ألزمت محكمة الاستئناف العليا الشرعية بحرينيا بأن يدفع لطليقته النفقات الفائته لمدة سنة وشهرين بمجموع 980 دينارا، بواقع 70 دينارا شهرياً، و300 دينار نفقة عدة الطلاق ، وذلك لعدم توفيره مسكن الزوجية وكانت هي من تنفق على نفسها.
والغريب في القضية أن المستأنف أقر أمام محكمة أول درجة بأنه ممتنع عن سداد نفقة الزوجة قبل وقوع الطلاق بنحو 7 أشهر وبقدرته على السداد، لذلك ألزمته المحكمة بذلك، لكنه عاد ليطالب برفض الدعوى واحتياطياً تخفيض النفقة كونها لا تستحق النفقة لخروجها من مسكن الحياة الزوجية دون مسوغ شرعي الذي لم يوفره لها من الأساس، ومتعللاً بعدم قدرته المالية.
وقالت ابتسام الصباغ محامية الزوجة بأن موكلتها رفعت الدعوى الابتدائية ضد طليقها "المستأنف"، وتطالب بإلزامه بدفع المتخلف من لنفقة الزوجية اعتبار من 28 نوفمبر 2013 وحتى 3 ديسمبر 2014 بواقع 100 دينار شهرياً، وإلزامه بسداد نفقة العدة للأشهر الثلاثة مبلغ 300 دينار بما يعادل 100 دينار عن كل شهر.
وأضافت الصباغ، بأن موكلتها تطلقت من المدعي عليه بموجب وثيقة طلاق مؤرخه في 8 أبريل 2015 ، ولم يكن ملتزماً بالإنفاق عليها خلال الفترة المذكورة سلفاً، ولم يقم بتوفير مسكن للحياة الزوجية، بل هي كانت تنفق على نفسها، وقد تم الطلاق بينهما دون أن يدفع لها نفقاتها الفائته، وكذلك نفقة العدة، كما أنه ممتنع عن سداد نفقتها كما جاء مسبقاً، مما أضطرها لرفع هذه الدعوى.
وقضت محكمة أول درجة بإلزام المدعي عليه بدفع النفقة الزوجية بواقع 70 دينار شهرياً عن الستة أشهر اعتباراً من 9 مايو 2014 وحتى 3 ديسمبر من ذات العام، وأن يسدد نفقة العدة للأشهر الثلاثة بمبلغ 300 دينار بواقع 100 دينار عن كل شهر.
وأستندت المحكمة في أسباب حكمها بأن المدعي عليه أقر أمامها بأنه ممتنع عن سداد نفقتها قبل وقوع الطلاق بحوالي 6 إلى 7 أشهر، وأضاف بأنه كان يدفع لها مبلغ 50 دينار قبل تلك الفترة، وأخذت المحكمة بالمقدار المتيقن من إقراره وألزمته بنفقة فائته خلال 6 أشهر، ورفضت إلزامه ببقية المدة لعدم اطمئنانها للأدلة المقدمة في الدعوى، وأما بالنسبة للطلب الثاني فأن محامية المدعي عليه أفادت أمام المحكمة بعدم ممانعة موكلها من سداد النفقة حسب رغبة المدعية، وعليه ألزمته بالسداد.
ولم يرتض المستأنف بهذا القضاء فطعن عليه بالاستئناف طالباً بدعواه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا برفض الدعوى، وعلى سبيل الاحتياط تخفيض النفقة المقررة إلى القدر المناسب مع سعة المستأنف المادية.
واستند بأن المستأنف ضدها لا تستحق النفقة خلال فترة المطالبة لخروجها من مسكن الزوجية دون أي مسوغ شرعي، وأن النفقة المقضى بها للمستأنف ضدها تفوق قدرته وطاقته المالية.
وأشارت الصباغ إلى أن موكلتها استأنفت الحكم بالمقابل، وطلبت الغاء الحكم المستانف في الشق المتعلق بالنفقات الفائته والقضاء مجدداً لهم بطلباتهم الواردة بلائحة دعواهم مع إلزام المستأنف بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، وذلك تأسيساً على أن الحكم المستأنف شابة قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال،إذ لم يكن هناك مسكن للحياة الزوجية خلال فترة المطالبة، وعليه فأنها تستحق النفقة كونها خارج المنزل بمسوغ شرعي، وحيث أن الحكم أغفل ذلك.
ولاحظت محكمة الاستئناف خلال نظرها للدعوى بأن محكمة البداية قضت بالنفقات الفائته استناداً على إقرار المستأنف بعدم إنفاقة لمدة أمتدت حوالي 6 أشهر، ورفضت إلزامة بالنفقات في المدة المتبقة،فيما اقسمت المستأنف ضدها بأن طليقها لم يالانفاق عليها بأي وحه من أوجه الانفاق في الفترة التي تطالب فيها بالنفقة.
وقالت محكمة الاستئناف في حيثيات الحكم بأن الحكم المستأنف خالف القواعد الشرعية،الأمر الذي يحتم على المحكمة الغاء الحكم المستانف في شق النفقة، والقضاء مجدداً بإلزامة بالنفقات الفائته اعتباراً من تاريخ المطالبة 28 نوفمبر 2013 حتى 3 ديسمبر 2014 بواقع 70 دينار شهرياً، ولم تستطع المحكمة زيادة النفقة على المقدار المقرر أمام محكمة البداية لعدم تقديم وكيلة المستأنف ضدها ما يدلل على وجود القدرة المالية لدى المستأنف من أجل زيادتها، ومن ثم رفضه ولا حاجه للنص عليه بالمنطوق.
وبخصوص طلب المستأنف بتخفيض النفقة بما يتلائم مع وضعه المادي، فأنه لم يقدم للمحكمة التزاماته المالية بصورة مفصلة، او دليلاً على عدم قدرته على سداد النفقة، وعليه تم رفض الطلب.
أما بالنسبة لمقدر نفقة العدة فأن محكمة البداية لم تلزمه بهذا المقدار بالنفقة الا بعد أن أبدت نائبه وكيلته عن استعداده لسدادها ومن ثم الزمته بما أراده وعليه لا معنى للتعلل بعدم قدرته على السداد، ومن ثم يكون الحكم المستأنف جاء في محله شرعاً وقانوناً، ويضحى الاستئناف قائم على أساس صحيح الواقع والقانون، مما يتعين القضاء برفضه.
وبناء على ما ذكر قضت المحكمة بالغاء الحكم المستأنف في الشق الخاص بالنففات الفائته والقضاء مجدداً بالزام المستأنف بدفع متخلف النفقة الزوجية للمستأنف ضدها اعتبارا من الفترة المذكورة بواقع 70 دينارا شهرياً وتأييد ما عدا ذلك.