جاء تصنيف البحرين في المركز الأول عالميا كأفضل الوجهات التي يختارها المغتربون للعيش والعمل وفقاً لتقرير إكسبات إنسايدر الصادر عن منظمة إنترنيشنز "Internations" الدولية، ولعامين متتالين، كدلالة واضحة على ما تتمتع به المملكة من مقومات حضارية جعلتها تتبوأ هذه المكانة المرموقة في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وفي ظل جهود الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وبدعم وإسناد من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.

وتقوم هذه التصنيفات الدولية، على اختبار عوامل متعددة لمنح كل دولة ترتيباً عالمياً مناسباً، فتقرير اكسبات انسايدر يصنف الدول وفقا لاختبار 50 مؤشرا، أبرز هذه المؤشرات الاستقرار وبيئة العمل والتوازن بين العمل والحياة، والأمن الوظيفي والتمويل الشخصي وجودة الحياة.

هذا التقرير الذي يعد من أكثر التقارير الدولية توسعا وشمولية عن العيش في الخارج، اشتمل على استطلاع لآراء 18000 مقيم في الخارج في نسخته الأخيرة، وقد تقدمت البحرين في التصنيف إلى هذا المركز بعد أن كانت في المرتبة 19 في عام 2016.

وتظهر الإحصائيات الرسمية المقيدة في سجلات شؤون الجنسية والجوازات والإقامة لنسب المقيمين بغرض العمل والالتحاق في مملكة البحرين، تصاعدا مستمرا عاما بعد عام، وهو أمر يؤكد ما تتمتع به البحرين من مزايا متعددة جاذبة للمقيمين.

كما إن هذا التصنيف العالمي للبحرين جاء نتيجة توافر عدد من المقومات التي جعلت من البحرين بيئة جاذبة للاستثمار والعمل، لعل في مقدمتها ما يلي:

أولا ـ نجاح السياسة الاقتصادية لمملكة البحرين والتي تقوم على تعزيز تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، وخلق بيئة مؤاتية لجذب الاستثمار عن طريق تقديم حزمة من الحوافز السخية وبيئة مشجعة للمشروعات الناشئة في جميع المجالات، وإقامة بنية أساسية قوية، ورفع تنافسية المملكة باعتبارها مركزا مهما لممارسة الأنشطة الاقتصادية، وخاصة في القطاع المالي والمصرفي الذي يعد أكبر قطاع اقتصادي في البلاد بعد النفط.

فالمملكة هي المركز المالي في المنطقة، وتعتبر البحرين رائدة في مجال التمويل الإسلامي، وقطاع السياحة الذي يعد أحد القطاعات الواعدة، إلى جانب الاستثمار الصناعي والتجاري وغيرها من المجالات المتعددة.

إن هذا النجاح يرجع الفضل فيه إلى الرؤية الاقتصادية 2030 التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ويتم تنفيذها بكفاءة واقتدار من قبل الجميع وبمتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وهو ما أكدته تصنيفات المملكة المتقدمة في أبرز المؤشرات والتقارير الدولية.

وأكد تقرير "اكسبات انسايدر"، على ما تتمتع بها البحرين كبيئة جاذبة للاستثمار، وأشاد بالقدرة على تأسيس الشركات الناشئة حيث تكون عمليات التشغيل أسهل وأقل تكلفة، مع ميزة إضافية هي إمكانية الوصول إلى أسواق الخليج.

وأكد التقرير أن المملكة من أفضل الأماكن للاستثمار على مستوى العالم، وثاني أفضل مكان في العالم للمهن الوافدة بعد ألمانيا، متقدما بذلك على أماكن جذب عالمية مهمة منها سنغافورة وهونغ كونغ، فما تقدمه المملكة من تسهيلات وإجراءات للمستثمرين يؤهلها لتكون الوجهة المفضلة للاستثمارات العالمية، كما أن سياسة التنويع الاقتصادي التي تتبعها المملكة أدت إلى خلق فرص متعددة للشركات الاستثمارية التي تريد التوسع في نشاطاتها.

ثانيا ـ بيئة العمل الجيدة في المملكة، عن طريق إقرار العديد من القوانين التي تنظم بيئة العمل وتضمن للعامل حقوقه وتحدد واجباته بشكل واضح، إلى جانب تنفيذ خطة إصلاح لسوق العمل، حيث تم إنشاء هيئة تنظيم سوق العمل في عام 2006، بهدف خلق سوق عمل موحد يتسم بالعدالة، مما جعل المملكة محل إشادة عالمية في أكثر من تقرير دولي لعل أحدثها صعود مملكة البحرين إلى الفئة الأولى في تقرير الخارجية الأمريكية حول مكافحة الاتجار بالأشخاص.

واستطاعت المملكة تحقيق الأمن الوظيفي وإتاحة فرص الارتقاء والتقدم في العمل، والتوازن بين العمل والحياة وهي عوامل مهمة في تبوء البحرين لهذا المركز المتقدم، حيث أسهمت هذه العوامل في رغبة الوافدين والمستثمرين في الإقامة والعمل في البحرين بسبب جودة الحياة العالية فيها والخيارات المهنية المتنوعة التي تقدمها.

وتحرص البحرين على إطلاق المبادرات المستمرة لكفالة وضمان حقوق العمال بمختلف جنسياتهم وفئاتهم، وضمان تمتعهم بالبيئة الصحية والعدالة والمساواة بعيداً عن أي نوع من أنواع التمييز في المعاملة، وكان نتيجة ذلك ارتقاء مستوى الخدمات للوافدين وفي مقدمتها توفير ساعات عمل أفضل، والرعاية الصحية، والسكن اللائق وبأسعار مقبولة، والتعليم، مع وجود شبكة من الفئات الاجتماعية التي يمكن أن تنضم لها العمالة الأجنبية، وما تتمتع به البحرين من مزايا جاذبة على المستويات الحقوقية.

وتحرص المملكة على حصول الجميع على حقوقهم بشكل كامل، مقابل تأديتهم لواجباتهم بالشكل المطلوب، وهو ما يحقق أحد أهم المبادئ المهمة المتعلقة بحفظ الحقوق وتأدية الواجبات.

بالإضافة إلى ذلك، تتمتع أنظمة سوق العمل في البحرين بالوضوح والشفافية لجميع المتعاملين من عمال وأصحاب عمل، وحرية انتقال العامل الوافد وفق ضوابط عادلة حددها القانون، واستحداث نظام تصريح العمل المرن الذي يتيح للعمالة الوافدة الحصول على رخص عمل في مملكة البحرين بشكل شخصي ومباشر دون الارتباط بصاحب عمل، وحرية الانضمام إلى النقابات والاتحادات العمالية التي كفلها القانون لجميع العمال بصرف النظر عن جنسياتهم، بالإضافة إلى خضوع العمالة المنزلية للأحكام الأساسية الواردة في قانون العمل من حيث تطبيق مبادئ عقد العمل، وحماية الأجر، والإعفاء من رسوم التقاضي على العمالة المنزلية في مملكة البحرين، وغيرها من الإنجازات العمالية الكثيرة التي تتميز بها مملكة البحرين.

إلى جانب ذلك، فإن الحقوق التي نالتها المرأة في مملكة البحرين في العمل وتكافؤ الفرص والرواتب جعل من مملكة البحرين بيئة مفضلة للعمل للمرأة، وهي ميزة إضافية للمملكة، حيث أقرت التقارير الدولية أن معظم النساء في مملكة البحرين يشعرن بالرضا عن مستقبلهن الوظيفي، والتوازن بين العمل والحياة، والأمن الوظيفي.

ثالثا ـ منح مملكة البحرين العديد من التسهيلات بغرض توفير الوقت والجهد وإنهاء المعاملات بيسر وسهولة، ومن ذلك سهولة الحصول على التراخيص التجارية والحصول على الإقامة، فعلى سبيل المثال تم إقرار نظام التراخيص التجارية (سجلات) وهو منظومة إلكترونية متطورة ذات كفاءة عالية في تسجيل وترخيص المنشآت التجارية في مملكة البحرين، والربط الكامل مع جميع الأنظمة الإلكترونية للجهات الحكومية ذات العلاقة، ومنح رخصة إقامة للمستثمرين الأجانب بالكفالة الشخصية تصل إلى 10 سنوات، يمكن تجديدها لمدد مماثلة، إلى جانب تحديث نظام جديد لإصدار التأشيرات يساعد على تأمين السلاسة والسرعة والدقة في تقديم الخدمات.

رابعا ـ التسامح والتعددية الثقافية والدينية والانفتاح على الآخر التي تتميز بها مملكة البحرين واحتضانها لمختلف الثقافات منذ زمن بعيد، فمملكة البحرين تمثل أنموذجا عالميا في التسامح والتعايش السلمي واحترام الكرامة الإنسانية للمواطنين والمقيمين بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية، استنادا إلى تاريخها العريق ومشروعها الحضاري الرائد خلال العهد الزاهر لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.

وكان إعلان البحرين، تأكيد على سعي المملكة لنشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والإرهاب، والتصدي للدعوات المثيرة للانقسام والفرقة والكراهية الدينية أو الطائفية، كخيار استراتيجي لا غنى عنه نحو عالم يسوده الأمن والتقدم والازدهار.

وكفل ميثاق العمل الوطني والدستور حرية المعتقد (تكفل الدولة حرية العقيدة، وتكون حرية الضمير مطلقة)؛ لذا نرى المسجد والمأتم والكنيسة والمعبد في مساحة جغرافية صغيرة ويمارس الجميع شعائرهم الدينية دون تضييق.

ويوجد في مملكة البحرين مزيج مختلف من الوافدين (أكثر من 160 جنسية) يعيشون في أمن وسلام، ومعيار الكفاءة هو الفيصل في العمل وليس الجنسية أو المعتقد، ما يؤكد روح الانفتاح الحضاري والقيم والمبادئ الراسخة التي تتوارثها الأجيال، فما تلقاه الجاليات المقيمة في البحرين من ترحاب وتعامل يدل على أخلاق أهل البحرين الرفيعة، حيث يشعر الوافدون بالأمان في وظائفهم.

ولا يمكن إغفال عامل مهم ساعد مملكة البحرين على تبوء هذه المكانة العالمية المرموقة كوجهة عالمية للاستثمار والعمل وهو الاستقرار الذي تتمتع به المملكة، فلا استثمار بدون الاستقرار وهو ما يؤكد أهمية تضافر جميع الجهود للحفاظ على الأمن الوطني وحمايته حفاظا على ما تحقق من مكتسبات واستمرارا في التنمية والنهوض بالوطن.

إن ما تحقق في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، من إصلاحات وجدت ترجمتها في سياسات وبرامج تفتح آفاقاً جديدة أمام مملكة البحرين للانطلاق عالمياً نحو الريادة في جميع المجالات.

كان الثناء الدولي واضحا على هذه السياسات والبرامج، والتي بات العديد منها نماذج تقدمها المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة كتجارب رائدة للاستعانة بها في باقي أرجاء العالم.