حسن الستري

أوصت لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب برفض 3 مشاريع شورية تتعلق بالوقاية من المواد الإشعاعية، والبيئة، وإعادة استخدام وتدوير الموارد المتجددة، موصية برفضها جميعا، بعد أن ضمتها جميعا في قانون واحد إعمالا لحكم المادة (99) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.



وتهدف القوانين لوقاية المواطنين من المواد الإشعاعية، وفَرض رقابة مشدَّدة على التعامل مع مصادر الإشعاع أو تداولها أو استخدامها، وحظر إدخال مصادر الإشعاع أو طرح الفضلات والنفايات المشعّة الناتجة عن الاستخدامات أو التطبيقات المختلفة في المملكة، وكفالة وسائل الوقاية والعلاج بما يكفل حق كل مواطن في الرعاية الصحية واتخاذ التدابير اللازمة لصيانة البيئة، ومواجهة تراكم النفايات والمخلفات من الناحيتين الوقائية والعلاجية بإعادة استخدامها وتدويرها لتكون مورداً اقتصادياً مهماً.

وانتهى رأي اللجنة التشريعية بمجلس النواب إلى وجود شبهة بعدم دستورية الفقرة (2) من المادة (10) من المشروع بقانون بالوقاية من المواد الاشعاعية استناداً للمادة (9/د) من الدستور والتي نصَّها (المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي في الأحوال المبينة بالقانون)، إلا إنه بالإمكان رفع الشبهة وذلك بتعديل الفقرة (2) من المادة (10) لتصبح المصادرة بحكم قضائي.



من جانبها، رأت الحكومة ضرورة إعادة النظر في مشروع قانون بشأن الوقاية من المواد الإشعاعية في ضوء الملاحظات التي أبدتها، ومن أهمها أن مشروع القانون جاء بناءً على انضمام مملكة البحرين للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي لا تندرج الأشعة غير المؤيَّنة (الكهرومغناطيسية) ضمن اختصاصها؛ وعليه فلا يوجد ثمَّة أساس لتضمين مشروع القانون المواد الإشعاعية غير المؤيَّنة.

وبخصوص (مشروع قانون بشأن البيئة)، انتهى رأي اللجنة التشريعية الى أن المادة (102) الفقرة (19) التي أجازت الفقرة للوزير أن يضيف أية حالات أخرى بناءً على عرض الإدارة لكي تعتبر ضمن التجاوزات والمخالفات لأحكام هذا القانون، تتعارض مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه في البند (أ) من المادة (20) من الدستور.



كما أنه ورد بالمادة (103) الفقرة (أ) من البند (1) في سياق الفقرة (... كما يقوم المفتش البيئي بتحديد قيمة الغرامة المقررة بالإخطار نفسه ...)، والتي قد يُفهم من النص أن المفتش يحدِّد الغرامة بقرار منه، وهذا يؤدي إلى ترك الأمر للمفتش البيئي بتحديد الغرامات، والغرامات هي عقوبات أصلية بموجب القانون، ولابد أن تُحَدَّد بنص صريح.

وورد في سياق المادة المادة (110) أنه (... وفي حالة العود يعاقب بزيادة الحد الأقصى لعقوبة السجن على ألاَّ يتجاوز ضعف هذا الحد أو بهما معاً ...)، ورأت اللجنة أن يحدَّد الحد الأقصى للعقوبة بشكل دقيق انسجاماً مع مبدأ شرعية الجزاء.

كما ورد في المادة (112) أنه (...يعاقب المخالف بغرامة مالية ...)، ولم يتم تحديد مقدار تلك الغرامة.



أما الحكومة، فقد ضمنت (مشروع قانون بشأن البيئة)، ولكنها ذكرت أنه يوجد ضمن نصوص مشروع القانون الكثير من التداخل بين اختصاصات (الإدارة المختصة بشؤون البيئة) واختصاصات (الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية)، كما لم يحدد مشروع القانون النظام القانوني للقرارات التي سوف تصدرها الهيئة أو الإدارة.

وبينت أنه غاب عن مشروع القانون الوضوح في سياسته التشريعية بشأن تنظيم سلطات الضبط الإداري الممنوح للهيئة أو الإدارة، واتسمت النصوص العقابية الواردة في مشروع القانون بالغموض وعدم الوضوح فيما يتعلَّق بتحديد الأفعال المجرَّمة والعقوبات المحددة لها، وهو الأمر الذي يصمها بشبهة عدم الدستورية، إضافة إلى الصعوبات العملية التي تظهر عند التطبيق، ولم يَرِد بمشروع القانون تنظيم واضح للعقوبات المالية إذا ما كان المخالف شخصاً اعتبارياً، وهناك العديد من التشريعات المُشار إليها في الديباجة تضمَّنت أحكاماً تتصل بأحد مجالات حماية البيئة، وأعاد مشروع القانون أحكاماً تماثل ما ورد في تلك التشريعات، وهو ما يُفقد مشروع القانون فاعليته وكفاءته، ولم ينص مشروع القانون صراحةً على إلغاء (المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1996 بشأن البيئة).



وبخصوص مشروع القانون بشأن إعادة استخدام وتدوير الموارد المتجددة، انتهى رأي اللجنة التشريعية إلى مخالفة المادة (21) من مشروع القانون لنص البند (أ) من المادة (39) من الدستور، حيث أناطت بالوزارة بصفة عامة إصدار اللائحة التنفيذية للقانون دون تحديد لمسؤول معين، وينتفي العوار الدستوري من المادة بإسناد إصدار اللائحة إلى الوزير.

ورات الحكومة ضرورة إعادة النظر في مشروع القانون، لان ما نصَّ عليه المشروع والأهداف المتوخّاة منه متحققة فعلاً في (قانون البيئة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1996)، الذي نظَّم مسألة إعادة تدوير المخلفات والنفايات ومواجهة تراكمها من الناحيتين الوقائية والعلاجية، وعليه لا حاجة فعلية لمشروع القانون في الوقت الراهن، ولا ثمَّة ضرورة عاجلة تبرره؛ حيث إن التنظيم القانوني الحالي تكفَّل بمعالجة أهدافه، كما قامت مملكة البحرين بالتصديق على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة الوثيقة بأهدافه.



وذكرت الحكومة أن مشروع القانون لم يأتِ بجديد عمَّا هو وارد في التشريعات الحالية؛ لذا يُفضَّل أن تتولَّى اللوائح التنفيذية والقرارات الوزارية تنظيم الأحكام الواردة فيه، ويكفي لمعالجة أهداف مشروع القانون التوعية المستمرة وإبراز الآثار المترتبة على مشكلة النفايات والمخلفات على البيئة من خلال برامج توعية متكاملة مع الوزارات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني للقضاء عليها.

وسبَق لمجلس النواب، في جلسته الاعتيادية الرابعة في دور الانعقاد السنوي العادي الرابع من الفصل التشريعي الثاني المنعقدة بتاريخ (27 أكتوبر 2009) على الأسس والمبادئ العامة لمشاريع القانون الآتية، مشروع قانون بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة حوادث التلوث البحري - المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس النواب، ومشروع قانون بشأن البيئة - المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس الشورى، ومشروع قانون بشأن حماية البيئة - المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس النواب)، وأقرَّ في جلسته الاعتيادية الخامسة من دور الانعقاد السنوي العادي الرابع من الفصل التشريعي الثاني المنعقدة بتاريخ (3 نوفمبر 2009) مسمّى وديباجة المشاريع بقانون الثلاثة المذكورة أعلاه والمادتين (1) و(2) منها.

كما وافق في جلسته الاعتيادية السابعة عشرة من دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الرابع المنعقدة بتاريخ (23 يناير 2018) على طلب إعادة المناقشة في الأسس والمبادئ العامة بشأن مشاريع القانون الآتية: مشروع قانون بشأن الوقاية من المواد الإشعاعية (المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس الشورى)، ومشروع قانون بإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة حوادث التلوث البحري (المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس النواب)، ومشروع قانون بشأن البيئة (المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس الشورى)، ومشروع قانون بشأن حماية البيئة (المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس النواب)، ومشروع قانون بشأن إعادة استخدام وتدوير الموارد المتجددة (المعدّ في ضوء الاقتراح بقانون المقدَّم من مجلس الشورى)؛



وأوصت اللجنة بإعادة المناقشة في الأسس والمبادئ العامة لمشروع القانون (الثاني)، وبرفض مشاريع القانون الثلاثة محل التقرير من حيث المبدأ؛ لانه يوجد في مملكة البحرين قانون شامل ينظِّم موضوع البيئة، وما يرتبط بذلك من مكافحة التلوث البيئي وإعادة تدوير المخلفات والنفايات، وهو (المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1996 بشأن البيئة، المعدَّل بالمرسوم بقانون رقم (8) لسنة 1997)، إضافة إلى بعض التشريعات التي تنظِّم جوانب خاصة من البيئة، مثل (المرسوم بقانون رقم (2) لسنة 1995 بشأن حماية الحياة الفطرية، المعدَّل بالمرسوم بقانون رقم (12) لسنة 2000)، وما انضمَّت إليه المملكة من اتفاقيات دولية ومعاهدات تتعلَّق بحماية البيئة والمخلفات والنفايات الخطرة، وذلك يشكل في مجموعه منظومة تشريعية متكاملة تنظِّم الشأن البيئي بشكل فيه من الكفاية ما يُغني عن مشاريع القانون محل التقرير.

كما ترجع مشاريع القانون محل التقرير إلى عامي (2008 و2009)، وطرأت منذ ذلك الحين مستجدات كثيرة على المستويات التشريعية والتنظيمية والواقعية لم تكن موجودة على أرض الواقع وقت صياغة اقتراحات القوانين التي هي أصل هذه المشاريع، وهو الأمر الذي يجعلها غير مناسبة الآن لمواكبة تلك المستجدات؛ فمن الناحية التشريعية والتنظيمية صدرَ عام 2012 (المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2012 بإنشاء وتنظيم المجلس الأعلى للبيئة)، والذي أحدث تغييراً تنظيمياً في الجهة المسؤولة عن الشأن البيئي، وعلى المستوى الواقعي يُعدّ موضوع البيئة وملوثاتها موضوعاً ذا خلفية علمية تتطوّر بمرور الوقت.



وحسب الرَد المُستلم من (المجلس الأعلى للبيئة) بتاريخ (6 أبريل 2016)، فإن المجلس في طور الانتهاء من مشروع قانون بشأن المواد الإشعاعية بعد دراسته مع الجهات المعنية في مملكة البحرين والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وستقوم الحكومة بعد ذلك بإحالته إلى السلطة التشريعية لدراسته.

وبينت اللجنة أن محاولة دمج مشاريع القانون محل التقرير في صورة مشروع قانون موحَّد للبيئة، في حين أن أصل هذه المشاريع اقتراحات بقوانين متفرقة لكلٍّ منها رؤيته، أمرٌ لا يتفق وحسن السياسة التشريعية في التعامل مع موضوع ذي خلفية علمية مثل موضوع البيئة، والذي يحتاج إلى وحدة في الرؤية والتنظيم الهيكلي في تبويب وتقسيم مثل هذا الموضوع منذ بدء استعراض عناصره المتعددة.