تمثل الزيارة الرسمية لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية الشقيقة لمملكة البحرين، لبنة جديدة تضاف إلى مسيرة تعميق وتوطيد علاقات التعاون المشترك ارتكازًا على ما يجمع بين قيادتي وشعبي المملكتين من ثوابت ورؤى مشتركة تجمعها وتعززها روابط الإخاء والمحبة الممتدة إلى جذور التاريخ والمستندة على أساس راسخ من العلاقات الأخوية التي تزداد صلابة على مر الأيام وتسهم في بناء صرح متكامل ونموذجي من العلاقات المتميزة بين البلدين وبلورة آفاق واعدة وأرحب في المجالات كافة.

وسيكون حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في مقدمة مستقبلي أخيه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لدى وصوله إلى البلاد أمس الأحد.

إن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى أيده الله وشعبها ترحب بسمو ولي العهد السعودي ضيفاً عزيزاً بين أهله وإخوانه في البحرين الذين تجمعهم بأشقائهم في السعودية وشائج القربى والأخوة والمحبة والمصير المشترك على مدى التاريخ.

وسيجري جلالة الملك المفدى وأخوه سمو ولي العهد السعودي في زيارته الرسمية مباحثات تتناول العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة والمتميزة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى تطورات الأحداث على الساحات الإقليمية والعربية والدولية.

إن الزيارة الكريمة تأتي لتضيف إلى تاريخ العلاقات بين البلدين فصلاً جديداً من التعاون المثمر وتعد تأكيداً لمدى حرص البلدين في ظل التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية وتعزيز التعاون الثنائي والعمل الخليجي المشترك والانطلاق به إلى آفاق أرحب، فهناك حرص دائم من جانب قيادتي وشعبي البلدين على توثيق هذه العلاقات ودفعها باستمرار نحو آفاق جديدة من التطور والتكامل، ويحرص جلالة الملك المفدى على زيارة المملكة العربية السعودية الشقيقة تأكيدًا على مكانتها العالية والراسخة بين دول العالم العربي والإسلامي.

وكانت زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مملكة البحرين عام 2016 تاريخية، حيث كانت فاتحة لعهد جديد من العلاقات الوطيدة والمتميزة بين الشقيقتين، وعلامة فارقة أكدت مدى عمق العلاقات الثنائية، وتعد الزيارات المكثفة المتبادلة والمستمرة بين كبار المسئولين في البلدين سمة مميزة للعلاقات الثنائية التاريخية.

كما تعد هذه الزيارات المتبادلة دليلاً واضحاً وملموساً على الرغبة الدائمة في تعزيز العلاقات والتقارب وتترجم معنى الشراكة الحقيقية وتعميق التعاون في كافة المجالات بين البلدين بما ينعكس إيجاباً على وحدة وتماسك الصف الخليجي والعربي.

إن العلاقات البحرينية السعودية ذات ماض تليد وحاضر زاخر ومستقبل باهر، فهي علاقات وروابط ممتدة تاريخيا بين القيادتين والشعبين منذ قديم الزمن منذ عهد الملك الراحل عبدالعزيز ومرورًا بكافة الملوك والأمراء في البلدين، وكذلك المصاهرة والتداخل الأسري الكبير بين شعبي المملكتين.

وتتفرد العلاقات بين مملكة البحرين وشقيقتها المملكة العربية السعودية بالعديد من المميزات والخصائص المهمة مما جعلها أنموذجًا يحتذى في العلاقات بين الأشقَّاء، فعلى الصعيد السياسي تشهد العلاقات بين البلدين قدراً كبيراً من التوافق والتنسيق في المواقف من القضايا الاقليمية والدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية حيث يتبنى البلدان رؤية موحدة بضرورة وجود حل عادل يضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة ودعم عملية السلام في الشرق الأوسط، فضلاً عن التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب والعمل على اخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار المشترك، إضافة إلى تفعيل العمل الدولي والخليجي والعربي المشترك.

وتشيد مملكة البحرين بالمواقف المشرفة للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الداعمة والمساندة لشقيقتها البحرين، وتؤمن أن هذه العلاقة تمثل العمق الاستراتيجي الخليجي والعربي والركيزة الأساسية في حفظ أمن واستقرار المنطقة وصمام أمانها بما بذلته وتبذله من جهود من أجل الدفاع عن المصالح العربية وحرصها على تماسك ووحدة الصف واجتماع الكلمة.

وسيظل التاريخ يستذكر بفخر واعتزاز المواقف التاريخية المشرفة لخادم الحرمين الشريفين وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة الأطماع الخارجية ومحاولات التدخل في شؤون المنطقة العربية، ومنها مملكة البحرين ودوره في خلق موقف خليجي عربي موحد في التصدي لهذه التدخلات، وهو ما يتجسد بوضوح في عملية استعادة الشرعية في اليمن الشقيق التي سيقف أمامها التاريخ طويلاً ليؤكد أنها كانت محطة فارقة وفاصلة في العمل العربي الشجاع القائم على المبادرة والاعتماد على الذات في حماية المصالح العربية العليا وإجهاض مخططات التوسع والهيمنة في المنطقة.

ولأن مملكة البحرين تدرك هذه الحقائق فإنها تعلن دعمها الكامل ووقوفها صفًا واحدًا مع المملكة العربية السعودية في وجه أي مخططات تستهدفها، وتؤكد المملكة دومًا أنها مع شقيقتها السعودية في خندق واحد وقد كانت مملكة البحرين أول دولة تعلن انضمامها للتحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن الذي دعت له السعودية، ويقف الجنود البحرينيون جنبًا إلى جنب مع أشقائهم من الجنود السعوديين على الحدود الجنوبية للذود عن حياض الشقيقة الكبرى.

وكان لجهود المملكتين الحكيمتين وروابط الأخوة والقربى بين الشعبين انعكاساتها على التعاون الاقتصادي، الذي يشهد تطورًا كبيرًا عامًا بعد عام، فالمملكة العربية السعودية هي الشريك الأول للبحرين اقتصادياً، كما أنها الأولى عربياً من حيث التدفقات والاستثمارات المباشرة في البحرين، وازداد التبادل التجاري بين البحرين والسعودية من 1.4 مليارات دولار عام 2010، إلى 2.2 مليار دولار بنهاية عام 2017، بنسبة بلغت 51%.

وتشكل الصادرات السعودية إلى البحرين ما نسبته 40% من حجم التبادل التجاري، بينما تشكل الصادرات البحرينية نحو 60% ، ومن المتوقع أن يزيد التوسع في التبادل التجاري بين البلدين بعد إنشاء جسر الملك حمد إلى جانب جسر الملك فهد، حيث سيعزز ربط البلدين بسكة حديد فرصًا كبيرة سينتج عنها نمو في التبادل التجاري المستقبلي بشكل أكبر.

وتمثل المملكة العربية السعودية عمقًا استراتيجيًا اقتصاديًا لمملكة البحرين كونها سوقًاً اقتصادية كبيرة أمام القطاع الخاص البحريني لترويج البضائع والمنتجات البحرينية، كما تمثل البحرين امتدادًا للسوق السعودية في ترويج البضائع والمنتجات السعودية، وفي هذا الإطار يضطلع مجلس رجال الأعمال البحرينيين والسعوديين بدور كبير في سبيل زيادة حجم الأعمال والمشاريع المشتركة.

كما تمثل نسبة الاستثمارات السعودية في القطاع العقاري بالمملكة (يعد ثاني أكبر قطاع غير نفطي في البلاد بعد القطاع المصرفي بقيمة 5% من الناتج المحلي الإجمالي) أكثر من 25%، ووصل عدد الشركات السعودية التي تملك استثمارات فعلية في البحرين إلى 400 شركة بحسب إحصائيات لوزارة التجارة السعودية.

وتشهد الحركة السياحية بين البلدين تناميًا ملحوظًا بفضل الإجراءات التي اتخذها البلدان فيما يتعلق بالدخول والخروج عبر جسر الملك فهد ومنها ما يتضمن السماح للسعوديين والبحرينيين بالدخول في كلا البلدين ببطاقات الهوية فقط، إضافة إلى الجهود التي تبذلها البحرين لتنمية النشاط السياحي من خلال إقامة المنشآت السياحية المتطورة وتشجيع السياحة العائلية وسياحة اليوم الواحد التي جذبت عددًا كبيرًا من السعوديين نظرًا للقرب الجغرافي وسهولة الدخول عبر جسر الملك فهد الذي يبلغ طوله 25 كيلومترا بين البحرين والمنطقة الشرقية، حيث يبلغ عدد السائحين سنويًا لمملكة البحرين أكثر من 4 ملايين زائر.

وفي الشأن الثقافي فعلاقات التعاون بين البلدين متشعبة وتغطي جميع المجالات الفنية والأدبية والتراثية والإعلامية، حيث تقام معارض الفنون التشكيلية بصفة دورية في كلا البلدين، إضافة إلى اهتمام البلدين بتنظيم مهرجانات الأيام الثقافية سنويًا، كما أن البحرين تحرص على المشاركات في فعاليات المهرجانات السعودية ومنها مشاركتها في مهرجان الجنادرية بشكل سنوي، ويعد الجناح الخاص بالبحرين من أكبر الأجنحة الخليجية وذلك لما تعكسه المشاركة من مدى الترابط الثقافي القوي الذي يربط بين البلدين.

إن الزيارة الكريمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لمملكة البحرين تشكل حافزاً كبيراً على الارتقاء بالعلاقات الثنائية والدفع بها إلى آفاق أرحب بما يعود بالنفع والخير على الشعبين الشقيقين.