اتفق متحدثون في محاضرة ثقافية بجامعة البحرين على أن التحول الثقافي في منطقة الخليج العربي ظاهر للعيان، ويتجلى في تتابع أنماط ثقافية مثل المسارح المختلفة والمتاحف والأوبرا، مؤكدين أهمية العناية بهذه التحولات ودراستها لأنها وثيقة الصلة بالهويات الوطنية.

وتحدث في المحاضرة الموسومة بعنوان: "راهن التحولات الثقافية في الخليج العربي" الباحث في مركز دراسات البحرين في الجامعة الدكتور عبدالله عبدالرحمن يتيم، الذي حاول الوقوف على ملامح التحول الثقافي في الخليج، ومآلاته وأهمية دراسته.

وركزت ورقة د. يتيم على التحولات الثقافية في مدينة المنامة التي ذكر من خلالها تحولات المكونات الاجتماعية في البحرين، مشيراً إلى تجنب البعض لهذا الموضوع نظراً لحساسيته وسلبيته.

ودعا د. عبدالله يتيم الباحثين في ميادين علوم الأنثروبولوجيا والفولكلور إلى التوقف أمام التطورات الثقافية بعناية كبيرة جداً، إضافة إلى عدم التقليل من آثاره في واقع عمليات تشكل الهويات الوطنية والثقافية وإعادة إنتاجها، كما نوهوا إلى تأثيرها في المعالم العامة للشخصية الوطنية لشعوب المنطقة.

وشدد في محاضرته على إعارة الدراسات الأنثروبولوجية أو الفولكلورية للتغيرات الثقافية الأهمية العلمية اللازمة، نظراً لشدة تأثيرها في البنى الاجتماعية والثقافية في الحياة العامة، وإصابتها للجوانب الأساسية من الهوية الوطنية.

وأشار إلى السياسات والمشروعات الوطنية في مجال رعاية الثقافة عموماً والثقافة الشعبية خصوصاً في منطقة الخليج العربي، مثل: المتاحف الوطنية، ودور الأوبرا، والمكتبات الوطنية، لافتاً إلى أن هذه المشروعات تلتقي مع جهود استكمال تشييد الدولة الحديثة ومعمار المؤسسات الثقافية بكل الرموز والجماليات.

وقال: "تفاوتت التجارب الوطنية والإقليمية من حيث نطاقها ونوعيتها، حيث شهدنا العديد من المشروعات الثقافية الشعبية المتنوعة منها: ولادة مهرجانات التراث في معظم الدول الخليجية، وحفلات نجوم الغناء، إضافةً إلى سباقات الخيول والهجن".

وفي تقديمها للباحث يتيم، تحدثت أستاذة السرديات والنقد الأدبي الحديث بكلية الآداب في الجامعة الدكتورة ضياء خميس الكعبي عن انهيار الحواجز والحدود بين الثقافة الشعبية والنخبوية، بالإضافة إلى العمليات الثقافية المتراكمة على مدى العصور التي نتجت عن اشتباك الحضارات.

وقالت د. الكعبي: "عربياً ينبغي علينا مواكبة كونية الثقافات الشعبية، وتلك التحولات الكبرى التي جرت في وظائف الأجناس الأدبية ثقافياً بين الأدبي والنخبوي".

ودعت أستاذة السرديات والنقد الأدبي إلى ضرورة تأسيس وحدات بحثية في الجامعات العربية وفي المؤسسات الثقافية العربية الرسمية وغير الرسمية تُخصص بوصفها مختبرات للسرديات الشعبية الثقافية، وإنجاز موسوعة ثقافية عربية تفاعلية، إضافة إلى إنشاء متاحف سردية شعبية تكون نواة مساعدة للمختبرات السردية الثقافية الشعبية العربية.

وعقب على ورقة د. يتيم أستاذ النقد الحديث بكلية الآداب الأستاذ الدكتور إبراهيم عبدالله غلوم قائلاً: "علينا أن نقف على هذه التحولات الصاعدة والنازلة في ثقافتنا العربية وأن نشجع طلابنا على الوقوف عليها، ولا ننسى أهمية أن نسعى إلى تأسيس جيل جديد من الباحثين العرب يشتغلون في مقاربات منهجية رصينة على السرديات الشعبية العربية من منظور ثقافي".

ومما يجدر ذكره أن للباحث د. يتيم عدة مؤلفات في مجال الأنثروبولوجيا ونظرياتها ومجتمعات الخليج العربي: دفاتر أنثروبولوجية، وبدو جبال الحِجر الإماراتيون، والمنامة المدينة العربية، وكلود ليفي ستروس: قراءة في الفكر الأنثروبولوجي المعاصر، والخليج العربي، بالإضافة إلى البحرين: المجتمع والثقافة.