أكد رئيس هيئة تنظيم سوق العمل رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص أسامة عبدالله العبسي على "أن أي تطوير في سوق العمل يتطلب وجود تشريعات وقوانين قادرة على التفاعل بإيجابية معه، وهو ما سينعكس بالتالي على الأوضاع الاقتصادية للمواطن".

واستعرض العبسي في لقائه مع الصحافيين في المركز الإعلامي للانتخابات أهم الإنجازات التي حققتها البحرين في مجال تطوير آليات التعامل مع سوق العمل، وتطوير القوانين الحافظة لحقوق العمالة، إلى جانب التأكيد على تجريم الممارسات التي قد تصنف ضمن قضايا الاتجار بالأشخاص.

وخلال اللقاء عرض أسامة العبسي ما قامت به الهيئة من جهود في سبيل حماية العمالة الوافدة من أي محاولات استغلال مثل تصريح العمل المرن، ومركز حماية العمالة الوافدة وهو ما أهّل البحرين لتكون ضمن الفئة أ على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المتعلق بمكافحة الاتجار بالأشخاص.

وفي سؤال عن تفاعل المجتمع البحريني عمّا يصدر عن الهيئة من قوانين وتعليمات منظمة لسوق العمل، أوضح العبسي "أن هذا الأمر مرتبط بالدرجة الأولى بالمستفيدين أو المتأثرين بمثل هذا النوع من القرارات التنظيمية، وهم في الدرجة الأولى أصحاب العمل والعُمال، أما المواطن العادي غير المتأثر فلا يتوسع في التعرف على القرار بشكل كامل، ويبقى عرضة للعناوين الرئيسة أو ما يمكن أن يصدر من إشاعات، وبالتالي فتأثير عمل الهيئة بشكل مباشر مرتبط بأصحاب العمل والعُمال، وفي بعض الجوانب يمكن أن يرتبط بالمواطن بشكل عام في مجال العمالة المنزلية ومن في حكمهم"، موضحاً "أن الهيئة تسعى دائماً أن تكون واضحة وشفّافة في توضيح كافة التفاصيل".

وبشأن وجود فئات قد تنظر إلى العمالة الوافدة بشكل غير سوي، أوضح رئيس هيئة تنظيم العمل "أن العمالة الوافدة في أي مكان في العالم أصبحت مادة للتجاذبات المجتمعية والسياسية، وهذا ما يمكن أن نراه حتى في أكثر دول العالم ديمقراطية وريادة في حقوق الإنسان، حيث لانزال نسمع فيها الخطابات اليمينية المتشددة"، منوهاً إلى أن "أي فكر أو حديث خرج عن السياق العام والثقافة المجتمعية يعتبر صوتاً نشازاً ومحدود التأثير، وينبع من محاولات التأثير والتجاذبات السياسية أو لمصالح شخصية، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يؤثر في المجتمع، بل على العكس فإن المجتمع البحريني بطبيعته رافض لمثل هذا الأمور الخارجة عن عاداته وتقاليده وثقافته".

وأوضح العبسي: "إن التعامل مع التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم سوق العمل ينبثق من بعده الاقتصادي في الدرجة الأولى وانعكاساتها على المواطن، حيث إنه ومنذ إطلاق الهيئة كان هنا نحتاج مجلس قوياً شاملاً جامعاً يمثل كافة أطياف المجتمع البحريني، إذ لا يمكن أن ينفرد بالإصلاح شخص واحد أو جهة واحدة، وإنما الإصلاح حراك مجتمعي يتم تمثيل ديمقراطي، وأن يتم تبنيه ومراقبته من المجتمع".

وأشار إلى أن "المسيرة الديمقراطية تعبّر عن تراكم في الخبرات، سواء للنواب أو المواطنين، حيث إن ما يتم التعامل معه اليوم يختلف عما كان متداولاً خلال التجربة الانتخابية الأولى، ومن المتوقع أن تتطور المسيرة الديمقراطية بشكل كبير مع تطور الوعي السياسي والديمقراطي للمواطن".

وأوضح العبسي: "إن البحرين تملك تجربة طويلة في التعاطي مع وجود العمالة الوافدة، وهي الأكبر في سوق العمل، حيث كان السؤال مطروح منذ البداية والمتعلق في كيفية إدارة هذا الملف الهام والحيوي، وما هي انعكاساته على الاقتصاد الوطني"، موضحاً "إن نسبة البطالة كانت منذ إطلاق مشروع تطوير سوق العمل 11%، ولكنها وصلت الآن وبعد حوالي 10 سنوات إلى أقل من 4% وهي ضمن الحدود المقبولة عالمياً".

وبيّن رئيس هيئة تنظيم سوق العمل أن "الهيئة تعاملت مع تنظيم السوق عن طريق ردم هوة في كلفة العامل والكلفة بين المواطن، وتعديل القوانين، ومن ثم استخدام رسوم الهيئة في تمويل رفع كفاءة العامل البحريني ورفع كفاءة صاحب العمل للاعتماد على العمالة الماهرة، وكل ذلك ضمن مشروع الإصلاح اقتصادي".

وبشأن قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص أوضح العبسي أنه "قانون متطور ويحاكي القوانين الدولية، كون هذه الجريمة عابرة للحدود وتتطلب جهوداً وتعاوناً على المستوى الدولي"، مشيراً إلى أن "هناك بعض الممارسات للضغط واستغلال العمالة الوافدة، ولكن القوانين تعاملت معها وتم القضاء على الكثير من هذه الممارسات منذ 2008، حيث أصبح بإمكان العامل تغيير العمل دون موافقة مسبقة من صاحب العمل، ودخلنا في مرحلة جديدة بإعطاء العامل القدرة لترك العمل إذا تعرض لممارسات لا تناسبه، وكل ذلك ارتبط بآليات العرض والطلب، موضحاً أنه وخلال السنوات العشر الماضية من تطبيق النظام الجديد قام 380 ألف عامل بتغيير أعمالهم".

وأكد العبسي: "أن عملية التطوير مستمرة ولا تتوقف تبعاً لأي احتياجات قد تطرأ في السوق، وبالتالي نحتاج إلى مجلس تشريعي قوي وقادر على التعاطي مع كل المتغيرات، والتعامل مع سوق العمل كونه ملفاً اقتصادياً في الدرجة الأولى".