سماح علام وفاطمة يتيم

"تصوير - سهيل الوزير"

أكدت الشيخة مرام بنت عيسى آل خليفة، مديرة مكتب صاحبة السمو الملكي قرينة ملك مملكة البحرين، أن معرض "فن البحرين عبر الحدود 2019"، يمثل منصة فنية مهمة لتقديم الأعمال الفنية البحرينية والعالمية، معتبرة أن الأعمال المقدمة بتنوعها مثلت أيقونة جمال متاحة لكل متذوق للفن والجمال.

وقالت الشيخة مرام بنت عيسى في لقاء مع "الوطن"، إن المردود من إنشاء وتنمية منصات فنية مهمة يقدم البحرين بشكل حضاري لا تقاس نتائجه بالمال، ولا تقدر بمال أيضاً، فسمعة البحرين تبنى من خلال التميز في القطاعات، لا سيما وأن الفن لغة عالمية يفهمها الجميع.

ويقام معرض فن البحرين عبر الحدود "آرت باب 2019" في نسخته الرابعة تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، خلال الفترة من 6-10 مارس، بمركز البحرين للمعارض والمؤتمرات، وهو معرض مبهر يقدم الأعمال البحرينية وسط باقة من الأعمال العالمية من مختلف دول العالم، حيث المدارس والأفكار والمواهب المغايرة.

تفاصيل المعرض وأهميته كانت محط نقاش في هذا الحوار، فإلى تفاصيله..

بين النسخة الأولى للمعرض ودورته الرابعة هذا العام، ما الجديد الذي تحقق وما الذي يميز المعرض؟

كان المعرض الأول بداية تأسيس للمعرض، كان تجريبياً، أردنا منه قياس رد فعل الجهور ورأي الفنانين، وقياس ما إن كانت البحرين تحتاج مثل هذه المعارض، إذ لم يكن لدينا شيء مماثل سابقاً، أردنا خلق منصة عالمية لتبادل الفن، لدينا مسابقة سنوية للفن التشكيلي في نسخته 45، وهي مسابقة يشارك فيها البحرينيين من جهة والمقيمين أيضاً، لكننا أردنا من خلال هذا المعرض أن نوجد منصة سنوية تبتدئ تنمو، ونرى استفادة الفنانين منها، ومدى إقبال الناس عليها.

في التجربة الأولى كانت البداية الأولى، وكانت تجربة من قطاع خاص، في السنة الثانية أخذته تمكين تحت مظلتها كمشروع زاد اتساعا وبدأت قاعدته تصبح أقوى وأصلب، أصبح وراء المعرض استثمار يليق بسمعة البحرين، وكان الهدف هو دعم الفنانين والترويج لفنهم بحيث يعرف في دائرة أوس، ومن ثم كان الشيخ محمد بن عيسى بن محمد، إنه لا يكفي أن نروج للفنان البحريني في البحرين، بل ضرورة تهيئة المشاركة في الخارج، وبعدها صارت أول تجربة لعرض الأعمال البحرينية في الخارج، وكانت أول مشاركة في معرض مهم عالمياً يقام في بريطانيا في متحف فكتوريا أند البرت، وهو متحف مهم يحتضن الأعمال الفنية المهمة من حول العالم، وكانت البحرين حاضرة ومشاركة في هذه الفعالية التي تعتبر بؤرة مهمة لمتذوقي الفن والمتابعين له.

وما حصدناه من هذه المشاركة هو المردود الطيب على سمعة البحرين وعلى الفنانين ومسيرتهم ومعارفهم وأيضاً مردود طيب على إتاحة الفرصة للجمهور في بلد مختلف لاقتناء لوحاتهم.

بعدها تقدمت "تمكين" لمكتب صاحبة السمو الملكي لضمان استمرارية المعرض وتم توقيع مذكرة تفاهم لإقامة المعرض لمدة 3 سنوات، إضافة إلى تنظيم 3 مشاركات خارجية للفنانين البحرينيين.

في السنة الأولى ذهبنا إلى لندن والهند وروسيا، وكنا نصحب الفنانين معنا وليس فقط أعمالهم، مما أتاح عرض الأعمال الفنية والاستماع إلى قصة العمل من صاحبه، وكنت شخصياً أقف وأستقبل الزوار.

المفارقة هي، أن من يدخل المعرض لأول مرة ويرى فيها الأعمال البحرينية يخرج وهو يحمل نظرة مختلفة عن نوعية الأعمال المقدمة من جهة، وأيضاً عن الفنانين وتحديداً النساء منهن، وهو ما بدأ يشكل نظرة مغايرة عن الفن البحريني في الخارج، وهذا ما أعتبره هو النجاح في تغيير النظرة التقليدية عن الأعمال الخليجية وخصوصية المجتمعات الخليجية، فالفن لغة عالمية يفهما الجميع.

أكثر من 120 فناناً تقدموا تم اختيار 32 منهم مقارنة بـ67 فناناً في النسخة السابقة، فما أثر هذا التشبيك والتلاقي بين الفنانين؟

أعمال البحرين تفرض نفسها على الساحة، فمشاركتنا الخارجية تقدم أعمالا تضاهي الأعمال المقدمة في الخارج، والكل يستقبلها بإعجاب، والمميز أن الفنانين البحرينيين يتواصلون مع الجماهير باللغة الانجليزية واللغة الفرنسية، وهو ما حقق فارقاً كبيراً في نوعية التواصل الذي نريد أن نخلقه عن البحرين في عالم الفنون، أيضاً يعتبر تواجد الفنانين من ثقافات مختلفة في مكان واحد فرصة لتبادل الأفكار والاطلاع على نوعيات وأساليب جديدة من الفن، وهو ما يحقق الخبرة التراكمية ويشكل الذائقة الفنية.

فالفكرة تكمن في بناء معرض ذي صيت وسمعة، معرض يتسابق إليه الفنانون للمشاركة فيه، والحمد لله إن عدد المتقدمين للمشاركة آخذ في الازدياد سنوياً، ونعقد آمالاً كبيرة على المعرض، فطموحنا كبير جداً.

لأن سمعة البحرين هي بناء، لا يشترى بمال، فلا توجد شركة تبني سمعة، لا بد من برامج ومعارض ومشاركات وإبداعات تصب في تجاه بناء أعمال تسهم في الترويج عن البلد.

والمردود معنوي يشكل سمعة لا تقاس بالمال ولا تقدر بالمال أيضاً.. سابقاً لم تكن لنا مشاركات في العالم، بدأنا في بلدان وفي كل سنة سنغير الدول، وفي النتيجة هو بناء علاقات وضمان حضور الفنان البحريني في مثل هذه المحافل.

اليوم وقعنا اتفاقية مع "بنيال فرنسا". كيف تمت هذه الاتفاقية.. شاركنا في معرض باريس، وكنا نعرض أعمال البحرين بجانبهم، ومن هنا تعرفوا علينا ووجدوا ما هو مميز لدينا، من هنا علموا أن البحرين موجودة، ومع كل سنة تمر يضاف لنا رصيد من العمل والإنجاز والعلاقات التي تفتح آفاقاً فنية مهمة جداً.

اهتمت صاحبة السمو الملكي قرينة العاهل كثيراً بالفنون والزراعة في آن.. فلماذا هذان المجالان بالذات؟ وما هو وجه التميز فيهما وأثرهما العميق في المجتمع؟

لأن البحرين غنية بهذين المجالين بالذات، لأنها غنية بالزراعة إذ يعتبر إرثاً تاريخياً، وصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة خلقت توجهاً للاهتمام بالزراعة منذ تطويرها للمسابقة السنوية لنادي البحرين للحدائق، لأنها شعرت بأن هذا الجزء من تراث البحرين بدأ يختفي، فطرحت فكرة القيام بفعالية محلية ثم تطورت بأن تكون عالمية حول الزراعة ودعم الزراعة في مملكة البحرين.

فأطلقت المعرض بصورته الحالية كفكرة في 2003 وكانت أول نسخة في 2004، فهي تبني على تراث قديم موجود في الأصل تحاول أن تدفعه بما يواكب هذا الزمان، لأن وقتنا الحالي يناسبه قيام مثل هذه الفعاليات والمنصات لكي يتم تسليط الضوء على مجال معين، فهي في البداية أطلقت منصة للحدائق والزراعة بشكل عام وهذه المنصة خرجت من تحت مظلتها آثار كثيرة، أهمها أنها بإعلانها هذا التوجه وحدت جهود جهات كثيرة لكي تساهم جميعاً في دعم الزراعة، والتوجه الثاني هو أن دعمها للفعالية واهتمامها فيها أتى مكملاً للجهود الموجودة ولكن بدائرة أوسع، وكون أن اسمها مرتبطاً بهذه الفعالية أعطاه هذا الزخم والاهتمام الذي يظهر أن البحرين فيها خير يستحق الترويج، وهي تطمح بأن نفس التوسع الذي شمل الفنانين بأن يشمل الحرفيين.

كيف تصفين حضور المرأة البحرينية بوصفها مبدعة وفنانة داخلياً وعربياً وعالمياً؟

بدأت الساحة الفنية داخل البحرين من خلال تأسيس نادي ثقافي حيث كانت النساء جزءاً منه منذ البدايات، ولم تخلوا أبداً الساحة الفنية من حضور المرأة البحرينية، منذ البدايات الأولى في الجمعيات الفنية منذ الخمسينات والستينات وبداية السبعينات، مثل جمعية البحرين للفن المعاصر وجمعية البحرين للفنون التشكيلية وقبل ذلك كان يوجد النادي الثقافي قبل الجمعيات، حيث إن الناس الذين درسوا الفنون الجميلة والأدب أتوا البحرين وأسسوا حراكاً ثقافياً، لأنه أمر طبيعي بأن تكون المرأة محبة للفن وتميل لهذا المجال، ولكن حضور المرأة البحرينية كفنانة مبدعة في الخارج هذا ما يثير البهجة والدهشة بأنهن يملكن هذه القدرة بأن يعملن على هذا المستوى.

حدثينا عن ركن الواقع الافتراضي الذي يسمح باستكشاف بعض المتاحف الخاصة الرائدة في العالم؟

الواقع الافتراضي، عبارة عن تكنولوجيا تسمح للشخص بأن يزور المتاحف وهو في مكانه، يلبس قناعاً ويتحرك 360 درجة في هذا المكان وكأنه موجود في المتحف ويتمتع بمشاهدة المتاحف.

فهذه الفكرة موجودة في العروض المتحفية بمختلف دول العالم، وكون الجهة التي تعاونا معها تملك هذه التكنولوجيا، عرضوا علينا الفكرة بأن تكون هذه العروض المتحفية في آرت باب، ووافقنا عليها لكي نوفر تجارب مختلفة للفرد الذي يزور المعرض، ولا نكتفي فقط بعرض اللوحات والمجسمات، حيث توجد 3 مجموعات عالمية للمتاحف المصورة.

تقدم مثل هذه المعارض البحرين كدولة حضارية منفتحة على الفكر المعاصر، فما الأثر وكيف تستشرفون مستقبل الحراك الفني؟

منذ انطلاقة معرض آرت باب في 2015 إلى اليوم وجد حراكاً فنياً نشطاً في البحرين، عزز لدى الفنانين روح الاستمرارية في هذا المجال وحفزهم من خلال إعطائهم الفرصة للظهور وتبادل الخبرات والتجارب والأفكار حتى في حديثهم بين بعضهم البعض، لأن البحرين تملك إرثاً غنياً جداً، لا يقتصر فقط على الفنانين المقدمين بل حتى الشباب والشابات الذين لديهم إمكانيات حيث كثرت الفرص التي من الممكن أن تظهرهم.

كيف ندعم أصحاب الموهبة الفنية والإبداع الفني في مملكة البحرين؟

أولاً ندعهم بالظهور، أي يجب أن نظهرهم في محافل مثل هذا المستوى في البحرين وخارج البحرين، ثانياً نقدم لهم الفرص للتطور مثل ورش العمل والبرامج الموجهة لهم التي تساهم في تطورهم، مثل النماذج الموجودة الآن في ركن التراث الحرفي البحريني في المعرض، فهي بأعلى مستوى من التصنيع لقطع الأثاث الموجودة، يمكن وضعها في أي منزل، ولكنها بكل حال عبارة عن "صناديق مبيتة" قام صانعها بتشكيل قطع أثاث مختلفة بهذا الجمال، لأنه تم إعطاؤه الفرصة للظهور وتهيأ له المجال بأن يتدرب ويتكلم مع شخص لديه نظرة مختلفة.

فهذا المعرض آرت باب وجميع الجهود التي تبذل سواء الثقافة أو الجمعيات الفنية لها دور في دعم الفنانين والحرفيين أيضاً، والبحرين تواكب هذه التطورات والتحديات في مجال الفن والحرف بحيث تواكب المستوى العالمي والتوجهات العالمية في الفن بشكل عام، لكن تظل الروح بحرينية.

ماذا عن أهمية التكامل بين الفنون والسياحة وأثرهما في تنشيط التنمية الاقتصادية في البحرين؟

بلا شك كوننا نروج لمملكة البحرين في الخارج، فله بالغ الأثر على استقطاب السياحة إلى مملكة البحرين، وجهود هيئة البحرين للسياحة والمعارض جهود كبيرة جداً في جميع الفعاليات التي يقومون بها وفي اهتمامهم للترويج عن البحرين في الخارج، وكون مثل هذه الفعاليات برعاية القيادة فهذا يستقطب الناس أكثر سواء المساهمين أو الزائرين، فلا بد أن له أثر على السياحة بلا شك، ولأنه معرض عالمي فكل شخص مشارك عندما يعود إلى بلده سيتكلم عن البحرين والأماكن التي زارها، وكما يلاحظ تكرار المشاركة من البعض وهذا دليل رضى الشخص المشارك عن المعرض بأنه أضاف له المزيد.

بين الفن والتراث والحرف.. ثمة مثلث لأيقونة جمال.. فبرأيك كيف تتكامل في منظومة واحدة؟

دائماً طموحاتنا أكبر، فالفنانون على المستوى المتقدم الذي وصلوا إليه يمكن أن يتطوروا أكثر من خلال فرص التدريب وتوسعة دائرة الوصول، فكل مرة شخص يقتني عمل من أعمال الفنانين البحرينيين ويجمعهم في متحف مثلاً، هذا يعتبر مكسباً لنا بأن يظهر اسم البحرين، فنحن حققنا الكثير ولكن نطمح للأكثر، وعلى صعيد الحرفيين فمازلنا في البداية مع تضافر عدة جهات لدعمهم، فالطموح دائماً أكبر، ونحن نأمل بالتطور في جميع المجالات سواء الفن أو الحرف تحت مظلة التراث، لأن التراث له معانٍ مختلفة والفن والحرف هي أجزاء من التراث، فمتى ما نحن روجنا للفن والحرف تلقائياً نروج للتراث في البحرين.