عصمت جعفر*
تعد أطر المؤهلات أدوات لتصنيف المؤهلات المطروحة في المؤسسات التعليمية والتدريبية، استنادًا إلى مستوياتها ومخرجات التعلم المبنية عليها؛ مما يؤدي إلى فهم أكبر لها، وزيادة الاتساق في نظمها، من حيث دعم الصلة وتعزيزها بين مجموعة المؤهلات، وإصلاح وتطوير تلك النظم.
وانطلاقا من متابعة مملكة البحرين للتطورات في ضمان جودة التعليم والتدريب، فقد أوصى المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء بتأسيس الإطار الوطني للمؤهلات وضمه إلى هيئة جودة التعليم والتدريب ليعمل ضمن مهامها، وفي العام 2012 صدر المرسوم الملكي رقم (83) بشأن تنظيم (الهيئة الوطنية للمؤهلات وجودة التعليم والتدريب) – هيئة جودة التعليم والتدريب حاليا-، وحيث يعدُّ الإطار الوطني للمؤهلات لمملكة البحرين إلزاميًّا وشاملًا، ويتألف من عشرة مستويات تشمل جميع أنواع التعلّم، كما أنّه يدعم مبادئ وقيم التعلّم مدى الحياة، وهو قائم على مخرجات التعلّم، ويشمل كافَّة قطاعات التعليم والتدريب، وكافَّة أنواع التعلُّم: التعلم الرسمي، وغير الرسمي، وغير النظامي. وليس ذلك في البحرين فحسب، فمن الملاحظ في السنوات الأخيرة زيادة عدد الدول التي أصبح لديها أطر للمؤهلات الوطنية، حيث يفوق عددها (150) دولة، بالإضافة إلى عدد من الأطر الإقليمية، والتي تربط مجموعة من أطر المؤهلات لدول لها خصائص مشتركة.
ويعد "إطار المؤهلات الأوروبي" الذي يربط ويقارن المؤهلات في دول الاتحاد الأوروبي من أشهر أطر المؤهلات الإقليمية، حيث يركز على مبادئ المعارف والمهارات والكفايات المتعلقة بمخرجات التعلم لكل مستوى من مستويات الإطار، وهو المبدأ الذي تقوم عليه كل أطر المؤهلات الوطنية والإقليمية.
وقد جاء إطار المؤهلات الأوروبي استجابة لرغبة الدول الأوروبية؛ لربط أنظمتها ومؤهلاتها بحيث تسهل عملية الاعتراف بالمؤهلات، وانتقال الأفراد، وخلق فرص العمل.
كما يستند الإطار إلى معايير للجودة متفق عليها؛ مما يؤدي إلى خلق الثقة والحوار بين الأطراف المعنية.
وتعتبر أطر المؤهلات إضافة إلى كونها أداة لإصلاح وتطوير التعليم، أداة مهمة للتواصل بين الشركاء في مجال التعليم والتدريب، حيث تهدف إلى مبدأ التعلم مدى الحياة، وتؤدي دورًا بارزًا في سد الفجوة بين القطاعات المختلفة في التعليم: التعليم العام، التعليم والتدريب المهني، والتعليم العالي. وكذلك ربط المؤهلات بصورة أكبر مع احتياجات سوق العمل.
ويعدُّ الاعتراف بالمؤهلات المكتسبة خارج التعليم والتدريب الرسمي، وكذلك الاعتراف بالتعلم والخبرة المسبقين أهدافًا رئيسة لأطر المؤهلات، حيث إنه يمكن في تلك الحالات اكتساب مؤهلات ليست ملزمة بمكان التعلم من خلال فتح الباب لمجموعة من المتعلمين لنيل المؤهلات وفق مستويات إطار المؤهلات، وبناءً على المعارف والمهارات والكفايات التي لديهم، والمرتبطة بمخرجات التعلم.
ومن شأن هذه العملية أن توفر تكافؤًا في الفرص للمتعلمين بشرط أن تحكمها معايير الجودة، وتتم بصورة واضحة مبنية على التقييم بشفافية. وتعد ماليزيا مثالا على الدول التي تمنح مؤهلات للتعليم والتدريب المهني بناء على إثبات الكفاءات. إن الاعتراف بالتعلم المسبق من شأنه أن يكون محفزًا لمواصلة التعليم، وعدم الاضطرار إلى البدء من الصفر، وبيان أهمية الخبرة والقدرات. إلا أنَّ هذه العملية بحاجة إلى ترتيبات من حيث التشريعات التي تنظمها، والسياسات الداعمة، إضافة إلى ترتيبات وتقييمات معينة داخل المؤسسات التعليمية والتدريبية، وكذلك إلى تغيير نظرة المجتمع إلى المتعلمين من حيث التقدير والمساواة بين التعليم الرسمي وغير الرسمي.
ولا ينصب تركيز الأطر الوطنية للمؤهلات على الوصول إلى المهارات فحسب، ولكن الأهم من ذلك على تحسين نوعية وإجراءات التقييم وإصدار الشهادات والاعتراف بها، فإذا ما أهملت، تصبح الشهادات غير موثوقة. كما تساعد الأطر على بناء قدرات العاملين في قطاعي التعليم والتدريب. فهي توفر فهمًا جديدًا للمؤهلات، من حيث التركيز على الكفايات، ومخرجات التعلم، وكذلك تحويل المعايير المهنية إلى أنواع مختلفة من المؤهلات.
إنَّ التطبيق الفعال لأطر المؤهلات الوطنية يتطلب التنسيق والتعاون بين كافة الجهات المعنية بالتعليم والتدريب، وكذلك أرباب الأعمال، وأهمية التعاون مع القطاع الخاص. ولا نغفل أهمية دور ضمان الجودة؛ من أجل تعزيز الثقة بالمؤهلات، ولما له من أثر في بيان مستوياتها وكفاياتها.
وقد يتطلب التطبيق وقتًا من حيث بناء قدرات المؤسسات التعليمية والتدريبية، والتعلم القائم على العمل، والتطبيق تدريجيًّا؛ إذ ليس كل شيء يتمُّ في آن واحد.
وبالنسبة لهيئة جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين، فهي لم تكتف بتسجيل تواجدها محليا فحسب، ولكنها شاركت خليجيا في مشروع الإطار الخليجي للمؤهلات، والذي سيربط الإطار الوطني للمؤهلات ببقية دول الخليج، والذي من شأنه تعزيز مفهوم الشفافية بين أنظمة التعليم والتدريب في دول مجلس التعاون الخليجي، كما يتيح حرية تنقل المتعلمين.
وتعدُّ مملكة البحرين من أوائل الدول الخليجية التي قامت بتطبيق الإطار الوطني للمؤهلات، إضافةً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ولا شك أن تشغيل الإطار الوطني للمؤهلات في مملكة البحرين من أكتوبر عام 2014، وبداية تسكين المؤهلات وفق مستوياته، وإدراج المؤسسات حسب معاييره شكّل أساسًا معرفيًّا قويًّا لكافة الأطراف ذات العلاقة داخل المملكة، سواء أكانت مؤسسات مانحة للمؤهلات أم أفرادًا.
*مدير إدارة التعاون والتنسيق الأكاديمي في الإدارة العامة للإطار الوطني للمؤهلات
{{ article.visit_count }}
تعد أطر المؤهلات أدوات لتصنيف المؤهلات المطروحة في المؤسسات التعليمية والتدريبية، استنادًا إلى مستوياتها ومخرجات التعلم المبنية عليها؛ مما يؤدي إلى فهم أكبر لها، وزيادة الاتساق في نظمها، من حيث دعم الصلة وتعزيزها بين مجموعة المؤهلات، وإصلاح وتطوير تلك النظم.
وانطلاقا من متابعة مملكة البحرين للتطورات في ضمان جودة التعليم والتدريب، فقد أوصى المجلس الأعلى لتطوير التعليم والتدريب برئاسة سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء بتأسيس الإطار الوطني للمؤهلات وضمه إلى هيئة جودة التعليم والتدريب ليعمل ضمن مهامها، وفي العام 2012 صدر المرسوم الملكي رقم (83) بشأن تنظيم (الهيئة الوطنية للمؤهلات وجودة التعليم والتدريب) – هيئة جودة التعليم والتدريب حاليا-، وحيث يعدُّ الإطار الوطني للمؤهلات لمملكة البحرين إلزاميًّا وشاملًا، ويتألف من عشرة مستويات تشمل جميع أنواع التعلّم، كما أنّه يدعم مبادئ وقيم التعلّم مدى الحياة، وهو قائم على مخرجات التعلّم، ويشمل كافَّة قطاعات التعليم والتدريب، وكافَّة أنواع التعلُّم: التعلم الرسمي، وغير الرسمي، وغير النظامي. وليس ذلك في البحرين فحسب، فمن الملاحظ في السنوات الأخيرة زيادة عدد الدول التي أصبح لديها أطر للمؤهلات الوطنية، حيث يفوق عددها (150) دولة، بالإضافة إلى عدد من الأطر الإقليمية، والتي تربط مجموعة من أطر المؤهلات لدول لها خصائص مشتركة.
ويعد "إطار المؤهلات الأوروبي" الذي يربط ويقارن المؤهلات في دول الاتحاد الأوروبي من أشهر أطر المؤهلات الإقليمية، حيث يركز على مبادئ المعارف والمهارات والكفايات المتعلقة بمخرجات التعلم لكل مستوى من مستويات الإطار، وهو المبدأ الذي تقوم عليه كل أطر المؤهلات الوطنية والإقليمية.
وقد جاء إطار المؤهلات الأوروبي استجابة لرغبة الدول الأوروبية؛ لربط أنظمتها ومؤهلاتها بحيث تسهل عملية الاعتراف بالمؤهلات، وانتقال الأفراد، وخلق فرص العمل.
كما يستند الإطار إلى معايير للجودة متفق عليها؛ مما يؤدي إلى خلق الثقة والحوار بين الأطراف المعنية.
وتعتبر أطر المؤهلات إضافة إلى كونها أداة لإصلاح وتطوير التعليم، أداة مهمة للتواصل بين الشركاء في مجال التعليم والتدريب، حيث تهدف إلى مبدأ التعلم مدى الحياة، وتؤدي دورًا بارزًا في سد الفجوة بين القطاعات المختلفة في التعليم: التعليم العام، التعليم والتدريب المهني، والتعليم العالي. وكذلك ربط المؤهلات بصورة أكبر مع احتياجات سوق العمل.
ويعدُّ الاعتراف بالمؤهلات المكتسبة خارج التعليم والتدريب الرسمي، وكذلك الاعتراف بالتعلم والخبرة المسبقين أهدافًا رئيسة لأطر المؤهلات، حيث إنه يمكن في تلك الحالات اكتساب مؤهلات ليست ملزمة بمكان التعلم من خلال فتح الباب لمجموعة من المتعلمين لنيل المؤهلات وفق مستويات إطار المؤهلات، وبناءً على المعارف والمهارات والكفايات التي لديهم، والمرتبطة بمخرجات التعلم.
ومن شأن هذه العملية أن توفر تكافؤًا في الفرص للمتعلمين بشرط أن تحكمها معايير الجودة، وتتم بصورة واضحة مبنية على التقييم بشفافية. وتعد ماليزيا مثالا على الدول التي تمنح مؤهلات للتعليم والتدريب المهني بناء على إثبات الكفاءات. إن الاعتراف بالتعلم المسبق من شأنه أن يكون محفزًا لمواصلة التعليم، وعدم الاضطرار إلى البدء من الصفر، وبيان أهمية الخبرة والقدرات. إلا أنَّ هذه العملية بحاجة إلى ترتيبات من حيث التشريعات التي تنظمها، والسياسات الداعمة، إضافة إلى ترتيبات وتقييمات معينة داخل المؤسسات التعليمية والتدريبية، وكذلك إلى تغيير نظرة المجتمع إلى المتعلمين من حيث التقدير والمساواة بين التعليم الرسمي وغير الرسمي.
ولا ينصب تركيز الأطر الوطنية للمؤهلات على الوصول إلى المهارات فحسب، ولكن الأهم من ذلك على تحسين نوعية وإجراءات التقييم وإصدار الشهادات والاعتراف بها، فإذا ما أهملت، تصبح الشهادات غير موثوقة. كما تساعد الأطر على بناء قدرات العاملين في قطاعي التعليم والتدريب. فهي توفر فهمًا جديدًا للمؤهلات، من حيث التركيز على الكفايات، ومخرجات التعلم، وكذلك تحويل المعايير المهنية إلى أنواع مختلفة من المؤهلات.
إنَّ التطبيق الفعال لأطر المؤهلات الوطنية يتطلب التنسيق والتعاون بين كافة الجهات المعنية بالتعليم والتدريب، وكذلك أرباب الأعمال، وأهمية التعاون مع القطاع الخاص. ولا نغفل أهمية دور ضمان الجودة؛ من أجل تعزيز الثقة بالمؤهلات، ولما له من أثر في بيان مستوياتها وكفاياتها.
وقد يتطلب التطبيق وقتًا من حيث بناء قدرات المؤسسات التعليمية والتدريبية، والتعلم القائم على العمل، والتطبيق تدريجيًّا؛ إذ ليس كل شيء يتمُّ في آن واحد.
وبالنسبة لهيئة جودة التعليم والتدريب بمملكة البحرين، فهي لم تكتف بتسجيل تواجدها محليا فحسب، ولكنها شاركت خليجيا في مشروع الإطار الخليجي للمؤهلات، والذي سيربط الإطار الوطني للمؤهلات ببقية دول الخليج، والذي من شأنه تعزيز مفهوم الشفافية بين أنظمة التعليم والتدريب في دول مجلس التعاون الخليجي، كما يتيح حرية تنقل المتعلمين.
وتعدُّ مملكة البحرين من أوائل الدول الخليجية التي قامت بتطبيق الإطار الوطني للمؤهلات، إضافةً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. ولا شك أن تشغيل الإطار الوطني للمؤهلات في مملكة البحرين من أكتوبر عام 2014، وبداية تسكين المؤهلات وفق مستوياته، وإدراج المؤسسات حسب معاييره شكّل أساسًا معرفيًّا قويًّا لكافة الأطراف ذات العلاقة داخل المملكة، سواء أكانت مؤسسات مانحة للمؤهلات أم أفرادًا.
*مدير إدارة التعاون والتنسيق الأكاديمي في الإدارة العامة للإطار الوطني للمؤهلات