مريم بوجيري:

يناقش مجلس النواب في جلسته المقرر عقدها الثلاثاء مشروعاً بقانون بإلغاء مادة من قانون العقوبات تنص على سقوط العقوبة عن المغتصب إذا تزوج المجني عليها حيث سيقرر المجلس الاحتفاظ بالمشروع أو إسقاطه.



ويتناول مشروع القانون المصاغ بناءً على اقتراح بقانون من مجلس النواب السابق والذي أحيل للمجلس الحالي، إلغاء المادة 353 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 15 لسنة 1976م، والتي تنص على أن "لا يحكم بعقوبة ما على من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة إذا عقد زواج صحيح بينه وبين المجني عليها، فإذا كان قد صدر عليه حكم نهائي قبل عقد الزواج يوقف تنفيذه وتنتهي آثاره الجنائية"، وتطلب الحكومة اضافة جملة في نهاية المادة نصها "ولا يسري ذلك الحكم في حال تعدد الجناة".

وكانت الحكومة في 2017 تمسكت بإسقاط عقوبة المغتصب لصون شرف الاسرة ودرء ما قد يمس شرف العائلة من أقاويل تؤثر في نظرة المجتمع للمجني عليها ولأسرتها، خاصة إذا تمت مواقعة الانثى المجني عليها برضاها وحملت من الجاني، وأيضاً حفاظاً على حق الطفل في النسب والهوية وهي حقوق أصيلة نصت عليها اتفاقية حقوق الطفل، فضلاً عن أن هذه المادة جاءت للتأكيد على مبدأ الردع حال عدم قبول المجني عليها بالزواج بالجاني.



وكانت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني وافقت في مارس الماضي على إلغاء المادة رقم "353" من قانون العقوبات الصادر بقانون رقم "15" لسنة 1976، المعد بناء على الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب، وكان المقترح عالقاً بين المجلسين منذ 2016، حيث أعاد مجلس الشورى المقترح المذكور إلى لجان المجلس للمزيد من الدراسة.

من جانب آخر، كانت لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني تقدمت في 2016 بإلغاء المادة 353 التي تعفي مرتكب الجريمة والآثار الجنائية من العقوبة بعقد الزواج.

وتمسكت وزارة الداخلية بالمادة معتبرة أن التغيير في القانون من غير أن تكون هناك مصلحة واضحة لا مبرر له، والإبقاء على المادة هو الأصوب، فمتى ما واقع شخص أنثى في ظل هذه المادة فإنّ الزواج منها لا يكون إلزامياً إلا بموافقة المجني عليها ووليها، الأمر الذي يؤكد عدم الحاجة إلى إلغاء المادة "353" من قانون العقوبات؛ لأن زواج المجني عليها هو في حقيقته ميزة للمرأة وليس تمييزاً ضدها، ومن شأن عقد قران الجاني بالمجني عليها برضاها ورضا وليها تقليل الضرر الواقع عليها، لأنه في حال الاغتصاب سينتج عن هذه الجريمة عواقب كفض البكارة بالإضافة إلى الحمل، وقد ترغب الأنثى أو ولي أمرها تقليل الخسائر بعقد شرعي لتقليل الأضرار الناتجة من جراء ذلك، وهذه المادة وُضعت لدفع الضرر عنها، ومن خلال تتبع الكثير من الوقائع في هذه الجرائم ثبت بأن جدوى الإبقاء عليها أفضل من إلغائها وهي تصب في مصلحة المجني عليها إذا ارتضت ذلك.

من جانبه أيد المجلس الأعلى للمرأة إلغاء المادة حيث أن مؤسسات المجتمع المدني المعنية تعتبرها وسيلة سهلة يمكن للجاني استخدامها للتملص من العقوبة أو من الملاحقة الجنائية حيث تمنح له هذه الإمكانية بمجرد أن عقد زواجاً بالضحية، بحيث ترى هذه المؤسسات إن القانون قد تحول إلى أداة عقاب إضافية للضحية بدلاً من أن يحميها، فيما منح المعتدي إفلاتاً من العقاب "لتكرمه" بقبول الزواج من المعتدى عليها.

وأكّد المجلس الأعلى للمرأة أن هذه المادة تحط من كرامة المرأة وتنتهك أبسط حقوقها في اختيار شريك حياتها، حيث إن إجبارها على الزواج بالمجرم الذي اغتصبها ستترتب علية آثار سيكولوجية واجتماعية يستحيل على الضحية نسيانها أو تجاوزها.

في حين لم ير المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية مانعاً من إلغاء المادة المذكورة..

من جانبها ارتأت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أنه تستحسن الإبقاء عليها كما وردت في أصل القانون، ما دام عقد الزواج المبرم بين الجاني والمرأة المجني عليها قد تحقق بكامل رضاها التام ومن دون إكراه لها بذلك، فضلاً عن أن ذات المادة قد استلزمت لعدم إيقاع العقوبة المقررة على الجاني بضرورة إبرام عقد زواج صحيح مكتمل الأركان والشروط بين الطرفين، وهو الأمر الذي ينسجم والغايات التي أرادها المشرع من هذه المادة.