تشارك مملكة البحرين دول العالم احتفالاتها باليوم العالمي للديمقراطية الذي يوافق الـ 15 من سبتمبر من كل سنة، وهو اليوم الذي يكرم فيه الناس في جميع أنحاء العالم قيم الحرية واحترام حقوق الإنسان وإجراء انتخابات حرة وشفافة.
وكانت الأمم المتحدة قد تبنت في القرار رقم A/62/7-2007 الاحتفال بهذا اليوم، وتم التصديق عليه في الـ 13 من ديسمبر 2007، رغبة في تشجيع شعوب العالم على ممارسة الديمقراطية، وتوطيد أركانها في شتى أرجاء الأرض.
ويمثل الاحتفال باليوم العالمي للديمقراطية فرصة للبحث عن سبل لتنشيط العمل الديمقراطي، والسعي للحصول على حلول للتحديات التي تواجهه، ويشمل ذلك معالجة التفاوت الاقتصادي والسياسي، وجعل الأنظمة والدول أكثر قدرة على إشراك جميع فئات مواطنيها في عملية صنع القرار، وأكثر ابتكاراً واستجابة للتحديات الناشئة من مشكلات كالهجرة والاندماج ومواجهة النزعات اليمينية المتطرفة وغير ذلك.
ويتزامن الاحتفال مع قرب ذكرى الاحتفال بمرور 70 عاماً على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر 1948، الأمر الذي يجعل من الاحتفاء باليوم العالمي للديمقراطية مناسبة مهمة لتسليط الضوء على قيم الحرية، واحترام حقوق الإنسان بوصفها عناصر أساسية للديمقراطية.
وتعد مملكة البحرين نموذجاً ديمقراطياً يحتذى به في المنطقة، خاصة أنها تستعد حاليا للعرس الانتخابي الخامس منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
وأصدر جلالته أمره الملكي السامي رقم "36" لسنة 2018 بشأن تحديد ميعاد الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس النواب يوم 24 /11 /2018.
وفي إطار الاحتفالات العالمية بيوم الديمقراطية، فإن للبحرين الحق في أن تفخر بريادتها وتجربتها السياسية، للعديد من الأسباب:
أولا: النقلة النوعية التي شهدتها مملكة البحرين على صعيد تطورها الديمقراطي خلال السنوات الماضية، حيث تم صياغة ميثاق العمل الوطني الذي شكل انطلاقة تاريخية للمسيرة الوطنية على طريق الإصلاح السياسي والدستوري، وترسيخ دولة القانون والمؤسسات، ونال موافقة قدرها 98.4% في 14 و15 فبراير 2001 في استفتاء عام شهدت بنزاهته المنظمات الإقليمية والدولية.
ثانيا: مواصلة التجربة الوليدة لنجاحاتها، بتنظيم 4 دورات انتخابية في أعوام 2002، و2006 و2010، 2014، والانتخابات التكميلية في 2012، وهي الانتخابات التي أفرزت 4 مجالس برلمانية، استكملت دوراتها الأربع دون انقطاع و هي ميزة من ميزات التجربة الوطنية، وشهدت هذه المجالس نضجاً في ممارساتها فصلاً بعد آخر وفقاً للمراقبين.
ثالثاً: الثقافة التي أرسى دعائمها المشروع الإصلاحي، وكرست مرتكزات المواطنة، وعززت الحقوق والواجبات، وسمحت بوجود وسائل إعلام تتمتع بالحرية والتعددية والاستقلال، ومكنت في ظل سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان من التمتع بالحرية في العمل السياسي، والتعبير عن الرأي وممارسة الشعائر الدينية للجميع بلا قيود، وإنشاء المؤسسات الداعمة للحقوق والحريات.
رابعاً: حماية التجربة الديمقراطية الوطنية بنظام مؤسسي شامل وقوي، عبر المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، فضلاً عن مؤسسات المجتمع المدني "أكثر من 550 جمعية منها 20 جمعية سياسية تمارس العمل السياسي كأحزاب سياسية" وغير ذلك الكثير.
خامساً: تمكين التجربة الديمقراطية البحرينية للمرأة، والمساعدة في إشراكها في الحياة السياسية والانتخابات كمرشحة وناخبة، وتؤكد نسب مشاركة المرأة البحرينية على الدور الذي تمارسه المرأة في الحياة النيابية، ووصلت معدلات مشاركتها لـ 50% وأحيانا تعدت هذه النسبة، وترشحت المرأة للانتخابات، ونجحت في الحصول على عدد من المقاعد النيابية والبلدية وهو تطور يشار إليه بالبنان في ظل حداثة التجربة والظروف المجتمعية.
لقد كان للتجربة الديمقراطية البحرينية انعكاسها الواضح على جميع أوجه الحياة في المجتمع وقواه الفاعلة، ومن ذلك الشباب، حيث أهتم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، بمشاركة الشباب في العملية السياسية، وإعداد قيادات شبابية مؤهلة وقادرة على المشاركة في الشأن العام.
ولطالما أكد جلالة الملك المفدى، على أهمية مشاركة الشباب، باعتبارهم اللبنة الأساسية في المشروع الإصلاحي ويمثلون شريحة اجتماعية هامة تتمتع بالفكر والحيوية والحماس والقدرة على الإنتاج والعطاء، الأمر الذي لا يمكن الاستغناء عنه في كل مرحلة من مراحل التنمية والتطوير التي تشهدها مملكة البحرين.
ويبدو من المهم هنا التأكيد على تفرد التجربة الديمقراطية البحرينية، وتميزها عن التجارب النظيرة التي يتم الاحتفاء بها حالياً في إطار اليوم العالمي للديمقراطية باعتبارها تجارب وليدة في الدول الناشئة، فإضافة إلى أنها تمت بإرادة وطنية خالصة، وتحظى وما زالت بدعم شعبي كبير، فإنها ديمقراطية حافظت على استقرار وتوازن المجتمع، وقابلة للتطور الذاتي، ولم تضع هذه التجربة سقفاً أو حداً نهائياً لتطورها، بل إن الفرصة مفتوحة أمام التطور المستقبلي باستمرار، بما يتناسب مع ظروف المجتمع وخصوصيته.
ولعل ما يؤكد كل ذلك عدة مؤشرات:
ـ تعددية المجتمع وإرساؤه لنموذج وطني في التسامح والتعايش بين جميع مكوناته، وهو ما يمكن تلمس ملامحه في الأوساط كافة، الرسمية منها والأهلية، وبات محل إشادة وتقدير إقليمياً وعالمياً.
ـ دور المجلس الأعلى للمرأة، برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، وجهوده المتميزة في تعزيز حضور المرأة ومشاركتها بجدارة في شتى مناحي الحياة.
ـ الاستجابة للتحديات والتعاطي معها، وهو ما حدث بالفعل عندما تم إجراء حوار وطني شمل كافة مكونات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإقراره التعديلات الدستورية.
ـ دور معهد البحرين للتنمية السياسية، في ترسيخ ثقافة المشاركة في أوساط كثير من فئات المجتمع، بهدف تأهيل وخلق جيل قيادي واع وقادر على خوض غمار العمل السياسي.