط بتصحيح السيادة على شبه جزيرة قطر مستقبلاً.
وتعاقب 8 حكام فقط من آل ثاني على حكم قطر منذ أن كانت إمارة إلى أن تحولت إلى دولة، وتبنى جميع هؤلاء الحكام سياسة التورط المتماثل في السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين، ويمكن عرض ذلك في الآتي:
أولاً: انتهاكات محمد بن ثاني آل ثاني "1850-1878": تمثلت في معركة دامسة عام 1868، وحرب الزبارة الأولى عام 1878.
ثانياً: انتهاكات قاسم بن محمد آل ثاني "1878-1913": تمثلت في محاولات السيطرة على الزبارة الذي كان خاضعاً لحكم المنامة.
ثالثاً: انتهاكات عبد الله بن قاسم آل ثاني "1913-1949": تمثلت في تمثلت في حرب الزبارة الثانية 1937، ومضايقة المواطنين البحرينيين في قطر خلال العام 1945.
رابعاً: انتهاكات علي بن عبد الله آل ثاني "1949-1960": تمثلت في المحاولات القطرية للاستيلاء على حقول النفط والغاز البحرينية.
خامساً: انتهاكات أحمد بن علي آل ثاني "1960-1972": تمثلت في التحالف مع شاه إيران لتقسيم البحرين أثناء عمل بعثة تقصي الحقائق الأممية لحسم مسألة استقلال وسيادة البحرين.
سادساً: انتهاكات خليفة بن حمد آل ثاني "1972-1995": تمثلت في الغزو القطري لفشت الديبل عام 1986، وتحديد المياه الإقليمية القطرية إلى مسافات داخل المياه الإقليمية للبحرين.
سابعاً: انتهاكات حمد بن خليفة آل ثاني "1995-2013": تمثلت في التورط في قضية الوثائق المزورة أمام محكمة العدل الدولية، إضافة إلى تزايد أنشطة التجسس على البحرين، ودعم وتمويل الجماعات البحرينية المتطرفة، ومضايقة الصيادين البحرينيين. كما شملت الانتهاكات إنشاء المكاتب الحقوقية ومراكز الأبحاث لتشويه سمعة البحرين دولياً.
ثامناً: انتهاكات تميم بن حمد آل ثاني "2013-2018": شملت توظيف قناة الجزيرة الفضائية لبث خطاب إعلامي ضد البحرين، وطرد العمال البحرينيين العاملين في الدوحة. كذلك تمويل الشخصيات الراديكالية في الخارج، وتجنيس البحرينيين خاصة العسكريين منهم. واستمر الدور القطري لدعم المكاتب الحقوقية ومراكز الأبحاث لتشويه سمعة البحرين في الخارج.
وتمثل جميع الانتهاكات المذكورة أعلاه، تهديداً للأمن الوطني البحريني لأنه قائم على التورط المتماثل، وتتشابه كثيراً رغم اختلاف الحكام القطريين، ويمكن تفسير هذه الظاهرة بالأسباب التالية:
1- القلق القطري المستمر من إمكانية تصحيح السيادة على شبه جزيرة قطر بما يفقد أسرة آل ثاني حكمها لصالح البحرين.
2- القناعة القطرية بضعف الدولة البحرينية، وهشاشة مجتمعها، وإمكانية التأثير المباشر فيها.
3- الرغبة القطرية في التحول قوة إقليمية كبرى مستقبلاً قادرة على منافسة المملكة العربية السعودية.
مظاهر التهديدات القطرية في البحرين:
وفق مبدأ التورط المتماثل، عملت الحكومة القطرية على التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين بما يضمن المساس بسيادتها واستقلالها وأمنها الوطني، لذلك تركزت مجالات النشاط القطري المضاد ضد الدولة البحرينية في 7 مجالات أساسية، تشمل الآتي:
التجسس والأنشطة الاستخبارية.
التحريض السياسي والإعلامي.
التجنيس السياسي.
التحالف مع إيران.
التدخلات العسكرية.
التدخلات السياسية.
دعم المنظمات الدولية ضد البحرين.
وسخّرت الحكومة القطرية إمكاناتها وقدراتها، ورصدت ميزانيات غير معلنة من أجل تحقيق أهدافها الإستراتيجية في البحرين في المجالات الأساسية المذكورة أعلاه. إلا أنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك مجالات أخرى عملت فيها الدوحة ضد البحرين، خاصة في ظل عامل السرية التي تحرص عليه الدوحة في نشاطها داخل المنامة.
أولاً: التجسس والأنشطة الاستخبارية:
استهدف جهاز المخابرات القطري مملكة البحرين منذ مطلع الثمانينات، وحاول اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية من أجل الحصول على معلومات سرية وحساسة. ولتحقيق هذا الهدف لجأ المخابرات القطرية إلى تشكيل 4 خلايا للتجسس على البحرين، وهي كالآتي:
خلية التجسس القطرية عام 1987.
خلية التجسس القطرية عام 1988.
خلية التجسس القطرية عام 1996.
خلية التجسس العسكرية عام 1996.
وفي العام 1987 قامت المخابرات القطرية بتجنيد أحد أفراد قوة الدفاع من أجل الحصول على معلومات تتعلق بتواجد القوات البحرينية في جزر حوار، وإمكانياتها وقدراتها العسكرية. وتم القبض عليه في يناير 1987، ومحاكمته ومعاقبته بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفي العام الذي يليه تم الكشف عن خلية تجسس قطرية جديدة، حيث قامت المخابرات القطرية بتجنيد اثنين من العاملين في وزارة الداخلية البحرينية عن طريق أشقائهما العاملين في وزارة الداخلية القطرية من أجل الحصول على معلومات سرية حول المملكة. كذلك بيانات تتعلق بتواجد قوات الدفاع البحرينية في جزر حوار، ومعلومات حول سلاح الجو، وقدراته العسكرية ومواقعها. وألقي القبض على هذه الخلية في يونيو 1988، وحكم على المتورطين فيها بالسجن 5 سنوات.
أما خلية التجسس القطرية الأشهر في البحرين، فهي ما تسمى بخلية "الباكر"، وهي التي قامت فيها المخابرات القطرية بتجنيد ضابط قطري، مع امرأة قطرية متزوجة من بحريني ومقيمة في المنامة آنذاك. عملت هذه الخلية خلال العام 1996 على جمع كم كبير من المعلومات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البحرين.
ومن الأنشطة التي قامت بها هذه الخلية إعداد تقارير حول زيارة كبار المسؤولين إلى جزر حوار، وعلاقة الحكومة بالمواطنين الشيعة. إضافة إلى توفير قوائم أسماء ضباط وأفراد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وبحث إمكانية إحداث الاضطرابات الأمنية. ورغم القبض على هذه الخلية في أكتوبر 1996 ومحاكمتها قضائياً، إلا أن بعض التحليلات تشير إلى تورطها في إشعال أحداث الاحتجاج السياسي في التسعينات، خاصة أن نشاط الخلية بدأ منذ العام 1993.
بعد القبض على خلية التجسس، وفي نفس العام، استهدفت المخابرات القطرية تجنيد أحد منتسبي قوة دفاع البحرين الذي يعمل في السجلات العسكرية بهدف الحصول على بيانات تتعلق بحجم القوات البحرينية، وكانت هذه المعلومات تنقل من خلال زياراته المتكررة بين المنامة والدوحة. وقامت هذه الخلية بتصوير بعض المنشآت العسكرية البحرينية إلى أن تم القبض عليها في سبتمبر 1996.
ثانياً: التحريض السياسي والإعلامي:
يمتد التحريض السياسي والإعلامي القطري ضد البحرين لفترة زمنية طويلة، وتعود تحديداً إلى فترة الاحتجاج السياسي خلال التسعينات من القرن العشرين، عندما أتاحت الحكومة القطرية لبعض الشخصيات البحرينية الراديكالية الظهور إعلامياً في قنواتها، خاصة قناة الجزيرة الناشئة آنذاك.
كما سخّرت الحكومة القطرية إمكاناتها وقدراتها من أجل تسويق مواقف التنظيمات السياسية الراديكالية البحرينية في الداخل والخارج، وهي مواقف مناهضة لمواقف المنامة في الكثير من القضايا.
وفي ديسمبر 1995 اكتشفت السلطات الأمنية في البحرين شحنة كبيرة تتضمن ملصقات ومطبوعات وكتب تحمل شعارات ضد الحكومة، وتدعو للتحريض عليها. واتضح لاحقاً أن الجماعات الراديكالية البحرينية في لندن كانت تعتمد على قطر في طباعة وإرسال الكتب والبيانات السياسية إلى المنامة.
أيضاً سخّرت حكومة قطر إمكانيات قناة الجزيرة لتشويه سمعة البحرين، وإثارة مسائل حساسة بين مكوناتها المجتمعية، وحرصت إدارة القناة على استضافة الشخصيات الراديكالية دائماً من أجل تسويق آرائها ومواقفها السياسية. كما أنتجت القناة سلسلة من الأفلام الوثائقية حول قضايا حساسة داخل مجتمع البحرين من أجل تشويه المنجزات الحقوقية، وتكوين صورة نمطية سلبية حول أوضاع حقوق الإنسان بالمملكة. بشكل عام قدمت قناة الجزيرة القطرية أكثر من 900 تقرير وخبر ضد البحرين، وأنتجت 4 أفلام وثائقية خلال سنوات واحدة فقط.
إضافة إلى شبكة قنوات الجزيرة، فقد قامت الحكومة القطرية بالتحريض الإعلامي والسياسي من خلال شبكة إعلامية إقليمية ودولية بشكل مباشر وغير مباشر من أجل تشويه سمعة البحرين، وتشمل هذه الشبكة 16 قناة وصحيفة في 5 دول.
ثالثاً: التجنيس السياسي:
رغم العلاقات الاجتماعية الممتدة تاريخياً بين البحرين وقطر، إلا أن الأخيرة استغلت الظروف وعملت على تشجيع عملية هجرة اختيارية للعائلات العربية البحرينية من خلال إغراءات مالية ومادية واجتماعية. وهدفت هذه العملية إلى المساس بالنسيج الاجتماعي للبحرين، كما لها تأثيرات على المديين المتوسط والبعيد تتمثل في اختلال التركيبة السكانية.
الأخطر في التجنيس السياسي الذي اتبعته حكومة قطر للبحرينيين أنها استهدفت العاملين في المؤسسات الأمنية والعسكرية، ما يعد خطراً على الأمن الوطني البحريني، خاصة أنها تؤدي إلى تفريغ هذه المؤسسات الحساسة من كوادرها.
تقوم الحكومة القطرية بتجنيس البحرينيين عبر عدة آليات، من أبرزها منحهم الجنسيات والامتيازات المالية والمادية عن طريق أقربائهم القطريين في الدوحة. أو من خلال وفود خاصة تزور بعض الدول العربية وتنظم لقاءات خاصة من أجل بحث منح الجنسية القطرية، والامتيازات المادية الخاصة بها.
رابعاً: التحالف مع إيران:
يعد التنسيق القطري - الإيراني حول البحرين من الملفات المهمة التي يتم الحديث بشأنها بين البلدين، رغم إدراك الدوحة تورط طهران ونشاطها الواسع في المنامة من خلال خلايا ولاية الفقيه. وكان واضحاً حجم التنسيق الذي ظهرت مظاهره في أحداث العام 2011، ويمكن تلخيص ملامحه في الآتي:
تمويل الحكومة القطرية للمتظاهرين والجماعات الراديكالية في البحرين.
تمويل الحكومة القطرية للشخصيات البحرينية الراديكالية خارج البحرين.
تمويل أنشطة الخلايا الإرهابية في البحرين من أجل إسقاط النظام وزعزعة الأمن والاستقرار.
دور كبير للسفير الإيراني في الدوحة عبدالله سهرابي في إدارة التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة في تعاملها وتغطيتها لأحداث البحرين عام 2011.
المبادرة القطرية من أجل دعم مطالب الجماعات البحرينية الراديكالية عام 2011.
عقد سلسلة لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى بين مسؤولين في الحكومة القطرية مع نظرائهم في الحكومة الإيرانية ومناقشة الأوضاع في البحرين.
خامساً: التدخلات العسكرية:
لم تشهد العلاقات الخليجية ـ الخليجية تدخلات عسكرية منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، لكن الحكومة القطرية تجاوزت هذه الثوابت، وقامت بسلسلة من التدخلات العسكرية الموثقة بلغ عددها 7 تدخلات، حيث تم رصد زوارق سلاح أمن السواحل والحدود القطري داخل المياه الإقليمية للبحرين، إضافة إلى بعض السفن العسكرية القطرية. ويمكن عرض التدخلات العسكرية القطرية في الآتي:
مجموعة من زوارق سلاح أمن السواحل والحدود القطري بالقرب من شرق قطعة جرادة وشمال غرب فشت الديبل عام 1986.
سفينة حربية قطرية شرق فشت الديبل عام 1991.
سفينة حربية قطرية قرب فنار سترة عام 1992.
دخول دوريات البحرية القطرية 4 مرات وتجاوزها المياه الإقليمية البحرينية عام 2004.
سادساً: التدخلات السياسية:
تعد التدخلات السياسية من مظاهر التهديدات القطرية في البحرين، وهي تقوم على مسارين؛ الأول دور السفارة القطرية في المنامة، والثاني العلاقات مع التنظيمات البحرينية الراديكالية في الداخل والخارج. وكان الهدف من هذين المسارين تكوين شبكة نفوذ قطرية داخل مجتمع البحرين، والاستفادة من وجود تنظيمات تتقاطع أجندتها مع أجندة الدوحة داخل المجتمع المحلي.
فيما يتعلق بدور السفارة القطرية في المنامة فقد قامت الحكومة القطرية بتشكيل لجنة لإعداد تقييم استراتيجي للعلاقات بين قطر والبحرين خلال يونيو 2010، وتحديداً قبل أحداث فبراير 2011، وخلصت هذه اللجنة إلى توصيتين أساسيتين، وهما ضرورة احتواء الخلافات بين البلدين وعدم التصعيد للحفاظ على الدور القطري وسمعة الدوحة. إضافة إلى ضرورة استمرار عمل الدوحة لاختراق الدولة البحرينية، وزيادة أعداد المتعاطفين معها في مختلف مكونات المجتمع عبر زيادة التذمر في المجتمع.
أيضاً، قدمت السفارة القطرية في المنامة العديد من التقارير غير الدقيقة حول الأوضاع في البحرين، ورفعتها إلى وزارة الخارجية في الدوحة، وكان الهدف من هذه العملية تكوين صورة نمطية بأن حكومة البحرين تمارس دوراً سلبياً، وتعمل على زيادة الخلافات بين البلدين.
أما على مسار العلاقات مع التنظيمات البحرينية الراديكالية في الداخل والخارج، فقد كوّنت الدوحة علاقات وثيقة مع هذه التنظيمات تعود إلى ما قبل العام 1996، عندما قام السفير القطري في دمشق باستقطاب عناصر من التنظيمات الراديكالية، وقدم لهم الجوازات القطرية، وأتاح لهم المجال للعمل السياسي من داخل وخارج الدوحة ضد الحكومة البحرينية.
وتطورت هذه العلاقات لاحقاً، وكوّنت الحكومة القطرية علاقات وتحالفات مع تنظيمات سياسية راديكالية مثل جمعية الوفاق التي تم تصفيتها بأمر قضائي. هذه العلاقة بدأت عندما بدأ أمين عام جمعية الوفاق علي سلمان بسلسلة زيارات للعاصمة القطرية، التقى خلالها ببعض المسؤولين وكبار أفراد العائلة الحاكمة هناك، وبحث معهم أيضاً قضية احتجاز البحارة البحرينيين في قطر، ثم تطورت العلاقة إلى درجة الدعم والتنسيق المستمر خلال أحداث 2011، ووصلت إلى تبادل الزيارات بين المسؤولين في الوفاق مع قناة الجزيرة على سبيل المثال. كما موّلت الحكومة القطرية إنشاء قناة فضائية بحرينية في لندن أشرفت شخصيات راديكالية إدارتها.
سابعاً: دعم المنظمات الدولية ضد البحرين:
اعتمدت السياسة القطرية استقطاب مراكز الدراسات والأبحاث وأبرز المنظمات الدولية للعمل في الدوحة وفتح فروع لها، لكن هذه السياسة لم يكن الهدف منها الاستفادة من خبرات هذه المنظمات بقدر استغلالها، وتوظيفها لأغراض السياسة الخارجية وأجندة قطر في الخليج العربي والشرق الأوسط.
وقد يكون النشاط الموجه لهذه المراكز من الدوحة ضد البحرين نموذجاً بارزاً لأدوات السياسة الخارجية القطرية. وفيما يلي عرض لأبرز هذه المراكز والمؤسسات، والدور الذي قامت به:
مركز بروكينغز: عقد سلسلة من المؤتمرات والندوات البحثية لمناقشة قضايا داخلية بحرينية حساسة، كان الهدف منها تشويه سمعة البحرين (مثل تقرير لجنة تقصي الحقائق، والمراجعة الدورية لحقوق الإنسان في البحرين خلال اجتماعات جنيف. كما تم استغلال المركز لإيفاد بعض الشخصيات الأجنبية إلى المنامة لتنفيذ بعض المهام تحت ستار النشاط البحثي.
المؤسسة العربية للديمقراطية: ترأسها زوجة أمير قطر السابق، وتحرص المؤسسة على التعامل مع 6 شخصيات بحرينية راديكالية بعضها يقضي عقوبته لتورطه في أنشطة الإرهاب، وبعضهم الآخر هارب من العدالة خارج البحرين.
أكاديمية التغيير: مؤسسة مدعومة قطرياً قامت خلال الفترة من 14-23 يناير 2012 في النمسا بتدريب عدد من البحرينيين على التخطيط والتنفيذ لقيام ثورة في البحرين.
منظمة فور شباب: منظمة دولية تأسست في بريطانيا وتحظى بدعم قطري كبير، وهي إحدى واجهات الإخوان المسلمين. لجأت قطر إلى إنشاء شبكة معقدة من المؤسسات تحت هذه المنظمة في البحرين من أجل العمل خلالها لتحقيق أجندة سياسية.
الخلاصة
إن تدخلات قطر في مملكة البحرين قديمة، ومتنوعة المجالات، وهي تزيد من تكوين مأزق التورط الإقليمي للحكومة القطرية. لذلك فإن استمرار التورط المتماثل كثابت أساسي من ثوابت السياسة الخارجية القطرية تجاه البحرين يشكل أزمة حقيقية بين البلدين، ولا يساعد على بناء الثقة حالياً أو مستقبلاً، وهو ما يتطلب تنازل الدوحة عن تبني هذا المبدأ لضمان التطبيع الحقيقي بين الحكومتين، أو حتى على المستوى الشعبي.