توجيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بإعداد مشروع قرار يقضي بمنح رخصة إقامة للمستثمرين الأجانب بالكفالة الشخصية، تصل إلى عشر سنوات، قابلة للتجديد لمدد مماثلة، يمثل خطوة كبيرة ونقلة نوعية ويؤذن بطفرة اقتصادية كبيرة تستفيد منها كافة القطاعات في المملكة وتوفر فرص عمل جديدة للمواطنين، حيث يحفز القرار المناخ الاستثماري.

وقال تقرير لوكالة أنباء البحرين (بنا) إن توجيه سمو ولي العهد حظي باهتمام عالمي كبير نظراً لأهميته في العمل على تقليل الحواجز امام دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق البحريني. وتفاءل مستثمرون دوليون ومحليون بالقرار المنتظر، نظراً لانعكاساته الإيجابية على قطاع الأعمال، وتعزيز ثقة المستثمرين الأجانب وجعل البحرين الخيار الأفضل لهم ووجهة جذابة للعمل والعيش، حيث يتيح القرار أمام الشركات العالمية ورجال الأعمال الأجانب خيارات الإقامة والتملك. كما يفضل المستثمرون الماليون والمستثمرون العالميون بيئة استثمارية ذات طابع حر تمنحهم مزيداً من المرونة والتحكم في مدخراتهم واستثماراتهم.

وأضاف التقرير أن الرؤية الحكيمة لسمو ولي العهد تأتي ضمن استراتيجية التنمية الاقتصادية التي تستهدف تعزيز موقع مملكة البحرين كوجهة اقتصادية عالمية، وتؤكد أن المملكة تسير بخطى واثقة ومدروسة وحثيثة لتنفيذ رؤيتها الوطنية الاقتصادية 2030، بالانتقال من الاقتصاد القائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالمياً، وترسم الحكومة معالمه، ويتولى القطاع الخاص الرائد عجلة تنميته، وتنويع الاقتصاد وتحقيق التوازن بين مختلف قطاعاته بشكل أمثل لضمان الاستدامة في مواردها وخلق فرص جديدة لتطوير الأعمال فيها، والسعي بقوة لأن تكون المملكة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ومركزاً إقليمياً للخدمات. فمن شأن توجيه سمو ولي العهد توفير التسهيلات التي تدعم البيئة المحفزة للتنمية والنشاط الاقتصادي والاستثماري في مختلف القطاعات الحيوية.

واتخذت البحرين كثيراً من الإجراءات لتنفيذ رؤيتها الاقتصادية 2030 القائمة على مبادئ الاستدامة والتنافسية والعدالة. ومن أبرز الخطوات تحرير سوق الاتصالات من قبل هيئة تنظيم الاتصالات، وإدخال إصلاحات مهمة على سوق العمل بهدف زيادة مستوى التنظيم، وتدشين نظام سجلات لتحسين إجراءات التسجيل والحصول على الرخص، والمساهمة في العديد من مشاريع الخصخصة الرئيسة في المملكة، وتنظيم العديد من الجولات الترويجية للبحرين في الأسواق العالمية.

وتسعى البحرين لضمان تدفق الاستثمار الأجنبي، الذي يمثل أهم عنصر من عناصر التمويل الخارجي للتنمية، وهو مصدر لتحقيق الزيادة في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، فأحد الأهداف الرئيسة لاستقطاب رأس المال الأجنبي إقامة مشروعات إنتاجية في كافة المجالات الصناعية والزراعية والخدمية تهدف إلى إنتاج سلع وخدمات ذات ميزة تنافسية، كما أن توفر رأس المال يسمح بالتوسع في الإنتاج وتنوع المنتج وتحسين جودته.

تشريعات اقتصادية

وأجرت المملكة كثيراً من التعديلات للقوانين والتشريعات الاقتصادية لتهيئة المناخ المناسب للاستثمار وتوفير الأدوات اللازمة لعمله خدمة للأهداف الاقتصادية الوطنية، ومنها مثلاً توسيع قائمة الأنشطة التي يسمح للأجانب تملكها بنسبة 100% لتشكل 62% من الأنشطة وتوسيع قائمة الأنشطة التي يسمح للأجانب تملكها بنسبة 49% لتشكل 35% من الأنشطة، واعتماد المعايير والآلية المتعلقة بالسماح للشركات العالمية الأجنبية تملك أنشطة تجارة التجزئة بنسبة 100%.

واتخذت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة عدداً من الإجراءات الداعمة لهذا التوجه خلال الأعوام الماضية، من خلال مراجعة القوانين الخاصة بالشأن التجاري بشكل عام، ومنها قانون الشركات التجارية وقانون السجل التجاري وقانون العهد وقانون شراكات الاستثمار المحدودة.

إنعاش الاقتصاد

ويعد التوجيه المهم من سمو ولي العهد خطوة سباقة في إطار الجهود المبذولة لتنفيذ ودعم الرؤية الاقتصادية الرامية إلى التنوع الاقتصادي وتعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث من المتوقع أن يؤدي إلى طفرة في الاستثمار الأجنبي المباشر والتملك في رأسمال الشركات، وما ينتج عن ذلك من مستويات نمو وتنمية اقتصادية كبيرة في الدولة.

كما أن القرار يسهم في تدوير الحركة الاقتصادية وإنعاشها في جميع القطاعات والمضي قدماً في ترسيخ مكانة المملكة الإقليمية والعالمية وجهة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية والخدمية.

ويسعى القرار لجذب الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، وتشجيع الاستثمار الدولي عن طريق توفير تسهيلات أكبر للمستثمرين وإزالة المعوقات أمام عملهم. ويشار هنا إلى أهمية الاستثمار الأجنبي في المملكة، فالقرار سيقلل بمجرد تنفيذه الحواجز أمام دخول المستثمرين الأجانب والمؤسسات التجارية، وسيزيد من فتح السوق البحريني للاستثمارات الخارجية خصيصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، ما يسهم في جذب رؤوس الأموال العالمية للبحرين، ويسهم برفع تصنيف المملكة من حيث سهولة بدء الأعمال التجارية ويحفز على اختيار البحرين كموقع للشركات العالمية المرموقة، وكل ذلك يصب في النهاية في صالح الاقتصاد الوطني من حيث تحريك عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز البنية الاقتصادية عبر استقطاب مشاريع ذات قيمة مضافة وإيجاد فرص عمل نوعية للمواطنين، وجذب المواهب وتطوير المعرفة والخبرات الفنية والإدارية.

الحد من البطالة

ومن النتائج المباشرة للقرار تمكن الشركات القائمة بالاستثمار الأجنبي المباشر من التوسع في عملياتها الإنتاجية بسبب امتلاكها رؤوس أموال ضخمة وقدرتها على الاقتراض من الأسواق الدولية، وبالتالي تستفيد من اقتصادات الحجم، ويمكن لهذه القرارات تحقيق مميزات أساسية كمصدر أساسي للموارد المالية، وخلق وظائف جديدة والحد من مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل جديدة مباشرة وغير مباشرة، ودعم عمليات الأبحاث والتطوير، وخلق قاعدة تكنولوجية حديثة وخبرة إدارية وتسويقية جديدة.

ويعتبر القطاع الصناعي أكثر المستفيدين من توجيه سمو ولي العهد لأنه يحتاج إلى الاستقرار حتى يتمكن من دراسة السوق المحلي ووضع الخطط اللازمة لدراسة دورة رأس المال ولتحقيق الأرباح والتوسع في المستقبل في أسواق أخرى، ومن القطاعات المهمة التي ستتأثر إيجاباً قطاع العقارات الذي يشكل أهمية كبيرة للبحرين، فالقرار يصب في مصلحة القطاع العقاري، الذي سيستفيد من دخول شركات جديدة إلى السوق المحلية، ورفد القطاع العقاري بطلب جديد من قبل مستثمرين جدد مما يحفز الطلب في السوق العقارية، ودخول استثمارات عقارية جديدة إلى السوق.

كل ذلك في ظل توافر ميزة أخرى تتمتع بها المملكة وهي أنها وطن المحبة والتعايش الذي يعيش فيه الجميع متمتعين بكافة حقوقهم مما جعلها تأتي في المرتبة الأولى عالمياً باعتبارها الوجهة المفضلة للمغتربين، والمرتبة الثانية عالمياً ضمن أفضل دول العالم توازناً بين العمل والحياة، وهذه مؤشرات مهمة تضعها الشركات العالمية في حسبانها عند بدء مشروعاتها الاستثمارية أو توسيعها.