جعفر الديري:
في ليلة مقمرة جميلة، اجتمع نفر من محبي الأدب والثقافة، في بيت الدكتور محمد جابر الأنصاري، وتباحثوا حول تأسيس كيان ثقافي يجمع أدباء وكتاب البحرين. وقد أيد المشروع ودفع به سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، فظهر في سبتمبر 1968 باسم أسرة الأدباء والكتاب.
ذلك ما يتذكره أحد مؤسسي "الأسرة" الكاتب والسفير البحريني السابق حسين راشد الصباغ، خلال حديث ذكرياته -مؤخراً بأسرة الأدباء والكتاب- عن أجواء هذا التأسيس، وملامح الشخصيات التي عرفها وارتبط بها، في محطات حياته الثقافية والدبلوماسية.
يقول الصباغ: لقد التحقت بدائرة الإعلام في عام 1968 من القرن الماضي، بعد أن سبق وأن عملت معيداً في جامعة الكويت عاماً واحداً. وأتذكر أن الشاعر الكبير إبراهيم العريض كان يزورنا باستمرار في دائرة الإعلام. وكنت أسمعه يتساءل والصحافي الكبير محمود المردي، لماذا لا توجد رابطة للأدباء في البحرين على غرار تلك التي في الكويت؟ طبعاً ظروف البحرين وقتها كانت صعبة جداً. فإيران كانت تطالب بالبحرين، وتصر على أنها جزء منها. حتى خروج تصريح الشاه في عام 1969، بالتنازل عن مطالبه وبدء التفاوض السلمي.
المكتبة العصرية
أمام محل والده في المحرق، كان الصباغ يتردد على المكتبة العصرية، وصاحبها عبدالله الجودر. وفيها تعرف على كتب طه حسين وعباس محمود العقاد. وقد اقتنى كتاباً عن اللغة الإنجليزية، درسه على يد الشاعر المرحوم عبدالرحمن المعاودة.
الأنصاري والمردي
ويتذكر الصباغ من الشخصيات البحرينية، القريبة إلى قلبه، الدكتور محمد جابر الأنصاري، تعززت علاقته به في عام 1968، واصفاً إياه بالحكيم وصاحب الفضل على جميع أدباء البحرين.
أيضاً من هذه الشخصيات، المرحوم محمود المردي، مشيراً إلى أن سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة، سبق وأن قال إنه إذا قدر وكان في المستقبل شارع باسم الصحافة، فلن يكون إلا باسم محمود المردي، مستدركاً الصباغ: لكن لا يوجد حتى الآن شارع بهذا الاسم في البحرين، ولا باسم عبدالرحمن المعاودة، وإنما سمى أهالي المحرق حياً باسم "فريج المعاودة"، تكريماً له.
كذلك كان الشاعر العماني المرحوم عبدالله الطائي يدرس اللغة العربية لطلبة الهداية الخليجية الثانوية. وبعد ذلك، حيث توفق الصباغ في العمل مدرساً في مدرسة الصديق المتوسطة في دولة الكويت في عام 1964 ، كان الفضل للطائي، وكان حينها يرأس تحرير مجلة الكويت، في تشجيعه على الكتابة النقدية عن ديوان "بقايا الغدران" للشيخ أحمد بن محمد آل خليفة.
في مصر
وحول أجواء الدراسة في مصر، ولقائه بكتابها ومفكريها يقول الصباغ: عندما التحقت بالدراسة في كلية الآداب في مصر، كان طه حسين وقتها يلقي محاضرة كل أربعاء في الجامعة الأمريكية. وبعد ذلك عندما توفي في عام 1974 ، حضرت حفل تأبينه في معهد الدراسات العليا بجامعة الدول العربية. وأعجبتني قصيدة نزار قباني، وأتذكر من أبياتها: ضوء عينيك أم هما نجمتان.. كلهم لا يرى وأنت تراني/ لست أدري من أين أبدأ جرحي.. شجر الدمع شاخ في أجفاني/ كتب العشق يا حبيبي علينا.. فهو أبكاك مثلما أبكاني.
وعباس محمود العقاد، زاره الصباغ في صالونه عشرات المرات، رغم طول المسافة ومشقة التنقل، وأحياناً بمعية المرحوم الشيخ عيسى بن محمد بن عيسى آل خليفة. وقد صحب معه يوماً مستشرقية أمريكية، مهتمة بترجمة كتب العقاد.
ومن جملة النوادر التي لاقاها، يذكر الصباغ: في بيروت وكنت وقتها القائم بالأعمال، قابلت السفير الأمريكي، وعندما ألقيت عليه التحية باللغة الإنجليزية، فوجئت به يحدثني بالعربية، عن امرئ القيس وعنيزة. وعلمت منه أنه مستشرق، يحفظ القرآن الكريم. وقد استقر في المغرب في ثمانينات القرن الماضي.
5 مصنفات
أما عن مصنفاته، فذكر الصباغ أنها خمسة. الأول "كتابات عتيقة"، مطبوع في تونس في عام 2001 ، ويضم دراسات نقدية حول أحمد بن محمد آل خليفة، غازي القصيبي، عبدالرحمن رفيع وآخرين. الثاني "سفير عربي في الصين؛ يوميات ومشاهدات"، حظي بتقدير السفارة الصينية، الثالث "غزو الكويت بعيون صينية"، الرابع "أسفار وأخبار"، وكتاب "في بازار الآيات كانت لنا أيام". وقد نشر أولاً على شكل حلقات.