في اهتمام بروح المنامة التاريخية، واستعادة لذاكرتها الثقافية والاجتماعية،
تطلق هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع مبادرة "موانئ"، وبالتنسيق مع عائلة يتيم أولى عروض سينما الهواء الطلق في سينما يتيم، ضمن موسم سينمائي يحمل عنوان "120 كغ"، مساء السبت، عند السابعة مساءً بساحة المبنى المقابل لمجمع يتيم والذي يعود لذات العائلة "مبنى رقم: 70 - شارع التجار - المنامة 304".
ويحكي العرض السينمائي، عن العلاقة ما بين العمارة وبناء الروايات التاريخية والهويات، ويستدعي ما يمنحه التجسيد المكاني للذاكرة.
وأوضحت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: "أن المنامة تلهمنا بأحلامنا ومساراتها الثقافية والاجتماعية. النداء الذي أطلقته المدينة كي تلوح لأهاليها ومحبيها والمهتمين بأنسنة المكان والارتقاء به، يواصل حصاده، وهذه السينما التي ستجيء ضمن فضاء مفتوح، تستعيد حلماً قديماً للمكان، لما كانت السينما والعروض الثقافية تصنع من بيوت الأهالي مكاناً لها".
وأردفت: "السينما هنا ليست حصيلةً لهذا النداء، بل هي تصاعد لما نسعى لقوله عبر عروض من الأفلام التي تتحدث عن المكان وترصد ضياع هويات لمدن أخرى، لا نريد لمدننا الحبيبة أن تصاب بها".
وقالت الشيخة مي "الجميل أن ذلك يأتي بتعاون جميل مع مبادرة أهلية أخرى وعائلة من أهالي المنامة، الذين التفوا حول النداء، وكرسوا جمالية العمارة ومضمون الفكرة كي نصنع معاً سينما للمكان، ولنشر الوعي بالقيم الإنسانية التي تنفرد بها المدن التاريخية ذات الهوية".
وضمن سلسلتها التي ستتوالى في موعد أسبوعي كل سبت، تدشن "سينما يتيم" أولى عروضها مع فيلم "أسطورة بروت - إيغو: تاريخ حضري" لتشاد وجيمي فريدريكس، والذي يروي قصة تحول مدينة أميركية خلال العقود التالية للحرب العالمية الثانية، عبر رصد مشروع بروت- إيغو وسكانه، مقدماً تحليلاً للأثر الهائل الذي تسبب به برنامج إعادة التجديد الحضري خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، الأمر الذي أدى إلى انتشار الضواحي وإخلاء المدن الأمريكية من سكانها وأنشطتها التجارية والصناعية.
وأوضحت الثقافة أن هذا الموسم السينمائي الذي تنظمه بالتعاون مع "موانئ" و"عائلة يتيم" قد اختير له عنوان "120 كغ" في إشارة إلى الفترة التي منحت فيها الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار في العام 1945م لبابكو شهادة لاستيراد 120 كغ من الأفلام عن طريق الشحن الجوي في الأسبوع من كراتشي، لمعالجة مشكلة تأخر شحنات توريد الأفلام، وهو ما ساهم في تطوير أحد المقترحات المتواضعة بإنشاء دارين للسينما في البحرين.
وعن اختيار الموقع ضمن الفناء الداخلي لمبنى يتيم، فيأتي محاكاةً لفكرة السينما المفتوحة التي أشارت إليها بعض الوثائق التاريخية عن مدينة المنامة، والتي باسم "سينما مكشوفة في الهواء الطلق"، ضمن مساعي ثقافية خلال منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي من أجل تفعيل دور السينما في مملكة البحرين، ولتعميق الاتصال الثقافي مع الشعوب الأخرى .
يذكر أن عروض "سينما يتيم" وموادها السينمائية معنية بموضوعات حيوية حول: العمارة، الإنسان، الهوية والصلة ما بين الذاكرة والمكان. إذ تم انتقاء مجموعة الأفلام بالتعاون مع مبادرة "موانئ" - منصة للبحث والتعاون المعماري والحضري التجريبي - والتي سبق لها تقديم مجموعة منها في الموسمين الأولين لها تحت موضوعين مختلفين.
وجاء هذا التعاون تلبيةً لمبادرة "نداء المنام" التي أطلقتها هيئة البحرين للثقافة والآثار خلال شهر يناير الماضي. يذكر أن مبادرة "نداء المنامة" تشمل ضمن اشتغالها على المدينة من أجل إدراجها على قائمة التراث الإنساني العالمي لليونيسكو وكأحد مدن الإبداع في العالم، العديد من الشراكات والتفاعلات المجتمعية، التي تتضمن بدورها فعاليات متنوعة ما بين الجولات المفتوحة للجمهور للتعرف على ملامح مدينة المنامة التاريخية العمرانية والثقافية، بالإضافة إلى اللقاءات التي يلتقي فيها المهتمون بالثقافة وجماليات المدينة وأهاليها في استعادة لهويتها وروح المكان.