حوار عبدالرحمن مبارك
قالت وزيرة الصحة فائقة الصالح إن الوزارة أنجزت بالشراكة مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية المسح الصحي الوطني للعام 2018، وستظهر نتائجه نهاية العام، مضيفة أن "الوزارة ستعمل من خلال نتائج المسح على تطوير برامجها الرامية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية (..) وسيكون لطبيب العائلة في الرعاية الصحية الأولية من خلال برنامج "اختر طبيب" في إطار التسيير الذاتي للمراكز الصحية تحت مظلة الضمان الصحي دور أكبر في برنامج الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة".
ولفتت الوزيرة، خلال حوار صحافي، إلى أن المجلس الأعلى للصحة المشرف على مشروع الضمان الصحي يقوم بدور كبير في تنفيذ مراحل تطبيق الضمان، من خلال فرق عمل تمثل مختلف الجهات التي تعمل بجد واجتهاد للوصول إلى الهدف المنشود لتطبيق هذا النظام الجديد.
وأضافت "نستطيع القول إن المجلس بدأ فعلاً في الاستعداد لتطبيق هذا النظام بشكل مرحلي"، موضحة أن "تطبيق الضمان الصحي سيحدث تغييراً جذرياً في النظام الصحي بالمملكة، بحيث يخلق علاقة قائمة على طرفين هما: مشتري الخدمات الصحية ومقدم الخدمات الصحية، والعلاقة بينهما سترتكز على تحديد نوعية الأسعار وجودة الخدمة في هذا المجال بما يصب في صالح المريض".
ولفتت إلى أن من أهم المحاور الرئيسة التي يقوم عليها الضمان الصحي هي التسيير الذاتي لمقدمي الخدمات الصحية، وصندوق الضمان الصحي، وإعادة هيكلة وزارة الصحة، ونظم الحوكمة، والمركز الوطني للمعلومات الصحية، إلى جانب شركات التأمين والمستشفيات الخاصة، مؤكدة أن "التسيير الذاتي للمستشفيات والمراكز الصحية سيوفر مزيداً من الاستقلالية، اذ سيتم قريباً تشكيل مجلس أمناء ومجلس إدارة لمجمع السلمانية الطبي والمراكز الصحية، وستكون الحكومة وبموجب القانون قادرة على متابعة عملية إدارة المستشفيات لذاتها والتأكد من حصول كافة المواطنين على الخدمات العلاجية".
وفي ما يلي نص الحوار:
-فازت وزارة الصحة بجائزة أفضل الممارسات الحكومية عن مشروع تطبيق الكشف المبكر للأمراض المزمنة غير السارية في الملتقى الحكومي عام 2017، كيف حققتم هذا الإنجاز، وما نتائجه في الأعوام المقبلة؟
بداية، نود الإفادة بأن فوز وزارة الصحة بجائزة أفضل الممارسات الحكومية جاء تنفيذاً للرؤية الاقتصادية 2030 التي أكدت أهمية جودة الخدمات الصحية لتحقيق مزيد من الإنتاجية لدى المواطنين البحرينيين، فالكل يعلم أنه كلما تحسنت الصحة والعافية زادت الإنتاجية التي تؤثر بالتأكيد على اقتصاد المملكة وعجلة الإنتاج والنمو، وبالتالي فإن الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة مثل أمراض السكر والضغط والقلب والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي يحد من انتشار هذه الأمراض وعوامل الاختطار المرتبطة بها، وتؤدي إلى سير عجلة التنمية بكل كفاءة واقتدار من خلال وجود مواطنين أصحاء فاعلين ونشطين.
وتحقق هذا الإنجاز من خلال عدة أعمال قامت بها البحرين نذكر منها على سبيل المثال: تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الامراض المزمنة غير السارية، وتضم معظم القطاعات المعنية التي وضعت الخطة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، والعمل على التصدي لها بما يكفل توفير العلاج اللازم وإيجاد برامج مدروسة للوقاية من مخاطرها وتوعية المجتمع لخفض معدلات الإصابة بها، التزاماً من المملكة بتنفيذ الاعلان السياسي العالمي لمكافحة الامراض غير السارية، بعد المشاركة في الاجتماعات رفيعة المستوى التي عقدت بخصوص مكافحتها في الأمم المتحدة العام 2011 و 2014 وآخرها في العام الحالي 2018. إضافة إلى تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة التدخين والتبغ التي وضعت بدورها خطة لمكافحة التدخين وإنشاء عيادات خاصة في المراكز الصحية للإقلاع عن التدخين الذي يعتبر المسبب الأساسي في بعض أمراض السرطان مثل سرطان الرئة.
ليس هذا فحسب، بل إن البحرين تميزت بوجود عيادات متنوعة في المراكز الصحية الحكومية للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة ومكافحتها من خلال توفير العلاج المبكر لها، وتنظيم حملات توعية صحية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والتشجيع على الممارسات الصحية الجيدة.
وفيما يخص التطلعات المستقبلية لاستدامة هذا الإنجاز، أنجزت وزارة الصحة بالشراكة مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية المسح الصحي الوطني لعام 2018، التي ستظهر نتائجه نهاية هذا العام، وستعمل الوزارة من خلال هذه النتائج على تطوير برامجها الرامية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية، حيث أن جميع الخطط والبرامج المقدمة من أجل الوقاية من الأمراض هي محل اهتمام ومتابعة الحكومة، كما سيكون لطبيب العائلة في الرعاية الصحية الأولية من خلال برنامج "اختر طبيب" في إطار التسيير الذاتي للمراكز الصحية تحت مظلة الضمان الصحي دور أكبر في برنامج الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة.
وستستمر الوزارة في العمل على التعاون والتواصل مع كافة المنظمات على الصعيدين الإقليمي والدولي للوقوف على آخر المستجدات الخاصة بالأمراض المزمنة وطرق مكافحتها، وسندعم هذه البرامج التي لها دور كبير في دفع عجلة برامج التنمية، والتركيز عليها من خلال المشاركة في نجاح أهدافها من خلال الالتزام بطرق المحافظة على الصحة والوقاية وتجنب عوامل الاختطار، وضرورة تكاتف جميع الجهات لمكافحة الأمراض التي تعد بمثابة تحد إنمائي، ومسؤولية يجب أن تشارك للوقاية منها جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وأفراد المجتمع بكافة فئاته.
- خلال الأيام القليلة المقبلة ستشارك الوزارة في عدد من الفعاليات والحملات، منها الاحتفال باليوم العالمي للسكري، في منتصف الشهر الجاري، هل لكم أن تطلعونا على آخر مستجدات هذه الفعاليات، وكيف تسهم في تعزيز استراتيجية الوزارة؟
دأبت وزارة الصحة على تنظيم الفعاليات والحملات بهدف التوعية الصحية من أجل نشر المفاهيم والمعارف الصحية السليمة في المجتمع، وتمكين الناس من تحديد مشكلاتهم الصحية واحتياجاتهم، إلى جانب مساعدة الناس في بناء الاتجاهات الصحية السوية، وترسيخ السلوك الصحي السليم، ولله الحمد نجد تفاعلاً كبيراً من المجتمع البحريني.
وخلال الأسبوع المقبل يوم الخميس 15 نوفمبر تنظم اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية بالتعاون مع جمعية السكري البحرينية، وتحت رعاية رئيس المجلس الأعلى للصحة احتفالاً بمناسبة اليوم العالمي للسكري تحت شعار "السكري يهم كل عائلة"، في مجمع الأفنيوز بحضور عدد من الأطباء والمختصين وعدد من الجهات المعنية بمرض السكري. ويهدف الاحتفال إلى توعية المجتمع والجمهور بمرض السكري ومضاعفاته وكيفية التعايش معه، وعرض المستجدات المتعلقة بالمرض من جميع جوانبه، وسيصاحب الاحتفال تنظيم معرض إضافة إلى إجراء تمارين إحماء وماراثون للمشي.
إضافة إلى ذلك وانطلاقا من مبدأ الشراكة المجتمعية ودور المبادرات التطوعية في دعم ومساندة ما تقدمه الوزارة من خدمات صحية وعلاجية، نفذت وزارة الصحة عدداً من الحملات التطوعية للتوعية بمرض سرطان الأطفال وسرطان الثدي، بهدف نشر الوعي بهذا المرض لدى مختلف شرائح المجتمع.
- ما تأثيرات برنامج المسح الصحي الوطني، وأبرز مستجدات برنامج النظام الوطني للمعلومات الصحية، خاصة أن البرنامجين يعتبران من أهم استراتيجيات عمل الوزارة في الفترة الحالية، وما حجم التنسيق القائمبين أجهزة الدولة المختلفة في هذا الصدد؟
ذكرنا أن وزارة الصحة بالشراكة مع هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية أنجزت المسح الصحي الوطني لعام 2018، وهو مسح معتمد دولياً من قبل منظمة الصحة العالمية، ويأتي في سياق برنامج عمل الحكومة والخطة الوطنية للصحة 2016 - 2025، كونه سيسهم في تعزيز نظام المعلومات الصحية وتحديد الأولويات الصحية للمملكة إضافة إلى توفير قاعدة بيانات حديثة ومتطورة وشاملة عن الحالة الصحية للسكان لمساعدة صناع القرار على إدارة ورصد وتقييم النظام الصحي، وتطوير الخدمات الصحية. واستهدفت عينة المسح 4 آلاف أسرة بحرينية وغير بحرينية في كافة المحافظات، كما شارك فيه نحو 40 باحثاً ومشرفاً ميدانياً من وزارة الصحة. وإجمالي عينة المسح الصحي الوطني بلغت 3407، بما يعادل تقريباً 85% من العينة المستهدفة، وهذه نسبة عالية جداً حسب المعايير الدولية، وتم جمع كافة بيانات عينة المسح، ويجري الآن تحليل هذه البيانات وصياغة التقرير النهائي.
وفيما يخص برنامج النظام الوطني للمعلومات الصحية نود أن نشير هنا إلى أن هذا المشروع الوطني يوفر نظاماً وطنياً صحياً إلكترونياً يحقق ما تسعى إليه الحكومة الموقرة في استراتيجيتها لتطبيق منظومة صحية إلكترونية وطنية على مستوى البحرين، ويعمل المجلس الأعلى للصحة حالياً لاستكمال هذا النظام في إطار الضمان الصحي. وهناك تنسيق مستمر ما بين الوزارة والمجلس في هذا الشأن، وبخاصة أن نظام المعلومات الصحية (I-Seha) المطبق حالياً بمختلف مرافق الوزارة يعد أحد الركائز الرئيسة لتطبيق النظام الوطني للمعلومات الصحية.
-لمؤسسات المجتمع المدني دور في دعم الموارد والمقومات الصحية، وخصوصاً في مكافحة الأمراض، كيف ترون هذا الدور؟
تشجع وزارة الصحة العمل الاجتماعي والتنموي التطوعي، ومدت جسوراً وثيقة بين عدد من القطاعات، حيث باتت هذه الشراكة من أهم الوسائل المستخدمة للمشاركة في النهوض بمكانة المجتمعات في وقتنا الحالي. وتوجد مساهمات نبيلة وأياد بيضاء من عائلات كريمة من البحرين ساهمت بتطوير الخدمات الصحية سواء من خلال الدعم المالي أو بناء المرافق والمشاريع الإنشائية، وأصبحت بصماتها واضحة في القطاع الصحي. إلى جانب ذلك تشارك مؤسسات القطاع الخاص الأخرى الوزارة خططها لدعم البرامج التنموية التي تنطلق من استراتيجية الوزارة وتتسق مع التوجهات وبرامج عمل الحكومة. ولا ننسى هنا دور منظمات المجتمع المدني وبالتحديد المتخصصة منها في المجال الصحي مثل جمعية الأطباء وجمعية السكري وجمعية مرضى السرطان وجمعية مكافحة التدخين وغيرها من الجمعيات الفاعلة والنشطة الهادفة إلى تعزيز صحة الجميع من خلال ما تقدمه من مبادرات توعوية، وحتى الدعم المادي والمعنوي الذي يقدم لصالح المرضى بمختلف أنواع مرضهم. وسعت الوزارة لاحتضان هذه المبادرات وتشجيعها وإبراز دورها الفاعل في المجتمع. نقدر ونثمن كل من يساهم معنا في تحقيق الأهداف المبتغاة لتوفير التغطية الصحية الشاملة للجميع ومن الجميع، كما نسعى مستقبلاً لاستقطاب عدد أكبر من الشركاء من أجل تطوير الخدمات الصحية ودعم برامج الوزارة.
- كيف تقيمون اختيار وزارة الصحة مؤخراً لجائزة فريق العمل المشترك بين الوكالات التابعة للأمم المتحدة التي أهديتموها لسمو رئيس الوزراء؟
حقيقة عندما وصلنا خبر اختيار وزارة الصحة للجائزة، كان ذلك فرحة وفخر لجميع موظفي الوزارة وأعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية. ولم تكن الوزارة لتحصل عليها إلا بجهود الجميع وبالدعم والتوجيه المستمر من لدن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، ما جعلنا نقدم لسموه هذه الجائزة عرفاناً وتقديراً لمتابعة سموه المستمرة لتطوير الخدمات الصحية وتوجيهاته لنا للالتزام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبخاصة تلك المتعلقة بالصحة، وتحفيزه لنا للانطلاق للعالمية من خلال إبراز الإنجازات الواقعية التي تحققت عبر سنوات ومازالت وستستمر إن شاء الله.
فهذه الجائزة جاءت ثمرة جهود مخلصة من فريق العمل المعني بمكافحة الأمراض غير السارية، وكفاءة الكوادر الصحية المتميزة وأعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية الذين كان لهم الدور الكبير في تحقيق هذا الإنجاز واستحقاق الوزارة بكل جدارة مركزاً متقدماً، لتكون أول دولة عربية تحصد هذه الجائزة.
- سعت المملكة حثيثاً من أجل أن تكون وجهة لما بات يعرف بالسياحة الطبية، ما أهم الخطط والبرامج والإمكانات التي تتمتع بها المملكة على هذا الصعيد؟
يعلم الجميع أن تطوير القطاع السياحي يعد من أولويات الرؤية الاقتصادية 2030، والسياحة الطبية ليست ببعيدة عن تلك الرؤية، حيث يعمل المجلس الأعلى للصحة على تحفيز القطاع الخاص والمستثمرين بتوفير البيئة الحاضنة لمشاريع السياحة الطبية، بخاصة مع توفر مقومات السياحة الطبية أو العلاجية، إذ يتميز قطاع الرعاية الصحية في البحرين إقليمياً ودولياً بالجودة العالية لخدمات الرعاية الصحية التي يوفرها نظراً لوجود الأطباء المؤهلين دولياً وذوي المستوى العالمي، ووجود المستشفيات المعتمدة المجهزة بأحدث الآلات والمعدات. وأيضا هناك مشاريع مستقبلية سيكون لها دور في جذب الوافدين من دول الخليج والدول العربية وحتى الأجنبية للبحرين للسياحة العلاجية والاستفادة من الخدمات الطبية المتميزة.
من هذا المنطلق، ونظراً لتوافر الإمكانيات الطبية المتميزة، فيمكن القول إن المملكة مؤهلة للوجود على خريطة السياحة العلاجية، ولهذا أثر هام في دعم الاقتصاد الوطني وجذب مزيد من الاستثمارات. إضافة إلى أن التسهيلات المقدمة للحصول على الخدمات والاستفادة من الأنشطة والرخص المطلوبة تساعد على زيادة الاستثمارات الصحية.
- نظمت الوزارة واستضافت عدداً من المؤتمرات المتخصصة، ما حجم المساهمة التي يمكن أن تقدمها مثل هذه المؤتمرات على العاملين في المجالات الطبية، وعلى وجود البحرين في هذه المحافل؟
تستضيف البحرين عدداً كبيراً من المؤتمرات والندوات وورش العمل طوال العام ما أعطاها سمعة كبيرة على صعيد تنظيم المؤتمرات الطبية الدولية، وهي دلالة بارزة على ما تتمتع به المملكة من إمكانية لاستضافة هذا النوع من المؤتمرات. ويعزز ذلك مكانة سياحة المؤتمرات في البحرين وهي سياسة تشجع عليها استراتيجيات المملكة. ومن خلال هذه الفعاليات يمكن تحقيق الاستفادة القصوى منها من قبل المختصين وذوي الخبرات في علاج المرضى، وتتيح الفرصة أمام الأطباء البحرينيين للتدرب وتبادل الخبرات وتطوير الأداء الطبي مع الخبرات العالمية والاطلاع على التقنيات الحديثة. وأدى برنامج الطبيب الزائر إلى تحسين جودة الأداء الطبي بالتخصصات الطبية المختلفة من خلال تبادل الخبرات والتشاور حول أحدث البروتوكولات والسياسات والأساليب العلاجية. ويعد البرنامج الذي تحرص وزارة الصحة على تنفيذه، والذي يعتبر من البرامج التي حققت نجاحاً باهراً على جميع المستويات بالصحة.
- الرعاية الصحية الثانوية والأولية جزء من مفهوم الرعاية المجتمعية الشاملة التي تقدمها المملكة في المجال الطبي، هل ساعد هذا النهج المتبع في السيطرة على الأمراض وعلاج مضاعفاتها، وكيف يمكن مواجهة التحديات الناتجة عن ذلك؟
لدى البحرين نظام صحي متطور وشامل، وحقق النظام إشادات واسعة مؤخراً على المستوى الدولي، ومن ضمنها التغطية الصحية الشاملة، وخاصة من خلال توافر المراكز والمؤسسات الصحية الحكومية التي تقدم كافة خدماتها المتخصصة مجاناً في جميع أنحاء المملكة.
كما أن البحرين تتبنى استراتيجية صحية متكاملة تهدف إلى التركيز على مكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية. ونستطيع القول إن البحرين من الدول التي قضت على جميع الأمراض المعدية منذ زمن طويل مثل شلل الأطفال بفضل تطوير الخدمات الصحية بشكل عام وتوفير التطعيمات اللازمة للجميع. كما تعمل الوزارة مع المراكز العالمية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، بهدف تبادل المعلومات والخبرات، ضمن إطار منظمة الصحة العالمية والشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها، التي تسعى إلى مواجهة الأوبئة ومكافحة انتشارها على مستوى العالم.
أما عن الأمراض المزمنة غير المعدية التي أشرنا لها في بداية الحديث، فقد ساعد وجود برنامج الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة غير المعدية على تعزيز القدرات الذاتية لدى الفرد للعناية بصحته وتغيير سلوكياته غير الصحيحة، إضافة إلى السعي نحو السيطرة على الأمراض بشتى أنواعها من خلال توفير العلاجات المتقدمة والمتطورة في المجال الطبي التخصصي.
- ستشرع المملكة مطلع العام القادم في تطبيق نظام الضمان الصحي (صحتي)، الذي يوصف باعتباره من أهم خطوات دعم برامج الصحة الأولية في البحرين، إلى أين وصلت استعداداتكم للبدء في تنفيذ البرنامج، وهل سيسهم في توفير منظومة صحية متكاملة؟
يقوم المجلس الأعلى للصحة المشرف على الضمان الصحي بدور كبير في تنفيذ مراحل تطبيق الضمان الصحي، من خلال فرق عمل تمثل مختلف الجهات التي تعمل بجد واجتهاد للوصول إلى الهدف المنشود لتطبيق هذا النظام الجديد.
ونستطيع القول إن المجلس بدأ فعلاً في الاستعداد لتطبيق هذا النظام بشكل مرحلي، خاصة بعد صدور قانون الضمان الصحي هذا العام الذي يعد الأساس في تطبيق منظومة الضمان الصحي الوطني في البحرين من مختلف جوانبه خصوصاً ما يتعلق بتشكيل المؤسسات المندرجة ضمنه. وعند تطبيق الضمان الصحي سيحدث تغيير جذري في النظام الصحي في المملكة، بحيث يخلق علاقة قائمة على طرفين هما: مشتري الخدمات الصحية ومقدم الخدمات الصحية، والعلاقة بينهما سترتكز على تحديد نوعية الأسعار وجودة الخدمة في هذا المجال بما يصب في صالح المريض.
ولا بد هنا أن نشير إلى أن من أهم المحاور الرئيسية التي يقوم عليها الضمان الصحي (صحتي) هي التسيير الذاتي لمقدمي الخدمات الصحية، وصندوق الضمان الصحي، وإعادة هيكلة وزارة الصحة، ونظم الحوكمة، والمركز الوطني للمعلومات الصحية، إلى جانب شركات التأمين والمستشفيات الخاصة.
ونود هنا الإشارة إلى التسيير الذاتي للمستشفيات والمراكز الصحية سيوفر مزيداً من الاستقلالية، اذ سيتم قريباً تشكيل مجلس أمناء ومجلس إدارة لمجمع السلمانية الطبي وللمراكز الصحية، وأن الحكومة وبموجب القانون ستكون قادرة على متابعة عملية إدارة المستشفيات لذاتها والتأكد من حصول كافة المواطنين على الخدمات العلاجية التزاماً منها بالدستور الذي ينص على توفير الخدمة الصحية للمواطن، والعمل جار على استكمال الأمور التنظيمية والإدارية لتطبيق التسيير الذاتي للمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.
ومن ناحية أخرى بدأ العمل التجريبي لنظام التسيير الذاتي للمراكز الصحية عبر برنامج "اختر طبيب" في خمسة مراكز صحية بعد النجاح في مركز عالي الصحي، ويعتبر هذا البرنامج من ضمن العناصر الأساسية الداعمة لنظام الضمان الصحي التي تسعى إلى خلق علاقة بين الطبيب والأسرة تتماشى مع المعايير العالمية للعلاج لتحسين جودة الخدمات المقدمة.
وفي ظل الضمان الصحي، سيتم تعزيز دور وزارة الصحة من مقدم خدمات إلى منظم بالتنسيق مع المجلس الأعلى للصحة، ويتم حالياً العمل على إعادة هيكلة وزارة الصحة من أجل التهيئة لاستقبال الضمان الصحي الجديد.
- ترأستم نهاية الشهر الماضي وفد البحرين المشارك في الاجتماع الرابع للجنة الوزارية لوزراء الصحة والاجتماع الـ81 لمجلس الصحة لدول مجلس التعاون، هل لكم أن تطلعونا على تطورات مسيرة التعاون الخليجي في هذا المجال؟
هناك مسيرة متواصلة متنامية بالإخاء والعطاء بين دول المجلس، وترتبط البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات أخوية استطاعت أن تحقق طفرة في مجال الخدمات الصحية، وجعلت مواطنيها ينعمون بخدمات وتسهيلات لا تتوافر في كثير من الدول المتقدمة، ويأتي ذلك بفضل توحيد السياسات والإجراءات الصحية على مستوى دول التعاون بما يعزز التعاون ومد الجسور للوصول من خلالها إلى التكامل الخليجي.
وامتدت العلاقات في المجال الصحي والنقلات النوعية التي حققتها دول الخليج من خلال البرامج المشتركة والعمل خلال السنوات الماضية من أجل تطوير مختلف القطاعات الصحية والشؤون المتعلقة بالصحة. ولعل الحرص والمسؤولية التي أولتها وزارات الصحة بالدول الأعضاء للعمل الصحي المشترك بين دول المجلس، كانت شاهداً على الإنجازات التي حققتها لجنة التعاون الصحي بمجلس التعاون، الأمر الذي يعزز الجهود التي تبذلها دول المجلس وأجهزتها لإبراز التزام دول المجلس بأهداف التنمية المستدامة، وحرصها على تحقيق التطوير والتعاون والتنسيق والتكامل بين الدول الأعضاء في المجالات التنموية مما يشكل دفعة جديدة في الارتقاء بالعمل الخليجي المشترك.
وتأتي البرامج الصحية المشتركة بين دول المجلس لترسيخ مبادئ العمل المشترك في ظل المسيرة المباركة الطموحة وتطوير أعمال المجلس لتحقيق منجزات تواكب تطلعات مواطني دول التعاون. ولتنفيذ هذه البرامج، هناك لجان دائمة تنبثق من الأمانة العامة، وجميع هذه اللجان تعمل بشكل متواصل نشاطاً طوال العام، وللبحرين دور فاعل فيها.