أكدت الرئيس التنفيذي لهيئة جودة التعليم والتدريب الدكتورة جواهر شاهين المضحكي على أن التعليم العالي بقطاعيه الحكومي والخاص هو أحد أهم القطاعات التي شملتها ورعتها الرؤية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حيث تم التركيز على الجودة من خلال تجويد مدخلات هذا القطاع، ومخرجات العملية التعليمية والتدريبية؛ لتتناسب مع متطلبات سوق العمل في مملكة البحرين.

جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات منتدى إدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي الخامس الذي عقدته هيئة جودة التعليم والتدريب، بالتعاون مع المعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو، الأحد تحت عنوان: "ضمان الجودة الداخلية في مؤسسات التعليم العالي لتحسين جودة المخرجات وتوظيف الخريجين"، بمشاركة ما يقارب (100) من الخبراء والمختصين في مجال جودة التعليم العالي، ومن بينهم رؤساء الجامعات، ومسئولو الجودة الداخلية بها، بالإضافة إلى عدد من الأكاديميين، وممثلين عن مؤسسات التعليم العالي، وخبراء محليين ودوليين في ضمان جودة التعليم العالي.

وقالت الرئيس التنفيذي: إنَّ هناك علاقة إستراتيجية ووثيقة بين التعليم وسوق العمل؛ إذ يتجسد ذلك فيما توليه الحكومة الموقرة من اهتمام ورعاية لهذا القطاع، والتي تُتَرْجَمُ من خلال خطط العمل التي يتم تطبيقها بالتعاون والمشاركة بين جميع الجهات المعنية والجامعات؛ لتقدم برامج أكاديمية ذات جودة تتوافق مع الممارسات الدولية في هذا الجانب، وترفع من كفاءة المتعلمين في مؤسسات التعليم العالي؛ مما يسهم في سدِّ الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وينعكس على أهداف التنمية المستدامة التي استطاعت مملكة البحرين بجهودها أن تحقق مراتب متقدمة على مستوى العالم في التنمية البشرية للعام الحالي، وتتقدم فيها عامًا بعد الآخر.

وذكرت خلال كلمتها الترحيبية، أن الهيئة كونها أحد بيوت الخبرة في هذا المجال، فضلا عن أنَّها تأسست ضمن رؤية ملكية شاملة، فإنها تؤكد على أهمية أن تكون مؤسسات التعليم العالي في مملكة البحرين ذات جودة داخلية تتوافق مع أفضل ممارسات الجودة الدولية، من خلال طرحها برامج أكاديمية قادرة على رفع كفاءات الطلبة العلمية والمعرفية، وتميزهم بمهارات احترافية ومهارية تلحقهم بسوق العمل الداخلية والخارجية، مبينة في ذات الوقت أن المراجعات التي تجريها الهيئة لمؤسسات التعليم العالي، سواء أكانت مراجعات برامجية أو مؤسسية تدفع نحو التجويد، وتعزيز المخرجات والأداء المؤسسي في آن واحد بما يتوافق مع برنامج عمل الحكومة، ويحقق أهداف التنمية المستدامة.



من جانبها أكدت ممثل المعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو الدكتورة مكيلا مارتن، أن المشاركة تأتي ضمن العديد من مشاركات المنظمات والهيئات والمعاهد التابعة لمنظمة اليونسكو، في مؤتمرات ومنتديات هيئة جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين، حيث شاركنا سابقًا في مؤتمر الشبكة الدولية لهيئات ضمان الجودة في التعليم العالي، والاجتماع الإقليمي لليونسكو العام الماضي، إضافة إلى غيرها من المشاركات، وهذا يفتح أفق الشراكة الفاعلة بين الهيئة وبين المعهد الدولي، كونهما يسعيان للارتقاء بجودة مؤسسات التعليم عبر جهود وفعاليات وشراكات مؤثرة، يؤكدها مشاركتنا في هذا المنتدى الحيوي الهام حول ضمان الجودة الداخلية في مؤسسات التعليم العالي، والذي يهدف إلى تحسين المخرجات وتجويدها وتوظيف الخريجين.

وبدأ المنتدى بافتتاحية قدمتها مدير إدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي الدكتورة الشيخة لبنى آل خليفة عن إنجازات هيئة جودة التعليم والتدريب خلال عشر سنوات بعنوان "إدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي: عشر سنوات من الإنجاز"، كما تضمن منتدى إدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي عروضًا وجلسات نقاشية تناولت محاور متعددة؛ حيث قدمت ممثل المعهد الدولي للتخطيط التربوي التابع لليونسكو الدكتورة مكيلا مارتن خلال الجلسة الأولى ورقة عمل حول "ضمان الجودة الداخلية: المحفزات، والتطورات، والتحديات الدولية"، وقد أدارت الجلسة مستشار التعليم العالي بإدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي الدكتورة هالة عبيد.



كما شمل المنتدى عرضًا حول دراسة حالة من البحرين، وأخرى من إيطاليا؛ لتعقد الجلسة الثانية تحت عنوان: "من ضمان جودة محفزة خارجيًّا إلى جودة محفزة داخليًّا" قدمها الدكتور بسام الحمد مدير مركز ضمان الجودة السابق في جامعة البحرين، وبإدارة مستشار التعليم في إدارة مراجعة أداء التعليم العالي الدكتورة سلوى الإكيابي، أما ورشة العمل الثالثة فقد حاضر فيها الدكتور أوليفر فتوري من جامعة فيينا للاقتصاد والأعمال، وكانت حول "ما بعد تراكم الأوراق- ثقافة جودة مليئة بالحياة"، حيث أدارت الجلسة مستشار التعليم في الإدارة ذاتها الدكتورة أنيسة السندي.

وتهدف هيئة جودة التعليم والتدريب من عقدها هذا المنتدى إلى توفير فرصة للتحاور بين مختلف الأطراف، وإلى تبادل المعرفة بشأن أفضل ممارسات ضمان الجودة الداخلية IQA في مؤسسات التعليم العالي الوطنية والدولية، وعرض السياسات، والعمليات، والأدوات التي تستعين بها أنظمة ضمان الجودة الداخلية IQA في تعزيز جودة مخرجات البرامج الأكاديمية التي تقدمها، وربطها باحتياجات سوق العمل، وصولًا إلى تعزيز توظيف الخريجين وتحسين أدائهم.



واشتمل منتدى هيئة جودة التعليم والتدريب على جلسة نقاشية شاركت فيها المدير العام لإدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم والتدريب الدكتورة هيا المناعي، بإدارة المستشار الأكاديمي بإدارة مراجعة أداء مؤسسات التعليم العالي الدكتورة نينا عبد الرزاق، والتي صدر عنها عددٌ من التوصيات، المستخلصة مما قُدم من أوراق عمل ومناقشات في الورش، ومن أهم التوصيات إن الاهتمام بتعزيز صورة مؤسسات التعليم العالي هو دافع داخلي مهيمن على إدارة الجودة الداخلية لديها، ولهيئة جودة التعليم والتدريب دورٌ مهمٌّ في تعزيز نظام إدارة الجودة بشكل عام على المستوى الوطني، تنفيذًا لمهامها في ضمان مسئولية مؤسسات التعليم العالي أمام المجتمع عامة، والمسئولين وأصحاب القرار خاصة، وتلبيةً لنداء وتكليفات الواجب الوطني، المدعومة بالتكليفات والرؤى التقدمية لقيادة الوطن، حفظها الله ورعاها. وبناءً على ذلك، فإن إدارة الجودة حاليًا هي من أهم أولويات مؤسسات التعليم العالي، كما أن تنفيذ تلك السياسات يعدُّ رهنًا بمدى قدرة وكفاءة نظام إدارة ضمان الجودة الداخلي لديها. ولذا يوصي المنتدى بالاهتمام بنظم وهياكل إدارة الجودة من قبل القيادات المؤسسية؛ لتحقيق مرونة أكبر في إدارة الجودة، ودعم فاعليتها.

كما أنه من أهم التحديات التي تواجه نظم إدارة الجودة الداخلية، الانتقال من نظام ضمان جودة شكلي يعتمد على تجميع الأوراق إلى نظام جودة يطبق ويستفيد من الآليات المطورة والمستحدثة باستمرار. ولذلك أوصى المنتدى بأن تكون أنظمة ضمان الجودة أقل انشغالاً بالجوانب التقنية، وأكثر اهتماما برفع قناعة الأطراف ذات العلاقة بأهمية الجودة، ودورهم في دعم العملية التعليمية، ويتطلب ذلك تشجيع التواصل المستمر بين الموظفين الأكاديميين والإداريين في تنفيذ سياسات وأدوات الجودة باتساق واستدامة؛ مما يرسخ ثقافة الجودة كأسلوب حياة.



حيث تركز آليات الجودة على الاستفادة من التغذية الراجعة للأطراف ذات العلاقة، والتطلع إلى أفضل الممارسات؛ من أجل تحسين ما يقدم من برامج أكاديمية وبشكل مستمر، كما أوصى المنتدى بالاستفادة بصفة خاصة من نتائج تحليل مختلف الاستبيانات عن احتياجات سوق العمل، وآراء الطلبة في عمليات صنع القرار، وبشكل مستمر ومنتظم، لما لذلك من أثر على رفع كفاءة الخريج وقابليته للتوظيف.