كأننا لم ننتظر أعواماً مديدة ولم ترهقنا الحياة انتظاراً

على رصيف الأمل.. عائلة بحرينية تناشد الحكومة بمنزل الإسكان

زهراء الشيخ

لماذا مرت أربع سنوات ولم يتم النظر في رسالة الاستعجال التي قدمها وزير الإسكان للاستعجال في طلبنا الإسكاني الجديد؟ لماذا لا يستجاب إلى مناشداتنا المنشورة عبر الصحف كغيرها من المناشدات؟ لماذا لا تؤخذ بعين الاعتبار الظروف الصحية للوالد؟ لماذا يتغير الكلام في كل زيارة أو اتصال للإسكان؟ لماذا تم إلغاء طلبنا الإسكاني دون سابق إنذار؟ لماذا لا ترد الإسكان على تساؤلاتنا سوى بطلب الانتظار؟ وغيرها من التساؤلات التي تطرحها عائلة بحرينية، مازالت تحلم وتنتظر بيت الإسكان بعد مرور حوالي 34 عاماً.

أكثر من عام ولم يمضِ الأسبوع الذي وُعدت فيه عائلة بحرينية بالرد على استفسارها حول طلبها الإسكاني، وكأن انتظار أعوام طويلة منهكة لم يشفع لها، طرقتَ كل الأبواب في سبيل الحصول على وحدة سكنية بدءاً من باب وزير الإسكان، مروراً بمكاتب النواب الحاليين والسابقين، ومحافظ محافظة العاصمة، إلا أن كل ما حصلت عليه حتى اللحظة وعود جميلة ظاهرياً، حتى الإذاعة تحدثت من خلالها.

العائلة البحرينية التي قضى معيلها أكثر من نصف حياته في انتظار بيت الإسكان تناشد المعنيين، للنظر في أمرها، بقلوبهم الرحيمة وأياديهم المعطاءة.

مررنا بنقاط عديدة، فرحنا فيها تفاؤلاً وأملاً بأن الحلم المستعصي سيتحقق أخيراً، وفصلتنا سنوات عدة، عن تلك النقاط التي اكتشفنا لاحقاً أنها مجرد منعطف في معناتنا الممتدة منذ طفولتي، والدي مريض بالصرع منذ 1980، ومصاب بعجز دائم وتحت سيطرة الأدوية، تقاعد مبكراً بسبب ظروفه الصحية، ويشكو من أمراض القلب والضغط والسكري، بالإضافة إلى مشاكل في الكلى التي توشك على الفشل في أداء وظائفها، كما أن أمي مصابة بالضغط والسكري نتيجة التفكير والقلق المستمر، ووضعها الصحي في تردٍّ كلما استمرت مشكلتنا، وكذلك أختي من ذوي الاحتياجات الخاصة "متلازمة داون" والتي لها متطلبات أخرى خاصة.

لم أسمع مسبقاً بشخص لديه أكثر من طلب في الإسكان، ولكن عينيَّ رأت وعاصرت ذلك، والدي له طلبان في وزارة الإسكان ولم يستطع الانتفاع بأيهما حتى الآن للأسف. هكذا بدأت إحدى فتيات العائلة سرد الحكاية.

وتواصل: "في العام 1984، قدم والدي طلبه الإسكاني الأول، وبعد 15 عاماً من الانتظار، وشعوره بالوصول للنهاية والقرب من تحقق الحلم، والحصول على منزل الإسكان، وإذا الوزارة تطالبه بالعودة من الصفر والبدء بالانتظار من جديد، في رحلة معيشية صعبة، وحال لا يسر صديقاً ولا عدواً، صدمة تلقاها الوالد برحابة صدر رجل أربعيني شحذته الحياة، رغم أننا حتى هذا اليوم لم نعرف سبب إلغاء الطلب، والأصعب من إلغائه أن الوزارة لا تعترف به، والموظفون بكل برود وبلا مبالاة يرددون بأن الطلب ليس مدرجاً في نظام الوزارة، رغم وجود بطاقة الطلب لدينا.

وتبين بصوت متململ من إعادة وتكرار تفاصيل الحكاية التي تسردها على كل من تتقدم لهم، كيد عونٍ تساعدها على تجاوز وتخطي المحنة: "قدم والدي طلبه الإسكاني الثاني في مطلع العام 1999، وهو ذات العام الذي عرف فيهِ بإلغاء الطلب، بعد طمأنة الوزارة بأن الأولوية ستكون لنا". -متهكمة بقهر- "ولم نجد حتى الآن من يولينا بعض الاهتمام وينظر بعين الاعتبار والإنسانية للمأساة التي عشناها ومازلنا نعيشها".

وتسترسل في سرد خطواتهم بصوت مرتعش وعين تبحث عن بارقة أمل بين الحين والآخر: "في العام 2014 ذهبت مع والدي لمجلس الوزير الأسبوعي، وهناك لاح لنا خيط نور، لم يبدأ إلا وانتهى بكل سرعة، حيث كتب لنا الوزير رسالة استعجال، ووعدنا أن تكون لنا الأولوية حتى قبل بناء مشروع المنطقة، وقبل توزيع المشروع تم الاتصال بنا، وإعلامنا بأن لنا الأحقية في الحصول على وحدة سكنية في مشروع منطقتنا بناءً على رسالة استعجال الوزير وما علينا سوى الانتظار".

وتضيف: "عامان ونحن ننتظر بناء وتوزيع المشروع، بنفاد صبر مغترب شارفت طائرته الهبوط على أرض الوطن، ولم تسعنا الأرض، وحلقنا فرحاً، وما أسرع أن هوينا أرضاً بعد الانتهاء من توزيع المشروع، الذي لم يكن لنا نصيب فيه، وعند التواصل معهم، أخبرونا بأن رسائل الاستعجال لا يؤخذ بها، وأي اعتراض يمكننا رفعه كرسالة تظلم للوزير".

وتواصل: "لن نقفل الباب الذي فتح لنا، بعد ما غلقت في وجوهنا الأبواب كافة، كتبنا رسالة التظلم وأرسلناها إلى الوزير عن طريق عدد من النواب، ومحافظ محافظة العاصمة، وبرنامج "تحت أمرك" ولم نجد جواباً، وكلما تواصلنا مع الوزارة كان الجواب "انتظروا"، وكأننا لم ننتظر أعواماً مديدة، ولم ترهقنا الحياة انتظاراً".

وتقول بنبرة مكسورة: "رغم أن الوزارة سألتنا مسبقاً إن كنا لا نمانع الحصول على وحدة سكنية في منطقة مختلفة، ورغم موافقتنا إلا أننا لم نحصل، وما يشعرنا بالقلق والأسى معرفتنا بحصول عائلة على منزل في مشروع منطقتنا الإسكاني، مع أن طلبهم في ذات العام ودون رسالة استعجال، فلِم لا نحصل على المنزل!؟".

وتختم بصوت تملؤه المرارة، وقلب يوشك على اليأس: "والدي في العقد السابع من العمر، مريض وعاجز، ومازال يسكن في منزل والده مع زوجته مع 7 من أبنائه، ويتشارك فيه مع أخ وأخت، زوجة الأب، كما أن العائلة تجتمع فيه يومياً، ألا يجدر بهِ الحصول على مكان يستقر ويرتاح فيه، مع أسرته الصغيرة بعد عناء السنين!".