أنهت البحرين العقد الأول من هذه الألفية محققة هدف الأمم المتحدة الإنمائي بشأن التعليم للجميع قبل موعده المستهدف 2015، حيث حققت نسبة استيعاب في التعليم الابتدائي 100%، ونسبة مساواة بين الجنسين 100%، والقضاء شبه التام على الأمية، وأصبحت أكثر دولة عربية تحقق التحاقاً بمؤسسات التعليم المختلفة، وأقل نسبة تسرب مقارنة بأقرانها "0.40%"، وأعلى نسبة قيد في التعليم الثانوي عربياً "97%"، وأصبح لديها العديد من الجامعات سواء الحكومية والخاصة والممول جزء منها عن طريق حكومات وأفراد.
ورغم الصعوبات المالية التي واجهت البحرين وعدداً من دول الخليج المنتجة للنفط منذ منتصف عام 2014 بسبب الانهيار السريع في أسعار النفط بالأسواق العالمية، لكن المملكة وعبر وزارة التربية والتعليم عززت من المخصصات الموجهة للعملية التعليمية والداعمة لها في ميزانيتها العامة، وذلك عبر زيادتها من 232 مليون دينار عام 2009 إلى 343.4 مليون دينار عام 2016.
ونتيجة لهذا الاهتمام الرسمي والشعبي الواسع بعملية التعلم باعتبارها أساسا لازما للنهوض والتقدم سواء للفرد أو للمجتمع بأسره، ارتفع عدد المدارس الحكومية بالمملكة من 202 مدرسة عام 2010/2011 إلى 207 مدرسة عام 2014/2015، مع توجهات بإنشاء 20 مدرسة جديدة حتى نهاية عام 2018، كما تخصيص جزء من برنامج التنمية الخليجي لإنشاء 6 مدارس. هذا فضلاً عن التوسع في البعثات الدراسية، التي ارتفعت من 1957 بعثة عام 2010/2011 إلى 2944 بعثة عام 2015/ 2016، والتوسع في التعليم العالي، الذي التحق به أكثر من 38 ألف طالب وطالبة عام 2013/2014 في مقابل نحو 32 ألف طالب وطالبة عام 2011/2012.
وزاد عدد المدارس التي تطبق مشروع دمج ذوي الاحتياجات الخاصة من 54 مدرسة عام 2011/2012، إلى 77 مدرسة عام 2016/2017 بنسبة 35% من إجمالي مدارس المملكة، وتجهيزها بكل الاحتياجات التي تناسب هذه الفئة، وتوفير حافلات خاصة بهم، وبعثات دراسية سنوية، وتمكينهم من الالتحاق بالجامعات البحرينية، وتوفير الكوادر البشرية المعنية بتعليمهم.
ويضاف إلى ذلك تحقيق انخفاض في معدل الأمية إلى 1.13% من السكان لتتقدم بذلك البحرين على دول متقدمة، وفيما تكفل برنامج تعليم الكبار بالقضاء على ما تبقى من أمية للوصول إلى معدل أمية صفر، فإن برنامج التعليم المستمر تكفل باستيعاب من لم تمكنهم ظروفهم من مواصلة العملية التعليمية، حيث ارتفع عدد الملتحقين به من 4653 مواطناً عام 2013/2014 إلى 5181 مواطناً عام 2014/2015.
ويأتي على رأس أولويات الخطة الاستراتيجية للتربية والتعليم تطوير المهارات المهنية المطلوبة لسوق العمل، حيث ارتفع عدد المدارس المطبقة للنظام المطور للتعليم الفني من مدرستين إلى 10 مدارس عام 2014/2015، تطبق 6 منها المسار التجاري، و4 المسار الصناعي، وارتفع عدد الملتحقين بها من 3642 طالباً وطالبة عام 2011/2012 إلى 6666 طالباً وطالبة عام 2014/2015.
ولم تغفل الدولة أهمية الشراكة مع القطاع الخاص في قطاع التعليم باعتباره جزء مهما من المنظومة التعليمية بالمملكة، وأحد أهم مصادر القيمة المضافة التي يمكن الاعتماد عليها مستقبلا كمورد للدخل، حيث ارتفع عدد المؤسسات التعليمية الخاصة من 162 مؤسسة عام 2000 إلى 225 مؤسسة في 2014/ 2015، فضلاً بالطبع عن الجامعات الخاصة التي تزيد عن 10 جامعات على الأقل.
وأصبحت المدارس الخاصة تتولى مرحلة رياض الأطفال بنحو 134 روضة يدرس بها نحو 35 ألف طفل، وتستوعب هذه المدارس في مرحلة التعليم الابتدائي 38435 طالبًا وطالبة عام 2014/2015، بنسبة 56% من نظرائهم في المدارس الحكومية، وفي المرحلة الإعدادية 13248 طالبًا وطالبة بنسبة 39.7% من الملتحقين بالمدارس الحكومية، وفي الثانوي 9855 طالباً وطالبة بنسبة 31.3% من الملتحقين بالمدارس الحكومية.
وقد مكن هذا الدور من تحقيق نمو في التحاق الطلاب بالتعليم بلغ 11.2% في السنوات 2011/2015، مع توافر مختلف أنواع المنشآت التعليمية في جميع أنحاء المملكة بحيث تكون قريبة من التجمعات السكانية، ومن ثمَّ تخفيف الأعباء المالية عن الميزانية العامة وميزانية أولياء الأمور سواء بسواء ودون أن يتأثر مستوى جود الخدمات التعليمية المقدمة.
ويلاحظ هنا أن هذا النجاح يعود إلى ما قدمته الدولة من دعم كبير للقطاع التعليمي، وتمثل أبرزه في: مبادرة جلالة الملك "مشروع حمد لمدارس المستقبل" عام 2004، الذي يوظف التكنولوجيا في العملية التعليمية، وبما يضمن القضاء على الأمية الإلكترونية بعد أن قضت البحرين على الأمية الأبجدية، وانتقال البلاد إلى مجتمع المعرفة. فضلا عن: مبادرة جلالة الملك في ديسمبر 2014 بإطلاق برنامج التمكين الرقمي الذي بدأ في 5 مدارس إعدادية عام 2015/2016، ثم يمتد إلى 30% من المدارس الإعدادية، حتى يغطي كافة المؤسسات التعليمية. إضافة إلى: مشروع "تحسين أداء المدارس" عام 2008، الذي أسهم في الارتقاء بجودة الخدمات التربوية والتعليمية المقدمة للطلبة.
يضاف إلى ذلك تعزيز مشروع مدارس البحرين المنتسبة لليونسكو التي بلغ عددها 60 مدرسة، منها 12 مدرسة خاصة، ومدرسة تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة، وهذه المدارس المنتسبة جزء من شبكة دولية تضم 9000 مدرسة في 180 دولة حول العالم، علاوة على إطلاق المشروع الوطني لجودة التعليم والتدريب، والاستراتيجية الوطنية للتعليم 2006 ـ 2020، وإنشاء المجلس الأعلى للتعليم العالي في العام نفسه، وتأسيس الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب في 2008، ثم إطلاق رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي استهدف فيها التعليم للارتقاء بتنافسية الإنسان البحريني وإنتاجيته، حتى يكون خياراً مفضلاً في سوق العمل.
هذا بالإضافة إلى المبادرات والمشروعات الأخرى التي استهدفت رفع كفاءة المعلمين، وتوفير نوعية عالية من التدريب "مبادرات المشروع الوطني لتطوير التعليم والتدريب"، ووضع معايير للجودة لجميع مستويات ومؤسسات التعليم "تقارير المراجعة التي تصدرها الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب".
وبجانب كل ما سبق، لم تدخر الدولة جهدا في تشجيع البحث العلمي والتطوير في مؤسسات التعليم العالي "الاستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم العالي ـ الاستراتيجية الوطنية لتطوير البحث العلمي عام 2015"، ونشر ثقافة الجودة والتقييم الذاتي، وتنفيذ خطط تطوير للتعليم الفني، وإصلاح التعليم الخاص، وزيادة البعثات الداخلية والخارجية، وتكريم المتفوقين ورعاية الطلبة، وتعزيز التعاون الدولي في التعليم والبحث العلمي.
وحظيت كل هذه الإنجازات والجهود بتقدير دولي كبير، حيث صنف تقرير التعليم للجميع الصادر من منظمة اليونسكو المملكة ضمن قائمة الدول ذات الأداء العالي في مجال التعليم، وفي المرتبة الأعلى عربيا في الكثير من المجالات.
ووضع تقرير صدر عام 2015/2016 عن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" المملكة في المرتبة الـ 26 عالمياً في مؤشر جودة التعليم، وفي المرتبة 34 عالمياً في مؤشر استخدام الإنترنت في المدارس، وفي المرتبة 42 عالمياً في مؤشر تدريس الرياضيات والعلوم.